الباحث القرآني
قوله: {ادارك} : قرأ ابنُ كثير وأبو عمرو ونافع «أَدْرَكَ» كأَكْرم. والباقون من السبعةِ «ادَّارك» بهمزةِ وَصْلٍ، وتشديدِ الدالِ المفتوحةِ، بعدها ألفٌ. والأصلُ: تَدارك وبه قرأ اُبَيٌّ، فأُريد إدغامُ التاءِ في الدالِ فأُبْدِلَتْ دالاً، وسُكِّنَتْ فتعذَّر الابتداءُ بها لسكونهِا، فاجْتُلِبَتْ همزةُ الوصلِ فصار ادَّارك كما ترى، وتحقيقُ هذه قد تقدَّم في رأسِ الحزبِ من البقرة: {فادارأتم فِيهَا} [البقرة: 72] . وقراءةُ ابنِ كثير قيل: تَحْتمل أن يكونَ أَفْعَلُ فيها بمعنى تَفاعَلَ فتَتََّحِدَ القراءتان. وقيل: أَدْرَكَ بمعنى بَلَغَ وانتهى. وقرأ سليمان وعطاء ابنا يَسار «بلَ ادَّرَكَ» بفتحِ لامِ «بل» وتشديد الدالِ دونَ ألفٍ بعدَها. وتخريجُها: أنَّ الأصلَ ادَّرك على وزن افْتَعَل فأُبْدِلَتْ تاءُ الافتعالِ دالاً لوقوعِها بعد الدال. قال الشيخ: «فصار فيه قَلْبُ الثاني للأولِ كقولِهم: اثَّرَدَ، وأصلُه اثْتَرَدَ من الثَّرْدِ» . انتهى. قلت: ليس هذا مما قُلِب فيه الثاني للأولِ لأجلِ الإِدغام ك اثَّرَدَ في اثْتَرَدَ؛ لأنَّ تاءَ الافتعال تُبدَلُ دالاً بعد أحرفٍ منها الدالُ نحو: ادَّان في افْتَعَل من الدَّيْن فالإِبدالُ لأجلِ كونِ الدالِ فاءً لا للإِدغام، فليس مثلَ اثَّرَدَ في شيءٍ فتأمَّلْه فإنه حَسَنٌ. فلمَّا أُدْغِمَت الدالُ في الدال أُدْخِلَتْ همزةُ الاستفهامِ فسقَطَتْ همزةُ الوصلِ فصار اللفظُ «أَدْرَكَ» بهمزةِ قطعٍ مفتوحةٍ، ثم نُقِلَتْ حركةُ هذه الهمزةِ إلى لامِ «بل» فصار اللفظ: «بَلَ دَّرَكَ» .
وقرأ أبو رجاءٍ وشيبةٌ والأعمشُ والأعرجُ وابنُ عباس، وتروى عن عاصم كذلك، إلاَّ أنَّه بكسرِ لام «بل» على أصلِ التقاءِ الساكنين، فإنهم لم يَأْتوا بهمزةِ استفهامٍ.
وقرأ عبد الله وابن عباس والحسن وابن محيصن «أادْرَكَ» بهمزةٍ ثم ألفٍ بعدَها. وأصلُها همزتان أُبْدِلَتْ ثانيتُهما ألفاً تخفيفاً. وأنكرها أبو عمرٍو. قلت: وقد تقدَّم أولَ البقرةِ أنه قُرىءُ «أَانْذَرْتَهم» بألفٍ صريحةٍ فلهذه بها أسوةٌ. وقال أبو حاتم: «لا يجوزُ الاستفهامُ بعد» بل «لأنَّ» بل «إيجاب، والاستفهامُ في هذا الموضعِ إنكارٌ بمعنى: لم يكن، كقولِه تعالى {أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} [الزخرف: 19] أي: لَم يَشْهدوا، فلا يَصِحُّ وقوعُهما معاً للتنافي الذي بين الإِيجاب والإِنكارِ» . قلت: وفي منع هذا نظرٌ؛ لأنَّ «بل» لإِضرابِ الانتقالِ، فقد أضربَ عن الكلامِ الأولِ، وأَخَذَ في استفهامِ ثانٍ. وكيف يُنْكَرُ هذا والنَّحْويون يُقَدِّرون «أم» المنقطعةَ ب بل والهمزة؟ وعجِبْتُ من الشيخِ كيف قال هنا: «وقد أجاز بعضُ المتأخرين الاستفهامَ بعد» بل «وشبهه؟ يقول القائل:» أخبزاً أكلْتَ، بل أماءً شرِبْتَ «على تَرْكِ الكلامِ الأولِ والأَخْذِ في الثاني» .
انتهى فتخصيصُه ببعضِ المتأخرين يُؤْذِنُ أن المتقدِّمينَ وبعضَ المتأخرين يمنعونه، وليس كذلك لِما حَكَيْتُ عنهم في «أم» المنقطعةِ.
وقرأ ابنُ مسعودٍ «بل أَأَدْرَكَ» بتحقيقِ الهمزتين. وقرأ ورش في رواية «بلَ ادْرَكَ» بالنقل. وقرأ ابنُ عباس أيضاً «بلى ادْرَك» بحرف الإِيجاب أختِ نَعَم. و «بَلى آأَدْرك» بألفٍ بين الهمزتين. وقرأ أُبَيٌّ ومجاهد «أم» بدلَ «بل» وهي مخالفةٌ للسَّواد.
قوله: {فِي الآخرة} فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ «في» على بابها و «أَدْرَك» وإن كان ماضياً لفظاً فهو مستقبلٌ معنىً؛ لأنه كائنٌ قطعاً كقوله: {أتى أَمْرُ الله} [النحل: 1] وعلى هذا ف «في» متعلقٌ ب «ادَّاركَ» . والثاني: أنَّ «في» بمعنى الباء أي بالآخرة. وعلى هذا فيتعلَّق بنفسِ عِلْمِهم كقولِك: «عِلْمي بزيدٍ كذا» . وأمَّا قراءةُ مَنْ قرأ «بلى» فقال الزمخشري: «لَمَّا جاء ب» بلى «بعد قولِه: {وَمَا يَشْعُرُونَ} كان مَعْناه:» بلى يَشْعْرون «ثم فَسَّر/ الشعورَ بقولِه {أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرة} على سبيلِ التهكمِ الذي معناه المبالغةُ في نَفْي العلمِ» ثم قال: و «أمَّا قراءةُ» بلى أَأَدْرك «على الاستفهامِ فمعناه: بلى يَشْعُرون متى يُبْعثون. ثم أنكر علمَهم بكونِها، وإذا أنكر علمَهم بكونِها لم يتحصَّلْ لهم شعورٌ بوقتِ كونِها؛ لأنَّ العلمَ بوقتِ الكائنِ تابعٌ للعلم بكونِ الكائنِ» ثم قال: «فإنْ قلتَ ما معنى هذه الإِضراباتِ الثلاثةِ؟ قتل: ما هي إلاَّ تنزيلٌ لأحوالِهم، وَصَفَهم أولاً بأنهم لا يَشْعُرون وقتَ البعثِ ثم بأنَّهم لا يعلمون أنَّ القيامةَ كائنةٌ ثم بأنَّهم يَخْبِطُون في شكٍّ ومِرْيَة» . انتهى.
فإنْ قِيل: «عَمِيَ» يتعدى ب «عن» تقول: عَمِيَ فلانٌ عن كذا فلِمَ عُدِّيَ ب «مِنْ» في قولِه: «مِنْها عَمُوْن» ؟ فالجوابُ: أنه جَعَلَ الآخرةَ مَبْدأ عَماهم ومَنْشَأَه.
{"ayah":"بَلِ ٱدَّ ٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِی شَكࣲّ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق