قوله تعالى: {فَقَاتِلْ} : في هذه الفاءِ خمسةُ أوجه، أحدها: أنها عاطفةٌ هذه الجملةَ على جملةِ قوله {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله} [النساء: 74] . الثاني: أنها عاطفتها على جملةِ قوله {فقاتلوا أَوْلِيَاءَ الشيطان} [النساء: 76] . الثالث: أنها عاطفتها على جملة قوله: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ} [النساء: 75] . الرابع: أنها عاطفتها على جملة قوله {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 74] . الخامس: أنها جوابُ شرط مقدر أي: إنْ أردت فقاتِل، وأولُ هذه الأقوال هو الأظهر.
قوله: {لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} في هذه الجملة قولان، أحدهما: أنها في محلِّ نصب على الحال من فاعل «فقاتِلْ» أي: فقاتِلْ غيرَ مُكَلِّفٍ إلا نفسَك وحدَها. والثاني: أنها مستأنفة أخبره تعالى أنه لايكلِف غيرَ نفسه. والجمهور على «تُكَلَّفُ» بتاء الخطاب ورفع الفعل مبنياً للمفعول، و «نفسَك» هو المفعول الثاني. وقرأ عبد الله بن عمر: «لا تُكَلِّفْ» كالجماعة إلا أنه جزمه، فقيل: على جواب الأمر، وفيه نظر، والذي ينبغي أن يكون نهياً. وهي جملة مستأنفة. ولا يجوز أن تكون حالاً في قراءة عبد الله؛ لأنَّ الطلب لا يكون حالاً. وقرئ «لا نُكَلِّف» بنون العظمة ورفعِ الفعل وهو يحتمل الحال والاستئناف المتقدمين.
والتحريض: الحَثُّ على الشيءِ، قال الراغب: «كأنه في الأصل إزالةُ الحَرَضْ نحو:» قَذِّيْتُه «أي: أزلت قذاه، وأَحْرضته: أَفْسَدْتُه كأقذيته أي: جَعَلْتُ فيه القذى، والحَرَضُ في الأصل ما لا يُعْتَدُّ به ولا خير فيه، ولذلك يقال للمشرف على الهلاك:» حَرَض «قال تعالى: {حتى تَكُونَ حَرَضاً} [يوسف: 85] وأَحْرَضَه كذا، قال:
162 - 6- إني امرؤٌ رابني هَمٌّ فَأَحْرضني ... حتى بُليِتُ وحتى شَفَّني السَّقَمُ
و» بأساً وتنكيلاً «تمييزٌ، والتنكيل: تفعيلٌ من النَّكْل وهو القيد، ثم استعمل في كل عذاب.
{"ayah":"فَقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسࣰا وَأَشَدُّ تَنكِیلࣰا"}