قوله: {صَدَقُواْ} : «صَدَقَ» يتعدَّى لاثنين لثانيهما بحرفِ الجرِّ، ويجوز حَذْفُه. ومنه المثل: «صَدَقني سِنَّ بَكْرِهِ» أي في سِنِّ. والآيةُ يجوزُ أَنْ تكونَ مِنْ هذا، والأولُ محذوفٌ أي: صدقوا الله فيما عاهدوا اللَّهَ عليه. ويجوز أَنْ يتعدَّى لواحدٍ كقولك: صَدَقني زيدٌ وكَذَبني عمرو أي: قال لي الصدقَ، وقال لي الكذبَ. ويكون المعاهَدُ عليه مصدوقاً مجازاً. كأنهم قالوا للشيءِ المُعاهَد عليه: لنُوفِيَنَّ بك وقد فعلوا. و «ما» بمعنى الذي؛ ولذلك عاد عليها الضميرُ في عليه. وقال مكي: «ما» في موضعِ نصبٍ ب صَدَقوا. وهي والفعلُ مصدرٌ تقديرُه: صَدَقوا العهدَ أي: وَفَوْا به «وهذا يَرُدُّه عَوْدُ الضميرِ. إلاَّ أنَّ الأخفشَ وابنَ السراج يذهبان إلى اسميةِ» ما «المصدريةِ.
قوله:» قضى نَحْبَه «النَّحْبُ: ما التزمه الإِنسانُ، واعتقد الوفاءُ به.
قال:
3688 - عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثيُّون بعدَما ... قضى نَحْبَه في مُلْتَقَى القومِ هَوْبَرُ وقال آخر:
3689 - بطَخْفَةَ جالَدْنا الملوكَ وخَيْلُنا ... عَشيَّةَ بِسْطامٍ جَرَيْنَ على نَحْبِ
أي: على أَمْرٍ عظيمٍ؛ ولهذا يُقال: نَحَبَ فلانٌ أي: نَذَرَ نَذْراً التزمه، ويُعَبَّر به عن الموتِ كقولِهم:» قَضَى أجله «لَمَّا كان الموتُ لا بُدَّ منه جُعِل كالشيءِ الملتَزمِ. والنَّحِيْبُ: البكاءُ معه صَوْتٌ. والنُّحاب: السُّعالُ.
{"ayah":"مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا"}