قوله: {هُمْ نَاسِكُوهُ} : هذه الجملةُ صفةٌ ل مَنْسَكاً. وقد تقدَّم أنه يُقْرَأُ بالفتح والكسر. وتقدَّم الخلافُ فيه: هل هو مصدرٌ أو مكانٌ؟ وقال ابنُ عطية: «ناسِكوه يُعطي أنَّ المَنْسَك المصدرُ، ولو كان مكاناً لقال: ناسِكون فيه» يعني أنَّ الفعلَ لا يتعدى إلى ضمير الظرفِ إلاَّ بواسطةِ «في» . وما قاله غيرُ لازمٍ؛ لأنه قد يُتَّسع في الظرف فيجري مجرى المفعولِ به، فيصِلُ الفعلُ إلى ضميرِه بنفسه، وكذا ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل. ومن الاتِّساع في ظرفِ الزمان قوله: 3398 - ويومٍ شَهِدْنَاه سُلَيْمَى وعامراً ... قليلٍ سوى الطَّعْنِ النِّهالِ نوافِلُهْ
ومن الاِّتساع في ظرفِ المكان قولُه:
3399 - ومَشْرَبٍ أَشْرَبُه وَشِيْلِ ... لا أَجِنِ الطَّعْمِ ولا وَبِيْلِ
يريد: أشرب فيه.
قوله: {فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ} وقُرِىء بالنون الخفيفة. وقرأ أبو مجلز: «فلا يَنْزِعُنَّك» مِنْ كذا أي: قَلَعْتُه منه. وقال الزجاج: «هو مِنْ نازَعْتُه فَنَزَعْته أنْزَعُه أي: غَلَبْتُهُ في المنازَعَة» . ومجيءُ هذهِ الآيةِ كقولِه تعالى: {فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} وقولهم: لا أُرَيَنَّك ههنا. وهنا جاء قولُه {لِّكُلِّ أُمَّةٍ} من غير واوٍ عطفٍ، بخلافِ ما تَقَدَّم مِنْ نظيرتِها فإنها بواوِ عطفٍ. قال الزمخشري: «لأنَّ» تلك «وَقَعَتْ مع ما يُدانيها ويناسِبُها من الآيِ الواردةِ في أمر النسائِكِ، فَعُطِفَتْ على أخواتها، وأمَّا هذه فواقعةٌ مع أباعدَ مِنْ معناها فلم تجد مَعْطَفاً.
{"ayah":"لِّكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا یُنَـٰزِعُنَّكَ فِی ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدࣰى مُّسۡتَقِیمࣲ"}