الباحث القرآني
قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا} : «إذا» منصوب بقالوا الذي هو جوابٌ لها، وقد تقدَّم الخلافُ في ذلك، و «لَقُوا» فعلٌ وفاعل، والجملةُ في محلِّ خفض بإضافةِ الظرفِ إليها. وأصل لَقُوا: لَقِيُوا بوزن شَرِبوا، فاسْتُثْقِلتِ الضمةُ على الياء التي هي لام الكلمة، فحُذِفَتِ الضمةُ فالتقى ساكنان: لامُ الكلمة وواوُ الجمع، ولا يمكن تحريكُ أحدهما، فَحُذِف الأول وهو الياء، وقُلِبت الكسرةُ التي على القاف ضمةً لتجانِسَ واوَ الضمير، فوزن «لَقُوا» : فَعُوا، وهذه قاعدةٌ مطردةٌ نحو: خَشُوا وحَيُوا.
وقد سُمع في مصدر «لَقي» أربعة عشر وزناً: لُقْياً ولِقْيَةً بكسر الفاء وسكون العين، ولِقاء ولِقاءة [ولَقاءة] بفتحها أيضاً مع المدِّ في الثلاثة، ولَقَى ولُقَى بفتح القافِ وضمها، ولُقْيا بضم الفاء وسكون العين ولِقِيَّا بكسرهما والتشديد، ولُقِيَّا بضم الفاء وكسر العين مع التشديد، ولُقْياناً ولِقْيانا بضم الفاء وكسرها، ولِقْيانة بكسر الفاء خاصةً، وتِلْقاء.
و «الذين آمنوا» مفعولٌ به، و «قالوا» جوابُ «إذا» ، و «آمنَّا» في محلِّ نَصْبٍ بالقول.
قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا} تقدَّم نظيرُه، والأكثرُ في «خلا» أن يتعدَّى بالباء، وقد يتعدَّى بإلى، وإنما تعدَّى في هذه الآية بإلى لمعنى بديعٍ، وهو أنه إذا تعدَّى بالباء احتمل معنيين أحدهما: الانفرادُ، والثاني: السخرية والاستهزاءُ، تقول: «خَلَوْتُ به» أي سَخِرْتُ منه، وإذا تعدَّى بإلى كان نَصَّاً في الانفرادِ فقط، أو تقول: ضُمِّن خَلا معنى صَرَف فتعدَّى بإلى، والمعنى: صَرفوا خَلاهم إلى شياطينهم، أو تضمَّن معنى ذهبوا وانصرفوا فيكون كقول الفرزدق:
196 - ألم تراني قالِباً مِجنِّي ... قد قَتَل اللهُ زياداً عنِّي
أي: صرفه بالقتل، وقيل: هي هنا بمعنى مع، كقوله: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] . وقيل: هي بمعنى الباء، وهذان القولان إنما يجوزان عند الكوفيين، وأمَّا البصريون فلا يجيزون التَجوُّز في الحروف لضَعْفِها. وقيل: المعنى وإذا خَلَوا من المؤمنين إلى شياطينهم، ف «إلى» على بابِها، قلت: وتقديرُ «مِن المؤمنين» لا يجعلُها على بابِها إلاَّ بالتضمينِ المتقدِّم.
والأصل في خَلَوْا: خَلَوُوْا، فَقُلِبَتِ الواوُ الأولى التي هي لامُ الكلمة ألفاً لتحركِها وانفتاحِ ما قبلها، فبقيَتْ ساكنةً، وبعدَها واوُ الضميرِ ساكنةٌ، فالتقَى ساكنان، فحُذِف أوَّلُهما وهو الألفُ، وبَقِيَتِ الفتحةُ دالَّةً عليهَا.
و «شياطينهم» جمعُ شيطان جمعَ تكسيرٍ، وقد تقدَّم القولُ في اشتقاقه فوزن شياطين: إمَّا فعاليل أو فعالين على حَسَب القَوْلينِ المتقدِّمَيْنِ في الاستعاذة. والفصيح في «شياطين» وبابِه أن يُعْرَبَ بالحركاتِ لأنه جمعُ تكسيرٍ، وفيه لُغَيَّةٌ رديئةٌ، وهي إجراؤُه إجراءَ الجمعِ المذكر السالم، سُمع منهم: «لفلانٍ بستانٌ حولَه بساتون» ، وقُرئ شاذاً: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشياطون} [الشعراء: 210] .
قوله تعالى: {قالوا إِنَّا مَعَكُمْ} إنَّ واسمُها و «معكم» خبرُها، والأصل في إنَّا: إنَّنا، كقوله تعالى: {إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً} [آل عمران: 93] ، وإنما حُذِفَتْ إحدى نوني «إنَّ» لَمَّا اتصلت بنونِ ن، تخفيفاً، وقال أبو البقاء: «حُذِفَتِ النونُ الوسطى على القول الصحيح كما حُذِفَتْ في» إنَّ «إذا خُفِّفَتْ.
و» مع «ظرفٌ والضميرُ بعده في محلِّ خفض بإضافتِه إليه وهو الخبرُ كما تقدَّم، فيتعلَّقُ بمحذوف، وهو ظرفُ مكانٍ، وفَهْمُ الظرفيةِ منه قَلِقٌ. قالوا: لأنه يَدُلُّ على الصحبةِ، ومِنْ لازمِ الصحبةِ/ الظرفيةُ، وأمَّا كونُه ظرفَ مكانٍ فلأنه مُخْبِرٌ به عن الجثث نحو:» زيدٌ معك «، ولو كان ظرف زمانٍ لم يَجُزْ فيه ذلك. واعلَم أنَّ» مع «لا يجوزُ تسكينُ عينِها إلا في شعر كقوله:
197 - وريشي مِنْكُمُ وهَوايَ مَعَكُمْ ... وإنْ كانَتْ زيارتُكم لِماما وهي حينئذٍ على ظرفِيتها خلافاً لمَنْ زَعَم أنَّها حينئذٍ حرفُ جرٍّ، وإنْ كان النحاس ادَّعَى الإِجماع في ذلك، وهي من الأسماءِ اللازمةِ للإِضافةِ، وقد تُقْطَعُ لفظاً فتنتصب حالاً غالِباً، تقولُ: جاء الزيدان معاً أي مصطحِبَيْنِ، وقد تقع خبراً، قال الشاعر:
198 - حَنَنَْتَ إلى رَيَّا ونفسُك باعَدَتْ ... مَزارَكَ مِنْ رَيَّا وشَعْبَاكُما مَعَا
فَشْعباكما مبتدأ، و» معاً «خبرُه، على أنه يُحتمل أن يكونَ الخبرُ محذوفاً، و» معا «حالاً. واختلفوا في» مع «حالَ قَطْعِها عن الإِضافة: هل هي من باب المقصور نحو: عصا ورحا، أو المنقوص نحو: يد ودم؟ قولان، الأولُ قولُ يونسَ والأخفشِ، والثاني قولُ الخليل وسيبويه، وتظهر فائدة ذلك إذا سَمَّيْنا به فعلى الأول تقول: جاءني معاً ورأيت معاً ومررت بمعاً، وعلى الثاني: جاءني معٌ ورأيت معاً ومررت بمعٍ كيَدٍ، ولا دليلَ على القولِ الأولِ في قوله:» وشَعْباكما معاً لأنَّ معاً منصوبٌ على الظرفِ النائبِ عن الخَبر، نحو: «زيدٌ عندَك» وفيها كلامٌ أطولُ من هذا، تَرَكْتُه إيثاراً للاختصارِ.
قوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} كقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] ، وهذه الجملةُ الظاهرُ أنها لا محلَّ لها من الإِعرابِ لاستئنافِها إذ هي جوابٌ لرؤسائِهم، كأنهم لمَّا قالوا لهم: «إنَّا معكم» توجَّه عليهم سؤالٌ منهم، وهو فما بالُكم مع المؤمنين تُظاهِرونهم على دينهم؟ فأجابوهم بِهذه الجملةِ، وقيل: محلُّها النصب، لأنها بدلٌ من قولِه تعالى: «إنَّا معكم» . وقياسُ تخفيفِ همزةِ «مستهزئون» ونحوِه أن تُجْعَلَ بينَ بينَ، أي بين الهمزةِ والحرفِ الذي منه حركتُها وهو الواو، وهو رأيُ سيبويه، ومذهبُ الأخفش قَلْبُها ياءً محضةً. وقد وَقَف حمزةُ على «مستهزئون» و {فَمَالِئُونَ} [الصافات: 66] ونحوهِما بحَذْفِ صورة الهمزة إتْباعاً لرسمِ المصحفِ.
{"ayah":"وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ إِلَىٰ شَیَـٰطِینِهِمۡ قَالُوۤا۟ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











