الباحث القرآني

قوله تعالى: {وَعَدَ الله} : «وعد» يتعدَّى لاثنين أولهما الموصول، والثاني محذوفٌ أي: الجنةَ، وقد صَرًَّح بهذا المفعولِ في غير هذا الموضع وعلى هذا فالجملة من قوله: «لهم مغفرة» لا محل لها لأنها مفسرةٌ لذلك المحذوفِ تفسيرَ السبب للمسبب، فإن الجنةَ مسببةٌ عن المغفرةِ وحصولِ الأجر العظيم، والكلامُ قبلها تام بنفسه. وذكر الزمخشري في الآية احتمالاتٍ أخَرَ، أحدها: أنَّ الجملةَ من قوله: {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} بيانٌ للوعد، كأنه قال: قَدَّم لهم وعداً، فقيل: أيَّ شيء وعده؟ فقال: لهم مغفرة وأجر عظيم، وعلى هذا فلا محلَّ لها أيضاً، وهذا أَوْلى من الأول لأن تفسيرَ الملفوظِ به أَوْلى من ادِّعاء تفسير شيء محذوف. الثاني: أنَّ الجملةَ منصوبةٌ بقولٍ محذوفٍ كأنه قيل: وَعَدهم وقال لهم مغفرة. الثالث: إجراءُ الوعد مُجرى القول لأنه ضَرْبٌ منه، ويجعل «وعد» واقعاً على الجملة التي هي قوله: «لهم مغفرة» كما وقع «تَرَكْنا» على قوله: {سَلاَمٌ على نُوحٍ} [الصافات: 79] ، كأنه قيل: وعدهم هذا القول، وإذا وعدهم مَنْ لا يُخْلِفُ الميعادَ فقد وعدهم مضمونَة من المغفرة والأجر العظيم، وإجراءُ الوعدِ مُجْرى القولِ مذهبٌ كوفي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب