الباحث القرآني
قوله: {إِذْ جَآءَتْهُمُ} : فيه أوجهٌ، أحدها: أنه ظرفٌ ل «أَنْذَرْتُكم» نحو: لَقِيْتُك إذ كان كذا. الثاني: أنه منصوبٌ بصاعقةٍ لأنَّها بمعنى العذاب أي: أنذرتُكم العذابَ الواقعَ في وقتِ مجيْءِ رسُلِهم. الثالث: أنه صفةٌ ل «صاعِقَة» الأولى. الرابع: أنه حالٌ من «صاعقة» الثانية، قالهما أبو البقاء وفيهما نظرٌ؛ إذ الظاهرُ أنَّ الصَّاعقةَ جثةٌ وهي قطعةُ نارٍ تَنْزِلُ من السماء فتحرقُ، كما تقدَّمَ في تفسيرِها أولَ هذا التصنيفِ؛ فلا يقعُ الزمانُ صفةً لها ولا حالاً عنها، وتأويلُها بمعنى العذابِ إخراجٌ لها عن مدلولِها مِنْ غيرِ ضرورةٍ، وإنما جعلَها وَصْفاً للأولى لأنها نكرةٌ، وحالاً مِن الثانية لأنها معرفةٌ لإِضافتها إلى عَلَم، ولو جعلها حالاً من الأولى؛ لأنها تخَصَّصَتْ بالإِضافةِ لجاز/ فتعودُ الوجوهُ خمسةً.
قوله: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} الظاهرُ أنَّ الضميرَيْن عائدان على عادٍ وثمود. وقيل: الضميرُ في «خَلْفِهم» يعودُ على الرسلِ. واسْتُبْعِد هذا من حيث المعنى؛ إذ يصير التقديرُ: جاءتهم الرسلُ مِنْ خَلْفِ الرسلِ، أي: مِنْ خَلْفِ أنفسِهم. وقد يُجاب عنه: بأنَّه مِنْ باب «دِرْهمٌ ونصفُه» أي: ومن خَلْفِ رسُلٍ آخرين.
قوله: {أَلاَّ تعبدوا} يجوزُ في «أَنْ» ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أَنْ تكونَ المخففةَ من الثقيلة، واسمُها ضميرُ الشأن محذوفٌ، والجملةُ النَّهْيِيةُ بعدها خبرٌ، كذا أعربه الشيخُ. وفيه نظرٌ مِنْ وجهين، أحدهما: أنَّ المخففةَ لا تقع بعد فِعْل إلاَّ مِنْ أفعال اليقين. الثاني: أنَّ الخبرَ في بابِ «إنَّ» وأخواتِها لا يكون طلباً، فإنْ وَرَدَ منه شيءٌ أُوِّلَ ولذلك تأوَّلوا [قولَ الشاعرِ:]
3950 - إنَّ الذينَ قَتَلْتُمْ أمسِ سَيِّدَهُمْ ... لا تَحْسَبُوا ليلَهم عن ليلِكم ناما
وقول الآخر:
3951 - ولو أصابَتْ لقالَتْ وَهْيَ صادِقةٌ ... إنَّ الرِّياضَةَ لا تُنْصِبْكَ للشِّيْبِ
على إضمارِ القولِ. الثاني: أنها الناصبةُ للمضارعِ، والجملةُ النَّهْييةُ بعدها صلتُها وُصِلَتْ بالنهي كما تُوْصَلُ بالأمر في «كَتبتُ إليه بأنْ قُمْ» ، وقد مَرَّ في وَصْلِها بالأمرِ إشكالٌ يأتي مثلُه في النهي. الثالث: أَنْ تكونَ مفسِّرَةً لمجيئِهم لأنه يتضمَّنُ قولاً، و «لا» في هذه الأوجهِ كلِّها ناهيةٌ، ويجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً على الوجهِ الثاني، ويكون الفعلُ منصوباً ب «أنْ» بعد «لا» النافية، فإنَّ «لا» النافيةَ لا تمنعُ العاملَ أَنْ يعملَ فيما بعدها نحو: «جئتُ بلا زيدٍ» ، ولم يذكرْ الحوفي غيرَه.
قوله: «لو شاءَ» قدَّر الزمخشريُّ مفعولَ «شاء» : لو شاءَ إرسالَ الرسلِ لأَنْزَلَ ملائكةً. قال الشيخ: «تَتَبَّعْتُ القرآنَ وكلامَ العربِ فلم أَجِدْ حَذْفَ مفعولِ» شاء «الواقع بعد» لو «إلاَّ مِنْ جنسِ جوابِها نحو:
{وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى} [الأنعام: 35] أي: لو شاءَ جَمْعَهم على الهدى لجَمَعهم عليه، {لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً} [الواقعة: 65] {لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً} [الواقعة: 70] {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ} [يونس: 99] {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] {لَوْ شَآءَ الله مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ} [النحل: 35] . وقال الشاعر:
3952 - فلو شاءَ ربِّي كنتُ قيسَ بنَ خالدٍ ... ولو شاءَ ربي كنتُ قيسَ بنَ مَرْثدِ
وقال الراجز: 3953 - واللذِ لو شاءَ لكنْتُ صَخْراً ... أو جَبَلاً أشمَّ مُشْمَخِرَّا
قال: «فعلَى ما تقرَّر لا يكونُ المحذوفُ ما قدَّره الزمخشريُّ، وإنما التقديرُ: لو شاء ربُّنا إنزالَ ملائكةٍ بالرسالةِ منه إلى الإِنسِ لأَنْزَلهم بها إليهم، وهذا أَبْلَغُ في الامتناع من إرسالِ البشرِ، إذ عَلَّقوا ذلك بإنزال الملائكة، وهو لم يَشَأْ ذلك فكيف يشاء ذلك في البشر؟» قلت: وتقديرُ أبي القاسم أوقَعُ معنىً وأخلصُ من إيقاع الظاهرِ موقعَ المضمرِ؛ إذ يَصيرُ التقديرُ: لو شاءَ إنزالَ ملائكةٍ لأنزلَ ملائكةً.
قوله: {بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ} هذا خطابٌ لهودٍ وصالحٍ وغيرِهم مِن الأنبياءِ عليهم السلام، وغَلَّب المخاطبَ على الغائبِ نحو: «أنت وزيدٌ تقومان» . و «ما» يجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً بمعنى الذي وعائدُها به، وأنْ تكونَ مصدريةً أي: بإرسالِكم، فعلى هذا يكون «به» [يعودُ] على ذلك المصدرِ المؤولِ، ويكون من بابِ التأكيد كأنه قيل: كافرون بإرسالِكم به.
{"ayah":"إِذۡ جَاۤءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰۤىِٕكَةࣰ فَإِنَّا بِمَاۤ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق