الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ الآيَةُ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ والحاكِمُ في تارِيخِهِ، وابْنُ مَرْدُويَهَ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ أنَسٍ قالَ: «بَيْنَما أبُو بَكْرٍ الصَّدِيقِ يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ: إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَرَفَعَ أبُو بَكْرٍ يَدَهُ وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَراءٍ ما عَمِلْتُ مِن مِثْقالِ ذَرَّةٍ مِن شَرٍّ فَقالَ: يا أبا بَكْرٍ أرَأيْتَ ما تَرى في الدُّنْيا مِمّا تَكْرَهُ فَبِمَثاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِ ويُدَّخَرُ لَكَ مَثاقِيلُ ذَرِّ الخَيْرِ حَتّى تَوَفّاهُ يَوْمَ القِيامَةِ» .
وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهَ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أبِي أسْماءٍ قالَ: «بَيْنَما أبُو بَكْرٍ يَتَغَدّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَأمْسَكَ أبُو بَكْرٍ وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أكُلُّ ما عَمِلْنا مِن سُوءٍ (p-٥٨٦)رَأيْناهُ فَقالَ: ما تَرَوْنَ مِمّا تَكْرَهُونَ فَذاكَ مِمّا تُجْزَوْنَ ويُؤَخِّرُ الخَيْرَ لِأهْلِهِ في الآخِرَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ البُكاءِ، وابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهَ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِي قالَ: «أُنْزِلَتْ ﴿إذا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزالَها﴾ [الزلزلة: ١] وأبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ قاعِدٌ فَبَكى فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما يُبْكِيكَ يا أبا بَكْرٍ قالَ: يُبْكِينِي هَذِهِ السُّورَةُ، فَقالَ: لَوْلا أنَّكم تُخْطِئُونَ وتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَكم لَخَلَقَ اللَّهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ ويُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهم» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أبِي أيُّوبٍ الأنْصارِيِّ قالَ: «بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأبُو بَكْرٍ إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَأمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ عَنِ الطَّعامِ ثُمَّ قالَ: مَن عَمِلَ مِنكم خَيْرًا فَجَزاؤُهُ في الآخِرَةِ ومَن عَمِلَ مِنكم شَرًّا يَرَهُ في الدُّنْيا مُصِيباتٍ وأمْراضًا ومَن يَكُنْ فِيهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ دَخَلَ الجَنَّةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أبِي إدْرِيسَ الخَوْلانِيِّ قالَ: «كانَ أبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ (p-٥٨٧)يَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَأمْسَكَ أبُو بَكْرٍ يَدَهُ وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّنا لَراءُونَ ما عَمِلْنا مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يا أبا بَكْرٍ أرَأيْتَ ما رَأيْتُ مِمّا تَكْرَهُ فَهو مِن مَثاقِيلِ الشَّرِّ ويَدَّخِرُ لَكَ مَثاقِيلَ الخَيْرِ حَتّى تَوَفّاهُ يَوْمَ القِيامَةِ وتَصْدِيقُ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى»: ٣٠] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «لَمّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لِراءٍ عَمَلِي قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: تِلْكَ الكِبارُ الكِبارُ قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: الصِّغارُ الصِّغارُ، قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: واثُكْلَ أُمِّي، قالَ: أبْشِرْ يا أبا سَعِيدٍ فَإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثالِها يَعْنِي إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ واللَّهُ يُضاعِفُ لِمَن يَشاءُ والسَّيِّئَةُ بِمِثْلِها أوْ يَعْفُو اللَّهُ ولَنْ يَنْجُوَ أحَدٌ مِنكم بِعَمَلِهِ، قُلْتُ: ولا أنْتَ يا نَبِيَّ اللَّهِ قالَ: ولا أنا إلّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنهُ بِرَّحْمَتِهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ (p-٥٨٨)ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ الآيَةُ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ ﴿ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: ٨] كانَ
المُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أنَّهم لا يُؤْجَرُونَ عَلى الشَّيْءِ القَلِيلِ إذا أعْطَوْهُ فَيَجِيءُ المِسْكِينُ إلى أبْوابِهِمْ فَيَسْتَقِلُّونَ أنْ يُعْطُوهُ التَّمْرَةَ والكِسْرَةَ فَيَرُدُّونَهُ ويَقُولُونَ: ما هَذا بِشَيْءٍ إنَّما نُؤْجَرُ عَلى ما نُعْطِي ونَحْنُ نُحِبُّهُ وكانَ آخَرُونَ يَرَوْنَ أنَّهم لا يُلامُونَ عَلى الذَّنْبِ اليَسِيرِ الكِذْبَةِ والنَّظْرَةِ والغَيْبَةِ وأشْباهِ ذَلِكَ ويَقُولُونَ: إنَّما وعَدَ اللَّهُ النّارَ عَلى الكَبائِرِ فَرَغَّبَهم في القَلِيلِ مِنَ الخَيْرِ أنْ يَعْمَلُوهُ فَإنَّهُ يُوشِكُ أنْ يَكْثُرَ وحَذَّرَهُمُ اليَسِيرَ مِنَ الشَّرِّ فَإنَّهُ يُوشِكُ أنْ يَكْثُرَ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ يَعْنِي وزْنَ أصْغَرِ النَّمْلِ ﴿خَيْرًا يَرَهُ﴾ يَعْنِي في كِتابِهِ ويَسَّرَهُ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ الآيَةُ قالَ: لَيْسَ مُؤْمِنٌ ولا كافِرٌ عَمِلَ خَيْرًا ولا شَرًّا في الدُّنْيا إلّا أراهُ اللَّهُ إيّاهُ فَأمّا المُؤْمِنُ فَيُرِيهِ اللَّهُ حَسَناتِهُ وسَيِّئاتِهِ فَيَغْفِرُ لَهُ مِن سَيِّئاتِهِ ويُثِيبُهُ بِحَسَناتِهِ وأمّا الكافِرُ فَيُرِيهِ حَسَناتِهِ وسَيِّئاتِهِ فَيَرُدُّ حَسَناتِهِ ويُعَذِّبُهُ بِسَيِّئاتِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ في الآيَةِ قالَ: مَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ مِن كافِرٍ يَرى ثَوابَها في الدُّنْيا في نَفْسِهِ وأهْلِهِ ومالِهِ ووَلَدِهِ حَتّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيا ولَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ خَيْرٌ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا﴾ مِن مُؤْمِنٍ يَرَ عُقُوبَتَهُ في الدُّنْيا في نَفْسِهِ وأهْلِهِ ومالِهِ ووَلَدِهِ حَتّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيا ولَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ والنَّسائِيُّ والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ عَمِّ الفَرَزْدَقِ «أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقَرَأ عَلَيْهِ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَقالَ: حَسْبِي لا أُبالِي ألا أسْمَعُ مِنَ القُرْآنِ غَيْرَها» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ في مَجْلِسٍ ومَعَهم أعْرابِيٌّ جالِسٌ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَقالَ الأعْرابِيُّ: يا رَسُولَ اللَّهِ أمِثْقالَ ذَرَّةٍ قالَ: نَعَمْ، فَقالَ الأعْرابِيُّ: واسْوَأتاهُ، ثُمَّ قامَ وهو يَقْرَؤُها فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَقَدْ دَخَلَ قَلْبَ الأعْرابِيِّ الإيمانُ» .
(p-٥٨٩)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ الآيَةُ فَقامَ رَجُلٌ
فَجَعَلَ يَضَعُ يَدَهُ عَلى رَأْسِهِ وهو يَقُولُ: واَسْوَأتاهُ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: أمّا الرَّجُلُ فَقَدْ آمَنَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ «أنْ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ أحَدٌ يَعْمَلُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا إلّا رَآهُ ولَمْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا إلّا رَآهُ قالَ: نَعَمْ، فانْطَلَقَ الرَّجُلُ وهو يَقُولُ: واسَوْأتاهُ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: آمَنَ الرَّجُلُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَفَعَ رَجُلًا إلى رَجُلٍ يُعَلِّمُهُ فَعَلَّمَهُ حَتّى بَلَغَ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ فَقالَ الرَّجُلُ: حَسْبِي فَقالَ الرَّجُلُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أرَأيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي أمَرْتَنِي أنْ أُعَلِّمَهُ لَمّا بَلَغَ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ قالَ حَسْبِي: فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: دَعْهُ فَقَدْ فَقِهَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: «ذُكِرَ لَنا أنَّ رَجُلًا ذَهَبَ مَرَّةً يَسْتَقْرِئُ فَلَمّا سَمِعَ هَذِهِ الآيَةَ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ إلى آخِرِها قالَ: حَسْبِي حَسْبِي إنْ عَمِلْتُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ رَأيْتُهُ وإنْ عَمِلْتُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن شَرٍّ رَأيْتُهُ، قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ نَّبِيَّ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ: هي الجامِعَةُ (p-٥٩٠)الفاذَّةُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ وعَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ الآيَةُ قالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: حِسْبِي إنْ عَمِلْتُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ رَأيْتُهُ انْتَهَتِ المَوْعِظَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأبُو نَعِيمٍ في الحِلْيَةِ عَنِ الحارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ أنَّهُ قَرَأ ﴿إذا زُلْزِلَتِ﴾ [الزلزلة: ١] حَتّى بَلَغَ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ قالَ: إنَّ هَذا الإحْصاءَ شَدِيدٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ في الآيَةِ قالَ: هو الكافِرُ يُعْطى كِتابَهُ يَوْمَ القِيامَةِ فَيَنْظُرُ فِيهِ فَيَرى فِيهِ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلَها في الدُّنْيا فَتُرَدُّ عَلَيْهِ حَسَناتُهُ وذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] فَأبْلَسَ واسْوَدَّ وجْهُهُ وأمّا المُؤْمِنُ فَإنَّهُ يُعْطى كِتابُهُ بَيَمِينِهِ يَوْمَ القِيامَةِ فَيَرى فِيها كُلَّ سَيِّئَةٍ عَمِلَها في دارِ الدُّنْيا ثُمَّ يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ وذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠] فابْيَضَّ وجْهُهُ واشْتَدَّ سُرُورُهُ.
