قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الملائكة} قرأ أبو بكر: «ما نُنَزِّل» بضمِّ التاء وفتحِ النونِ والزايِ مشددةً مبنياً للمفعول، «الملائكةُ» مرفوعاً لقيامِه مَقامَ فاعلِه، وهو موافقٌ لقولِه: {وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً} [الفرقان: 25] ، ولأنها لا تُنَزَّلُ إلا بأمرٍ من الله، فغيرُها هو المُنَزِّل لها وهو الله تعالى.
وقرأ الأخَوان وحفصٌ بضم النون وفتح الثانية وكَسْرِ الزاي مشددةً مبنياً للفاعل المعَظَّم، وهو الباري تعالى، «الملائكةَ» نصباً مفعولاً بها، وهو موافِقٌ لقولِه تعالى {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة} [الأنعام: 111] ، ويناسِبُ قولَه قبل ذلك {وَمَآ أَهْلَكْنَا} [الحجر: 4] ، وقولُه بعده {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا} [الحجر: 9] وما بعده من ألفاظِ التعظيمِ. والباقون من السبعةِ «ما تَنَزَّلُ» بفتح التاء والنون والزايِ/ مشددةً، و «الملائكةُ» مرفوعةً على الفاعلية، والأصل: تَتَنَزَّل بتاءين، فَحُذِفت إحداهما، وقد تقدَّم تقريرُه في {تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: 152] ونحوه، وهو موافقٌ لقولِه {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا} [القدر: 4] .
وقرأ زيدُ بنُ عليّ «ما نَزَلَ» مخفَّفاً مبنياً للفاعل، «الملائكة» مرفوعةً بالفاعلية، وهو كقولِه {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193] .
قوله: {إِلاَّ بالحق} يجوز تعلٌُّق بالفعلِ قبله، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنَ الفاعلِ أو المفعولِ، أي: ملتبسين بالحق. ودعله الزمخشريُّ نعتاً لمصدر محذوف، أي: تَنَزُّلاً ملتبساً بالحقِّ.
قوله: «إَذَنْ» قال الزمخشري: «إذن» حرفُ جوابٍ وجزاءٍ؛ لأنَّها جوابٌ لهم، وجزاءُ الشرطِ مقدرٌ، تقديرُه: ولو نَزَّلْنا الملائكة ما كانوا مُنْظرين ومات أُخِّر عذابُهم.
{"ayah":"مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوۤا۟ إِذࣰا مُّنظَرِینَ"}