قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ﴾
أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدانَ شِيبًا﴾ قالَ: تَتَّقُونَ ذَلِكَ اليَوْمَ إنْ كَفَرْتُمْ قالَ: واللَّهِ ما اتَّقى ذَلِكَ اليَوْمَ قَوْمٌ كَفَرُوا بِاللَّهِ وعَصَوْا رَسُولَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إنْ كَفَرْتُمْ﴾ قالَ: بِأيِّ صَلاةٍ تَتَّقُونَ؟ بِأيِّ صِيامٍ تَتَّقُونَ؟
وأخْرَجَ أبُو نَعِيمٍ في الحِلْيَةِ عَنْ خَيْثَمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدانَ (p-٥٦)شِيبًا﴾ قالَ: يُنادِي مُنادٍ يَوْمَ القِيامَةِ، يَخْرُجُ بَعْثُ النّارِ مِن كُلِّ ألْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ فَمِن ذَلِكَ يَشِيبُ الوِلْدانُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدانَ شِيبًا﴾ قالَ: إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ فَإنَّ رَبَّنا يَدْعُو آدَمَ فَيَقُولُ: يا آدَمُ أخْرِجْ بَعْثَ النّارِ فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ لا عِلْمَ لِي إلّا ما عَلَّمْتَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ: أخْرِجْ بَعْثَ النّارِ مِن كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعِينَ يُساقُونَ إلى النّارِ سَوْقًا مُقَرَّنِينَ زُرْقًا كالِحِينَ فَإذا خَرَجَ بَعْثُ النّارِ شابَ كُلُّ ولِيدٍ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدانَ شِيبًا﴾ قالَ: ذَلِكَ يَوْمُ القِيامَةِ وذَلِكَ يَوْمُ يَقُولُ اللَّهُ لِآدَمَ: قُمْ فابْعَثْ مِن ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إلى النّارِ قالَ: مِن كَمْ يا رَبِّ؟ قالَ: مِن كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعِينَ ويَنْجُو واحِدٌ فاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلى المُسْلِمِينَ فَقالَ: حِينَ أبْصَرَ ذَلِكَ في وُجُوهِهِمْ: إنَّ بَنِي آدَمَ كَثِيرٌ وإنَّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِن ولَدِ آدَمَ وإنَّهُ لا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنهم حَتّى يَرِثَهُ لِصُلْبِهِ ألْفُ رَجُلٍ فَفِيهِمْ وفي أشْباهِهِمْ جُنَّةٌ لَكم» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُثْقَلَةٌ بِيَوْمِ القِيامَةِ.
(p-٥٧)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُثْقَلَةٌ بِهِ.
وأخْرَجَ الفَرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُمْتَلِئَةٌ بِهِ بِلِسانِ الحَبَشَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُثْقَلَةٌ مُوقَرَةٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: يَعْنِي تَشَقُّقَ السَّماءِ.
وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في مَسائِلِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ سَألَهُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُنْصَدِعٌ مِن خَوْفِ يَوْمِ القِيامَةِ. قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ
ذَلِكَ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎طَباهُنَّ حَتّى أعْوَصَ اللَّيْلُ دُونَها أفاطِيرُ وسْمِيٍّ رَواءٌ جُذُورُها
(p-٥٨)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُثْقَلَةٌ بِاللَّهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قالَ: مُثْقَلَةٌ بِذَلِكَ اليَوْمِ مِن شِدَّتِهِ وهَوْلِهِ وفي قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنَّكَ تَقُومُ﴾ الآيَةُ. قالَ: أدْنى مِن ثُلُثَيِّ اللَّيْلِ وأدْنى مِن نِصْفِهِ وأدْنى مِن ثُلُثِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ قالَ: لَنْ تُطِيقُوهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ قالَ: أنْ خَفَّفَ عَلَيْهِمْ في القِيامِ ﴿عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ قالَ: أنْ لَنْ تُطِيقُوا قِيامَ اللَّيْلِ ﴿فَتابَ عَلَيْكُمْ﴾ قالَ: ثُمَّ أنْبَأنا اللَّهُ بِخِصالِ المُؤْمِنِينَ فَقالَ: ﴿عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنكم مَرْضى﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ نَصْرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: فَرَضَ قِيامَ اللَّيْلِ في أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقامَ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ حَتّى انْتَفَخْتَ أقْدامُهم وأمْسَكَ اللَّهُ خاتِمَتَها حَوْلًا ثُمَّ أنْزَلَ اللهُ التَّخْفِيفَ في آخِرِها فَقالَ: ﴿عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنكم مَرْضى﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ فَنَسَخَ ما كانَ قَبْلَها فَقالَ: ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ﴾ فَرِيضَتانِ واجِبَتانِ لَيْسَ فِيهِما (p-٥٩)رُخْصَةٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ ﴿يا أيُّها المُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] قامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وقامَ المُسْلِمُونَ مَعَهُ حَوْلًا كامِلًا حَتّى تَوَرَّمْتَ أقْدامُهم فَأنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ الحَوْلِ ﴿إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ [المزمل»: ٢٠] قالَ: الحَسَنُ: فالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ ولا بُدَّ مِن قِيامِ اللَّيْلِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿يا أيُّها المُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] الآيَةُ. قالَ: لَبِثُوا بِذَلِكَ سَنَةً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ وتَوَرَّمْتَ أقْدامُهم ثُمَّ نَسَخَها آخِرَ السُّورَةِ ﴿فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ قالَ: مِائَةُ آيَةٍ» .
وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ والبَيْهَقِيُّ في السُّنَنِ وحَسَّناهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ قالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبّاسٍ فَقَرَأ في أوَّلِ رَكْعَةٍ بِ(الحَمْدُ لِلَّهِ) وأوَّلِ آيَةٍ مِنَ البَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ فَلَمّا انْصَرَفَ أقْبَلَ عَلَيْنا فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ﴾ .
وأخْرَجَ أحْمَدُ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: «أمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ (p-٦٠)ﷺ أنْ نَقْرَأ بِفاتِحَةِ الكِتابِ وما تَيَسَّرَ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: ما مِن حالٍ يَأْتِينِي عَلَيْهِ المَوْتُ بَعْدَ الجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يَأْتِيَنِي وأنا بَيْنَ شُعْبَتَيِّ رَحْلِي ألْتَمِسُ مِن فَضْلِ اللَّهِ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ ﴿وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما مِن جالِبٍ يَجْلِبُ طَعامًا إلى بَلَدٍ مِن بِلادِ المُسْلِمِينَ فَيَبِيعُهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ إلّا كانَتْ مَنزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنزِلَةَ الشَّهِيدِ ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﴿وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل»: ٢٠]
{"ayahs_start":17,"ayahs":["فَكَیۡفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرۡتُمۡ یَوۡمࣰا یَجۡعَلُ ٱلۡوِلۡدَ ٰنَ شِیبًا","ٱلسَّمَاۤءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا","إِنَّ هَـٰذِهِۦ تَذۡكِرَةࣱۖ فَمَن شَاۤءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلًا","۞ إِنَّ رَبَّكَ یَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَیِ ٱلَّیۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَاۤىِٕفَةࣱ مِّنَ ٱلَّذِینَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ یُقَدِّرُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَیَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ یَضۡرِبُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰاۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَیۡرࣰا وَأَعۡظَمَ أَجۡرࣰاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمُۢ"],"ayah":"إِنَّ هَـٰذِهِۦ تَذۡكِرَةࣱۖ فَمَن شَاۤءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلًا"}