(p-٥٩١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ عامِرٍ «أنَّهُ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ
أبِي كانَ يَصِلُ الرَّحِمَ ويَفِي بِالذِّمَّةِ ويُكْرِمُ الضَّيْفَ، قالَ: ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ قالَ: نَعَمْ، قالَ: لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ ولَكِنَّها تَكُونُ في عَقِبِهِ فَلَنْ تُخْزَوْا أبَدًا ولَنْ تُذَلُّوا أبَدًا ولَنْ تُفْتَقَرُوا أبَدًا» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: لَوْلا ثَلاثٌ لَأحْبَبْتُ ألّا أبْقى في الدُّنْيا وضْعِي وجْهِي لِلسُّجُودِ لِخالِقِي في اخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ أُقَدِّمُهُ لِحَياتِي وظَمَأُ الهَواجِرِ ومُقاعَدَةُ أقْوامٍ يَنْتَقُونَ الكَلامَ كَما تُنْتَقى الفاكِهَةُ وتَمامُ التَّقْوى أنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ العَبْدُ حَتّى يَتَّقِيَهُ في مِثْقالِ ذَرَّةٍ حَتّى أنْ يَتْرُكَ بَعْضَ ما يَرى أنَّهُ حَلالٌ خَشْيَةَ أنْ يَكُونَ حَرامًا حَتّى يَكُونَ حاجِزًا بَيْنَهُ وبَيْنَ الحَرامِ إنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ لِلنّاسِ الَّذِي هو مُصَيِّرُهم إلَيْهِ قالَ: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الشَّرِّ أنْ تَتَّقِيَهُ ولا شَيْئًا مِنَ الخَيْرِ أنْ تَفْعَلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ والنّارَ أقْرَبُ إلى أحَدِكم مِن شِراكِ نَعْلِهِ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا (p-٥٩٢)يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة»: ٨] .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: اِتَّقُوا النّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، ثُمَّ قَرَأْتُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة»: ٧] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ عائِشَةَ جاءَها سائِلٌ فَسَألَ فَأمَرَتْ لَهُ بِتَمْرَةٍ فَقالَ لَها قائِلٌ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ إنَّكم تُصَدِّقُونِ بِالتَّمْرَةِ قالَتْ: نَعَمْ واللَّهِ إنَّ الخَلْقَ كَثِيرٌ ولا يُشْبِعُهُ إلّا اللَّهُ أوَلَيْسَ فِيها مَثاقِيلُ ذَرِّ كَثِيرَةٌ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ عائِشَةَ أنَّ سائِلًا جاءَها فَقالَتْ لِجارِيَتِها: أطْعِمِيهِ فَوَجَدَتْ تَمْرَةً فَقالَتْ: أعْطِيها إيّاهُ فَإنَّ فِيها مَثاقِيلَ ذَرٍّ إنْ تُقُبِّلَتْ.
وأخْرَجَ مالِكٌ، وابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ والبَيْهَقِيُّ مِن طُرُقٍ عَنْ عائِشَةَ أنْ سائِلًا أتاها وعِنْدَها سَلَّةٌ مِن عِنَبٍ فَأخَذَتْ حَبَّةً مِن عِنَبٍ فَأعْطَتْهُ فَقِيلَ لَها في ذَلِكَ فَقالَتْ: هَذِهِ أثْقَلُ مِن ذَرٍّ كَثِيرٍ ثُمَّ قَرَأتْ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ الآيَةُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقانَ قالَ: بَلَغَنا أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ أتاهُ مِسْكِينٌ وفي يَدِهِ عُنْقُودٌ مِن عِنَبٍ فَناوَلَهُ مِنهُ حَبَّةً ثُمَّ قالَ: فِيهِ مَثاقِيلُ ذَرٍّ كَثِيرَةٌ.
(p-٥٩٣)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ أبِي مَدِينَةَ أنْ سائِلًا سَألَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وبَيْنَ يَدَيْهِ عِنَبٌ فَناوَلَهُ حَبَّةً فَكَأنَّهم أنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقالَ: في هَذِهِ مَثاقِيلُ ذَرٍّ كَثِيرَةٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ عَطاءَ بْنِ فُرُوخٍ أنَّ سَعْدَ بْنَ مالِكٍ أتاهُ سائِلٌ وبَيْنَ يَدَيْهِ طَبَقٌ عَلَيْهِ تَمْرٌ فَأعْطاهُ تَمْرَةً فَقَبَضَ السّائِلُ يَدَهُ، فَقالَ سَعْدُ: ويْحَكَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنّا مِثْقالَ الذَّرَّةِ والخَرْدَلَةِ وكَأيِّنْ في هَذِهِ مِن مَثاقِيلِ الذَّرِّ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ أنَّهُ خَطَبَ النّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ وقالَ: يَأيُّها النّاسُ ألا إنَّ الدُّنْيا أجَلْ حاضِرٌ يَأْكُلُ مِنهَ البارُّ والفاجِرُ ألا وإنَّ الآخِرَةَ أجَلْ مُسْتَأْخِرٌ يَقْضِي فِيها مَلِكٌ قادِرٌ ألا وإنَّ الخَيْرَ بِحَذافِيرِهِ في الجَنَّةِ ألا وإنَّ الشَّرَّ بِحَذافِيرِهِ في النّارِ ألا واعْلَمُوا أنَّهُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ .
وأخْرَجَ الزَّجّاجِيُّ في أمالِيِّهِ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ «أنْ سائِلًا أتى النَّبِيَّ ﷺ (p-٥٩٤)فَأعْطاهُ تَمْرَةً فَقالَ السّائِلُ: نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: أما عَلِمْتَ أنَّ فِيها مَثاقِيلَ ذَرٍّ كَثِيرَةً» .
وأخْرَجَ هَنادٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ”مِثْقالُ ذَرَّةٍ“ أنَّهُ أدْخَلَ يَدَهُ في التُّرابِ ثُمَّ رَفَعَها ثُمَّ نَفَخَ فِيها وقالَ: كُلُّ واحِدَةٍ مِن هَؤُلاءِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ.
وأخْرَجَ الحَسَنُ بْنُ سُفْيانَ في مُسْنَدِهِ وأبُو نَعِيمٍ في الحِلْيَةِ عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أيُّها النّاسُ إنَّ الدُّنْيا عَرَضٌ حاضِرٌ يَأْكُلُ مِنهُ البَرُّ والفاجِرُ وإنَّ الآخِرَةَ وعْدٌ صادِقٌ يَحْكُمُ فِيها مَلِكٌ قادِرٌ يَحِقُّ فِيها الحَقَّ ويُبْطِلُ الباطِلَ أيُّها النّاسُ كُونُوا مِن أبْناءِ الآخِرَةِ ولا تَكُونُوا مِن أبْناءِ الدُّنْيا فَإنَّ كُلَّ أمٍّ يَتْبَعُها ولَدُها، اعْمَلُوا وأنْتُمْ مِنَ اللَّهِ عَلى حَذَرٍ واعْلَمُوا أنَّكم مَعْرُوضُونَ عَلى أعْمالِكم وأنَّكم مُلاقُوا اللَّهِ لا بُدَّ مِنهُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة»: ٨] .
وأخْرَجَ مالِكٌ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «الخَيْلُ ثَلاثَةٌ: لِرَجُلٍ أجْرٌ ولِرَجُلٍ سِتْرٌ وعَلى رَجُلٍ وِزْرٌ» . الحَدِيثُ، قالَ: «وسُئِلَ عَنِ الحُمُرِ فَقالَ: ما أُنْزِلَ عَلَيَّ (p-٥٩٥)فِيها إلّا هَذِهِ الآيَةُ الجامِعَةُ الفاذَّةُ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة»: ٨]
{"ayahs_start":7,"ayahs":["فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ","وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُۥ"],"ayah":"فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











