الباحث القرآني
قوله تعالى: {والخوف} : العامَّةُ على جَرِّ «الخوف» نسقاً على «الرجوع» ، ورُوي عن أبي عمرو نصبُه، وفيه أوجه، أحدها: أن يُعطف على «لباس» . الثاني: أن يُعْطَفَ على موضعِ «الجوع» ؛ لأنه مفعولٌ في المعنى للمصدرِ. التقدير: «أَنْ أَلْبَسَهم الجوعَ والخوفَ» ، قاله أبو البقاء، وهو بعيدٌ؛ لأنَّ اللباسَ اسمُ ما يُلْبَسُ، وهو استعارةٌ بليغةٌ كما سأنبِّهك عليه. الثالث: أن ينتصِبَ بإضمارِ فعلٍ قاله أبو الفضل الرازي. [الرابع: أن يكونَ حَذْفِ مضافٍ، أي:] ولباس الخوف، ثم حُذِف وأقيم [المضافُ إليه] مُقامَه قاله الزمخشري.
ووجه الاستعارةِ ما قاله الزمخشري، فإنه قال: «فإن قُلْتَ، الإِذاقةُ واللباسُ استعارتان فما وجهُ صحتِهما؟ والإِذاقةُ المستعارةُ مُوَقَّعَةٌ على اللباس المستعار فما وجهُ صحةِ إيقاعِها عليه؟ قلت: الإِذاقَةُ جَرَتْ عندهم مَجْرَى الحقيقةِ لشيوعِها في البلايا والشدائد وما يَمَسُّ الناسَ منها، فيقولون، ذاقَ فلانٌ البؤْسَ والضُّرَّ، وإذاقة العذابُ، شَبَّه ما يُدْرِكُ مِنْ أثرِ الضررِ والألمِ بما يُدْرِكُ مِنْ طَعْمِ المُرِّ والبَشِع، وأمَّا اللباسُ فقد شبَّه به لاشتمالِه على اللابسِ ما غَشِيَ الإِنسانَ والتبس به من بعض الحوادث. وأمَّا إيقاعُ الإِذاقةِ على لباسِ الجوعِ والخوفِ فلأنه لمَّا وقع عبارةً عَمَّا يُغْشَى منهما ويُلابَسُ، فكأنه قيل: فأذاقهم ما غَشِيهم من الجوعِ والخوفِ. ولهم في هذا طريقان، أحدهما: أن ينظروا فيه إلى المستعار له كما نَظَرَ إليه ههنا، ونحوُه قول كثيِّر:
302 - 0- غَمْرُ الرِّداءِ إذا تَبَسَّم ضاحكاً ... غَلِقَتْ لضَحْكَتِهِ رِقابُ المالِ
استعار الرداءَ للمعروفِ لأنه يَصُون عِرْضَ صاحبِه صَوْتَ الرداءِ لِما يُلْقى عليه، ووصفَه بالغَمْرِ الذي هو وصفُ المعروفِ والنَّوال، لا وصفُ الرداء، نظراً إلى المستعار له. والثاني: أن ينظروا فيه المستعار كقوله:
302 - 1- يُنازعني رِدائي عَبْدُ عَمْرٍو ... رُوَيْدَك يا أخا عمرِو بن بكر
ليَ الشَّطْرُ الذي ملكَتْ يميني ... ودونَك فاعْتَجِر منه بِشَطْرِ
أراد بردائِه سيفَه ثم قال:» فاعتجِرْ منه بِشَطْر «فنظر إلى المستعارِ في لفظِ الاعتجار، ولو نظر إليه فيما نحن فيه لقال:» فكساهُمْ لباسَ الجوعِ والخوف «، ولقال كثِّير:» ضافي الرداءِ إذا تبسَّم «. انتهى. وهذا نهايةُ ما يُقال في الاستعارة.
وقال ابن عطية:» لمَّا باشرهم ذلك صار كاللباس، وهذا كقول الأعشى:
302 - 2- إذا ما الضَّجِيْعُ ثنى جِيْدَها ... تَثَنَّتْ عليه فكانَتْ لباسا
ومثلُه قولُه تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ/ لَّهُنَّ} [البقرة: 187] ، ومثلُه قولُ الشاعر:
302 - 2- وقد لَبِسَتْ بعد الزبيرِ مُجاشِعٌ ... لباسَ التي حاضَتْ ولن تَغْسِل الدَّما
كأنَّ العارَ لمَّا باشرهم ولصِقَ بهم كأنهم لَبِسُوه «.
وقوله:» فأذاقهم «نظيرُ قولِه تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] ، ونظيرُ قولِ الشاعر:
302 - 3- دونَكَ ما جَنَيْتَه فاحْسُ وذُقْ ... وفي قراءةِ عبد الله «فأذاقها اللهُ الخوفَ والجوعَ» ، وفي مصحف أُبَيّ «لباسَ الخوفِ والجوعِ» .
وقوله: {بِأَنْعُمِ الله} أتى بجمعِ القلَّةِ، ولم يَقُلْ «بِنِعَمِ الله» جمعَ كثرةٍ تنبيهاً بالأدْنى على الأَعْلى؛ لأنَّ العذابَ إذا كان على كُفْرانِ الشيءِ القليلِ فكونُه على النِّعَم الكثيرةِ أَوْلَى.
و «أنْعُم» فيها قولان، أحدُهما: أنها جمعُ «نِعْمةٍ» نحو: شِدَّة: أَشُدّ. قال الزمخشري: «جمعُ» نِعمة «على تَرْكِ الاعتداد بالتاء كَدِرْع وأَدْرُع» . وقال قطرب: «هي جمع نُعْم، والنُّعْمُ: النَّعيم، يقال:» هذه أيامُ طُعْم ونُعْم «. وفي الحديث:» نادى مُنادي رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمَوْسِم بمنى: «إنها أيام طُعْمٍ ونُعْمٍ فلا تَصُوموا» .
قوله: {بِمَا كَانُواْ} يجوز أَنْ تكونَ مصدريةً، أو بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ، أي: بسبب صُنْعهم أو بسببِ الذي كانوا يصنعونه. والواو في «يَصْنعون» عائدةٌ على أهل المعذَّب. قيل: قرية، وهي نظيرةُ قولِه {أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} [الأعراف: 4] بعد قولِه {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} .
{"ayah":"وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا قَرۡیَةࣰ كَانَتۡ ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَىِٕنَّةࣰ یَأۡتِیهَا رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ مَكَانࣲ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَ ٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق