قوله: {فِي الصور} : العامَّةُ على سكونِ الواوِ، وزيد بن علي وقتادة بفتحها جمعَ «صُوْرة» . وهذه تَرُدُّ/ قولَ ابنِ عطية أنَّ الصُّوْرَ هنا يتعيَّنُ أَنْ يكونَ القَرْنَ. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ جمعَ صُورَة. وقرِئَ «فَصُعِقَ» مبنياً للمفعولِ، وهو مأخوذٌ مِنْ قولهم: صَعَقَتْهم الصاعقةُ. يُقال: صَعَقَه اللَّهُ فصَعِقَ.
{إِلاَّ مَن شَآءَ الله} متصلٌ والمستثنى: إمَّا جبريلُ وميكائيل وإسْرافيلُ، وإمَّا رِضوانُ والحُوْرُ والزَّبانية، وإمَّا الباري تعالى قاله الحسن. وفيه نظرٌ من حيث قولُه: {مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض} فإنه تعالى لا يَتَحَيَّزُ. فعلى هذا يتعيَّنُ أَنْ يكونَ منقطعاً.
قوله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى} يجوزُ أَنْ تكونَ «أخْرى» هي القائمةَ مقامَ الفاعلِ، وهي في الأصلِ صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ أي: نُفِخَ فيه نَفْخَةٌ أخرى، ويؤيِّدُه التصريحُ بذلك في قولِه {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13] فصرَّحَ بإقامة المصدرِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ القائمُ مقامَه الجارَّ، و «أخرى» منصوبةٌ على ما تقدَّم.
قوله: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ} العامَّة على رفع «قيام» خبراً. وزيد بن علي نصبَه حالاً وفيه حينئذٍ أوجهٌ، أحدهما: أنَّ الخبرَ «يَنْظرون» وهو العاملُ في هذه الحالِ أي: فإذا هم يَنْظُرون قياماً. والثاني: أنَّ العاملَ في الحالِ ما عَمِلَ في «إذا» الفجائيةِ إذا كانت ظرفاً. فإن كانت مكانيةً - كما قال سيبويه - فالتقدير: فبالحَضْرة هم قياماً. وإنْ كانت زمانيةً كقول الرُّمَّانيِّ ففي ذلك الزمانِ هم قياماً، أي: وجودهم. وإنما احتيج إلى تقديرِ مضافٍ في هذا الوجهِ لأنَّه لا يُخْبَرُ بالزمانِ عن الجُثَثِ. الثالث: أن الخبرَ محذوفٌ هو العاملُ في الحال أي: فإذا هم مبعوثون، أو مجموعون قياماً. وإذا جَعَلْنا الفجائيةَ حَرْفاً - كقولِ بعضِهم - فالعاملُ في الحالِ: إمَّا «يَنْظُرون» ، وإمَّا الخبرُ المقدرُ كما تقدَّم تحقيقُهما.
{"ayah":"وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَاۤءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِیَامࣱ یَنظُرُونَ"}