الباحث القرآني
(p-٦٣٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: دَخَلْتُ عَلى ابْنِ عَبّاسٍ وهو يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ البَحْرِ﴾ قالَ: يا عِكْرِمَةُ هَلْ تَدْرِي أيَّ قَرْيَةٍ هَذِهِ ؟ قُلْتُ: لا، قالَ: هي أيْلَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ هي طَبَرِيَّةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ قالَ: هي قَرْيَةٌ يُقالُ لَها: مَقْنا. بَيْنَ مَدْيَنَ وعَيْنُونا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ قالَ: هي أيْلَةُ. (p-٦٣٣)وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ﴾ قالَ: يَظْلِمُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿شُرَّعًا﴾ يَقُولُ: مِن كُلِّ مَكانٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿شُرَّعًا﴾ قالَ: ظاهِرَةً عَلى الماءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿شُرَّعًا﴾ قالَ: وارِدَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ البَحْرِ﴾ قالَ: هي قَرْيَةٌ عَلى شاطِئِ البَحْرِ بَيْنَ مِصْرَ والمَدِينَةِ يُقالُ لَها أيْلَةُ. فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الحِيتانَ يَوْمَ سَبْتِهِمْ، فَكانَتْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا في ساحِلِ البَحْرِ، فَإذا مَضى يَوْمُ السَّبْتِ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْها، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إنْ طائِفَةً مِنهم أخَذُوا الحِيتانَ يَوْمَ سَبْتِهِمْ فَنَهَتْهم طائِفَةٌ فَلَمْ يَزْدادُوا إلّا غَيًّا، فَقالَتْ طائِفَةٌ مِنَ النُّهاةِ: تَعْلَمُونَ أنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمُ العَذابُ، ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ ؟ وكانُوا أشَدَّ غَضَبًا مِنَ الطّائِفَةِ الأُخْرى، وكُلٌّ قَدْ كانُوا يَنْهَوْنَ، فَلَمّا وقَعَ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ نَجَتِ الطّائِفَتانِ اللَّتانِ قالُوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا﴾، والَّذِينَ قالُوا: ﴿مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ﴾، وأهْلَكَ اللَّهُ أهْلَ مَعْصِيَتِهِ الَّذِينَ أخَذُوا الحِيتانَ فَجَعَلَهم قِرَدَةً. (p-٦٣٤)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ الآيَةَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ إنَّما افْتَرَضَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ اليَوْمَ الَّذِي افْتَرَضَ عَلَيْكم؛ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَخالَفُوا إلى السَّبْتِ فَعَظَّمُوهُ وتَرَكُوا ما أُمِرُوا بِهِ، فَلَمّا ابْتَدَعُوا السَّبْتَ ابْتُلُوا فِيهِ، فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الحِيتانُ، وهي قَرْيَةٌ يُقالُ لَها: مَدْيَنُ، بَيْنَ أيْلَةَ والطُّورِ، فَكانُوا إذا كانَ يَوْمُ السَّبْتِ شَرَعَتْ لَهُمُ الحِيتانُ يَنْظُرُونَ إلَيْها في البَحْرِ، فَإذا انْقَضى السَّبْتُ ذَهَبَتْ فَلَمْ تُرَ حَتّى مِثْلِهِ مِنَ السَّبْتِ المُقْبِلِ، فَإذا جاءَ السَّبْتُ عادَتْ شُرَّعًا، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنهم أخَذَ حُوتًا فَحَزَمَهُ بِخَيْطٍ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ وتَدًا في السّاحِلِ ورَبَطَهُ وتَرَكَهُ في الماءِ، فَلَمّا كانَ الغَدُ جاءَ فَأخَذَهُ فَأكَلَهُ سِرًّا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وهم يَنْظُرُونَ ولا يَتَناهَوْنَ إلّا بَقِيَّةٌ مِنهم، فَنَهَوْهم، حَتّى إذا ظَهَرَ ذَلِكَ في الأسْواقِ عَلانِيَةً، قالَتْ طائِفَةٌ لِلَّذِينَ يَنْهَوْنَهم: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهم أوْ مُعَذِّبُهم عَذابًا شَدِيدًا قالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ﴾ في سَخَطِنا أعْمالَهم، ﴿ولَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ فَكانُوا أثْلاثًا؛ ثُلُثًا نَهى، وثُلُثًا قالُوا: لِمَ تَعِظُونَ، وثُلُثًا أصْحابَ الخَطِيئَةِ، فَما نَجا إلّا الَّذِينَ نَهَوْا، وهَلَكَ سائِرُهم، فَأصْبَحَ الَّذِينَ نَهَوْا ذاتَ غَداةٍ في مَجالِسِهِمْ يَتَفَقَّدُونَ النّاسَ لا يَرَوْنَهم، وقَدْ باتُوا مِن لَيْلَتِهِمْ وغَلَّقُوا عَلَيْهِمْ دُورَهم، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: إنَّ لِلنّاسِ لَشَأْنًا فانْظُرُوا ما شَأْنُهم. فاطَّلَعُوا في دُورِهِمْ فَإذا القَوْمُ قَدْ مُسِخُوا، يَعْرِفُونَ الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ وإنَّهُ لَقِرْدٌ، والمَرْأةَ بِعَيْنِها وإنَّها لَقِرْدَةٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: جِئْتُ ابْنَ عَبّاسٍ يَوْمًا وهو يَبْكِي، وإذا المُصْحَفُ في حِجْرِهِ، (p-٦٣٥)فَقُلْتُ: ما يُبْكِيكَ يا ابْنَ عَبّاسٍ ؟ فَقالَ: هَؤُلاءِ الوَرَقاتُ، وإذا هو في سُورَةِ الأعْرافِ. قالَ: تَعْرِفُ أيْلَةَ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قالَ: فَإنَّهُ كانَ بِها حَيٌّ مِن يَهُودَ سِيقَتِ الحِيتانُ إلَيْهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ، ثُمَّ غاصَتْ، لا يَقْدِرُونَ عَلَيْها حَتّى يَغُوصُوا عَلَيْها بَعْدَ كَدٍّ ومُؤْنَةٍ شَدِيدَةٍ، وكانَتْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعًا بِيضًا سِمانًا كَأنَّها الماخِضُ، فَكانُوا كَذَلِكَ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْطانَ أوْحى إلَيْهِمْ فَقالَ: إنَّما نُهِيتُمْ عَنْ أكْلِها يَوْمَ السَّبْتِ فَخُذُوها فِيهِ، وكُلُوها في غَيْرِهِ مِنَ الأيّامِ، فَقالَتْ ذَلِكَ طائِفَةٌ مِنهم، وقالَتْ طائِفَةٌ: بَلْ نُهِيتُمْ عَنْ أكْلِها وأخْذِها وصَيْدِها في يَوْمِ السَّبْتِ. فَغَدَتْ طائِفَةٌ بِأنْفُسِها وأبْنائِها ونِسائِها، واعْتَزَلَتْ طائِفَةٌ ذاتِ اليَمِينِ وتَنَحَّتْ، واعْتَزَلَتْ طائِفَةٌ ذاتِ اليَسارِ وسَكَتَتْ، فَقالَ الأيْمَنُونَ: ويْلَكم، لا تَتَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ اللَّهِ. وقالَ الأيْسَرُونَ: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهم أوْ مُعَذِّبُهم عَذابًا شَدِيدًا﴾ قالَ الأيْمَنُونَ: ﴿مَعْذِرَةً إلى رَبِّكم ولَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ إنْ يَنْتَهُوا فَهو أحَبُّ إلَيْنا ألّا يُصابُوا ولا يَهْلِكُوا، وإنْ لَمْ يَنْتَهُوا فَمَعْذِرَةً إلى رَبِّكم، فَمَضَوْا عَلى الخَطِيئَةِ، وقالَ الأيْمَنُونَ: قَدْ فَعَلْتُمْ يا أعْداءَ اللَّهِ، واللَّهِ لَنُبايِنَنَّكُمُ اللَّيْلَةَ في مَدِينَتِكم، واللَّهِ ما أراكم تُصْبِحُونَ حَتّى يُصَبِّحَكُمُ اللَّهُ بِخَسْفٍ أوْ قَذْفٍ أوْ بَعْضِ ما عِنْدَهُ مِنَ العَذابِ. فَلَمّا أصْبَحُوا ضَرَبُوا عَلَيْهِمُ البابَ، ونادَوْا فَلَمْ يُجابُوا، فَوَضَعُوا سُلَّمًا وأعْلَوْا سُورَ المَدِينَةِ رَجُلًا، [١٧٧و] فالتَفَتَ إلَيْهِمْ فَقالَ: أيْ عِبادَ اللَّهِ، قِرَدَةٌ - واللَّهِ - تَعاوى، لَها أذْنابٌ، فَفَتَحُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ، فَعَرَفَتِ القِرَدَةُ أنْسابَها مِنَ الإنْسِ، ولا تَعْرِفُ الإنْسُ أنْسابَها مِنَ (p-٦٣٦)القِرَدَةِ، فَجَعَلَتِ القِرَدَةُ تَأْتِي نَسِيبَها مِنَ الإنْسِ فَتَشَمُّ ثِيابَهُ وتَبْكِي، فَيَقُولُ: ألَمْ نَنْهَكم ؟ فَتَقُولُ بِرَأْسِها: أيْ نَعَمْ، ثُمَّ قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أنْجَيْنا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وأخَذْنا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ قالَ: ألِيمٍ وجِيعٍ، قالَ: فَأرى الَّذِينَ نَهَوْا قَدْ نَجَوْا، ولا أرى الآخَرِينَ ذُكِرُوا، ونَحْنُ نَرى أشْياءَ نُنْكِرُها ولا نَقُولُ فِيها، قُلْتُ: إي، جَعَلَنِي اللَّهُ فِداكَ، ألا تَرى أنَّهم قَدْ كَرِهُوا ما هم عَلَيْهِ وخالَفُوهم وقالُوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ قالَ: فَأمَرَ بِي فَكُسِيتُ ثَوْبَيْنِ غَلِيظَيْنِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كانَتْ قَرْيَةٌ عَلى ساحِلِ البَحْرِ يُقالُ لَها: أيْلَةُ، وكانَ عَلى ساحِلِ البَحْرِ صَنَمانِ مِن حِجارَةٍ مُسْتَقْبِلانِ الماءَ، يُقالُ لِأحَدِهِما: لُقِيمٌ، والآخَرِ: لُقْمانَةُ، فَأوْحى اللَّهُ إلى السَّمَكِ أنْ حُجَّ يَوْمَ السَّبْتِ إلى الصَّنَمَيْنِ، وأوْحى إلى أهْلِ القَرْيَةِ: إنِّي قَدْ أمَرْتُ السَّمَكَ أنْ يَحُجُّوا إلى الصَّنَمَيْنِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَلا تَعَرَّضُوا لِلسَّمَكِ يَوْمَ لا يَمْتَنِعُ مِنكم، فَإذا ذَهَبَ السَّبْتُ فَشَأْنَكم بِهِ فَصِيدُوهُ، فَكانَ إذا طَلَعَ الفَجْرُ يَوْمَ السَّبْتِ أقْبَلَ السَّمَكُ شُرَّعًا إلى الصَّنَمَيْنِ، لا يَمْتَنِعُ مِن آخِذٍ يَأْخُذُهُ، فَظَهَرَ يَوْمَ السَّبْتِ شَيْءٌ مِنَ السَّمَكِ في القَرْيَةِ فَقالُوا: نَأْخُذُهُ يَوْمَ السَّبْتِ فَنَأْكُلُهُ يَوْمَ الأحَدِ، فَلَمّا كانَ يَوْمُ السَّبْتِ الآخَرِ ظَهَرَ أكْثَرُ مِن ذَلِكَ، فَلَمّا كانَ السَّبْتُ الآخَرُ ظَهَرَ السَّمَكُ في (p-٦٣٧)القَرْيَةِ، فَقامَ إلَيْهِمْ قَوْمٌ مِنهم فَوَعَظُوهم فَقالُوا: اتَّقُوا اللَّهَ، فَقامَ آخَرُونَ فَقالُوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهم أوْ مُعَذِّبُهم عَذابًا شَدِيدًا قالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكم ولَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ فَلَمّا كانَ سَبْتٌ مِن تِلْكَ الأسْباتِ فَشى السَّمَكُ في القَرْيَةِ، فَقامَ الَّذِينَ نَهَوْا عَنِ السُّوءِ فَقالُوا: لا نَبِيتُ مَعَكُمُ اللَّيْلَةَ في هَذِهِ القَرْيَةِ، فَقِيلَ لَهم: لَوْ أصْبَحْتُمْ فانْقَلَبْتُمْ بِذَرارِيِّكم ونِسائِكم ؟! قالُوا: لا نَبِيتُ مَعَكُمُ اللَّيْلَةَ في هَذِهِ القَرْيَةِ، فَإنْ أصْبَحْنا غَدَوْنا فَأخْرَجْنا ذَرارِيَّنا وأمْتَعِتَنا مِن بَيْنِ ظَهْرانَيْكم، وكانَ القَوْمُ شاتِينَ، فَلَمّا أمْسَوْا أغْلَقُوا أبْوابَهم، فَلَمّا أصْبَحُوا لَمْ يَسْمَعِ القَوْمُ لَهم صَوْتًا، ولَمْ يَرَوْا سَرْحًا خَرَجَ مِنَ القَرْيَةِ، قالُوا: قَدْ أصابَ أهْلَ القَرْيَةِ شَرٌّ، فَبَعَثُوا رَجُلًا مِنهم يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، فَلَمّا أتى القَرْيَةَ إذا الأبْوابُ مُغْلَقَةٌ عَلَيْهِمْ، فاطَّلَعَ في دارٍ فَإذا هم قُرُودٌ كُلُّهُمُ؛ المَرْأةُ أُنْثى والرَّجُلُ ذَكَرٌ، ثُمَّ اطَّلَعَ في دارٍ أُخْرى فَإذا هم كَذَلِكَ؛ الصَّغِيرُ صَغِيرٌ والكَبِيرُ كَبِيرٌ، ورَجَعَ إلى القَوْمِ فَقالَ: يا قَوْمِ، نَزَلَ بِأهْلِ القَرْيَةِ ما كُنْتُمْ تَحْذَرُونَ، أصْبَحُوا قِرَدَةً كُلُّهم، لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَفْتَحُوا الأبْوابَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ فَإذا هم قِرَدَةٌ كُلُّهم، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُومِئُ إلى القِرْدِ مِنهم: أنْتَ فُلانٌ ؟ فَيُومِئُ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ، وهم يَبْكُونَ، فَقالُوا: أبْعَدَكُمُ اللَّهُ، قَدْ حَذَّرْناكم هَذا. فَفَتَحُوا لَهُمُ الأبْوابَ فَخَرَجُوا فَلَحِقُوا بِالبَرِّيَّةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَجا النّاهُونَ وهَلَكَ الفاعِلُونَ، ولا أدْرِي ما صُنِعَ (p-٦٣٨)بِالسّاكِتِينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: واللَّهُ لَأنْ أكُونَ عَلِمْتُ أنَّ القَوْمَ الَّذِينَ قالُوا ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا﴾ نَجَوْا مَعَ الَّذِينَ نَهَوْا عَنِ السُّوءِ -أحَبُّ إلَيَّ ما عُدِلَ بِهِ - وفي لَفْظٍ: مِن حُمْرِ النَّعَمِ، ولَكِنِّي أخافُ أنْ تَكُونَ العُقُوبَةُ نَزَلَتْ بِهِمْ جَمِيعًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ما أدْرِي أنَجا الَّذِينَ قالُوا: ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ) أمْ لا. قالَ: فَما زِلْتُ أُبَصِّرُهُ حَتّى عَرَفَ أنَّهم قَدْ نَجَوْا، فَكَسانِي حُلَّةً.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أبِي سُلَيْمٍ قالَ: مُسِخُوا حِجارَةً؛ الَّذِينَ قالُوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾ الآيَةَ. قالَ: كانَ حُوتًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ في يَوْمٍ وأحَلَّهُ لَهم فِيما سِوى ذَلِكَ، فَكانَ يَأْتِيهِمْ في اليَوْمِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ كَأنَّهُ المَخاضُ ما يَمْتَنِعُ مِن أحَدٍ، فَجَعَلُوا يَهُمُّونَ ويُمْسِكُونَ - وقَلَّما رَأيْتُ أحَدًا أكْثَرَ الِاهْتِمامَ بِالذَّنْبِ إلّا واقَعَهُ - فَجَعَلُوا يَهُمُّونَ ويُمْسِكُونَ حَتّى أخَذُوهُ، فَأكُلُوا بِها - واللَّهِ - أوْخَمَ أكْلَةٍ أكَلَها قَوْمٌ قَطُّ، أبْقاهُ خِزْيًا في الدُّنْيا وأشَدَّهُ عُقُوبَةً في الآخِرَةِ وايْمُ اللَّهِ لَلْمُؤْمِنُ أعْظَمُ حُرْمَةً (p-٦٣٩)عِنْدَ اللَّهِ مِن حُوتٍ، ولَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ جَعَلَ مَوْعِدَ قَوْمٍ السّاعَةَ، والسّاعَةُ أدْهى وأمَرُّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أخَذَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ رَجُلًا يَحْمِلُ حَطَبًا يَوْمَ السَّبْتِ، وكانَ مُوسى يَسْبِتُ، فَصَلَبَهُ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: احْتَطَبَ رَجُلٌ في السَّبْتِ، وكانَ داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَسْبُتُ، فَصَلَبَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَيّاشٍ قالَ: كانَ حِفْظِي، عَنْ عاصِمٍ ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ عَلى مَعْنى فَيْعَلٍ، ثُمَّ دَخَلَنِي مِنها شَكٌّ، فَتَرَكْتُ رِوايَتَها، عَنْ عاصِمٍ وأخَذْتُها، عَنِ الأعْمَشِ ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ عَلى مَعْنى فَعِيلٍ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ قالَ: لا رَحْمَةَ فِيهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ قالَ: وجِيعٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ . قالَ: ألِيمٍ وجِيعٍ.
(p-٦٤٠)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ قالَ: ألِيمٍ شَدِيدٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: نُودِيَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا في السَّبْتِ ثَلاثَةَ أصْواتٍ؛ نُودُوا: يا أهْلَ القَرْيَةِ. فانْتَبَهَتْ طائِفَةٌ، ثُمَّ نُودُوا: يا أهْلَ القَرْيَةِ، فانْتَبَهَتْ طائِفَةٌ أكْثَرُ مِنَ الأُولى، ثُمَّ نُودُوا: يا أهْلَ القَرْيَةِ، فانْتَبَهَ الرِّجالُ والنِّساءُ والصِّبْيانُ، فَقالَ اللَّهُ لَهم: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ . فَجَعَلَ الَّذِينَ نَهَوْهم يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ: يا فُلانُ، ألَمْ نَنْهَكم ؟ فَيَقُولُونَ بِرُؤُوسِهِمْ؛ أيْ بَلى.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وماهانَ الحَنَفِيِّ، قالا: لَمّا مُسِخُوا جَعَلَ الرَّجُلُ يُشْبِهُ الرَّجُلَ وهو قِرْدٌ فَيُقالُ: أنْتَ فُلانٌ ؟ فَيُومِئُ إلى يَدَيْهِ؛ بِما كَسَبَتْ يَدايَ.
وأخْرَجَ ابْنُ بَطَّةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”لا تَرْتَكِبُوا ما ارْتَكَبَتِ اليَهُودُ؛ فَتَسْتَحِلُّوا مَحارِمَ اللَّهِ بِأدْنى الحِيَلِ“» .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سُفْيانَ قالَ: قالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ العُمَرَيِّ في الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ: تَأْمُرُ مَن لا يَقْبَلُ مِنكَ ؟ ! قالَ: يَكُونُ مَعْذِرَةً وقَرَأ: ﴿قالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ﴾ .
{"ayahs_start":163,"ayahs":["وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ","وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةࣱ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ قَالُوا۟ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ","فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۤ أَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوۤءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ بِعَذَابِۭ بَـِٔیسِۭ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ","فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَـٰسِـِٔینَ"],"ayah":"فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَـٰسِـِٔینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق