الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنّا لَمَسْنا السَّماءَ﴾ الآياتُ أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنّا لَمَسْنا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وشُهُبًا﴾ قالَ: كانَتِ الجِنُّ تَسْمَعُ سَمْعَ السَّماءِ فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا حُرِسَتِ السَّماءُ ومُنِعُوا ذَلِكَ فَتَفَقَّدَتِ الجِنُّ ذَلِكَ مِن (p-١٨)أنْفُسِها، قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ أشْرافَ الجِنِّ كانُوا بِنَصِيبَيْنَ مِن أرْضِ المَوْصِلِ فَطَلَبُوا ذَلِكَ، وصَوَّبُوا النَّظَرَ حَتّى سَقَطُوا عَلى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وهو يُصَلِّي بِأصْحابِهِ عامِدًا إلى عُكاظٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهَ وأبُو نَعِيمٍ والبَيْهَقِيُّ مَعًا في دَلائِلِ النُّبُوَّةِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ الشَّياطِينُ لَهم مَقاعِدُ في السَّماءِ يَسْتَمِعُونَ فِيها الوَحْيَ فَإذا سَمِعُوا الكَلِمَةَ زادُوا فِيها تِسْعًا فَأمّا الكَلِمَةُ فَتَكُونُ حَقًّا وأمّا ما زادُوا فَيَكُونُ باطِلًا فَلَمّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنِعُوا مَقاعِدَهم فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإبْلِيسَ ولَمْ تَكُنِ النُّجُومُ يُرْمى بِها قَبْلَ ذَلِكَ فَقالَ لَهم إبْلِيسُ: ما هَذا إلّا مِن أمْرٍ حَدَثَ في الأرْضِ فَبَعَثَ جُنُودَهُ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قائِمًا يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلِيِّ نَخْلَةَ فَأتَوْهُ فَأخْبَرُوهُ فَقالَ: هَذا الحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ في الأرْضِ» . (p-١٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ لِلْجِنِّ مَقاعِدُ في السَّماءِ يَسْتَمِعُونَ الوَحْيَ فَبَيْنَما هم كَذَلِكَ إذْ بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ فَدُحِرَتِ الشَّياطِينُ مِنَ السَّماءِ ورُمُوا بِالكَواكِبِ فَجَعَلَ لا يَصْعَدُ أحَدٌ مِنهم إلّا احْتَرَقَ وفَزِعَ أهْلُ الأرْضِ لَمّا رَأوْا مِنَ الكَواكِبِ ولَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ وقالَ إبْلِيسُ: حَدَثَ في الأرْضِ حَدَثٌ فَأتى مِن كُلِّ أرْضٍ بِتُرْبَةٍ فَشَمَّها فَقالَ لِتُرْبَةِ تِهامَةَ: هُنا حَدَثَ الحَدَثُ فَصَرَفَ إلَيْهِ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ فَهُمُ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا القُرْآنَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهَ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمْ تَكُنْ سَماءُ الدُّنْيا تُحْرَسُ في الفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ ﷺ وكانُوا يَقْعُدُونَ مِنها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ حُرِسَتِ السَّماءُ حَرَسًا شَدِيدًا ورُجِمَتِ الشَّياطِينُ فَأنْكَرُوا ذَلِكَ فَقالُوا: ﴿لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن في الأرْضِ أمْ أرادَ بِهِمْ رَبُّهم رَشَدًا﴾ فَقالَ إبْلِيسُ: لَقَدْ حَدَثَ في الأرْضِ حَدَثٌ فاجْتَمَعْتَ إلَيْهِ الجِنُّ فَقالَ: تَفَرَّقُوا في الأرْضِ فَأخْبِرُونِي ما هَذا الحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ في السَّماءِ وكانَ أوَّلُ بَعْثٍ بُعِثَ رَكْبٌ مِن أهْلِ نَصِيبَيْنَ وهم أشْرافُ الجِنِّ وساداتُهم فَبَعَثَهم إلى تِهامَةَ فانْدَفَعُوا حَتّى بَلَغُوا الوادِيَ وادِيَ نَخْلَةَ (p-٢٠)فَوَجَدُوا نَبِيَّ اللَّهِ يُصَلِّي صَلاةَ الغَداةِ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فاسْتَمَعُوا، فَلَمّا سَمِعُوهُ يَتْلُو القُرْآنَ، قالُوا: أنْصِتُوا. ولَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ عَلِمَ أنَّهُمُ اسْتَمَعُوا إلَيْهِ وهو يَقْرَأُ القُرْآنَ فَلَمّا قُضِيَ يَقُولُ: لَمّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ ولَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ يَقُولُ: مُؤْمِنِينَ» . وأخْرَجَ الواقِدِيُّ وأبُو نَعِيمٍ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: لَمّا كانَ اليَوْمَ الَّذِي تَنَبَّأ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنِعَتِ الشَّياطِينُ مِنَ السَّماءِ ورُمُوا بِالشُّهُبِ. وأخْرَجَ الواقِدِيُّ وأبُو نَعِيمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: لَمْ يُرْمَ بِنَجْمٍ مُنْذُ رُفِعَ عِيسى حَتّى تَنَبَّأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رُمِي بِها. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: إنَّ اللَّهَ حَجَبَ الشَّياطِينَ عَنِ السَّمْعِ بِهَذِهِ النُّجُومِ انْقَطَعَتِ الكَهَنَةُ فَلا كَهانَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾ قالَ: حُرِسَتِ السَّماءُ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ لِكَيْلا يُسْتَرَقَ السَّمْعُ، (p-٢١)فَأنْكَرَتِ الشَّياطِينُ ذَلِكَ فَكانَ كُلُّ مَنِ اسْتَمَعَ مِنهم قُذِفَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَتِ الجِنُّ قَبْلَ أنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَمِعُونَ مِنَ السَّماءِ فَلَمّا بُعِثَ حُرِسَتْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَسْتَمِعُوا فَجاؤُوا إلى قَوْمِهِمْ، يَقُولُ: لِلَّذِينِ لَمْ يَسْتَمِعُوا فَقالُوا: ﴿وأنّا لَمَسْنا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا﴾ وهُمُ المَلائِكَةُ ﴿وشُهُبًا﴾ وهي الكَواكِبُ ﴿وأنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا﴾ يَقُولُ: نَجْمًا قَدْ أُرْصِدَ لَهُ يُرْمى بِهِ، قالَ: فَلَمّا رُمُوا بِالنُّجُومِ قالُوا لِقَوْمِهِمْ: ﴿وأنّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن في الأرْضِ أمْ أرادَ بِهِمْ رَبُّهم رَشَدًا﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جَرِيجٍ في قَوْلِهِ: ﴿يَجِدْ لَهُ شِهابًا﴾ قالَ: مِنَ النُّجُومِ ﴿رَصَدًا﴾ قالَ: مِنَ المَلائِكَةِ وفي قَوْلِهِ: ﴿وأنّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن في الأرْضِ﴾ قالُوا: لا نَدْرِي لِمَ بُعِثَ هَذا النَّبِيُّ لِأنْ يُؤْمِنُوا بِهِ ويَتَّبِعُوهُ فَيَرْشَدُوا أمْ لِأنْ يَكْفُرُوا بِهِ ويُكَذِّبُوهُ فَيَهْلِكُوا كَما هَلَكَ مَن قَبْلَهم مِنَ الأُمَمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب