الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ . الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو عَوانَةَ، وابْنُ حِبّانَ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ وأبُو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ مَعًا في الدَّلائِلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ قالَ: (p-٥١)حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إلى أصْحابِهِ وهم ثَلاثُمِائَةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، ونَظَرَ إلى المُشْرِكِينَ فَإذا هم ألْفٌ وزِيادَةٌ، فاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ وجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: اللَّهُمَّ أنْجِزْ لِي ما وعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ مِن أهْلِ الإسْلامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ. فَما زالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ حَتّى سَقَطَ رِداؤُهُ، فَأتاهُ أبُو بَكْرٍ فَأخَذَ رِداءَهُ فَألْقاهُ عَلى مَنكِبَيْهِ ثُمَّ التَزَمَهُ مِن ورائِهِ وقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ كَذاكَ مُناشَدَتَكَ رَبَّكَ فَإنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ ما وعَدَكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكم فاسْتَجابَ لَكم أنِّي مُمِدُّكم بِألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾، فَلَمّا كانَ يَوْمَئِذٍ والتَقَوْا هَزَمَ اللَّهُ المُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنهم سَبْعُونَ رَجُلًا، وأُسِرَ مِنهم سَبْعُونَ رَجُلًا، واسْتَشارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ وعَلِيًّا، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلاءِ بَنُو العَمِّ والعَشِيرَةِ والإخْوانِ وإنِّي أرى أنْ تَأْخُذَ مِنهُمُ الفِدْيَةَ فَيَكُونَ ما أخَذْنا مِنهم قُوَّةً لَنا عَلى الكُفّارِ، وعَسى اللَّهُ أنْ يَهْدِيَهم فَيَكُونُوا لَنا عَضُدًا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﷺ: ما تَرى يا ابْنَ الخَطّابِ؟ قُلْتُ: واللَّهِ ما أرى (p-٥٢)ما رَأى أبُو بَكْرٍ، ولَكِنِّي أرى أنْ تُمَكِّنَنِي مِن فُلانٍ –قَرِيبٌ لِعُمَرَ- فَأضْرِبَ عُنُقَهُ حَتّى يَعْلَمَ اللَّهُ أنَّهُ لَيْسَ في قُلُوبِنا مَوَدَّةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، هَؤُلاءِ صَنادِيدُهم وأئِمَّتُهم وقادَتُهُمْ، فَهَوى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ما قالَ أبُو بَكْرٍ ولَمْ يَهْوَ ما قُلْتُ، وأخَذَ مِنهُمُ الفِداءَ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ قالَ عُمَرُ: فَغَدَوْتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَإذا هو قاعِدٌ وأبُو بَكْرٍ وهُما يَبْكِيانِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي ماذا يُبْكِيكَ أنْتَ وصاحِبَكَ؟ فَإنْ وجَدْتُ بُكاءً بَكَيْتُ، وإنْ لَمْ أجِدْ بُكاءً تَباكَيْتُ لِبُكائِكُما. قالَ النَّبِيُّ ﷺ: الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أصْحابُكَ مِن أخْذِ الفِداءِ قَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذابُكم أدْنى مِن هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ [الأنفال: ٦٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ﴾ [الأنفال: ٦٨] [الأنْفالِ: ٦٧، ٦٨] مِنَ الفِداءِ ثُمَّ أحَلَّ لَهُمُ الغَنائِمَ، فَلَمّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ العامِ المُقْبِلِ عُوقِبُوا بِما صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِن أخْذِهِمُ الفِداءَ، فَقُتِلَ مِنهم سَبْعُونَ وفَرَّ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وكُسِرَتْ رَباعِيَّتُهُ وهُشِّمَتِ البَيْضَةُ عَلى رَأْسِهِ، وسالَ الدَّمُ عَلى وجْهِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أنّى هَذا قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٥] [آلِ عِمْرانَ: ١٦٥] بِأخْذِكُمُ الفِداءَ»، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: «بَيْنَما رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَشْتَدُّ في أثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أمامَهُ إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً (p-٥٣)بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وصَوْتُ الفارِسِ يَقُولُ: أقْدِمْ حَيْزُومُ إذْ نَظَرَ إلى المُشْرِكَ أمامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا فَنَظَرَ إلَيْهِ فَإذا هو قَدْ خُطِمَ وشُقَّ وجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فاخْضَرَّ ذَلِكَ أجْمَعُ، فَجاءَ الأنْصارِيُّ فَحَدَّثَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: صَدَقْتَ ذاكَ مِن مَدَدِ السَّماءِ الثّالِثَةِ. فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وأسَرُوا سَبْعِينَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ في ألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ عَنْ مَيْمَنَةِ النَّبِيِّ ﷺ وفِيها أبُو بَكْرٍ، ونَزَلَ مِيكائِيلُ في ألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ عَنْ مَيْسَرَةِ النَّبِيِّ ﷺ وأنا في المَيْسَرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ يَوْمَ بَدْرٍ: هَذا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أداةُ الحَرْبِ» . وأخْرَجَ سُنَيْدٌ، وابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ما أُمِدَّ النَّبِيُّ ﷺ بِأكْثَرَ مِن هَذِهِ الألْفِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ في ”الأنْفالِ“ وما ذَكَرَ الثَّلاثَةَ آلافٍ أوِ الخَمْسَةَ آلافٍ إلّا بُشْرى ثُمَّ أُمِدُّوا بِالألْفِ ما أُمِدُّوا بِأكْثَرَ مِنهُ. (p-٥٤)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبُخارِيُّ عَنْ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ الزُّرَّقِيِّ وكانَ مِن أهْلِ بَدْرٍ قالَ: «جاءَ جِبْرِيلُ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: ما تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قالَ: مِن أفْضَلِ المُسْلِمِينَ. أوْ كَلِمَةً نَحْوَها، قالَ: وكَذَلِكَ مَن شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلائِكَةِ» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قالَ: «وقَفَ جِبْرِيلُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وجِبْرِيلُ عَلى فَرَسٍ أخْضَرَ أُنْثى قَدْ عَلاهُ الغُبارُ، وبِيَدِ جِبْرِيلَ رُمْحٌ وعَلَيْهِ دِرْعٌ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكَ فَأمَرَنِي ألّا أُفارِقَكَ حَتّى تَرْضى، فَهَلْ رَضِيتَ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ قالَ: مُتَتابِعِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ يَقُولُ: المَدَدُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: (p-٥٥)﴿مُرْدِفِينَ﴾ قالَ: وراءَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: كانَ ألْفٌ مُرْدَفِينَ وثَلاثَةُ آلافٍ مُنْزَلِينَ فَكانُوا أرْبَعَةَ آلافٍ، وهم مَدَدُ المُسْلِمِينَ في ثُغُورِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ قالَ: مُمِدِّينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ قالَ: مُتَتابِعِينَ، أمَدَّهُمُ اللَّهُ بِألْفٍ ثُمَّ بِثَلاثَةٍ ثُمَّ أكْمَلَهم خَمْسَةَ آلافٍ، ﴿وما جَعَلَهُ اللَّهُ إلا بُشْرى لَكم ولِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكم بِهِ﴾ [آل عمران: ١٢٦] [آلِ عِمْرانَ: ١٢٦] قالَ: يَعْنِي نُزُولَ المَلائِكَةِ قالَ: وذَكَرَ لَنا أنَّ عُمَرَ قالَ: أمّا يَوْمَ بَدْرٍ فَلا نَشُكُّ أنَّ المَلائِكَةَ كانُوا مَعَنا، وأمّا بَعْدَ ذَلِكَ فاللَّهُ أعْلَمُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ قالَ: بَعْضُهم عَلى أثَرِ بَعْضٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما جَعَلَهُ اللَّهُ إلا بُشْرى﴾ (p-٥٦)قالَ: إنَّما جَعَلَهُمُ اللَّهُ لِيَسْتَبْشِرُوا بِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب