قوله: {سَآءَتْ} : يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى أَخْزَنَتْ فتكونَ متصرفةً، ناصبةً المفعولَ به، وهو هنا محذوفٌ أي: إنها أي: جهنَم أَحْزَنَتْ أصحابَها وداخليها. ومُسْتقراً: يجوزُ أن يكونَ تمييزاً، وأَنْ يكونَ حالاً. ويجوز أَنْ تكونَ «ساءَتْ» بمعنى بِئْسَتْ فتعطى حكمَها. ويكونُ المخصوصُ محذوفاً. وفي ساءَتْ ضميرٌ مبهمٌ. و «مُسْتَقَراً» يتعيَّنُ أنْ يكونَ تمييزاً أي: ساءَتْ هي. ف «هي» مخصوصٌ. وهو الرابطُ بين هذه الجملةِ وبين ما وَقَعَتْ خبراً عنه، وهو «إنَّها» ، وكذا قَدَّره الشيخ. وقال أبو البقاء: «ومُسْتَقَرَّاً تمييزٌ. وساءَتْ بمعنى بِئْسَ» . فإن قيلَ: يَلْزَمُ من هذا إشكالٌ، وذلك أنه يَلْزَمُ تأنيثُ فعلِ الفاعلِ المذكَّرِ مِنْ غيرِ مُسَوِّغٍ لذلك، فإنَّ الفاعلَ في «ساءَتْ» على هذا يكون ضميراً عائداً على ما بعدَه، وهو «مُسْتقراً ومُقاماً» ، وهما مذكَّران فمِنْ أين جاء التأنيثُ؟ والجوابُ: أن المستقرَّ عبارةٌ عن جهنَّمَ فلِذلك جاز تأنيثُ فِعْلِه. ومثلُه قولُه:
3498 - أَوْ حُرَّةٌ عَيْطَلٌ ثَبْجاءُ مُجْفَرَةٌ ... دعائمُ الزَّوْرِ نعْمَتْ زَوْرَقُ البلدِ
ومُسْتقراً ومُقاماً: قيل: مُترادفان، وعُطِفَ أحدُهما على الآخر لاختلافِ لَفْظَيْهما. وقيل: بل هما مختلفا المعنى، فالمستقرُّ: للعُصاةِ فإنهم يَخْرُجون. والمُقام: للكفَّارِ فإنَّهم يَخْلُدون.
وقرأت فرقةُ «مَقاماً» بفتح الميم أي: مكانَ قيامِ. وقراءةُ العامَّةِ هي المطابِقَةُ للمعنى أي: مكانَ إقامةٍ وثُوِيّ وقوله: {إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً} يُحتمل أَنْ يكونَ مِنْ كلامِهم، فتكونَ منصوبةً المحلِّ بالقول، وأَنْ تكونَ مِنْ كلامِ اللهَ تعالى.
{"ayah":"إِنَّهَا سَاۤءَتۡ مُسۡتَقَرࣰّا وَمُقَامࣰا"}