وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوارث والكسائي في رواية الأنطاكي «قِصصهم» بكسر القاف وهو جمع قِصة، وبهذه القراءة رجَّح الزمخشري عَوْدَ الضمير في «قصصهم» في القراءة المشهورة على الرسل وحدهم، وحكى أنه يجوز أن يعودَ على يوسُفَ وإخوته. وحكى غيرُه أنه يجوز أن يعودَ على الرسل وعلى يوسف وإخوته جميعاً. قال الشيخ: «ولا تَنْصُره يعني هذه القراءة إذا قصص يوسف وأبيه وإخوته مشتملٌ على قصصٍ كثيرة وأنباء مختلفة» .
قوله: {مَا كَانَ حَدِيثاً} في «كان» ضميرٌ عائد على القرآن، أي: ما كان القرآنُ المتضمِّنُ لهذه القصة الغريبة حديثاً مختلفاً، وقيل: بل هو عائد على القصص أي: ما كان القصص المذكور في قوله «لقد كان في قَصَصِهم» . وقال الزمخشري: «فإن قلت: فالإمَ يَرْجِع الضمير في {مَا كَانَ حَدِيثاً يفترى} فيمن قرأ بالكسر؟ قلت: إلى القرآن أي: ما كان القرآن حديثاً» . قلت: لأنه لو عاد على «قِصصهم» بكسر القاف لوجب أن يكون «كانت» بالتاء لإِسناد الفعل حينئذ إلى ضمير مؤنث، وإن كان مجازياً.
قوله: {ولكن تَصْدِيقَ} العامَّةُ على نصب «تصديق» ، والثلاثة بعده على أنها منسوقةٌ على خبر كان أي: ولكن كان تَصْدِيْقَ. وقرأ حمران بن أعين وعيسى الكوفي وعيسى الثقفي برفع «تصديق» وما بعده على أنها أخبار لمبتدأ مضمر أي: ولكن هو تصديق، أي: الحديث ذو تصديقٍ، وقد سُمع من العرب مثلُ هذا بالنصب والرفع، قال ذو الرمة: 2836 - وما كان مالي مِنْ تُراثٍ وَرِثْتُه ... ولا ديةً كانَتْ ولا كَسْبَ مأثمِ
ولكنْ عطاءَ اللَّه من كل رحلةٍ ... إلى كل محجوبِ السُّرادِقِ خِضْرَمِ
وقال لوط بن عبيد:
2837 - وإني بحمد اللَّه لا مالَ مسلمٍ ... أخذْتُ ولا مُعْطي اليمينِ مُحالِفِ
ولكنْ عطاء اللِّهِ مْنِ مالِ فاجرٍ ... قَصِيِّ المحلِّ مُعْوِرٍ للمَقارفِ
يُرْوى «عطاء اللَّه» في البَيتين منصوباً على «ولكن كان عطاء» ومرفوعاً على: ولكن هو عطاء اللَّه. وتقدَّم نظيرُ ما بقي من السورة فأغنى عن إعادته.
{"ayah":"لَقَدۡ كَانَ فِی قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِۗ مَا كَانَ حَدِیثࣰا یُفۡتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصۡدِیقَ ٱلَّذِی بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَتَفۡصِیلَ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ"}