الباحث القرآني
قوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَبْغُونَ} : جوابُ «لمَّا» ، وهي «إذا» الفجائية. وقوله: «بغير الحق» حالٌ، أي: ملتبسين بغير الحق. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: ما معنى قوله:» بغير الحق «والبغيُ لا يكونُ بحق؟ قلت: بلى وهو استيلاء المسلمين على أرضِ الكفار وهَدْمُ دورِهم وإحراقُ زروعِهم وقَطْعُ أشجارهم، كما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببني قريظة» ، وكان قد فَسَّر البغيَ بالفسادِ والإِمعان فيه، مِنْ «بغى الجرحُ: إذا ترامى للفساد» . ولذلك قال الزجاج: «إنه الترقّي في الفساد» ، وقال الأصمعيُّ أيضاً: «بغى الجرحُ: ترقى إلى الفساد، وبَغَت المرأة: فَجَرَت» ، قال الشيخ/ «ولا يَصِحُّ أن يُقال في المسلمين إنهم باغُون على الكفرة، إلا إنْ ذُكر أنَّ صلَ البغيِ هو الطلبُ مطلقاً، ولا يتضمَّن الفسادَ، فحينئذ ينقسم إلى طلبٍ بحق وطلب بغير حق» ، قلت: وقد تقدَّم أنَّ هذه الآيةَ تَرُدُّ على الفارسي أنَّ «لمَّا» ظرف بمعنى حين؛ لأن ما بعد «إذا» الفجائية لا يَعْمل فيما قبلها، وإذ قد فَرَضَ كونَ «لمَّا» ظرفاً لزمَ أن يكونَ لها عاملٌ.
قوله: {مَّتَاعَ الحياة} قرأ حفص «متاعَ» نصباً، ونصبُه على خمسة أوجه، أحدُها: أنه منصوب على الظرف الزماني نحو «مَقْدَم الحاج» ، أي: زَمَن متاع الحياة. والثاني: أنه منصوبٌ على المصدر الواقع موقع الحال، أي: مُتَمتعين. والعاملُ في هذا الظرف وهذه الحالِ الاستقرار الذي في الخبر، وهو «عليكم» . ولا يجوزُ أن يكونا منصوبين بالمصدر لأنه يلزم منه الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِه بالخبر، وقد تقدَّم أنه لا يُخْبَرُ عن الموصول إلا بعد تمامِ صلته. والثالث: نصبُه على المصدرِ المؤكِّد بفعلٍ مقدر، أي: يتمتعون متاع الحياة. الرابع: أنه منصوبٌ على المفعول به بفعلٍ مقدر يدلُّ عليه المصدر، أي: يبغون متاعَ الحياة. ولا جائزٌ أن ينتصِبَ بالمصدر لِما تقدم. الخامس: أن ينتصب على المفعولِ مِنْ أجله، أي: لأجلِ متاع والعامل فيه: إمَّا الاستقرارُ المقدَّرُ في «عليكم» ، وإمَّا فعلٌ مقدر. ويجوز أن يكونَ الناصبُ له حالَ جعله ظرفاً أو حالاً او مفعولاً من أجله نفسَ البغي لا على جَعْل «على أنفسكم» خبراً بل على جَعْله متعلقاً بنفس البغي، والخبرُ محذوفٌ لطول الكلام، والتقدير: إنما بَغْيُكم على أنفسكم متاعَ الحياة مذومٌ أو مكروهٌ أو منهيٌّ عنه.
وقرأ باقي السبعة «متاعُ» بالرفع. وفيه أوجه، أحدُها: وهو الأظهر أنه خبرُ «بَغْيكم» و «على أنفسِكم» متعلقٌ بالبغي.
ويجوز أن [يكونَ] «عليكم» خبراً، و «متاع» خبراً ثانياً، ويجوزُ أن يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو متاع. ومعنى «على أنفسكم» ، أي: على بعضِكم وجنسِكم كقوله {وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] {وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] ، أو يكونُ المعنى: إنَّ وبالَ البغي راجعٌ عليكم لا يتعدَّاكم كقولِه: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] {وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] .
وقرأ ابنُ أبي إسحاق «متاعاً الحياة» بنصب «متاعاً» و «الحياةَ» . ف «متاعاً» على ما تقدَّم. وأما «الحياة» فيجوز أن تكونَ مفعولاً بها، والناصب لها المصدر، ولا يجوز والحالةُ هذه أن يكونَ «متاعاً» مصدراً مؤكداً لأنَّ المؤكِّد لا يعمل. ويجوزُ أَنْ تنتصبَ «الحياة» على البدل من «متاعاً» لأنها مشتملةٌ عليه.
وقُرىء أيضاً «متاعِ الحياة» بجرِّ «متاع» ، وخُرِّجت على النعت لأنفسكم، ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ حينئذ تقديرُه: على أنفسكم ذواتِ متاع الحياة، كذا خرَّجه بعضهم. ويجوز أن يكونَ ممَّا حُذِف منه حرفُ الجر وبقي عملُه، أي: إنما بَغْيُكم على أنفسِكم لأجِل متاع، ويدلُّ على ذلك قراءةُ النصب في وجه مَنْ يجعله مفعولاً من أجله، وحَذْفُ حرفِ الجر وإبقاءُ عملِه قليلٌ، وهذه القراءةُ لا تتباعَدُ عنه. وقال أبو البقاء: «ويجوزُ أن يكونَ المصدرُ بمعنى اسم الفاعل، أي: متمتعات» يعني أنه يَجْعل المصدرَ نعتاً ل «أنفسكم» من غيرِ حَذْفِ مضافٍ بل على المبالغة أو على جَعْلِ المصدر بمعنى اسم الفاعل. ثم قال: «ويَضْعُفُ أن يكونَ بدلاً إذ أمكن أن يُجْعَلَ صفةً» ، قلت: وإذا جُعِل بدلاً على ضعفه فمِنْ أيِّ قبيل البدلِ يُجعل؟ والظاهر أنه مِنْ بدل الاشتمال، ولا بد من ضميرٍ محذوفٍ حنيئذ، أي: متاع الحياة الدنيا لها.
وقرىء «فيُنَبِّئَكُم» بياءِ الغَيْبة، والفاعلُ ضميرُ الباري تعالى.
{"ayah":"فَلَمَّاۤ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ یَبۡغُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّۗ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡیُكُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۖ مَّتَـٰعَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ إِلَیۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











