الباحث القرآني
قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ} : هذا استفهامٌ معناهُ التقريرُ، فلذلك لم يَحَتَجْ إلى معادِلٍ يُعْطَفُ عليه ب «أم» ، وأَمْ في قولِه: «أم تُريدون» :
منقطعةٌ هذا هو الصحيحُ في الآيةِ. قال ابنُ عطية «ظاهرُه الاستفهامُ المحضُ، فالمعادِلُ هنا على قولِ جماعةٍ: أَمْ تريدون، وقال قومٌ: أَمْ منقطعةٌ، فالمعادِلُ محذوفٌ تقديرُه: أَمْ عَلِمْتُم، هذا إذا أُريدَ بالخِطابِ أمتُه عليه السلام، أمَّا إذا أُرِيدَ هو به فالمعادِلُ محذوفٌ لا غيرُ، وكِلا القَوْلَين مَرْوِيُّ» انتهى. وهذا غيرُ مَرْضِيٍّ لِما مَرَّ أَنَّ المرادَ بِه التقريرُ، فهو كقولِه: {أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الانشراح: 1] والاستفهامُ بمعنى التقريرِ كثيرٌ جداً لا سيما إذا دَخَلَ على نفيٍ كما مَثَّلْتُه لك.
وفي قولِه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله} التفاتان،
أحدُهما: خروجٌ من خطاب جماعةٍ وهو {خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ، والثاني: خروجٌ من ضميرِ المتكلِّم المعظِّمِ نفسَه إلى الغَيْبَةِ بالاسمِ الظاهر، فلم يقل: ألم تعلموا أننا، وذلكَ لِما يَخْفَى من التعظيمِ والتفخيم. {أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} : أَنَّ وما في حَيِّزِها: إمَّا سادةٌ مسدَّ مفعولَيْنِ كما هو مذهبُ الجمهورِ، أو واحدٍ والثاني محذوفٌ كما هو مذهبُ الأخفشِ حَسْبَ ما تقدَّم من الخلافِ.
قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ} . . . يجوزُ في «مُلْك» وجهان، أحدُهما أنَّه مبتدأٌ وخبرُه مُقَدَّمِ عليه، والجملةُ في محلَّ رفعٍ خبرٌ ل «أنَّ» . والثاني: أنه مرفوعٌ بالفاعليةِ، رَفَعَه الجارُّ قبله عند الأخفش، لا يقال: إنَّ الجارَّ هنا قد اعتمد لوقوعِه خبراً ل «أَنَّ» ، فيرفعُ الفاعلَ / عند الجميع، لأنَّ الفائدة لم تتمَّ به فلا يُجْعَلُ خبراً. والمُلْكُ بالضمِّ الشيءُ المَمْلوك، وكذلك هو بالكسرِ، إلا أنَّ المضمومَ لا يُسْتَعْمَل إلا في مواضِع السَّعَةِ وبَسْطِ السُّلْطانِ.
قوله: {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ} يجوزُ في «ما» وجهان، أحدُهما: كونُهما تميميَّةً فلا عَمَلَ لها فيكونُ «لكم» خبراً مقدماً، و «مِنْ وليّ» مبتدأً مؤخراً زيدت فيه «مِنْ» فلا تعلُّقَ لها بشيءٍ. والثاني: أن تكونَ حجازيةً وذلك عند مَنْ يُجيز تقديمَ خبرِها ظرفاً أو حرفَ جرٍّ، فيكونُ «لكم» في محلِّ نصبٍ خبراً مقدَّماً، و «مِنْ وليّ» اسمها مؤخراً، و «مِنْ» فيه زائدةٌ أيضاً، و {مِّن دُونِ الله} فيه وجهان، أحدُهما أنَّه متعلِّقٌ بما تَعَلَّقَ به «لكم» من الاستقرارِ المقدَّرِ، و «مِنْ» لابتداءِ الغاية. والثاني: أنَّه في محلِّ نصبٍ على الحالِ من قوله: {مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} لأنَّه في الأصلِ صفةٌ للنكرةِ، فلمَّا قُدِّم عليها انتصَبَ حالاً، قاله أبو البقاء. فعلى هذا يتعلَّقُ بمحذوفٍ غيرِ الذين تعلَّق به « لكم» . ولا نصير «عطفٌ على لفظِ» ولي «ولو قُرِىءَ برفعِهِ على الموضِع لكان جائزاً. وأتى بصيغة فَعيل في» وليَّ «و» نَصير «لأنها أَبْلَغُ من فاعل، ولأنَّ» وليَّاً «أكثرُ استعمالاً من» والٍ «ولهذا لم يَجِيءْ في القرآن إلا في سورةِ الرعدِ، وأيضاً لتواخي الفواصلِ وأواخرِ الآي. وفي قولِه» لكم «انتقالٌ من خطابِ الواحدِ لخطابِ الجماعةِ، وفيه مناسَبَةٌ، وهو أنَّ المنفيَّ صار نَصَّاً في العمومِ بزيادةِ» مِنْ «فناسَبَ كونَ المَنْفِيِّ عنه كذلكَ فجُمِعَ لذلك.
قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ} . . قد تَقَدَّم أنَّ «أَمْ» هذه يجوزُ أن تكونَ متصلةً معادِلَةً لقولِه: «ألم تَعْلَمْ» ، وأَنْ تكونَ منقطعة وهو الظاهرُ، فَتُقَدَّر ببل والهمزِ، ويكون إضرابَ انتقالٍ من قصةٍ إلى قصة قال أبو البقاء: أَمْ هنا منقطعةٌ، إذ ليسَ في الكلام همزةٌ تقعُ موقعَها ومع أم: أيُّهما، والهمزةُ من قولِه: «ألم تعلمْ» ليسَتْ مِنْ أم في شيء والمعنى: بل أتريدون «فَخَرَجَ مِن كلام إلى كلام. وأصلُ تُريدون: تُرْودُون، لأنه مِنْ رَادَ يَرُودُ، وقد تقدَّم، فَنُقِلَتْ حركةُ الواوِ على الراءِ فَسَكَنَت الواوُ بعد كسرةٍ فقُبِلَتْ ياءً. وقيل» أم «للاستفهامِ، وهذه الجملةُ منقطعةٌ عما قبلها وقيل: هي بمعنى بل وحدَها، وهذان قولان ضعيفان.
قوله: {أَن تَسْأَلُواْ} ناصبٌ ومنصوبٌ في محلِّ نصبٍ مفعولاً به بقوله» تُريدون «، أي: أتريدون سؤالَ رسولِكم.
قولُه:» كما سُئِلَ «متعلِّقٌ بتَسْأَلوا، والكافُ في محلِّ نصبٍ، وفيها التقديران المشهوران: فتقديرُ سيبويه أنَّها حالٌ من ضمير المصدرِ المحذوف أي: أَنْ تَسْأَلوه أي: السؤالَ حالَ كونِه مُشَبَّهاً بسؤالِ قومِ موسى له، وتقديرُ غيرِه - وهم جمهور النحويين - أنه نعت لمصدر محذوف، أي: إن تسألوا رسولكم سؤالاً مشبهاً كذا. و» ما «مصدرية، أي: كسؤال موسى، وأجاز الحوفي كونها بمعنى الذي فلا بدَّ من تقدير عائد، أي كالسؤال الذي سُئِله موسى. و» موسى «مفعول لم يُسمَّ فاعله، حُذِف الفاعل للعلم به، أي كما سأل قوم موسى.
والمشهور:» سُئِل «بضم السين وكسر الهمزة، وقرأ الحسن:» سِيل «بكسر السين وياء بعدها، مِنْ: سالَ يسال نحو خِفْتُ أخاف، وهل هذه الألفُ في» سال «أصلُها الهمزُ أولا؟ تقدَّم خلافٌ في ذلك وسيأتي تحقيقُه في» سَأَلَ «، وقُرىء بتسهيلِ الهمزةِ بينَ بينَ.
و «من قبلُ» متعلق بسُئل، و «قبلُ» مبنيةٌ على الضَمِّ لأن المضافَ إليه معرفةٌ أي: من قبلِ سؤالِكم. وهذا توكيدٌ، وإلاَّ فمعلومٌ أنَّ سؤال موسى كان متقدَّماً على سؤالهم.
قوله: {بالإيمان} فيه وجهان، أحدُهما: أنها باء العِوَضيَّة، وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك. والثاني: أنها للسببية، قال أبو البقاء: «يجوز أن يكونَ مفعولاً بيتبدَّل، وتكون الباءُ للسبب كقولك: اشتريْتُ الثوبَ بدرهمٍ» وفي مثالِه هذا نظرٌ.
{فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل} قُرِىَء بإدغام الدال في الضاد وإظهارها، و «سواءَ» قال أبو البقاء: «سواء السبيلِ ظرفٌ بمعنى وَسَطِ السبيلِ وأعدله» وهذا صحيحٌ فإنَّ «سَواء» جاء بمعنى وَسَط، قال تعالى: {فِي سَوَآءِ الجحيم} [الصافات: 55] وقال عيسى بن عمر: «ما زلت أكتب حتى انقطع سَوائي» وقال حسان
674 - يا ويحَ أصحابِ النبيِّ ورَهْطِه ... بعدَ المُغَيَّبِ في سَواءِ المُلْحَدِ
ومن مجيئه بمعنى العَدْلِ قولُ زهير:
675 - أَرُونا خُطَّةً لا عيبَ فيها ... يُسَوِّي بيننا فياه السَّواءُ
والسبيلُ يُذَكَّر ويؤنَّث: {قُلْ هذه سبيلي} [يوسف: 108] . والجملةُ من قولِه: «فَقَدْ ضَلَّ» في محلِّ جزمٍ لأنَّها جزاءُ الشرطِ، والفاءُ واجبةٌ هنا لعَدَمِ صلاحيَتِه شَرْطَاً.
{"ayah":"أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











