الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أنَّ أبا (p-٩٠)سُفْيانَ خَرَجَ مِن مَكَّةَ، فَأتى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: إنَّ أبا سُفْيانَ بِمَكانِ كَذا وكَذا. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”إنَّ أبا سُفْيانَ في مَكانِ كَذا وكَذا، فاخْرُجُوا إلَيْهِ واكْتُمُوا“ . فَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ المُنافِقِينَ إلى أبِي سُفْيانَ: إنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُكُمْ، فَخُذُوا حِذْرَكم فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي قَتادَةَ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ في أبِي لُبابَةَ بْنِ عَبْدِ المُنْذِرِ، سَألُوهُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ: ما هَذا الأمْرُ؟ فَأشارَ إلى حَلْقِهِ أنَّهُ الذَّبْحُ، فَنَزَلَتْ. قالَ أبُو لُبابَةَ: ما زالَتْ قَدَمايَ حَتّى عَلِمْتُ أنِّي خُنْتُ اللَّهَ ورَسُولَهُ.
وأخْرَجَ سُنَيْدٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ «فِي قَوْلِهِ: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ الآيَةَ. قالَ: نَزَلَتْ في أبِي لُبابَةَ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأشارَ إلى حَلْقِهِ أنَّهُ الذَّبْحُ، فَقالَ أبُو لُبابَةَ: لا واللَّهِ لا أذُوقُ طَعامًا ولا شَرابًا حَتّى أمُوتَ أوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ. فَمَكَثَ سَبْعَةَ أيّامٍ لا يَذُوقُ طَعامًا ولا شَرابًا، حَتّى خَرَّ مَغْشِيًّا (p-٩١)عَلَيْهِ، ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: يا أبا لُبابَةَ، قَدْ تِيبَ عَلَيْكَ. قالَ: لا واللَّهِ لا أحُلُّ نَفْسِي حَتّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هو الَّذِي يَحُلُّنِي. فَجاءَهُ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الكَلْبِيِّ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أبا لُبابَةَ إلى قُرَيْظَةَ، وكانَ حَلِيفًا لَهُمْ، فَأوْمَأ بِيَدِهِ؛ أيِ الذَّبْحَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ وتَخُونُوا أماناتِكم وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِامْرَأةِ أبِي لُبابَةَ: ”ما شَأْنُهُ؟ أيُصَلِّي، ويَصُومُ، ويَغْتَسِلُ مِنَ الجَنابَةِ؟“ . فَقالَتْ: إنَّهُ لَيُصَلِّي، ويَصُومُ، ويَغْتَسِلُ مِنَ الجَنابَةِ، ويُحِبُّ اللَّهُ ورَسُولَهُ. فَبَعَثَ إلَيْهِ فَأتاهُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، واللَّهِ إنِّي لَأُصَلِّي، وأصُومُ، وأغْتَسِلُ مِنَ الجَنابَةِ، وإنَّما بَهَشْتُ إلى النِّساءِ والصِّبْيانِ فَرَقَقْتُ لَهُمْ، ما زالَتْ في قَلْبِي حَتّى عَرَفْتُ أنِّي خُنْتُ اللَّهَ ورَسُولَهُ» .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في أبِي لُبابَةَ بْنِ عَبْدِ المُنْذِرِ، نَسَخَتْها الآيَةُ الَّتِي في ”بَراءَةَ“: ﴿وآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] .
[ التَّوْبَةِ: ١٠٢] . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «لَمّا كانَ شَأْنُ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعَثَ إلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا فِيمَن كانَ عِنْدَهُ مِنَ النّاسِ، فَلَمّا انْتَهى إلَيْهِمْ وقَعُوا في (p-٩٢)رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وجاءَ جِبْرِيلُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى فَرَسٍ أبْلَقَ، فَقالَتْ عائِشَةُ: فَلَكَأنِّي أنْظُرُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ الغُبارَ عَنْ وجْهِ جِبْرِيلَ، فَقُلْتُ: هَذا دِحْيَةُ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: ”هَذا جِبْرِيلُ“ . فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما يَمْنَعُكَ مِن بَنِي قُرَيْظَةَ أنْ تَأْتِيَهُمْ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”فَكَيْفَ لِي بِحِصْنِهِمْ؟“ . فَقالَ جِبْرِيلُ: إنِّي أُدْخِلُ فَرَسِي هَذا عَلَيْهِمْ. فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَسًا مُعْرَوْرًى، فَلَمّا رَآهُ عَلِيٌّ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لا عَلَيْكَ ألّا تَأْتِيَهم فَإنَّهم يَشْتُمُونَكَ. فَقالَ: ”كَلّا إنَّها سَتَكُونُ تَحِيَّةٌ“ . فَأتاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ، فَقالَ: ”يا إخْوَةَ القِرَدَةِ والخَنازِيرِ“، فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ، ما كُنْتَ فَحّاشًا. فَقالُوا: لا نَنْزِلُ عَلى حُكْمِ مُحَمَّدٍ، ولَكِنّا نَنْزِلُ عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ. فَنَزَلَ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أنْ تُقْتَلَ مُقاتِلَتُهم وتُسْبى ذَرارِيُّهم. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "بِذَلِكَ طَرَقَنِي المَلَكُ سَحَرًا. فَنَزَلَ فِيهِمْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ وتَخُونُوا أماناتِكم وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ نَزَلَتْ في أبِي لُبابَةَ، أشارَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ - حِينَ قالُوا: نَنْزِلُ عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ-: لا تَفْعَلُوا فَإنَّهُ الذَّبْحُ. وأشارَ بِيَدِهِ إلى حَلْقِهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ﴾ قالَ: بِتَرْكِ فَرائِضِهِ، ﴿والرَّسُولَ﴾ بِتَرْكِ سُنَّتِهِ وارْتِكابِ (p-٩٣)مَعْصِيَتِهِ: ﴿وتَخُونُوا أماناتِكُمْ﴾ يَقُولُ: لا تَنْقُضُوها، والأمانَةُ الأعْمالُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ عَلَيْها العِبادَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في قَتْلِ عُثْمانَ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي حَبِيبٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ هو الإخْلالُ بِالسِّلاحِ في المَغازِي.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ما مِنكم مِن أحَدٍ إلّا وهو يَشْتَمِلُ عَلى فِتْنَةٍ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿إنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] [التَّغابُنِ: ١٥] فَمَنِ اسْتَعاذَ مِنكم فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِن مُضِلّاتِ الفِتَنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿واعْلَمُوا أنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ﴾ قالَ: فِتْنَةُ الِاخْتِبارِ؛ اخْتَبَرَهم. وقَرَأ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿ونَبْلُوكم بِالشَّرِّ والخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥] [الأنْبِياءِ: ٣٥] (p-٩٤)
{"ayahs_start":27,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَاۤ أَمۡوَ ٰلُكُمۡ وَأَوۡلَـٰدُكُمۡ فِتۡنَةࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥۤ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق