قوله: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} : في «يوم» أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه بدلٌ مِنْ «يوم التلاق» بدلُ كل مِنْ كل. الثاني: أَنْ ينتصِبَ بالتلاق أي: يقع التلاقي في يومِ بُروزِهم. الثالث: أنْ ينتصِبَ بقولِه: {لاَ يخفى عَلَى الله} ، ذكره ابنُ عطيةَ، وهذا على أحدِ الأقوالِ الثلاثةِ في «لا» : هل يعملُ ما بعدَها فيما قبلها؟ ثالثها: التفصيلُ بين أَنْ تقعَ جوابَ قسمٍ فيمتنعَ، أو لا فيجوزَ. فيجوزُ هذا على قولين من هذه الأقوالِ. الرابع: أن ينتصِبَ بإضمار «اذكُرْ» . و «يومَ» ظرفٌ مستقبلٌ ك «إذا» . وسيبويه لا يرى إضافةَ الظرفِ المستقبلِ إلى الجمل الاسمية، والأخفشُ يراه، ولذلك قدَّر سيبويه في قولِه: {إِذَا السمآء انشقت} [الانشقاق: 1] ونحوهِ فعلاً قبل الاسم، والأخفشُ لم يُقَدِّرْه، وعلى هذا فظاهرُ الآيةِ مع الأخفش. ويُجاب عن سيبويه: بأنَّ «هم» ليس مبتدأ بل مرفوعاً بفعلٍ محذوفٍ يُفَسِّره اسمُ الفاعل أي: يومَ برزوا، ويكون «بارِزون» خبرَ مبتدأ مضمر فلمَّا حُذِف الفعلُ انفصل الضميرُ فبقي كما ترى، وهذا كما قالوا في قوله:
3916 - لو بغيرِ الماءِ حَلْقي شَرِقٌ ... كُنْتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعتصاري
في أنَّ «حَلْقي» مرفوعُ فعلٍ يُفَسِّره «شَرِقٌ» لأنَّ «لو» لا يَليها إلاَّ الأفعالُ، وكذا قولُه:
3917 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... فهَلاَّ نَفْسُ لَيْلى شَفيعُها
لأنَّ «هَلاَّ» لا يَليها إلاَّ الأفعالُ، فالمُفَسَّرُ في هذه المواضعِ أسماءٌ مُسْبَقَةٌ، وهو نظيرُ «أنا زيداً ضاربُه» من حيث التفسيرُ. وحركة «يومَ هم» حركةُ إعرابٍ على المشهورِ. ومنهم مَنْ جَوَّزَ بناءَ الظرفِ، وإنْ أضيف إلى فعلٍ مضارعٍ أو جملة اسميةٍ، وهم الكوفيون. وقد وَهِم/ بعضُهم فحتَّم بناءَ الظرفِ المضافِ للجملِ الاسمية. وقد عَرَفْتَ ممَّا تقدَّمَ أنه لا يُبْنَى عند البصريين إلاَّ ما أُضيف إلى فعلٍ ماض، كقولِه:
3918 - على حينَ عاتَبْتَ المشيبَ على الصِّبا ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
البيت. وقد تقدَّم هذا مستوفىً في آخره المائدة. وكتبوا «يومَ هم» هنا وفي الذاريات منفصلاً، وهو الأصلُ.
قوله: «لا يَخْفَى» يجوزُ أَنْ تكونَ مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً من ضميرِ «بارِزون» وأَنْ تكونَ خبراً ثانياً.
{"ayah":"یَوۡمَ هُم بَـٰرِزُونَۖ لَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَیۡءࣱۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ"}