قوله تعالى: {اذهب فَمَن} : تقدَّم أنَّ الباءَ تُدْغَمُ في الفاءِ في ألفاظٍ منها هذه، عند أبي عمروٍ والكسائيِّ وحمزةَ في رواية خلاَّدٍ عنه بخلافٍ في قوله: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك} [الحجرات: 11] .
قوله: «جزاؤُكم» يجوز أن يكونَ الخطابُ التغليبَ لأنه تقدَّم غائبٌ ومخاطبٌ في قولِه: {فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ} فغلَّب المخاطَب، ويجوز أن يكونَ الخطابُ مراداً به «مَنْ» خاصةً ويكونُ ذلك على سبيل الالتفات.
قوله: «جَزاءً» في نصبِه أوجهٌ، أحدُها: أنه منصوبٌ على المصدرِ، الناصبُ له المصدرُ قبله، وهو مصدرٌ مبيِّن لنوعِ المصدرِ الأول. الثاني: أنه منصوبٌ على المصدرِ أيضاً لكن بمضمرٍ، أي: يُجازَوْن جزاءً. الثالث: أنه حالٌ موطِّئة كجاء زيد رجلاً صالحاً. الرابع: أنه تمييزٌ وهو غيرُ مُتَعَقَّل.
و «مَوْفُوراً» اسمُ مفعولٍ مِنْ وَفَرْتُه، ووفَرَ يُستعمل متعدِّياً، ومنه قولُ زهير:
307 - 8- ومن يَجْعَلِ المعروفَ مِنْ دُوْنِ عِرْضِهِ ... يَفِرْه ومَنْ لا يَتَّقِ الشتم يُشْتَمِ
والآيةُ الكريمةُ من هذا، ويُستعمل لازماً يقال: وَفَرَ المالُ.
{"ayah":"قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاۤؤُكُمۡ جَزَاۤءࣰ مَّوۡفُورࣰا"}