قوله تعالى: {الذين قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ} : جَوَّزوا في موضع «الذين» الألقابَ الثلاثة: الرفعَ والنصبَ والجرَّ، فالرفعُ من ثلاثة أوجه، أحدها: أَنْ يكونَ مرفوعاً على خبرِ مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين. الثاني: أنه بدل من واو «يكتمون» . الثالث: أنه مبتدأ، والخبرُ قولُه: {قُلْ فَادْرَءُوا} ولا بد من حَذْفِ عائدٍ تقديرُه: قل لهم فادرؤوا. والنصبُ من ثلاثة أوجه أيضاً، أحدُها: النصبُ على الذم أي أذُمُّ الذين قالوا. والثاني: أنه بدل من «الذين نافقوا» الثالث: أنه صفةٌ لهم. والجَرُّ من وجهين: البدل من الضميرِ في «بأفواهِهم» ، أو من الضمير في «قلوبِهم» كقولِ الفرزدق:
1490 - على حالةٍ لو أنَّ في القومِ حاتماً ... على جودِه لضنَّ بالماءِ حاتمِ
بجر «حاتم» على أنه بدلٌ من الهاءِ في «جوده» ، وقد تقدَّم الخلافُ في هذه المسألة.
وقال الشيخ: وجَوَّزوا في إعرابِ «الذين» وجوهاً: الرفع على النعت ل «الذين نافقوا» ، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو على أنه بدل من الواو في «يكتمون» ، والنصبُ فذكره إلى أخره. وهذا عجيبٌ منه لأنَّ «الذين نافقوا» منصوبٌ بقوله «وليعلَم» ، وهم في الحقيقة عَطْفٌ على «المؤمنين» ، وإنما كَرَّر العاملَ توكيداً، والشيخُ لا يَخْفى عليه ما هو أشكلُ من هذا، فيُحتمل أن يكونَ تبع غيره في هذا السهو، وهو الظاهر في كلامه، ولم يَنْظُر في الآية اتكالاً على ما رآه منقولاً، وكثيراً ما يقع الناس فيه، وأَنْ يُعْتَقَدَ أنَّ «الذين» فاعلٌ بقوله: «وليعلَم» أي: «فَعَلَ الله ذلك ليَعْلم هو المؤمنين وليَعْلم المنافقون» ولكنَّ مثل هذا لا ينبغي أن يجوزَ البتة.
قوله: {وَقَعَدُواْ} يجوز في هذه الجملة وجهان أحدهما: أن تكون حالية من فاعل «قالوا» و «قد» مرادةٌ، أي: وقد قعدوا، ومجيء الماضي حالاً بالواو وقد، أو بأحدهما، أو بدونهما ثابتٌ من لسان العرب. والثاني: أنها معطوفةٌ على الصلةِ فتكونُ معترضةً بين «قالوا» ومعمولِها وهو «لو أطاعونا» .
{"ayah":"ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ وَقَعَدُوا۟ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا۟ۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُوا۟ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"}