الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ كَثِيرًا مِنَ الأحْبارِ﴾ . الآيَةَ. أخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ كَثِيرًا مِنَ الأحْبارِ﴾ يَعْنِي عُلَماءَ اليَهُودِ: ﴿والرُّهْبانِ﴾ عُلَماءَ النَّصارى: ﴿لَيَأْكُلُونَ أمْوالَ النّاسِ بِالباطِلِ﴾ والباطِلُ كُتُبٌ كَتَبُوها لَمْ يُنْزِلْها اللَّهُ تَعالى، فَأكَلُوا بِها النّاسَ، وذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بِأيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٧٩] [البَقَرَةِ: ٧٩] ﴿ويَقُولُونَ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٧٨] [آلِ عِمْرانَ: ٧٨] . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: أمّا الأحْبارُ فَمِنَ اليَهُودِ، وأمّا الرُّهْبانُ فَمِنَ النَّصارى، وأمّا سَبِيلُ اللَّهِ فَمُحَمَّدٌ ﷺ . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ عِياضٍ قالَ: اتَّبِعُوا عالِمَ الآخِرَةِ واحْذَرُوا عالِمَ الدُّنْيا لا يَضُرُّكم بِسَكَرِهِ. ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ كَثِيرًا مِنَ الأحْبارِ والرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أمْوالَ النّاسِ بِالباطِلِ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ . الآيَةَ. (p-٣٢٨)أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ الآيَةَ، قالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يُؤَدُّونَ زَكاةَ أمْوالِهِمْ وكُلُّ مالٍ لا تُؤَدّى زَكاتُهُ كانَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ أوْ في بَطْنِها فَهو كَنْزٌ، وكُلُّ مالٍ أُدِّيَ زَكاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ كانَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ أوْ في بَطْنِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما أُدِّيَ زَكاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ. وأخْرَجَ مالِكٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: ما أُدِّيَ زَكاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وإنْ كانَ تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ، وما لَمْ تُؤَدَّ زَكاتُهُ فَهو كَنْزٌ وإنْ كانَ ظاهِرًا. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ والخَطِيبُ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أيُّ مالٍ أُدِّيَتْ زَكاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» . وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ جابِرٍ مَوْقُوفًا. وأخْرَجَ أحْمَدُ، في ”الزُّهْدِ“ والبُخارِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، (p-٣٢٩)والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنِ ابْنِ عُمَرَ في الآيَةِ قالَ: إنَّما كانَ هَذا قَبْلَ أنْ تُنَزَّلَ الزَّكاةُ، فَلَمّا أُنْزِلَتْ جَعَلَها اللَّهُ طُهْرًا لِلْأمْوالِ ثُمَّ قالَ: ما أُبالِي لَوْ كانَ عِنْدِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، أعْلَمُ عَدَدَهُ أُزَكِّيهِ، وأعْمَلُ فِيهِ بِطاعَةِ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ، أنَّ رَجُلًا باعَ دارًا عَلى عَهْدِ عُمَرَ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: أحْرِزْ ثَمَنَها احْفِرْ تَحْتَ فِراشِ امْرَأتِكَ، فَقالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أوَلَيْسَ بِكَنْزٍ؟ قالَ: لَيْسَ بِكَنْزٍ ما أُدِّيَ زَكاتُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أنَّها قالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي أوْضاحًا مِن ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ أفَكِنْزٌ هُوَ؟ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ تُؤَدّى زَكاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ شاهِينَ في ”التَّرْغِيبِ في الذِّكْرِ“ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“ «عَنْ ثَوْبانَ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في بَعْضِ أسْفارِهِ، فَقالَ بَعْضُ أصْحابِهِ: لَوْ عَلِمْنا أيُّ المالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ؟، فَقالَ: أفْضَلُهُ لِسانٌ ذاكِرٌ وقَلْبٌ شاكِرٌ (p-٣٣٠)وزَوْجَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُعِينُهُ عَلى إيمانِهِ، وفي لَفْظٍ: تُعِينُهُ عَلى أمْرِ الآخِرَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في مُسْنَدِهِ وأبُو داوُدَ وأبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ كَبُرَ ذَلِكَ عَلى المُسْلِمِينَ وقالُوا: ما يَسْتَطِيعُ أحَدٌ مِنّا أنْ يَتْرُكَ لِوَلَدِهِ مالًا يَبْقى بَعْدَهُ، فَقالَ عُمَرُ: أنا أُفْرِجُ عَنْكُمْ، فانْطَلَقَ عُمَرُ واتَّبَعَهُ ثَوْبانُ فَأتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّهُ قَدْ كَبُرَ عَلى أصْحابِكَ هَذِهِ الآيَةُ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ الزَّكاةَ إلّا لِيُطَيِّبَ بِها ما بَقِيَ مِن أمْوالِكُمْ، وإنَّما فَرَضَ المَوارِيثَ مِن أمْوالٍ تَبْقى بَعْدَكم. فَكَبَّرَ عُمَرُ، ثُمَّ قالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: ألا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ ما يَكْنِزُ المَرْءُ؟! المَرْأةُ الصّالِحَةُ الَّتِي إذا نَظَرَ إلَيْها سَرَّتْهُ، وإذا أمَرَها أطاعَتْهُ، وإذا غابَ عَنْها حَفِظَتْهُ» . وأخْرُجُ الدّارَقُطْنِيُّ في ”الأفْرادِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ الآيَةَ، قالَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: نَزَلَ اليَوْمَ في الكَنْزِ ما نَزَلَ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ ماذا نَكْنِزُ اليَوْمَ؟ قالَ: لِسانًا ذاكِرًا وقَلْبًا شاكِرًا وزَوْجَةً صالِحَةً تُعِينُ أحَدَكم عَلى إيمانِهِ» . (p-٣٣١)وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي الهُذَيْلِ قالَ: حَدَّثَنِي صاحِبٌ لِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «تَبًّا لِلذَّهَبِ والفِضَّةِ”. قالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ فَما نَدَّخِرُ؟ قالَ: لِسانًا ذاكِرًا وقَلْبًا شاكِرًا وزَوْجَةً تُعِينُ عَلى الآخِرَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: «مَن أدّى زَكاةَ مالِهِ أدّى الحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ، ومَن زادَ فَهو خَيْرٌ لَهُ» “ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: إذا أخْرَجْتَ صَدَقَةَ كَنْزِكَ فَقَدْ أذْهَبْتَ شَرَّهُ ولَيْسَ بِكَنْزٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ الآيَةَ. قالَ: هَذِهِ عامَّةٌ في أهْلِ الكِتابِ وفي المُسْلِمِينَ، مَن كَسَبَ مالًا حَلالًا فَلَمْ يُعْطِ حَقَّ اللَّهِ مِنهُ كانَ كَنْزًا، وإنْ كانَ كَثِيرًا فَأعْطى حَقَّ اللَّهِ مِنهُ ودَفَنَهُ في الأرْضِ لَمْ يَكُنْ كَنْزًا. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: الكَنْزُ ما كُنِزَ عَنْ طاعَةِ اللَّهِ وفَرِيضَتِهِ ذَلِكَ الكَنْزُ وقالَ: افْتُرِضَتِ الصَّلاةُ والزَّكاةُ جَمِيعًا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُما. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ وقالَ: هي خاصَّةٌ وعامَّةٌ. (p-٣٣٢)وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ عَلْباءَ بْنِ أحْمَرَ، أنَّ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ لَمّا أرادَ أنْ يَكْتُبَ المَصاحِفَ أرادُوا أنْ يُلْقُوا الواوَ الَّتِي في بَراءَةَ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ قالَ لَهم أُبَيٌّ: لَتُلْحِقُنَّها أوْ لَأضَعَنَّ سَيْفِي عَلى عاتِقِي، فَألْحَقُوها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: أرْبَعَةُ آلافٍ فَما دُونَها نَفَقَةٌ وما فَوْقَها كَنْزٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: حِلْيَةُ السِّيُوفِ مِنَ الكُنُوزِ، ما أُحَدِّثُكم إلّا ما سَمِعْتُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ قالَ: هَؤُلاءِ أهْلُ القِبْلَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِراكِ بْنِ مالِكٍ وعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، أنَّهُما قالا: في قَوْلِ اللَّهِ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ قالا: نَسَخَتْها الآيَةُ الأُخْرى: ﴿خُذْ مِن أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهم وتُزَكِّيهِمْ بِها﴾ [التوبة: ١٠٣] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب