الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ قالَ: «قالَ لَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ونَحْنُ بِالمَدِينَةِ، وبَلَغَهُ أنَّ عِيرَ أبِي سُفْيانَ قَدْ أقْبَلَتْ فَقالَ ما تَرَوْنَ فِيها؟ لَعَلَّ اللَّهَ يُغَنِّمُناها ويُسَلِّمُنا؟ فَخَرَجْنا فَلَمّا سِرْنا يَوْمًا أوْ يَوْمَيْنِ أمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ نَتَعادَّ فَفَعَلْنا، فَإذا نَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ وثَلاثَةَ عَشَرَ (p-٢٦)رَجُلًا، فَأخْبَرَنا النَّبِيُّ ﷺ بِعِدَّتِنا فَسُرَّ بِذَلِكَ وحَمِدَ اللَّهَ وقالَ: عِدَّةُ أصْحابِ طالُوتَ، فَقالَ: ما تَرَوْنَ في القَوْمِ فَإنَّهم قَدْ أُخْبِرُوا بِمَخْرَجِكُمْ؟ فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ لا واللَّهِ ما لَنا طاقَةٌ بِقِتالِ القَوْمِ إنَّما خَرَجْنا لِلْعِيرِ ثُمَّ قالَ: ما تَرَوْنَ في قِتالِ القَوْمِ؟ فَقُلْنا مِثْلَ ذَلِكَ فَقالَ المِقْدادُ: لا تَقُولُوا كَما قالَ قَوْمُ مُوسى لِمُوسى: اذْهَبْ أنْتَ ورَبُّكَ فَقاتِلا إنّا هَهُنا قاعِدُونَ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وإذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدى الطّائِفَتَيْنِ أنَّها لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧] فَلَمّا وعَدَنا اللَّهُ إحْدى الطّائِفَتَيْنِ - إمّا القَوْمُ وإمّا العِيرُ - طابَتْ أنْفُسُنا، ثُمَّ إنّا اجْتَمَعْنا مَعَ القَوْمِ فَصَفَفْنا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ إنِّي أنْشُدُكَ وعْدَكَ، فَقالَ ابْنُ رَواحَةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُشِيرَ عَلَيْكَ - ورَسُولُ اللَّهِ أفْضَلُ مِمَّنْ يُشِيرُ عَلَيْهِ - إنَّ اللَّهَ أجَلُّ وأعْظَمُ مِن أنْ تَنْشُدَهُ وعْدَهُ، فَقالَ: يا ابْنَ رَواحَةَ لَأنْشُدَنَّ اللَّهَ وعْدَهُ فَإنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ. فَأخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرابِ فَرَمى بِها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في وُجُوهِ القَوْمِ فانْهَزَمُوا فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمى﴾ [الأنفال: ١٧] فَقَتَلْنا وأسَرْنا، فَقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما أرى أنْ يَكُونَ لَكَ أسْرى، فَإنَّما نَحْنُ داعُونَ مُؤَلِّفُونَ فَقُلْنا مَعْشَرَ الأنْصارِ: إنَّما يَحْمِلُ عُمَرَ عَلى ما قالَ حَسَدٌ لَنا، فَنامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ قالَ: ادْعُو لِي عُمَرَ فَدُعِيَ لَهُ فَقالَ (p-٢٧)لَهُ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أنْزَلَ عَلَيَّ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ [الأنفال: ٦٧] الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في المُصَنَّفِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وقّاصٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَدْرٍ حَتّى إذا كانَ بِالرَّوْحاءِ خَطَبَ النّاسَ فَقالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنا أنَّهم كَذا وكَذا ثُمَّ خَطَبَ النّاسَ فَقالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أبِي بَكْرٍ، ثُمَّ خَطَبَ النّاسَ فَقالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقالَ سَعْدُ بْنُ مُعاذٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ إيّانا تُرِيدُ؟ فَوالَّذِي أكْرَمَكَ وأنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ ما سَلَكْتُها قَطُّ ولا لِي بِها عِلْمٌ ولَئِنْ سِرْتَ حَتّى تَأْتِيَ بَرْكَ الغِمادِ مِن ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ ولا نَكُونَنَّ كالَّذِينِ قالُوا لِمُوسى: اذْهَبْ أنْتَ ورَبُّكَ فَقاتِلا، إنّا هَهُنا قاعِدُونَ ولَكِنِ اذْهَبْ أنْتَ ورَبُّكَ فَقاتِلا إنّا مَعَكم مُتَّبِعُونَ ولَعَلَّكَ أنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأمْرٍ وأحْدَثَ اللَّهُ إلَيْكَ غَيْرَهُ فانْظُرِ الَّذِي أحْدَثَ اللَّهُ إلَيْكَ فامْضِ لَهُ، فَصِلْ حِبالَ مَن شِئْتَ، واقْطَعْ حِبالَ مَن شِئْتَ وعادِ مَن شِئْتَ وسالِمْ مَن شِئْتَ وخُذْ مِن أمْوالِنا ما شِئْتَ، فَنَزَلَ القُرْآنُ عَلى قَوْلِ سَعْدٍ: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ويَقْطَعَ دابِرَ الكافِرِينَ﴾ [الأنفال: ٧] وإنَّما (p-٢٨)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ غَنِيمَةً مَعَ أبِي سُفْيانَ فَأحْدَثَ اللَّهُ إلَيْهِ القِتالَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ قالَ: كَذَلِكَ أخْرَجَكَ رَبُّكَ إلى قَوْلِهِ: ﴿يُجادِلُونَكَ في الحَقِّ﴾ قالَ: القِتالِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ قالَ: خُرُوجُ النَّبِيِّ ﷺ إلى بَدْرٍ، ﴿وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ قالَ: لِطَلَبِ المُشْرِكِينَ ﴿يُجادِلُونَكَ في الحَقِّ بَعْدَما تَبَيَّنَ﴾ أنَّكَ لا تَصْنَعُ إلّا ما أمَرَكَ اللَّهُ بِهِ: ﴿كَأنَّما يُساقُونَ إلى المَوْتِ﴾ حِينَ قِيلَ: هُمُ المُشْرِكُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا شاوَرَ النَّبِيُّ ﷺ في لِقاءِ العَدُوِّ، وقالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ ما قالَ وذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ أمَرَ النّاسَ فَتَعَبَّوْا لِلْقِتالِ، وأمَرَهم بِالشَّوْكَةِ فَكَرِهَ ذَلِكَ أهْلُ الإيمانِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وهم يَنْظُرُونَ﴾ أيْ: كَراهِيَةً لِلِقاءِ المُشْرِكِينَ» . وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ (p-٢٩)عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: نَزَلَ الإسْلامُ بِالكُرْهِ والشِّدَّةِ فَوَجَدْنا خَيْرَ الخَيْرِ في الكُرْهِ خَرَجْنا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِنمَكَّةَ، فَأسْكَنَنا سَبَخَةً بَيْنَ ظَهْرانَيْ حَرَّةٍ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَنا في ذَلِكَ العُلا والظَّفَرَ، وخَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى بَدْرٍ عَلى الحالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: ﴿وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وهم يَنْظُرُونَ﴾ فَجَعَلَ اللَّهُ لَنا في ذَلِكَ العُلا والظَّفَرِ فَوَجَدْنا خَيْرَ الخَيْرِ في الكُرْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: كانَ رَجُلٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُفَسِّرُ: ﴿كَأنَّما يُساقُونَ إلى المَوْتِ وهم يَنْظُرُونَ﴾ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى العِيرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب