الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (p-٥٦٥)أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كُتِبَتِ التَّوْراةُ بِأقْلامٍ مِن ذَهَبٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: كَتَبَ اللَّهُ الألْواحَ لِمُوسى وهو يَسْمَعُ صَرِيفَ الأقْلامِ في الألْواحِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الألْواحُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلى مُوسى كانَتْ مِن سِدْرِ الجَنَّةِ، كانَ طُولُ اللَّوْحِ اثْنَيْ عَشَرَ ذِراعًا» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّ الألْواحَ مِن زَبَرْجَدٍ، ومِن زُمُرُّدِ الجَنَّةِ، أمَرَ الرَّبُّ تَعالى جِبْرِيلَ فَجاءَ بِها مِن عَدْنٍ، وكَتَبَها بِيَدِهِ بِالقَلَمِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ الذِّكْرَ، واسْتَمَدَّ الرَّبُّ مِن نَهَرِ النُّورِ، وكَتَبَ بِهِ الألْواحَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانُوا يَقُولُونَ: كانَتِ الألْواحُ مِن ياقُوتَةٍ، وأنا أقُولُ: إنَّما كانَتْ مِن زُمُرُّدٍ، وكِتابُها الذَّهَبُ، كَتَبَها اللَّهُ بِيَدِهِ، فَسَمِعَ أهْلُ السَّماواتِ صَرِيفَ القَلَمِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: كانَتْ ألْواحُ مُوسى (p-٥٦٦)مِن بَرْدٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كانَتِ الألْواحُ مِن زُمُرُّدٍ أخْضَرَ، أمَرَ الرَّبُّ تَعالى جِبْرِيلَ فَجاءَ بِها مَن عَدْنٍ، فَكَتَبَها الرَّبُّ بِيَدِهِ بِالقَلَمِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ الذِّكْرَ، واسْتَمَدَّ الرَّبُّ مِن نَهَرِ النُّورِ وكَتَبَ بِهِ الألْواحَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: كَتَبَ اللَّهُ التَّوْراةَ لِمُوسى بِيَدِهِ وهو مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلى الصَّخْرَةِ يَسْمَعُ صَرِيفَ القَلَمِ في ألْواحٍ مِن زُمُرُّدٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ إلّا الحِجابُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَمَسَّ شَيْئًا إلّا ثَلاثَةً؛ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وغَرَسَ الجَنَّةَ بِيَدِهِ، وكَتَبَ التَّوْراةَ بِيَدِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وهَنّادٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جابِرٍ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى لَمْ يَمَسَّ مِن خَلْقِهِ بِيَدِهِ شَيْئًا إلّا ثَلاثَةَ أشْياءَ، غَرَسَ الجَنَّةَ بِيَدِهِ، وجَعَلَ تُرابَها الوَرْسَ والزَّعْفَرانَ، وجِبالَها المِسْكَ، وخَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وكَتَبَ التَّوْراةَ لِمُوسى بِيَدِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ ورْدانَ أبِي خالِدٍ قالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ، (p-٥٦٧)وخَلَقَ جِبْرِيلَ بِيَدِهِ، وخَلَقَ القَلَمَ بِيَدِهِ، وخَلَقَ عَرْشَهُ بِيَدِهِ، وكَتَبَ الكِتابَ الَّذِي عِنْدَهُ بِيَدِهِ، لا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وكَتَبَ التَّوْراةَ بِيَدِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُغِيثِ الشّامِيِّ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يَخْلُقْ بِيَدِهِ إلّا ثَلاثَةَ أشْياءَ؛ الجَنَّةَ غَرَسَها بِيَدِهِ، وآدَمَ خَلَقَهُ بِيَدِهِ، والتَّوْراةَ كَتَبَها بِيَدِهِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في السُّنَّةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ، وخَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، وكَتَبَ التَّوْراةَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ لِسائِرِ الأشْياءِ: كُنْ فَكانَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أُعْطِيَ مُوسى التَّوْراةَ في سَبْعَةِ ألْواحٍ مِن زَبَرْجَدٍ، فِيها تِبْيانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ ومَوْعِظَةٌ، فَلَمّا جاءَ بِها فَرَأى بَنِي إسْرائِيلَ عُكُوفًا عَلى عِبادَةِ العِجْلِ، رَمى بِالتَّوْراةِ مِن يَدِهِ فَتَحَطَّمَتْ، فَرَفَعَ اللَّهُ مِنها سِتَّةَ أسْباعٍ، وبَقِيَ سُبُعٌ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ أُمِرُوا بِهِ ونُهُوا عَنْهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ قالَ: مِمّا أُمِرُوا بِهِ ونُهُوا عَنْهُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وصَحَّحَهُ، وضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ في كِتابِهِ لِمُوسى: ﴿إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤] . (p-٥٦٨)﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ قالَ: فَكانَ يُرى أنَّ جَمِيعَ الأشْياءِ قَدْ أُثْبِتَتْ لَهُ، كَما تَرَوْنَ أنْتُمْ عُلَماءَكم قَدْ أثْبَتُوا لَكم، فَلَمّا انْتَهى إلى ساحِلِ البَحْرِ لَقِيَ العالِمَ فاسْتَنْطَقَهُ فَأقَرَّ لَهُ بِفَضْلِ عِلْمِهِ ولَمْ يَحْسُدْهُ. الحَدِيثَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ مُوسى لَمّا كَرَبَهُ المَوْتُ قالَ: هَذا مِن أجْلِ آدَمَ، قَدْ كانَ اللَّهُ جَعَلَنا في دارِ مَثْوًى لا نَمُوتُ، فَخَطَأُ آدَمَ أنْزَلَنا هُنا، فَقالَ اللَّهُ لِمُوسى: أبْعَثُ إلَيْكَ آدَمَ فَتُخاصِمَهُ ؟ قالَ: نَعَمْ، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ آدَمَ سَألَهُ مُوسى فَقالَ: لَوْلا أنْتَ لَمْ نَكُنْ هَهُنا، فَقالَ لَهُ [١٧٣و] آدَمُ: قَدْ آتاكَ اللَّهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا، أفَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ: ﴿ما أصابَ مِن مُصِيبَةٍ في الأرْضِ ولا في أنْفُسِكم إلا في كِتابٍ مِن قَبْلِ أنْ نَبْرَأها﴾ [الحديد: ٢٢] [الحَدِيدِ: ٢٢] قالَ مُوسى: بَلى. فَخَصَمَهُ آدَمُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ كَتَبَ في الألْواحِ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ ﷺ وذِكْرَ أُمَّتِهِ، وما ذَخَرَ لَهم عِنْدَهُ، وما يَسَّرَ عَلَيْهِمْ في دِينِهِمْ، وما وسَّعَ عَلَيْهِمْ فِيما أحَلَّ لَهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ قالَ: فِيما كَتَبَ اللَّهُ لِمُوسى في الألْواحِ: يا مُوسى، لا تَحْلِفْ بِي كاذِبًا، فَإنِّي لا أُزَكِّي عَمَلَ مَن حَلَفَ (p-٥٦٩)بِي كاذِبًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ في قَوْلِهِ: ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ قالَ: كَتَبَ لَهُ: اعْبُدْنِي ولا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا مِن أهْلِ السَّماءِ ولا مِن أهْلِ الأرْضِ، فَإنَّ كُلَّ ذَلِكَ خَلْقِي، فَإذا أُشْرِكَ بِي غَضِبْتُ، وإذا غَضِبْتُ لَعَنْتُ، وإنَّ لَعْنَتِي تُدْرِكُ الرّابِعَ مِنَ الوَلَدِ، وإنِّي إذا أُطِعْتُ رَضِيتُ، وإذا رَضِيتُ بارَكْتُ، والبَرَكَةُ مِنِّي تُدْرِكُ الأُمَّةَ بَعْدَ الأُمَّةِ، ولا تَحْلِفْ بِاسْمِي كاذِبًا، فَإنِّي لا أُزَكِّي مَن حَلَفَ بِاسْمِي كاذِبًا، ووَقِّرْ والِدَيْكَ، فَإنَّهُ مَن وقَّرَ والِدَيْهِ مَدَدْتُ لَهُ في عُمُرِهِ، ووَهَبْتُ لَهُ ولَدًا يَبَرُّهُ، ومَن عَقَّ والِدَيْهِ قَصَّرْتُ لَهُ مِن عُمُرِهِ، ووَهَبْتُ لَهُ ولَدًا يَعُقُّهُ، واحْفَظِ السَّبْتَ فَإنَّهُ آخِرُ يَوْمٍ فَرَغْتُ فِيهِ مِن خَلْقِي، ولا تَزْنِ، ولا تَسْرِقْ، ولا تُوَلِّ وجْهَكَ عَنْ عَدُوِّي، ولا تَزْنِ بِامْرَأةِ جارِكَ الَّذِي يَأْمَنُكَ، ولا تَغْلِبْ جارَكَ عَلى مالِهِ، ولا تَخْلُفْهُ عَلى امْرَأتِهِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ أبِي حَزْرَةَ القاصِّ، أنَّ العَشْرَ الآياتِ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ تَعالى لِمُوسى في الألْواحِ؛ أنِ اعْبُدْنِي ولا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، ولا تَحْلِفْ بِاسْمِي كاذِبًا؛ فَإنِّي لا أُزَكِّي ولا أُطَهِّرُ مَن حَلَفَ (p-٥٧٠)بِاسْمِي كاذِبًا، واشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ أنْسَأْ لَكَ في أجَلِكَ وأقِيكَ المَتالِفَ، ولا تَسْرِقْ ولا تَزْنِ فَأحْجُبَ عَنْكَ نُورَ وجْهِي، وتُغْلَقَ عَنْ دُعائِكَ أبْوابُ سَماواتِي، ولا تَغْدِرْ بِحَلِيلِ جارِكَ، وأحِبَّ لِلنّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، ولا تَشْهَدْ بِما لَمْ يَعِهِ سَمْعُكَ ويَفْقَهْ قَلْبُكَ، فَإنِّي واقِفٌ أهْلَ الشَّهاداتِ عَلى شَهادَتِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ، ثُمَّ سائِلُهم عَنْها، ولا تَذْبَحْ لِغَيْرِي، فَإنَّهُ لا يَصْعَدُ إلَيَّ مِن قُرْبانِ أهْلِ الأرْضِ إلّا ما ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمِي. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ فِيما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: لا تُجالِسُوا أهْلَ الأهْواءِ فَيُحْدِثُوا في قَلْبِكَ ما لَمْ يَكُنْ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، وابْنُ لالٍ في مَكارِمِ الأخْلاقِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كانَ فِيما أعْطى اللَّهُ مُوسى في الألْواحِ الأُوَلِ في أوَّلِ ما كَتَبَ عَشَرَةُ أبْوابٍ: (p-٥٧١)يا مُوسى لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، فَقَدْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَتَلْفَحَنَّ وُجُوهَ المُشْرِكِينَ النّارُ، واشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ أقِكَ المَتالِفَ، وأنْسَأْ في عُمُرِكَ، وأُحْيِكَ حَياةً طَيِّبَةً، وأقْلِبْكَ إلى خَيْرٍ مِنها، ولا تَقْتُلِ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمْتُ إلّا بِالحَقِّ فَتَضِيقَ عَلَيْكَ الأرْضُ بِرُحْبِها والسَّماءُ بِأقْطارِها، وتَبُوءَ بِسُخْطِي والنّارِ، ولا تَحْلِفْ بِاسْمِي كاذِبًا ولا آثِمًا؛ فَإنِّي لا أُطَهِّرُ ولا أُزَكِّي مَن لَمْ يُنَزِّهْنِي ويُعَظِّمْ أسْمائِي، ولا تَحْسُدِ النّاسَ عَلى ما أعْطَيْتُهم مِن فَضْلِي، ولا تَنْفُسْ عَلَيْهِمْ نِعْمَتِي ورِزْقِي، فَإنَّ الحاسِدَ عَدُوُّ نِعْمَتِي، رادٌّ لِقَضائِي، ساخِطٌ لِقِسْمَتِي الَّتِي أقْسِمُ بَيْنَ عِبادِي، ومَن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنهُ ولَيْسَ مِنِّي، ولا تَشْهَدْ بِما لَمْ يَعِ سَمْعُكَ ويَحْفَظْ عَقْلُكَ ويَعْقِدْ عَلَيْهِ قَلْبُكَ، فَإنِّي واقِفٌ أهْلَ الشَّهاداتِ عَلى شَهاداتِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ، ثُمَّ سائِلُهم عَنْها سُؤالًا حَثِيثًا، ولا تَزْنِ، ولا تَسْرِقْ، ولا تَزْنِ بِحَلِيلَةِ جارِكَ فَأحْجُبَ عَنْكَ وجْهِي، وتُغْلَقَ عَنْكَ أبْوابُ السَّماءِ، وأحْبِبْ لِلنّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، ولا تَذْبَحَنَّ لِغَيْرِي، فَإنِّي لا