الباحث القرآني
قوله تعالى: {كَمَآ أَنْزَلْنَا} فيه أقوالٌ، أحدُهما: أنَّ الكافَ متعلقٌ ب «آتيناك» ، وإليه ذهب الزمخشري فإنه قال: «أي: أَنْزَلْنا عليك مثلَ ما أَنْزَلْنا على أهل الكتاب، وهم المُقتسِمُون الذين جعلوا القرآن عِضِينَ» . والثاني: أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ منصوبٍ ب «آتيناك» تقديرُه: آتَيْناك إتْياناً كما أَنْزَلْنا. الثالث: أنه منصوبٌ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ، ولكنه مُلاقٍ ل «آتيناك» من حيث المعنى لا من حيث اللفظُ، تقديرُه: أَنْزَلْنا إليك إنزالاً كما أَنْزَلْنا، لأنَّ «آتيناك» بمعنى أَنْزَلْنَا إليك. الرابع: أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوف، العاملُ فيه مقدرٌ أيضاً تقديرُه: مَتَّعْناهم تمتيعاً كما أَنْزَلْنا، والمعنى: نَعَّمْنا بعضَهم كما عَذَّبنا بعضَهم. الخامس: أنه صفةٌ لمصدرٍ دَلَّ عليه «النذير» والتقدير: أنا النذيرُ إنْذاراً كما أَنْزَلْنا، أي: مثلَ ما أنزلناه.
السادس: أنه نعتٌ لمفعولٍ محذوف، الناصبُ له «النذير» ، تقديرُه: النذير عذاباً، كما أنزلنا على المُقْتَسِمين، وهم قومٌ صالحٍ لأنهم قالوا: {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49] فأَقْسموا على ذلك، أو يُراد بهم قريشٌ حيث قَسَموا القرآنَ إلى سِحْرٍ وشِعْرٍ وافتراء. وقد رَدَّ بعضُهم هذا بأنه يلزمُ منه إعمالٌ الوصفِ موصوفاً، وهو غيرُ جائزٍ عند البصريين، جائزٌ عند الكوفيين، فلو عَمِل ثم وُصِفَ جاز عند الجميعِ.
السابع: أنه مفعولٌ به، ناصبُه «النذير» أيضاً. قال الزمخشريُّ: «والثاني: أَنْ يتعلَّقَ بقوله:» وقل: إني أنا النذيرُ المبين، أي: وأَنْذِرْ قريشاً مثلَ ما/ أَنْزَلْنَا من العذابِ على المقتسمين، يعني اليهودَ وهو ما جَرَى على قُرَيْظَةَ والنَّضِير «. وهذا مردودٌ بما تقدم من إعمالِ الوصفِ موصوفاً.
الثامن: أنه منصوبٌ نعتاً لمفعولٍ به مقدرٍ، والناصبُ لذلك المحذوفِ مقدَّرٌ لدلالةِ لفظِ» النذير «عليه، أي: أُنْذِرُكم عذاباً مثلَ العذابِ المنزَّلِ على المقتسمين، وهم قومٌ صالحٍ أو قريشٌ، قاله أبو البقاء، وكأنه فَرَّ مِنْ كونِهِ منصوباً بلفظِ» النَّذير «لِما تقدَّم من الاعتراض البَصْرِيِّ.
وقد اعترض ابنُ عطيةَ على القول السادس فقال:» والكافُ من قوله «كما» متعلقةٌ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: وقل إني أنا النذيرُ المبينُ عذاباً كما أنزَلْنا، فالكافُ اسمٌ في موضع نصبٍ، هذا قولُ المفسِّرين. وهو عندي غيرُ صحيحٍ، لأنَّ {كَمَآ أَنْزَلْنَا} ليس مما يقولُه محمدٌ عليه السلام، بل هو مِنْ كلامِ اللهِ تعالى، فينفصِلُ الكلامُ، وإنما يترتَّبُ هذا القولُ بأن الله تعالى قال له: أَنْذِرْ عذاباً كما. والذي أقول في هذا: «المعنى: وقل: إني أنا النذيرُ المبين، كما قال قبلَك رسلُنا، وأنزلْنا عليهم كما أَنْزَلْنا عليك. ويُحْتمل أن يكونَ المعنى: وقل إني أنا النذيرُ المُبينُ، كما قد أَنْزَلْنا في الكتب أنك ستأتي نذيراً، على أنَّ المُقْتَسِمين اهلُ الكتاب» .
انتهى.
وقد اعتذر بعضُهم عَمَّا قاله أبو محمدٍ فقال: «الكافُ متعلقةٌ بمحذوفٍ دَلَّ عليه المعنى تقديرُه: أنا النذيرُ بعذابٍ مثلِ ما أنزلنا، وإنْ كان المُنَزِّل اللهَ، كما يقول بعضُ خواصِّ المَلِك: أَمَرْنا بكذا، وإن كان المَلِكُ هو الآمرَ، وأمَّا قولُ أبي محمدٍ: وأنْزَلْنَا عليهم كما أَنْزَلْنا عليك كلامٌ غيرُ منتظمٍ، ولعل أصلَه: وأَنْزَلْنا عليك كما أَنْزَلْنا عليهم، كذا اصلحه الشيخ وفيه نظرٌ: كيف يُقَدَّر ذلك والقرآن ناطقٌ بخلافِهِ: وهو قولُه {عَلَى المقتسمين} ؟
التاسع: أنه متعلِّقٌ بقوله {لَنَسْأَلَنَّهُمْ} [الحجر: 92] تقديرُه: لَنَسْأَلَنَّهم أجمعين مثلَ ما أَنْزَلْنا.
العاشر: أنَّ الكافَ مزيدةٌ تقديره: أنا النذير المُبين ما أنزلناه على المقتسِمين، ولا بد مِنْ تأويلِ ذلك: على أنَّ» ما «مفعولٌ بالنذير عند الكوفيين فإنهم يُعْمِلون الوصفَ الموصوفَ، أو على إضمارِ فعلٍ لائق، أي: أُنْذِركم ما أنزلناه كما يليق بمذهبِ البصريين.
الحادي عشر: أنه متعلِّقٌ ب» قل «التقديرُ: وقُلْ قولاً كما أنزَلْنا على المقتسِمين: إنك نذيرٌ لهم، فالقولُ للمؤمنين في النِّذارة كالقولِ للكفارِ المقتسِمين؛ لئلا تظنَّ أن إنذارَك للكفارِ مخالِفٌ لإِنذار المؤمنين، بل أنت في وصفِ النِّذارة لهم بمنزلةٍ واحدةٍ، تُنْذِر المؤمنَ كما تُنْذر الكافرَ، كأنه قال: أنا النذير المبينُ لكم ولغيرِكم.
{"ayah":"كَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق