قوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} : في جوابِها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها - وهو الظاهرُ - أنَّه محذوفٌ، أي: نادَتْه الملائكةُ، أو ظهرَ صَبْرُهما أو أَجْزَلْنا لهما أَجْرَهما. وقدَّره بعضُهم: بعد الرؤيا أي: كان ما كان مِمَّا يَنْطِقُ به الحالُ والوصفُ ممَّا لا يُدْرَكُ كُنْهُه. ونقل ابن عطية أنَّ التقديرَ: فلمَّا أَسْلَما أَسْلَما وَتلَّه، قال: كقوله:
3818 - فلمَّا أَجَزْنا ساحةً الحَيِّ. . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أي: فلمَّا أَجَزْنا أَجَزْنا وانتحى، ويُعْزَى هذا لسبيويه وشيخِه الخليلِ. وفيه نظرٌ: من حيثُ اتِّحادُ الفعلَيْنِ الجارِيَيْنِ مَجْرى الشرط والجواب. إلاَّ أَنْ يُقال: جَعَلَ التغايرُ في الآية بالعطفِ على الفعل، وفي البيت يعمل الثاني في «ساحة» وبالعطف عليه أيضاً. والظاهر أنَّ مثلَ هذا لا يكفي في التغاير.
الثاني: أنه «وتَلَّه للجبين» والواوُ زائدةٌ وهو قولُ الكوفيين والأخفشِ. والثالث: أنه «وناديناه» والواوُ زائدةٌ أيضاً.
وقرأ علي وعبد الله وابن عباس «سَلَّما» . وقُرئ «اسْتَسْلَما» .
و «تَلَّه» أي: صَرَعَه وأسقطه على شِقِّه. وقيل: هو الرميُ بقوةٍ، وأصله: مِنْ رَمَى به على التلِّ وهو المكانُ المرتفع، أو من التليل وهو العنُقُ أي: رماه على عُنُقِه، ثم قيل لكل إسقاطٍ، وإن لم يكنْ على تَلّ ولا على عُنُق. والمِتَلُّ: الرُّمْحُ الذي يُتَلُّ به. والجبينُ: ما اكْتَنَفَ الجبهةَ مِنْ هنا، ومِنْ هنا وشَذَّ جمعُه على أَجْبُن. وقياسُه في القلَّةِ أَجْبِنَة كأَرْغِفَة، وفي الكثرة: جُبُن وجُبْنان كرَغيف ورُغْفان ورُغُفُ.
{"ayah":"فَلَمَّاۤ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِینِ"}