قوله: {فاصبر} : الفاءُ عاطفةٌ هذه الجملةَ على ما تقدَّمَ، والسببيَّةُ فيها ظاهرةٌ.
قوله: «من الرسُل» يجوزُ أَنْ تكونَ تبعيضيَّةً، وعلى هذا فالرسلُ أولو عَزْمٍ وغيرُ أُولي عَزْمٍ. ويجوز أَنْ تكونَ للبيانِ، فكلُّهم على هذا أُوْلو عَزْم.
قوله: «بلاغٌ» العامَّةُ على رَفْعِه. وفيه وجهان، أحدهما: أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ، فقدَّره بعضُهم: تلك الساعةُ بلاغٌ، لدلالةِ قولِه: {إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ} وقيل: تقديرُه هذا أي: القرآن والشرعُ بلاغٌ. والثاني: أنَّه مبتدأٌ، والخبرُ قولُه: «لهم» الواقعُ بعد قولِه: «ولا تَسْتَعْجِلْ» أي: لهم بلاغٌ، فيُوْقَفُ على «فلا تَسْتعجل» . وهو ضعيفٌ جداً للفصلِ بالجملةِ التشبيهية، لأنَّ الظاهرَ تَعَلُّقُ «لهم» بالاستعجال، فهو يُشْبِه التهيئةَ والقطعَ. وقرأ زيد بن علي والحسن وعيسى «بلاغاً» نصباً على المصدرِ أي: بَلَغَ بلاغاً، ويؤيِّده قراءةُ أبي مجلز «بَلِّغْ» أمراً. وقرأ أيضاً «بَلَغَ» فعلاً ماضياً.
ويُؤْخَذُ مِنْ كلامِ مكيّ أنه يجوزُ نصبُه نعتاً ل «ساعةً» فإنه قال: «ولو قُرِئ» بلاغاً «بالنصبِ على المصدر أو على النعتِ ل» ساعةً «جاز» . قلت: قد قُرِئ به وكأنه لم يَطَّلِعْ على ذلك.
وقرأ «الحسن» أيضاً «بلاغ» بالجرِّ. وخُرِّجَ على الوصف ل «نهار» على حَذْفِ مضافٍ أي: مِنْ نَهارٍ ذي بلاغ، أو وُصِف الزمانُ بالبلاغ مبالغةً.
قوله: «يُهْلَكُ» العامَّةُ على بنائِه للمفعولِ. وابن محيصن «يَهْلِك» بفتح الياء وكسرِ اللام مبنياً للفاعل. وعنه أيضاً فتحُ اللامِ وهي لغةٌ. والماضي هلِكَ بالكسر. قال ابن جني: «كلٌ مرغوبٌ عنها» . وزيد بن ثابت بضمِّ الياءِ وكسرِ اللام/ والفاعلُ اللَّهُ تعالى. «القومَ الفاسقين» نصباً على المفعولِ به. و «نُهْلك» بالنون ونصب «القوم» .
{"ayah":"فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ یَوۡمَ یَرَوۡنَ مَا یُوعَدُونَ لَمۡ یَلۡبَثُوۤا۟ إِلَّا سَاعَةࣰ مِّن نَّهَارِۭۚ بَلَـٰغࣱۚ فَهَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ"}