قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَآئِيَ} مبتدأٌ وخبر. والعامَّة على «شركائي» ممدوداً. وسَكَّن ياءَ المتكلم فرقةٌ، فَتُحْذَفُ وصلاً لالتقاء الساكنين. وقرأ البزي بخلافٍ عنه بقصره مفتوحَ الياء. وقد أنكر جماعةٌ هذه القراءةَ، وزعموا أنَّها غيرُ مأخوذٍ بها، لأنَّ قصرَ الممدودِ لا يجوز إلاَّ ضرورةً. وتعجب أبو شامةَ من أبي عمروٍ الداني حيث ذكرها في كتابه مع ضعفها، وترك قراءاتٍ شهيرةً واضحة.
قلت: وقد رُوِي عن ابنِ كثير أيضاً قَصْرُ التي في القصص، ورُوِي عنه أيضاً قَصْرُ «ورائي» في مريم، ورَوى عنه قنبل أيضاً قَصْرَ {أَن رَّآهُ استغنى} [الآية: 7] في العلق، فقد رَوَى عنه قصرَ بعضِ الممدوداتِ، فلا تَبْعُدُ روايةُ ذلك عنه هنا، وبالجملة فَقَصْرُ الممدودِ ضعيفٌ، ذكره غيرُ واحدٍ لكن لا يَصِلُ به إلى حَدِّ الضرورة.
قوله: «تُشَاقُّون» نافع بكسرِ النونِ خفيفةً والأصل: تُشاقُّوني، فَحَذَفَها مجتزِئاً عنها بالكسرة، والباقون بفتحها خفيفةً، ومفعولُه محذوفٌ، أي: تُشَاقُّون المؤمنين أو تشاقُّون اللهَ، بدليلِ القراءةِ الأولى. وقد ضَعَّفَ أبو حاتمٍ هذه القراءةَ، أعني قراءةَ نافعٍ. وقرأَتْ فرقةٌ بتشديدِها مكسورةً، والأصل: تُشَاقُّونني فأدغم، وقد تقدَّم تفصيلُ ذلك في {أتحاجواني} [الأنعام: 80] {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54] وسيأتي في قولِه تعالى {قُلْ أَفَغَيْرَ الله تأمروني} [الزمر: 64] .
قوله: «اليومَ» منصوب بالخِزْي، وعَمِل المصدرُ وفيه أل. وقيل: هو منصوبٌ بالاستقرار في «على الكافرين» إلا أنَّ فيه فَصْلاً بالمعطوفِ بين العاملِ ومعمولِه، واغتُفِر ذلك لأنهم يَتَّسِعُون في الظروفِ.
{"ayah":"ثُمَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یُخۡزِیهِمۡ وَیَقُولُ أَیۡنَ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تُشَـٰۤقُّونَ فِیهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ إِنَّ ٱلۡخِزۡیَ ٱلۡیَوۡمَ وَٱلسُّوۤءَ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}