أقْبَلُ مِنَ القُرْبانِ إلّا ما ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمِي وكانَ خالِصًا لِوَجْهِي، وتَفَرَّغْ لِي يَوْمَ السَّبْتِ، وفَرِّغْ لِي نَفْسَكَ وجَمِيعَ أهْلِ بَيْتِكَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّهَ جَعَلَ السَّبْتَ لِمُوسى عِيدًا، واخْتارَ لَنا الجُمُعَةَ فَجَعَلَها لَنا عِيدًا» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ قالَ: مِمّا كَتَبَ اللَّهُ لِمُوسى في الألْواحِ: لا تَتَمَنَّ مالَ أخِيكَ ولا امْرَأةَ أخِيكَ. (p-٥٧٢)وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: شَوَّقْناكم فَلَمْ تَشْتاقُوا، ونُحْنا لَكم فَلَمْ تَبْكُوا، ألا وإنَّ لِلَّهِ مَلَكًا يُنادِي في السَّماءِ كُلَّ لَيْلَةٍ: بَشِّرِ القَتّالِينَ بِأنَّ لَهم عِنْدَ اللَّهِ سَيْفًا لا يَنامُ، وهو نارُ جَهَنَّمَ، أبْناءَ الأرْبَعِينَ، زَرْعٌ قَدْ دَنا حَصادُهُ، أبْناءَ الخَمْسِينَ، هَلُمُّوا إلى الحِسابِ لا عُذْرَ لَكم، أبْناءَ السِّتِّينَ، ماذا قَدَّمْتُمْ وماذا أخَّرْتُمْ ؟ أبْناءَ السَّبْعِينَ، ما تَنْتَظِرُونَ ؟ ألا لَيْتَ الخَلْقَ لَمْ يُخْلَقُوا، فَإذا خُلِقُوا عَلِمُوا لِما خُلِقُوا، ألا أتَتْكُمُ السّاعَةُ فَخُذُوا حِذْرَكم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: قالَ مُوسى: يا رَبِّ، إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ الآخِرُونَ السّابِقُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، الآخِرُونَ في الخَلْقِ والسّابِقُونَ في دُخُولِ الجَنَّةِ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ، يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ ويُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً يُؤْمِنُونَ بِالكِتابِ الأوَّلِ والكِتابِ الآخِرِ، ويُقاتِلُونَ فُضُولَ الضَّلالَةِ، حَتّى يُقاتِلُوا الأعْوَرَ الكَذّابَ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً أناجِيلُهم في قُلُوبِهِمْ يَقْرَءُونَها - قالَ قَتادَةُ: وكانَ مَن قَبْلَكم إنَّما يَقْرَءُونَ كِتابَهم نَظَرًا، فَإذا (p-٥٧٣)رَفَعُوها لَمْ يَحْفَظُوا مِنهُ شَيْئًا ولَمْ يَعُوهُ، وإنَّ اللَّهَ أعْطاكم أيَّتُها الأُمَّةُ مِنَ الحِفْظِ شَيْئًا لَمْ يُعْطِهِ أحَدًا مِنَ الأُمَمِ قَبْلَكم، خاصَّةً خَصَّكم بِها وكَرامَةً أكْرَمَكم بِها - قالَ: فاجْعَلْهم أُمَّتِي. قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أُجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً صَدَقاتُهم يَأْكُلُونَها في بُطُونِهِمْ ويُؤْجَرُونَ عَلَيْها - قالَ قَتادَةُ: وكانَ مَن قَبْلَكم إذا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَقُبِلَتْ مِنهُ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْها نارًا فَأكَلَتْها، وإنْ رُدَّتْ تُرِكَتْ فَأكَلَتْها السِّباعُ والطَّيْرُ، وإنَّ اللَّهَ أخَذَ صَدَقاتِكم مِن غَنِيِّكم لِفَقِيرِكم؛ رَحْمَةً رَحِمَكم بِها، وتَخْفِيفًا خَفَّفَ بِهِ عَنْكم - فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِحَسَنَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرَ أمْثالِها إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتّى يَعْمَلَها، فَإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحِدَةً، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ المُسْتَجِيبُونَ والمُسْتَجابُ لَهم فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ قَتادَةُ: فَذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مُوسى نَبَذَ الألْواحَ وقالَ: اللَّهُمَّ إذَنْ فاجْعَلْنِي مِن أُمَّةِ أحْمَدَ، قالَ: فَأُعْطِيَ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُعْطَهُما أحَدٌ؛ ﴿قالَ يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤] . قالَ: فَرَضِيَ نَبِيُّ اللَّهِ، ثُمَّ أُعْطِيَ الثّانِيَةَ ﴿ومِن قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩] [الأعْرافِ: ١٥٩] قالَ: فَرَضِيَ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسى كُلَّ الرِّضا. (p-٥٧٤)وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ: قالَ مُوسى: يا رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِالحَسَنَةِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وإذا عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرَ أمْثالِها إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِالسَّيِّئَةِ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تَكْتُبْ عَلَيْهِ، وإذا عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحِدَةً فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً أناجِيلُهم في صُدُورِهِمْ فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ المُشَفَّعُونَ والمُشَفَّعُ لَهم فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ المُسْتَجِيبُونَ والمُسْتَجابُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً يُنْصَرُونَ عَلى مَن ناوَأهم حَتّى يُقاتِلُوا الأعْوَرَ (p-٥٧٥)الدَّجّالَ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: فانْتَبَذَ الألْواحَ مِن يَدِهِ وقالَ: رَبِّ فاجْعَلْنِي مِن أُمَّةِ أحْمَدَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ومِن قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩] فَرَضِيَ ﷺ . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: فِيما ناجى مُوسى رَبَّهُ فِيما وهَبَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ وأُمَّتِهِ حَيْثُ قَرَأ التَّوْراةَ وأصابَ فِيها نَعْتَ النَّبِيِّ وأُمَّتِهِ، قالَ: يا رَبِّ مَن هَذا النَّبِيُّ الَّذِي جَعَلْتَهُ وأُمَّتَهُ أوَّلًا وآخِرًا ؟ قالَ: هَذا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ العَرَبِيُّ الحَرَمِيُّ التِّهامِيُّ، مِن ولَدِ قاذَرَ بْنِ إسْماعِيلَ جَعَلْتُهُ أوَّلًا في المَحْشَرِ، وجَعَلْتُهُ آخِرًا، خَتَمْتُ بِهِ الرُّسُلَ يا مُوسى، خَتَمْتُ بِشَرِيعَتِهِ الشَّرائِعَ، وبِكِتابِهِ الكُتُبَ، وبِسُنَنِهِ السُّنَنَ، وبِدِينِهِ الأدْيانَ، قالَ: يا رَبِّ إنَّكَ اصْطَفَيْتَنِي وكَلَّمْتَنِي. قالَ: يا مُوسى إنَّكَ صَفِيِّي وهو حَبِيبِي، أبْعَثُهُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى كَوْمٍ، أجْعَلُ حَوْضَهُ أعْرَضَ الحِياضِ، وأكْثَرَهم وارِدًا وأكْثَرَهم تَبَعًا، قالَ: رَبِّ لَقَدْ كَرَّمْتَهُ وشَرَّفْتَهُ، قالَ: يا مُوسى، حُقَّ لِي أنْ أُكَرِّمَهُ وأُفَضِّلَهُ وأُفَضِّلَ أُمَّتَهُ، لِأنَّهم يُؤْمِنُونَ بِي وبِرُسُلِي كُلِّهِمْ، وبِكُتُبِي كُلِّها، وبِغَيْبِي كُلِّهِ، ما كانَ فِيهِمْ شاهِدًا - يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ - ومِن بَعْدِ مَوْتِهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، قالَ: يا رَبِّ هَذا نَعْتُهم ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: يا رَبِّ وهَبْتَ لَهُمُ الجُمُعَةَ أوْ لِأُمَّتِي ؟ قالَ: بَلْ لَهُمُ الجُمُعَةُ دُونَ (p-٥٧٦)أُمَّتِكَ، قالَ: رَبِّ إنِّي نَظَرْتُ في التَّوْراةِ إلى نَعْتِ قَوْمٍ غُرٍّ مُحَجَّلِينَ، فَمَن هم ؟ أمِن بَنِي إسْرائِيلَ هم أمْ مِن غَيْرِهِمْ ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، الغُرُّ المُحَجَّلُونَ مِن آثارِ الوُضُوءِ، قالَ: يا رَبِّ، إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا يَمُرُّونَ عَلى الصِّراطِ كالبَرْقِ والرِّيحِ، فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ، إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا يُصَلُّونَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ، فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا يَتَّزِرُونَ إلى أنْصافِهِمْ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا يُراعُونَ الشَّمْسَ، مُنادِيهِمْ في جَوِّ السَّماءِ، فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا يَذْكُرُونَكَ عَلى كُلِّ شَرَفٍ ووادٍ، فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا الحَسَنَةُ مِنهم بِعَشَرَةٍ، والسَّيِّئَةُ بِواحِدَةٍ، فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ شاهِرِينَ سُيُوفَهم لا تُرَدُّ لَهم حاجَّةٌ. قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا إذا (p-٥٧٧)أرادُوا أمْرًا اسْتَخارُوكَ ثُمَّ رَكِبُوهُ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يُشَفَّعُ مُحْسِنُهم في مُسِيئِهِمْ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَحُجُّونَ البَيْتَ الحَرامَ لا يَنْأوْنَ عَنْهُ أبَدًا فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، لا يَقْضُونَ مِنهُ وطَرًا أبَدًا. قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ قُرْبانُهم دِماؤُهم فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِكَ صُفُوفًا زُحُوفًا، يُفْرَغُ عَلَيْهِمُ الصَّبْرُ إفْراغًا فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يُذْنِبُ أحَدُهُمُ الذَّنْبَ فَيَتَوَضَّأُ فَيُغْفَرُ لَهُ، ويُصَلِّي فَتُجْعَلُ الصَّلاةُ لَهُ نافِلَةً بِلا ذَنْبٍ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَشْهَدُونَ لِرُسُلِكَ بِما بَلَّغُوا فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَجْعَلُونَ الصَّدَقَةَ في بُطُونِهِمْ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ الغَنائِمُ لَهم حَلالٌ وهي مُحَرَّمَةٌ عَلى الأُمَمِ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ جُعِلَتِ الأرْضُ لَهم طَهُورًا ومَسْجِدًا فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ، [١٧٣ظ] إنِّي وجَدْتُ نَعْتَ قَوْمٍ الرَّجُلُ مِنهم خَيْرٌ مِن ثَلاثِينَ مِمَّنْ كانَ قَبْلَهم فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، يا مُوسى، الرَّجُلُ مِنَ الأُمَمِ السّالِفَةِ (p-٥٧٨)أعْبَدُ مِنَ الرَّجُلِ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ بِثَلاثِينَ ضِعْفًا، وهم خَيْرٌ مِنهُ بِثَلاثِينَ ضِعْفًا؛ بِإيمانِهِ بِالكُتُبِ كُلِّها، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ نَعْتَ قَوْمٍ يَأْوُونَ إلى ذِكْرِكَ ويَتَحابُّونَ عَلَيْهِ، كَما تَأْوِي النُّسُورُ إلى وُكُورِها فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ إذا غَضِبُوا هَلَّلُوكَ، وإذا تَنازَعُوا سَبَّحُوكَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَغْضَبُونَ لَكَ كَما يَغْضَبُ النَّمِرُ الحَرِبُ لِنَفْسِهِ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ تُفْتَحُ أبْوابُ السَّماءِ لِأعْمالِهِمْ وأرْواحِهِمْ، وتَباشَرُ بِهِمُ المَلائِكَةُ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ تَتَباشَرُ بِهِمُ الأشْجارُ والجِبالُ بِمَمَرِّهِمْ عَلَيْها، لِتَسْبِيحِهِمْ لَكَ وتَقْدِيسِهِمْ لَكَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ وهَبْتَ لَهُمُ الِاسْتِرْجاعَ عِنْدَ المُصِيبَةِ ووَهَبْتَ لَهم عِنْدَ المُصِيبَةِ الصَّلاةَ والرَّحْمَةَ والهُدى فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ تُصَلِّي عَلَيْهِمْ أنْتَ ومَلائِكَتُكَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَدْخُلُ مُحْسِنُهُمُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، ومُقْتَصِدُهم يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا، وظالِمُهم يُغْفَرُ لَهُ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ فاجْعَلْنِي مِنهم، قالَ: يا مُوسى أنْتَ مِنهم وهم مِنكَ؛ لِأنَّكَ عَلى دِينِي وهم (p-٥٧٩)عَلى دِينِي، ولَكِنْ قَدْ فَضَّلْتُكَ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي، فَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ. قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيامَةِ قَدْ مَلَأتْ صُفُوفُهم ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ صُفُوفًا، يُهَوَّنُ عَلَيْهِمُ المَوْقِفُ، لا يُدْرِكُ فَضْلَهم أحَدٌ مِنَ الأُمَمِ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ تَقْبِضُهم عَلى فُرُشِهِمْ وهم شُهَداءُ عِنْدَكَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ لا يَخافُونَ فِيكَ لَوْمَةَ لائِمٍ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ صِدِّيقُهم أفْضَلُ الصِّدِّيقِينَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ لَقَدْ كَرَّمْتَهُ وفَضَّلْتَهُ، قالَ: يا مُوسى هو كَذَلِكَ نَبِيِّي وصَفِيِّي وحَبِيبِي، وأُمَّتُهُ خَيْرُ أُمَّةٍ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ مُحَرَّمَةٌ عَلى الأُمَمِ الجَنَّةُ أنْ يَدْخُلُوها حَتّى يَدْخُلَها نَبِيُّهم وأُمَّتُهُ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ، لَبَنِي إسْرائِيلَ ما بالُهم ؟ قالَ: يا مُوسى إنَّ قَوْمَكَ مِن بَنِي إسْرائِيلَ يُبَدِّلُونَ دِينَكَ مِن بَعْدِكَ، ويُغَيِّرُونَ كِتابَكَ الَّذِي أنْزَلْتُ عَلَيْكَ، وإنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لا يُغَيِّرُونَ سُنَّتَهُ، ولا يُبْطِلُونَ الكِتابَ الَّذِي أنْزَلْتُ عَلَيْهِ إلى أنْ تَقُومَ السّاعَةُ؛ فَلِذَلِكَ بَلَّغْتُهم سَنامَ كَرامَتِي، (p-٥٨٠)وفَضَّلْتُهم عَلى الأُمَمِ، وجَعَلْتُ نَبِيَّهم أفْضَلَ الأنْبِياءِ، أوَّلُهم في الحَشْرِ، وأوَّلُهم في انْشِقاقِ الأرْضِ، وأوَّلُهم شافِعًا وأوَّلُهم مُشَفَّعًا، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ حُلَماءَ عُلَماءَ، كادُوا أنْ يَبْلُغُوا بِفِقْهِهِمْ حَتّى يَكُونُوا أنْبِياءَ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ يا مُوسى، أُعْطُوا العِلْمَ الأوَّلَ والآخِرَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ قَوْمًا تُوضَعُ المائِدَةُ بَيْنَ أيْدِيهِمْ فَما يَرْفَعُونَها حَتّى يُغْفَرَ لَهم فَمَن هم ؟ قالَ: أُولَئِكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي وجَدْتُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ يَلْبَسُ أحَدُهُمُ الثَّوْبَ فَما يَنْفُضُهُ حَتّى يُغْفَرَ لَهُ فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في التَّوْراةِ نَعْتَ قَوْمٍ إذا اسْتَوَوْا عَلى ظُهُورِ دَوابِّهِمْ حَمِدُوكَ فَيُغْفَرُ لَهم فَمَن هم ؟ قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، أوْلِيائِي يا مُوسى الَّذِينَ أنْتَقِمُ بِهِمْ مِن عَبَدَةِ النِّيرانِ والأوْثانِ. وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ مُوسى لَمّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ التَّوْراةُ وقَرَأها فَوَجَدَ فِيها ذِكْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ الآخِرُونَ السّابِقُونَ، فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ (p-٥٨١)أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً هُمُ المُسْتَجِيبُونَ والمُسْتَجابُ لَهم فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً أناجِيلُهم في صُدُورِهِمْ يَقْرَءُونَها ظاهِرًا فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً يَأْكُلُونَ الفَيْءَ فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً يَجْعَلُونَ الصَّدَقَةَ في بُطُونِهِمْ يُؤْجَرُونَ عَلَيْها فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ، فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً إذا هَمَّ أحَدُهم بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تُكْتَبْ، وإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً واحِدَةً،، فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في الألْواحِ أُمَّةً يُؤْتَوْنَ العِلْمَ الأوَّلَ والعِلْمَ الآخِرَ فَيَقْتُلُونَ قُرُونَ الضَّلالَةِ والمَسِيحَ الدَّجّالَ، فاجْعَلْها أُمَّتِي، قالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أحْمَدَ، قالَ: يا رَبِّ فاجْعَلْنِي مِن أُمَّةِ أحْمَدَ. فَأُعْطِيَ عِنْدَ ذَلِكَ خَصْلَتَيْنِ؛ فَقالَ ﴿يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٤] قالَ: قَدْ رَضِيتُ يا رَبِّ» . وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَعافِرِيِّ، عَنْ أبِيهِ، أنَّ (p-٥٨٢)كَعْبَ الأحْبارِ رَأى حَبْرًا لِيَهُودَ يَبْكِي، فَقالَ لَهُ: ما يُبْكِيكَ ؟ قالَ: ذَكَرْتُ بَعْضَ الأمْرِ. فَقالَ لَهُ كَعْبٌ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَئِنْ أخْبَرْتُكَ ما أبْكاكَ لَتَصْدُقَنِّي ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ مُوسى نَظَرَ في التَّوْراةِ فَقالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ أُمَّةً في التَّوْراةِ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ، يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، ويُؤْمِنُونَ بِالكِتابِ الأوَّلِ والكِتابِ الآخِرِ، ويُقاتِلُونَ أهْلَ الضَّلالَةِ حَتّى يُقاتِلُوا الأعْوَرَ الدَّجّالَ. فَقالَ مُوسى: رَبِّ اجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: هم أُمَّةُ أحْمَدَ ؟ قالَ الحَبْرُ: نَعَمْ، قالَ كَعْبٌ: فَأنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ مُوسى نَظَرَ في التَّوْراةِ فَقالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ أُمَّةً هُمُ الحَمّادُونَ رُعاةُ الشَّمْسِ المُحَكَّمُونَ، إذا أرادُوا أمْرًا قالَ: أفْعَلُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: هم أُمَّةُ أحْمَدَ ؟ قالَ الحَبْرُ: نَعَمْ، قالَ كَعْبٌ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ مُوسى نَظَرَ في التَّوْراةِ فَقالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ أُمَّةً إذا أشْرَفَ أحَدُهم عَلى شَرَفٍ كَبَّرَ اللَّهَ، وإذا هَبَطَ وادِيًا حَمِدَ اللَّهَ، الصَّعِيدُ لَهم طَهُورٌ والأرْضُ لَهم مَسْجِدٌ، حَيْثُما كانُوا يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الجَنابَةِ، طُهُورُهم بِالصَّعِيدِ كَطُهُورِهِمْ بِالماءِ حَيْثُ لا يَجِدُونَ الماءَ، غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِن آثارِ الوُضُوءِ فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: هم أُمَّةُ أحْمَدَ ؟ قالَ الحَبْرُ: نَعَمْ، قالَ كَعْبٌ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ مُوسى نَظَرَ في التَّوْراةِ فَقالَ: رَبِّ إنِّي أجِدُ أُمَّةً مَرْحُومَةً ضُعَفاءَ، يَرِثُونَ الكِتابَ، واصْطَفَيْتَهم، ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنهم مُقْتَصِدٌ ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾ [فاطر: ٣٢]، ولا أجِدُ أحَدًا مِنهم إلّا مَرْحُومًا، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: هم أُمَّةُ أحْمَدَ ؟ (p-٥٨٣)قالَ الحَبْرُ: نَعَمْ، قالَ كَعْبٌ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ مُوسى نَظَرَ في التَّوْراةِ فَقالَ: يا رَبِّ إنِّي أجِدُ في التَّوْراةِ أُمَّةً مَصاحِفُهم في صُدُورِهِمْ، يَلْبَسُونَ ألْوانَ ثِيابِ أهْلِ الجَنَّةِ، يَصُفُّونَ في صَلاتِهِمْ كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، أصْواتُهم في مَساجِدِهِمْ كَدَوِيِّ النَّحْلِ لا يَدْخُلُ النّارَ مِنهم أحَدٌ إلّا مَن بَرِئَ مِنَ الحَسَناتِ مِثْلَما بَرِئَ الحَجَرُ مِن ورَقِ الشَّجَرِ، فاجْعَلْهم أُمَّتِي، قالَ: هم أُمَّةُ أحْمَدَ ؟ قالَ الحَبْرُ: نَعَمْ، فَلَمّا عَجِبَ مُوسى مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أعْطاهُ اللَّهُ مُحَمَّدًا وأُمَّتَهُ قالَ: يا لَيْتَنِي مِن أُمَّةِ أحْمَدَ. فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ ثَلاثَ آياتٍ يُرْضِيهِ بِهِنَّ: ﴿يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤] الآيَةَ. فَرَضِيَ مُوسى كُلَّ الرِّضا. وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي هِلالٍ، أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قالَ لِكَعْبٍ: أخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وأُمَّتِهِ. قالَ: أجِدُهم في كِتابِ اللَّهِ أنَّ أحْمَدَ وأُمَّتَهُ حَمّادُونَ، يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلى كُلِّ خَيْرٍ وشَرٍّ، يُكَبِّرُونَ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَرَفٍ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ في كُلِّ مَنزِلٍ، نِداؤُهم في جَوِّ السَّماءِ، لَهم دَوِيٌّ في صَلاتِهِمْ كَدَوِيِّ النَّحْلِ عَلى الصَّخْرِ، يَصُفُّونَ في صَلاتِهِمْ كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، ويَصُفُّونَ في القِتالِ كَصُفُوفِهِمْ في الصَّلاةِ، إذا غَزَوْا في سَبِيلِ اللَّهِ كانَتِ المَلائِكَةُ بَيْنَ أيْدِيهِمْ ومِن خَلْفِهِمْ بِرِماحٍ شِدادٍ، إذا حَضَرُوا الصَّفَّ في سَبِيلِ اللَّهِ كانَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مُظِلًّا كَما تُظِلُّ النُّسُورُ عَلى وُكُورِها، لا يَتَأخَّرُونَ زَحْفًا أبَدًا حَتّى يَحْضُرَهم جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ. (p-٥٨٤)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الثَّقَفِيِّ قالَ: اصْطَحَبَ قَيْسُ بْنُ خَرَشَةَ وكَعْبُ الأحْبارِ حَتّى إذا بَلَغا صِفِّينَ وقَفَ كَعْبٌ، ثُمَّ نَظَرَ ساعَةً ثُمَّ قالَ: لَيُهَراقَنَّ بِهَذِهِ البُقْعَةِ مِن دِماءِ المُسْلِمِينَ شَيْءٌ لا يُهَراقُ بِبُقْعَةٍ مِنَ الأرْضِ مِثْلُهُ، فَقالَ قَيْسٌ: ما يُدْرِيكَ فَإنَّ هَذا مِنَ الغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ، فَقالَ كَعْبٌ: ما مِنَ الأرْضِ شَيْءٌ إلّا مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ الَّذِي أنْزَلَ اللَّهُ عَلى مُوسى، ما يَكُونُ عَلَيْهِ وما يَخْرُجُ مِنهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ، عَنْ خالِدٍ الرَّبَعِيِّ قالَ: قَرَأْتُ في كِتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ أنَّ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ رافِعًا يَدَيْهِ إلى اللَّهِ يَقُولُ: يا رَبِّ قَتَلَنِي عِبادُكَ المُؤْمِنُونَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ، عَنْ خالِدٍ الرَّبَعِيِّ قالَ: قَرَأْتُ في التَّوْراةِ: اتَّقِ اللَّهَ يا ابْنَ آدَمَ، وإذا شَبِعْتَ فاذْكُرِ الجائِعَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: بَلَغَنا أنَّهُ مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: ابْنَ آدَمَ، ارْحَمْ تُرْحَمْ، إنَّهُ مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ، كَيْفَ تَرْجُو أنْ أرْحَمَكَ وأنْتَ لا تَرْحَمُ عِبادِي. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عَنْ مالِكِ بْنِ دِينارٍ قالَ: قَرَأْتُ في (p-٥٨٥)التَّوْراةِ: يا ابْنَ آدَمَ، لا تَعْجِزْ أنْ تَقُومَ بَيْنَ يَدَيَّ في صَلاتِكَ باكِيًا، فَإنِّي أنا اللَّهُ الَّذِي اقْتَرَبْتُ لِقَلْبِكَ، وبِالغَيْبِ رَأيْتَ نُورِي، قالَمالِكٌ: يَعْنِي الحَلاوَةَ والسُّرُورَ الَّذِي يَجِدُ المُؤْمِنُ. وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: أرْبَعَةُ أحْرُفٍ في التَّوْراةِ؛ مَكْتُوبٌ: مَن لَمْ يُشاوِرْ يَنْدَمْ، ومَنِ اسْتَغْنى اسْتَأْثَرَ، والفَقْرُ المَوْتُ الأحْمَرُ، وكَما تَدِينُ تُدانُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو نُعَيْمٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ قالَ: مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبادَتِي أمْلَأْ قَلْبَكَ غِنًى، وأسُدَّ فَقْرَكَ، وإنْ لا تَفْعَلْ أمْلَأْ قَلْبَكَ شُغْلًا ولا أسُدَّ فَقْرَكَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ، عَنْ بَيانٍ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ في التَّوْراةِ مَكْتُوبٌ: ابْنَ آدَمَ، كِسْرَةٌ تَكْفِيكَ، وخِرْقَةٌ تُوارِيكَ، وجُحْرٌ يَأْوِيكَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ وُهَيْبٍ المَكِّيِّ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: يا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي إذا غَضِبْتَ أذْكُرْكَ إذا غَضِبْتُ، فَلا أمْحَقُكَ مَعَ مَن أمْحَقُ، وإذا ظُلِمْتَ فارْضَ بِنُصْرَتِي لَكَ، فَإنَّ نُصْرَتِي لَكَ خَيْرٌ مِن نُصْرَتِكَ لِنَفْسِكَ. (p-٥٨٦)وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ أبِي الحَسَنِ قالَ: «انْتَهَتْ بَنُو إسْرائِيلَ إلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالُوا: إنَّ التَّوْراةَ تَكْبُرُ عَلَيْنا فَأنْبِئْنا بِجِماعٍ مِنَ الأمْرِ فِيهِ تَخْفِيفٌ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: ما سَألَكَ قَوْمُكَ ؟ قالَ: يا رَبِّ أنْتَ أعْلَمُ، قالَ: إنَّما بَعَثْتُكَ لِتُبَلِّغَنِي عَنْهم وتُبَلِّغَهم عَنِّي، قالَ: فَإنَّهم سَألُونِي جِماعًا مِنَ الأمْرِ فِيهِ تَخْفِيفٌ، ويَزْعُمُونَ أنَّ التَّوْراةَ تَكْبُرُ عَلَيْهِمْ. فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: قُلْ لَهم: لا تَظالَمُوا في المَوارِيثِ، ولا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكم عَبْدٌ بَيْتًا حَتّى يَسْتَأْذِنَ، ولْيُتَوَضَّأْ مِنَ الطَّعامِ ما يُتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ. فاسْتَخَفُّوها يَسِيرًا، ثُمَّ إنَّهم لَمْ يَقُومُوا بِها، قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عِنْدَ ذَلِكَ: تَقَبَّلُوا إلَيَّ بِسِتٍّ أتَقَبَّلْ لَكم بِالجَنَّةِ؛ مِن حَدَّثَ فَلا يَكْذِبُ، ومَن وعَدَ فَلا يُخْلِفُ، ومَنِ ائْتُمِنَ فَلا يَخُونُ، احْفَظُوا أيْدِيَكم وأبْصارَكم وفُرُوجَكم» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ مالِكِ بْنِ دِينارٍ قالَ: قَرَأْتُ في التَّوْراةِ: مَن يَزْدَدْ عَلْمًا يَزْدَدْ وجْفًا، وقالَ: مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: مَن كانَ لَهُ جارٌ يَعْمَلُ بِالمَعاصِي فَلَمْ يَنْهَهُ فَهو شَرِيكُهُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: إنَّ في التَّوْراةِ مَكْتُوبًا: يا ابْنَ آدَمَ، تَذْكُرُنِي وتَنْسانِي، وتَدْعُو إلَيَّ وتَفِرُّ مِنِّي، وأرْزُقُكَ وتَعْبُدُ غَيْرِي. (p-٥٨٧)وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وابْنُهُ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: ابْنَ آدَمَ، حَرِّكْ يَدَيْكَ أفْتَحْ لَكَ بابًا مِنَ الرِّزْقِ، وأطِعْنِي فِيما آمُرُكَ، فَما أعْلَمَنِي بِما يُصْلِحُكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أبِي زَيْنَبَ قالَ: في التَّوْراةِ مَكْتُوبٌ: لا تَتَوَكَّلْ عَلى ابْنِ آدَمَ فَإنَّ ابْنَ آدَمَ لَيْسَ، ولَكِنْ تَوَكَّلْ عَلى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ. وفي التَّوْراةِ مَكْتُوبٌ: ماتَ مُوسى كَلِيمُ اللَّهِ فَمَن ذا الَّذِي لا يَمُوتُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: وجَدْتُ فِيما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى مُوسى: أنَّ مَن أحَبَّ الدُّنْيا أبْغَضَهُ اللَّهُ، ومَن أبْغَضَ الدُّنْيا أحَبَّهُ اللَّهُ، ومَن أكْرَمَ الدُّنْيا أهانَهُ اللَّهُ، [١٧٤و] ومَن أهانَ الدُّنْيا أكْرَمَهُ اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُرْوَةَ قالَ: مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: لِيَكُنْ وجْهُكَ بَسِطًا، وكَلِمَتُكَ طَيِّبَةً، تَكُنْ أحَبَّ إلى النّاسِ مِنَ الَّذِينَ يُعْطُونَهُمُ العَطاءَ. (p-٥٨٨)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُرْوَةَ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: كَما تَرْحَمُونَ تُرْحَمُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ كَعْبٍ قالَ: والَّذِي فَلَقَ البَحْرَ لِبَنِي إسْرائِيلَ، في التَّوْراةِ مَكْتُوبٌ: يا ابْنَ آدَمَ اتَّقِ رَبَّكَ، وابْرَرْ والِدَيْكَ، وصِلْ رَحِمَكَ، أمُدَّ لَكَ في عُمُرِكَ، وأُيَسِّرْ لَكَ يُسْرَكَ، وأصْرِفْ عَنْكَ عُسْرَكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ كُرْدُوسٍ الثَّعْلَبِيِّ قالَ: مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: اتَّقِ تُوقَهْ، إنَّما التَّوَقِّي في التَّقْوى، ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، تُوبُوا يُتابُ عَلَيْكم. وأخْرَجَ الحَكِيمُ في نَوادِرِ الأُصُولِ، عَنْ أبِي الجَوْزاءِ قالَ: قَرَأْتُ في التَّوْراةِ: إنْ سَرَّكَ أنْ تَحْيا وتَبْلُغَ عِلْمَ اليَقِينِ، فاحْتَمِلْ في كُلِّ حِينٍ أنْ تَغْلِبَ شَهَواتِ الدُّنْيا، فَإنَّ مَن يَغْلِبُ شَهَواتِ الدُّنْيا يَفْرَقُ الشَّيْطانُ مِن ظِلِّهِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في السُّنَّةِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ كَعْبٍ قالَ: لَمّا أرادَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ لِمُوسى التَّوْراةَ قالَ لِجِبْرِيلَ: ادْخُلِ الجَنَّةَ فائْتِنِي بِلَوْحَيْنِ مِن شَجَرَةِ الجَنَّةِ. فَدَخَلَ جِبْرِيلُ الجَنَّةَ فاسْتَقْبَلَتْهُ شَجَرَةٌ مِن شَجَرِ الجَنَّةِ مِن ياقُوتٍ أحْمَرَ، فَقَطَعَ مِنها لَوْحَيْنِ فَتابَعَتْهُ عَلى ما أمَرَهُ الرَّحْمَنُ تَبارَكَ وتَعالى، فَأتى بِهِما الرَّحْمَنَ، فَأخَذَهُما بِيَدِهِ فَعادَ اللَّوْحانِ نُورًا لَمّا مَسَّهُما الرَّحْمَنُ تَبارَكَ وتَعالى، وتَحْتَ العَرْشِ نَهَرٌ يَجْرِي مِن نُورٍ، لا يَدْرِي حَمَلَةُ العَرْشِ أيْنَ يَجِيءُ، ولا أيْنَ يَذْهَبُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ (p-٥٨٩)الخَلْقَ، فَلَمّا اسْتَمَدَّ مِنهُ الرَّحْمَنُ جَفَّ فَلَمْ يَجْرِ، فَلَمّا كَتَبَ لِمُوسى التَّوْراةَ بِيَدِهِ ناوَلَ اللَّوْحَيْنِ مُوسى، فَلَمّا أخَذَهُما مُوسى عادا حِجارَةً، فَلَمّا رَجَعَ إلى بَنِي إسْرائِيلَ وإلى هارُونَ وهو مُغْضَبٌ أخَذَ بِلِحْيَتِهِ ورَأْسِهِ يَجُرُّهُ إلَيْهِ، فَقالَ لَهُ هارُونُ: يا ابْنَ أُمَّ إنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وكادُوا يَقْتُلُونَنِي، ومَعَ ذَلِكَ إنِّي خِفْتُ أنْ آتِيَكَ فَتَقُولَ: فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَمْ تَنْتَظِرْ قَوْلِي. فاسْتَغْفِرْ مُوسى رَبَّهُ تَبارَكَ وتَعالى، واسْتَغْفَرَ لِأخِيهِ، وقَدْ تَكَسَّرَتِ الألْواحُ لَمّا ألْقاها مِن يَدِهِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ، عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ، أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يَقُولُ في دُعائِهِ: اللَّهُمَّ لَيِّنْ قَلْبِي بِالتَّوْراةِ، ولا تَجْعَلْ قَلْبِي قاسِيًا كالحَجَرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: سَألَ مُوسى جِماعًا مِنَ العَمَلِ، فَقِيلَ لَهُ: انْظُرْ ما تُرِيدُ أنْ يُصاحِبَكَ بِهِ النّاسُ فَصاحِبِ النّاسَ بِهِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ قالَ: بِجِدٍّ وحَزْمٍ، ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: دارَ الكُفّارِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ قالَ: بِجِدٍّ، ﴿وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأحْسَنِها﴾ قالَ: أُمِرَ مُوسى أنْ يَأْخُذَها بِأشَدَّ مِمّا أمَرَ بِهِ قَوْمَهُ. (p-٥٩٠)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ قالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يُحِبُّ أنْ يُؤْخَذَ أمْرُهُ بِقُوَّةٍ وجِدٍّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ قالَ: بِطاعَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ يَعْنِي بِجِدٍّ واجْتِهادٍ، ﴿وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأحْسَنِها﴾ قالَ: بِأحْسَنِ ما يَجِدُونَ مِنها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: مَصِيرَهم في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: مَنازِلَهم في الدُّنْيا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: جَهَنَّمَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (p-٥٩١)فِي قَوْلِهِ: ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: رُفِعَتْ لِمُوسى حَتّى نَظَرَ إلَيْها. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿سَأُرِيكم دارَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: مِصْرَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب