الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ . الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَندَهْ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ في قَوْلِهِ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ قالَ: كَعْبُ بْنُ مالِكٍ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، ومُرارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وكُلُّهم مِنَ الأنْصارِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جارِيَةَ قالَ: الثَّلاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا فَتابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؛ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، ومُرارَةُ بْنُ رِبْعِيٍّ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: إنَّ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا؛ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ مِن بَنِي سَلِمَةَ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ مِن بَنِي واقِفٍ، ومُرارَةُ بْنُ رَبِيعٍ مِن بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذِي أوانٍ خَرَجَ عامَّةُ المُنافِقِينَ الَّذِينَ كانُوا تَخَلَّفُوا عَنْهُ يَتَلَقَّوْنَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأصْحابِهِ: لا تُكَلِّمُنَّ رَجُلًا تَخَلَّفَ عَنّا، ولا تُجالِسُوهُ حَتّى آذَنَ لَكم. فَلَمْ (p-٥٦٩)يُكَلِّمُوهم فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ أتاهُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَأعْرَضَ عَنْهُمْ، وأعْرَضَ المُؤْمِنُونَ عَنْهم حَتّى إنَّ الرَّجُلَ لَيُعْرِضُ عَنْهُ أبُوهُ وأخُوهُ وعَمُّهُ، فَجَعَلُوا يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ويَعْتَذِرُونَ بِالجَهْدِ والأسْقامِ، فَرَحِمَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبايَعَهُمْ، واسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وكانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ غَيْرِ شَكٍّ ولا نِفاقٍ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى في سُورَةِ التَّوْبَةِ؛ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ السُّلَمِيُّ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الواقِفِيُّ، ومُرارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ العامِرِيُّ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَندَهْ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ قالَ: كَعْبُ بْنُ مالِكٍ ومُرارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قالَ: أخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، «أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، وكانَ قائِدَ كَعْبٍ مِن بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، قالَ كَعْبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةٍ غَزاها قَطُّ إلّا في غَزْوَةِ تَبُوكَ غَيْرَ أنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعاتِبْ أحَدًا تَخَلَّفَ (p-٥٧٠)عَنْها، إنَّما خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهم وبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلى غَيْرِ مِيعادٍ، ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَواثَقْنا عَلى الإسْلامِ، وما أُحِبُّ أنَّ لِي بِها مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كانَتْ بَدْرٌ أذْكَرَ في النّاسِ مِنها وأشْهَرَ، وكانَ مِن خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ أنِّي لَمْ أكُنْ قَطُّ أقْوى ولا أيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ في تِلْكَ الغَزاةِ، واللَّهِ ما جَمَعْتُ قَبْلَها راحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتّى جَمَعْتُهُما في تِلْكَ الغَزاةِ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَلَّما يُرِيدُ غَزاةً إلّا ورّى بِغَيْرِها حَتّى كانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ، فَغَزاها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في حَرٍّ شَدِيدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا ومَفازًا واسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلّى لِلْمُسْلِمِينَ أمْرَهم لِيَتَأهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، فَأخْبَرَهم وجْهَهُ الَّذِي يُرِيدُ، والمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَثِيرٌ لا يَجْمَعُهم كِتابٌ حافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوانَ - قالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إلّا ظَنَّ أنَّ ذَلِكَ سَيَخْفى ما لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وحْيٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وغَزا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ الغَزاةَ حِينَ طابَتِ الثِّمارُ والظِّلُّ وأنا لَها أنْ أصْعَرُ، فَتَجَهَّزَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والمُؤْمِنُونَ مَعَهُ، وطَفِقْتُ (p-٥٧١)أغْدُو لِكَيْ أتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأرْجِعُ ولا أقْضِي شَيْئًا، فَأقُولُ لِنَفْسِي: أنا قادِرٌ عَلى ذَلِكَ إذا أرَدْتُ. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمادى بِي حَتّى اسْتَمَرَّ بِالنّاسِ الجِدُّ، فَأصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غادِيًا والمُسْلِمُونَ مَعَهُ، ولَمْ أقْضِ مِن جَهازِي شَيْئًا، وقُلْتُ: الجَهازُ بَعْدَ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ ألْحَقُهُ. فَغَدَوْتُ بَعْدَما فَصَلُوا لِأتَجَهَّزَ فَرَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ مِن جَهازِي شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمادى بِي حَتّى انْتَهَوْا، وتَفارَطَ الغَزْوُ فَهَمَمْتُ أنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، ولَيْتَ أنِّي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمَّ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ إذا خَرَجْتُ في النّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُحْزِنُنِي أنْ لا أرى إلّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ في النِّفاقِ، أوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَهُ اللَّهُ، ولَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقالَ وهو جالِسٌ في القَوْمِ بِتَبُوكَ: ما فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ؟ فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ: حَبَسَهُ، يا رَسُولَ اللَّهِ، بُرْداهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ. فَقالَ لَهُ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَما قُلْتَ، واللَّهِ يا رَسُولَ اللَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ إلّا خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ .
قالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ: فَلَمّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَوَجَّهَ قافِلًا مِن (p-٥٧٢)تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أتَفَكَّرُ الكَذِبَ، وأقُولُ: بِماذا أخْرُجُ مِن سَخَطِهِ غَدًا؟ وأسْتَعِينُ عَلى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِن أهْلِي، فَلَمّا قِيلَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أظَلَّ قادِمًا. راحَ عَنِّي الباطِلُ وعَرَفْتُ أنِّي لَمْ أنْجُ مِنهُ بِشَيْءٍ أبَدًا، فَأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وكانَ إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ بَدَأ بِالمَسْجِدِ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنّاسِ، فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ جاءَهُ المُتَخَلِّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ ويَحْلِفُونَ لَهُ، وكانُوا بِضْعَةً وثَمانِينَ رَجُلًا فَقَبِلَ مِنهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلانِيَتَهم واسْتَغْفَرَ لَهُمْ، ويَكِلُ سَرائِرَهم إلى اللَّهِ، حَتّى جِئْتُ فَلَمّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قالَ لِي: تَعالَ. فَجِئْتُ أمْشِي حَتّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ لِي: ما خَلَّفَكَ ألَمْ تَكُنْ قَدِ اشْتَرَيْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ (p-٥٧٣)غَيْرِكَ مِن أهْلِ الدُّنْيا لَرَأيْتُ أنْ أخْرُجَ مِن سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، لَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا ولَكِنَّهُ - واللَّهِ - لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضى عَنِّي بِهِ؛ لِيُوشِكَنَّ اللَّهُ يُسْخِطُكَ عَلَيَّ، ولَئِنْ حَدَّثْتُكَ الصِّدْقَ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إنِّي لَأرْجُوَ قُرْبَ عُقْبى مِنَ اللَّهِ، واللَّهِ ما كانَ لِي عُذْرٌ، واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أفْرَغَ ولا أيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أمّا هَذا فَقَدَ صَدَقَ، فَقُمْ حَتّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ. فَقُمْتُ وبادَرَنِي رِجالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ واتَّبَعُونِي فَقالُوا لِي: واللَّهِ ما عَلِمْناكَ كُنْتَ أذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذا، ولَقَدْ عَجَزْتَ ألّا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِما اعْتَذَرَ بِهِ المُتَخَلِّفُونَ! فَلَقَدْ كانَ كافِيَكَ مِن ذَنْبِكَ اسْتِغْفارُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: فَواللَّهِ ما زالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتّى أرَدْتُ أنْ أرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي. ثُمَّ قُلْتُ لَهم: هَلْ لَقِيَ هَذا مَعِي أحَدٌ؟ قالُوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلانِ، قالا ما قُلْتَ، وقِيلَ لَهُما مِثْلُ ما قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ: مَن هُما؟ قالُوا: مُرارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الواقِفِيُّ. فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدا بَدْرًا، لِي فِيهِما أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي.
(p-٥٧٤)قالَ: ونَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النّاسَ عَنْ كَلامِنا - أيُّها الثَّلاثَةُ - مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عَنْهُ، فاجْتَنَبَنا النّاسُ، وتَغَيَّرُوا لَنا، حَتّى تَنَكَّرَتْ لِي في نَفْسِي الأرْضُ، فَما هي بِالأرْضِ الَّتِي كُنْتُ أعْرِفُ، فَلَبِثْنا عَلى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأمّا صاحِبايَ فاسْتَكانا وقَعَدا في بُيُوتِهِما، وأمّا أنا فَكُنْتُ أشَدَّ القَوْمِ وأجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وأطُوفُ بِالأسْواقِ، فَلا يُكَلِّمُنِي أحَدٌ، وآتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَأُسَلِّمُ وأقُولُ في نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ أمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنهُ وأُسارِقُهُ النَّظَرَ، فَإذا أقْبَلْتُ عَلى صَلاتِي نَظَرَ إلَيَّ، فَإذا التَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ، حَتّى إذا طالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِن هَجْرِ المُسْلِمِينَ مَشَيْتُ حَتّى تَسَوَّرْتُ حائِطَ أبِي قَتادَةَ، وهو ابْنُ عَمِّي وأحَبُّ النّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَواللَّهِ ما رَدَّ السَّلامَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: يا أبا قَتادَةَ أنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولَهُ؟ قالَ: فَسَكَتَ. قالَ: فَعُدْتُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَشَدْتُهُ. فَقالَ: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ. فَفاضَتْ عَيْنايَ، وتَوَلَّيْتُ حَتّى تَسَوَّرْتُ الجِدارَ، وبَيْنا أنا أمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ؛ إذا نَبَطِيٌّ مِن أنْباطِ الشّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِطَعامٍ يَبِيعُهُ (p-٥٧٥)بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَن يَدُلُّ عَلى كَعْبِ بْنِ مالِكٍ؟ فَطَفِقَ النّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إلَيَّ حَتّى جاءَ، فَدَفَعَ إلَيَّ كِتابًا مِن مَلِكِ غَسّانَ، وكُنْتُ كاتِبًا، فَإذا فِيهِ: أمّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنا أنَّ صاحِبَكَ قَدْ جَفاكَ، ولَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدارِ هَوانٍ ولا مَضْيَعَةٍ، فالحَقْ بِنا نُواسِكَ. فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُها: وهَذا أيْضًا مِنَ البَلاءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِها التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ فِيها.
حَتّى إذا مَضَتْ أرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ إذا بِرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَأْتِينِي فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُها أمْ ماذا أفْعَلُ؟ قالَ: بَلِ اعْتَزِلْها ولا تَقْرَبْها. وأرْسَلَ إلى صاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِامْرَأتِي: الحَقِي بِأهْلِكَ فَكُونِي عِنْدَهم حَتّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هَذا الأمْرِ. فَجاءَتِ امْرَأةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ هِلالًا شَيْخٌ ضائِعٌ ولَيْسَ لَهُ خادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ؟ قالَ: لا، ولَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ. قالَتْ: وإنَّهُ واللَّهِ ما بِهِ حَرَكَةٌ إلى شَيْءٍ، واللَّهِ ما زالَ يَبْكِي مِن لَدُنْ أنْ كانَ مِن أمْرِكَ ما كانَ إلى يَوْمِهِ هَذا. فَقالَ لِي بَعْضُ أهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في امْرَأتِكَ فَقَدْ أذِنَ لِامْرَأةِ هِلالٍ أنْ تَخْدُمَهُ، فَقُلْتُ: واللَّهِ لا أسْتَأْذِنُ فِيها (p-٥٧٦)رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وما أدْرِي ما يَقُولُ إذا اسْتَأْذَنْتُهُ، وأنا رَجُلٌ شابٌّ.
قالَ: فَلِبَثْنا عَشْرَ لَيالٍ، فَكَمَلَ لَنا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نَهى عَنْ كَلامِنا. قالَ: ثُمَّ صَلَّيْتُ الفَجْرَ صَباحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنا، فَبَيْنا أنا جالِسٌ عَلى الحالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَنّا، قَدْ ضاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وضاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صارِخًا أوْفى جَبَلَ سَلْعٍ يَقُولُ بِأعْلى صَوْتِهِ: يا كَعْبَ بْنَ مالِكٍ أبْشِرْ. فَخَرَرْتُ ساجِدًا، وعَرَفْتُ أنْ قَدْ جاءَ فَرَجٌ، فَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنا حِينَ صَلّى الفَجْرَ، فَذَهَبَ النّاسُ يُبَشِّرُونَنا، وذَهَبَ قِبَلَ صاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، ورَكَضَ إلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وسَعى ساعٍ مِن أسْلَمَ وأوْفى عَلى الجَبَلِ، فَكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمّا جاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُما إيّاهُ بِبِشارَتِهِ، واللَّهِ ما أمْلِكَ غَيْرَهُما يَوْمَئِذٍ، فاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُما، فانْطَلَقَتْ أؤُمُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَتَلَقّانِي النّاسُ فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِيَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. حَتّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالِسٌ في المَسْجِدِ حَوْلَهُ النّاسَ، فَقامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتّى صافَحَنِي وهَنَّأنِي، واللَّهِ ما قامَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرِينَ غَيْرُهُ - قالَ: فَكانَ كَعْبٌ لا يَنْساها لِطَلْحَةَ - قالَ كَعْبٌ: فَلَمّا سَلَّمْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ - وهو يَبْرُقُ وجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ - أبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ ولَدَتْكَ أُمُّكَ. قُلْتُ: أمِنَ عِنْدِكَ يا رَسُولَ اللَّهِ أمْ مِن عِنْدِ اللَّهِ؟ (p-٥٧٧)قالَ: لا بَلْ مِن عِنْدِ اللَّهِ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا سُرَّ اسْتَنارَ وجْهُهُ حَتّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، فَلَمّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ مِن تَوْبَتِي أنْ أنْخَلِعَ مِن مالِي صَدَقَةً إلى اللَّهِ وإلى رَسُولِهِ ﷺ . قالَ: أمْسِكْ بَعْضَ مالِكَ فَهو خَيْرٌ لَكَ. قُلْتُ: إنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. وقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما نَجّانِي اللَّهُ بِالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتِي ألّا أُحَدِّثَ إلّا صِدْقًا ما بَقِيتُ. قالَ: فَواللَّهِ ما أعْلَمُ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أبْلاهُ اللَّهُ مِنَ الصِّدْقِ في الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أحْسَنَ مِمّا أبَلّانِي اللَّهُ تَعالى، واللَّهِ ما تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ إلى يَوْمِي هَذا، وإنِّي لَأرْجُوَ أنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيَ. وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلى النَّبِيِّ والمُهاجِرِينَ والأنْصارِ﴾ [التوبة: ١١٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿وكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] فَواللَّهِ ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ، بَعْدَ أنْ هَدانِي اللَّهُ لِلْإسْلامِ، أعْظَمَ في نَفْسِي مِن صِدْقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ ألّا أكُونَ كَذَبْتُهُ فَأهْلِكَ كَما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ، فَإنَّ اللَّهَ قالَ لِلَّذِينِ كَذَّبُوهُ حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ شَرٌّ ما قالَ لِأحَدٍ، فَقالَ: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم إذا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهم فَأعْرِضُوا عَنْهم إنَّهم رِجْسٌ﴾ [التوبة: ٩٥] إلى قَوْلِهِ: (p-٥٧٨)﴿الفاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦] قالَ: وكُنّا خُلِّفْنا - أيُّها الثَّلاثَةُ - عَنْ أمْرٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ حَلَفُوا، فَبايِعْهم واسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وأرْجَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أمْرَنا حَتّى قَضى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قالَ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ ولَيْسَ تَخْلِيفُهُ إيّانا وإرْجاؤُهُ أمْرَنا - الَّذِي ذَكَرَ مِمّا خُلِّفْنا - بِتَخَلُّفِنا عَنِ الغَزْوِ، وإنَّما هو عَمَّنْ حَلَفُ لَهُ واعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ مِنهُ» .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ تَوْبَتِي أتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَبَّلْتُ يَدَهُ ورُكْبَتَيْهِ، وكَسَوْتُ المُبَشِّرَ ثَوْبَيْنِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ قالَ: الَّذِينَ أُرْجِئُوا في وسَطِ ”بَراءَةَ“؛ قَوْلُهُ: ﴿وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٠٦] هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، ومُرارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وكَعْبُ بْنُ مالِكٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ مُثَقَّلَةً. يَقُولُ: عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَمّا غَزا (p-٥٧٩)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَبُوكَ تَخَلَّفَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ ومُرارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، قالَ: أمّا أحَدُهم فَكانَ لَهُ حائِطٌ حِينَ زَها، قَدْ فَشَتَّ فِيهِ الحُمْرَةُ والصُّفْرَةُ، فَقالَ: غَزَوْتُ وغَزَوْتُ وغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَوْ أقَمْتُ العامَ في هَذا الحائِطِ، فَأصَبْتُ مِنهُ. فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ دَخَلَ حائِطَهُ فَقالَ: ما خَلَّفَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وما اسْتَبَقَ المُؤْمِنُونَ مِنَ الجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ إلّا ضَنٌّ بِكَ أيُّها الحائِطُ، اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ في سَبِيلِكَ. وأمّا الآخَرُ فَكانَ قَدْ تَفَرَّقَ عَنْهُ مِن أهْلِهِ ناسٌ واجْتَمَعُوا لَهُ فَقالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وغَزَوْتُ، فَلَوْ أنِّي أقَمْتُ العامَ في أهْلِي. فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ قالَ: ما خَلَّفَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وما اسْتَبَقَ إلَيْهِ المُؤْمِنُونَ في الجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ إلّا ضَنٌّ بِكم أيُّها الأهْلُ، اللَّهُمَّ إنَّ لَكَ عَلَيَّ ألّا أرْجِعَ إلى أهْلِي ومالِي حَتّى أعْلَمَ ما تَقْضِي فِيَّ. وأمّا الآخَرُ، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنَّ لَكَ عَلَيَّ أنْ ألْحَقَ بِالقَوْمِ حَتّى أُدْرِكَهُمْ، أوْ أنْقَطِعَ. فَجَعَلَ يَتْبَعُ الوَقْعَ والحُزُونَةَ حَتّى لَحِقَ بِالقَوْمِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلى النَّبِيِّ﴾ [التوبة: ١١٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّى إذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ﴾ (p-٥٨٠)قالَ الحَسَنُ: يا سُبْحانَ اللَّهِ، واللَّهِ ما أكَلُوا مالًا حَرامًا، ولا أصابُوا دَمًا حَرامًا، ولا أفْسَدُوا في الأرْضِ، غَيْرَ أنَّهم أبْطَئُوا عَنْ شَيْءٍ مِنَ الخَيْرِ؛ الجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ، وقَدْ - واللَّهِ - جاهَدُوا، وجاهَدُوا، وجاهَدُوا، فَبَلَغَ مِنهم ما سَمِعْتُمْ. فَهَكَذا يَبْلُغُ الذَّنْبُ مِنَ المُؤْمِنِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ يَعْنِي: خُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ، لَمْ يَتُبْ عَلَيْهِمْ حَتّى تابَ اللَّهُ عَلى أبِي لُبابَةَ وأصْحابِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ قالَ: خُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خالِدٍ المَخْزُومِيِّ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: (وعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خَلَفُوا) . نَصْبٌ، أيْ: بَعْدَ مُحَمَّدٍ ﷺ وأصْحابِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: دَعا اللَّهُ إلى تَوْبَتِهِ مَن قالَ: ﴿أنا رَبُّكُمُ الأعْلى﴾ [النازعات: ٢٤]، وقالَ: ﴿ما عَلِمْتُ لَكم مِن إلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] (p-٥٨١)ومَن آيَسَ العِبادَ مِنِ التَّوْبَةِ بَعْدَ هَؤُلاءِ فَقَدْ جَحَدَ كِتابَ اللَّهِ، ولَكِنْ لا يَقْدِرُ العَبْدُ أنْ يَتُوبَ حَتّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾ فَبَدْءُ التَّوْبَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
{"ayah":"وَعَلَى ٱلثَّلَـٰثَةِ ٱلَّذِینَ خُلِّفُوا۟ حَتَّىٰۤ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَیۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوۤا۟ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّاۤ إِلَیۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡ لِیَتُوبُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق