الباحث القرآني
قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ} أصل تُؤتوا: تُؤْتِيُوا مثل: تُكْرِموا، فاستثقلت الضمةُ على الياءِ، فَحُذِفت الضمة فالتقى ساكنان: الياء وواو الضمير، فَحُذِفت الياءُ لئلا يلتقيَ ساكنان.
والسُّفهاء جمعُ سفيه، وعن مجاهد: «المراد بالسفهاء النساء» ، وضَعَّفه بعضُهم بأن فَعِيلة إنما تجمع على فَعائل أو فَعِيلات، قاله ابن عطية. وقد نَقل بعضُهم أنَّ سفيهة تُجْمع على سُفَهاء كالمذكر، وعلى هذا لا يَضْعُف قول مجاهد، وجمعُ فَعِيلة الصفةِ على فُعَلاء وإن كان نادراً إلا أنه نُقِل في هذا اللفظِ خصوصاً، وتخصيصُ ابن عطية جمعَ فَعِيلة بفعائل أو فَعيلات ليس بظاهرٍ، لأنها يَطَّرد فيها أيضاً «فِعال» نحو: كَريمة وكِرام وظَرِيفة وظِراف، وكذلك إطلاقُه فَعِيلة وكان من حقه أَنْ يقيِّدها بألاَّ تكون بمعنى مَفْعولة تَحَرُّزاً من قتيلة فإنها لا تُجمع على فَعائِل.
والجمهورُ على {التي جَعَلَ الله لَكُمْ} بلفظِ الإِفراد صفةً للأموال، وإنْ كانت جمعاً؛ لأنَّه تقدَّم غيرَ مرة أنَّ جمع ما لا يعقل في الكثرة، أو لم يكن له إلا جمعٌ واحدٌ، الأحسنُ فيه أن يُعامَل معاملةَ الواحدة المؤنثة، والأموال من هذا القبيل لأنها جمعُ ما لا يعقلِ، ولم تُجْمع إلا على أَفْعال، وإن كانت بلفظِ القلة لأنَّ المرادَ بها الكثرة.
وقرأ الحسن والنخعي: «اللاتي» مطابقةً للفظِ الجمع، وكان القياسُ ألاَّ يوصفَ ب «اللاتي» إلا ما يُوصَفُ مفرده ب «التي» ، والأموال لا يُوصف مفردُها وهو «مال» ب «التي» . وقال الفراء: «العربُ تقولُ في النساء:» اللاتي «أكثرَ مِمَّا تقول» التي «، وفي الأموال:» التي «أكثر مما تقول» اللاتي «. وكلاهما في كليهما جائز. وقرىء:» اللواتي «وهي جمعُ اللاتي، فهي جمعُ الجمع، أو جمع» التي «نفسِها.
قوله:» قياماً «إنْ قلنا إنَّ» جَعَلَ «بمعنى صَيَّر ف» قياماً «مفعول ثانٍ، والأولُ محذوفٌ وهو عائد الموصول، والتقدير:» التي جعلها «أي: صَيَّرها لكم قياماً. وإنْ قلنا إنَّها بمعنى» خَلَقَ «ف» قِياماً «حال من ذلك العائدِ المحذوفِ، التقديرُ: جَعَلَها أي: خلقها وأوجدها في حالِ كونها قياماً.
وقرأ نافع وابن عامر:» قِيَماً «وباقي السبعة:» قِياماً «وابن عمر:» قِواماً «بكسر القاف، والحسن وعيسى بن عمر:» قَواماً «بفتحها، ويروى عن أبي عمرو. وقرىء» قِوَماً «بزنة عِنَب.
فأما قراءة نافع وابنِ عامر ففيها ثلاثة أوجه، أحدهما: أنَّ» قِيَماً «مصدرٌ كالقيام وليس مقصوراً منه، قال الكسائي والأخفش والفراء، فهو مصدر بمعنى القيام الذي يُراد به الثباتُ والدوامُ.
وقد رُدَّ هذا القول بأنه كان ينبغي أن تَصِحَّ الواو لتحصُّنِها بتوسُّطِها، كما صَحَّت واو «عِوَض» و «حِوَل» . وأُجيب عنه بأنه تبع فعلَه في الإِعلال. فكما أُعِلَّ فعلُه أُعِلَّ هو، ولأنه بمعنى القِيام فَحُمِل عليه في الإِعلال. وحَكَى الأخفَشُ: قِيَماً وقِوَماً قال: «والقياسُ تصحيحُ الواو، وإنما اعتلَّت على وجهِ الشذوذِ كقولهم:» ثِيَرة «، وقولِ بني ضبة:» طِيال «في جمع طويل، وقولِ الجميع» جِياد «جمع جَواد، وإذا أعلُّوا» دِيَماً «لاعتلالِ» دِيْمة «فاعتلالُ المصدر لاعتلال فعلِه أَوْلى، ألا ترى إلى صحة الجمع مع اعتلالِ مفردِه في معيشة ومعايش، ومقامة ومقاوِم، ولم يصححوا مصدراً أعلُّوا فِعْلَه.
الثاني: أنه مقصورٌ من» قيام «، فحذفوا الألف تخفيفاً كما قالوا: خيَم في» خِيام «و» مِخْيَط «و» مِقْول «في:» مِخْياط «و» مِقْوال «.
والثالث: أنه جمع» قِيمة «ك» دِيَم «في جمع دِيْمَة، والمعنى: أنَّ الأموالَ كالقيم للنفوس لأنَّ بقاءها بها. وقد رَدَّ الفارسي هذا الوجهَ، وإنْ كان هو قولَ البصريين غيرَ الأخفش بأنه قد قُرِىء قوله تعالى: {دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام: 161] وقوله: {البيت الحرام قِيَماً لِّلنَّاسِ} [المائدة: 97] ولا يَصِحُّ معنى القِيَمة فيهما. وقد ردَّ عليه الناس بأنه لا يلزَمُ من عدم صحةِ معناه في الآيتين المذكورتين ألاَّ يصِحَّ هنا، إذ معناه هنا لائقٌ، وهناك معنىً آخرُ يليق بالآيتين المذكورتين كما سيأتي.
وأمَّا قراءةُ باقي السبعة فهو مصدرُ» قام «والأصلُ قِوام، فَأُبْدلت الواوُ ياءً للقاعدةِ المعروفة، والمعنى: التي جَعَلَها الله سبب قيامِ أبدانكم أي: بقائِها. وقال الزمخشري:» أي تقومون بها وتنتعشون «.
وأما قراءة عبد الله بن عمر ففيها وجهان، أحدهما: أنه مصدر قاوَمَ ك لاوَذَ لِواذاً، صحَّت الواو في المصدر/ كما صحت في الفعل. والثاني: أنه اسم لما يقوم به الشيء، وليس بمصدرٍ كقولهم: هذا مِلاك الأمر» أي ما يُمْلك به.
وأما قراءة الحسن ففيها وجهان، أحدهما: أنه اسم مصدر كالكَلام والدوام والسلام. والثاني: أنه لغة في القِوام المراد به القامة، والمعنى: التي جعلها الله سببَ بقاءِ قاماتكم، يقال: جارية حسنةُ القِوام والقَوام والقَامة، كلُّه بمعنىً واحد. وقال أبو حاتم: «قَوام بالفتح خطأٌ» قال: «لأنَّ القوام امتداد القامة» ، وقد تقدَّم تأويل ذلك على أن الكسائي قال: «هو بمعنى القِوام» أي بالكسرِ، يعني أنه مصدر.
وأمَّا «قِوَماً» فهو مصدرٌ جاء على الأصلِ، أعني تصحيحَ العين كالحِوَل والعِوَض.
قوله: «فيها» فيه وجهان، أحدُهما أنَّ «في» على بابها مِن الظرفية أي: اجْعَلوا رزقَهم فيها. والثاني: أنه بمعنى «مِنْ» أي: بعضها، والمراد: من أرباحِها بالتجارة.
{"ayah":"وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰلَكُمُ ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِیهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











