الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ البُخارِيُّ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، ومَرْوانَ بْنِ الحَكَمِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمّا عاهَدَ كُفّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، جاءَهُ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ حَتّى بَلَغَ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأتَيْنِ كانَتا لَهُ في الشِّرْكِ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وأبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ» والبَيْهَقِيُّ في «السُّنَنِ» عَنْ مَرْوانَ بْنِ الحَكَمِ، والمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قالا: «لَمّا كاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو عَلى قَضِيَّةِ المُدَّةِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، كانَ مِمّا اشْتَرَطَ سُهَيْلٌ: أنَّهُ لا يَأْتِيكَ مِنّا أحَدٌ، وإنْ كانَ عَلى دِينِكَ، إلّا رَدَدْتَهُ إلَيْنا، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ، ولَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أحَدٌ مِنَ الرِّجالِ إلّا رَدَّهُ في تِلْكَ المُدَّةِ وإنْ كانَ مُسْلِمًا، ثُمَّ جاءَ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ، وكانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ (p-٤١٤)مِمَّنْ خَرَجَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهي عاتِقٌ، فَجاءَ أهْلُها يَسْألُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنْ يُرْجِعَها إلَيْهِمْ، حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ في المُؤْمِناتِ ما أنْزَلَ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أحْمَدَ قالَ: «هاجَرَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ في الهُدْنَةِ، فَخَرَجَ أخَواها عُمارَةُ والوَلِيدُ حَتّى قَدِما عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وكَلَّماهُ في أُمِّ كُلْثُومٍ أنْ يَرُدَّها إلَيْهِما، فَنَقَضَ اللَّهُ العَهْدَ بَيْنَهُ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ خاصَّةً في النِّساءِ، ومَنَعَهُنَّ أنْ يَرْدُدْنَ إلى المُشْرِكِينَ، وأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الامْتِحانِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ دُرَيْدٍ في «أمالِيهِ»: حَدَّثَنا أبُو الفَضْلِ الرِّياشِيُّ، عَنِ ابْنِ أبِي رَجاءٍ، عَنِ الواقِدِيِّ قالَ: «فَخَرَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ بِآياتٍ نَزَلَتْ فِيها، فَقالَتْ: كُنْتُ أوَّلَ مَن هاجَرَ إلى المَدِينَةِ، فَلَمّا قَدِمْتُ قَدِمَ أخِي الوَلِيدُ عَلَيَّ، فَنَسَخَ اللَّهُ العَقْدَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ في شَأْنِي، ونَزَلَتْ: ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ﴾ ثُمَّ أنْكَحَنِي النَّبِيُّ ﷺ زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ، فَقُلْتُ: أتُزَوِّجُنِي بِمَوْلاكَ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] [الأحْزابِ: ٣٦] ثُمَّ قُتِلَ زَيْدٌ، فَأرْسَلَ إلَيَّ الزُّبَيْرُ: احْبِسِي عَلَيَّ نَفْسَكِ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَتْ: ﴿ولا جُناحَ عَلَيْكم فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] [البَقَرَةِ»: ٢٣٥] .
(p-٤١٥)وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: «كانَ المُشْرِكُونَ قَدْ شَرَطُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: إنَّهُ مَن جاءَ مِن قِبَلِنا وإنْ كانَ عَلى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إلَيْنا، ومَن جاءَنا مَن قِبَلِكَ رَدَدْناهُ إلَيْكَ، فَكانَ يَرُدُّ إلَيْهِمْ مَن جاءَ مِن قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ في دِينِهِ، فَلَمّا جاءَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ مُهاجِرَةً جاءَ أخَواها يُرِيدانِ أنْ يُخْرِجاها ويَرُدّاها إلَيْهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ الآيَةَ، إلى قَوْلِهِ: ﴿ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا﴾ قالَ: هو الصَّداقُ، ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكُمْ﴾ الآيَةَ، قالَ: هي المَرْأةُ تُسْلِمُ فَيَرُدُّ المُسْلِمُونَ صَداقَها إلى الكُفّارِ، وما طَلَّقَ المُسْلِمُونَ مِن نِساءِ الكُفّارِ عِنْدَهم فَعَلَيْهِمْ أنْ يَرُدُّوا صَداقَهُنَّ إلى المُشْرِكِينَ، فَإنْ أمْسَكُوا صَداقًا مِن صَداقِ المُسْلِمِينَ مِمّا فارَقُوا مِن نِساءِ الكُفّارِ أمْسَكَ المُسْلِمُونَ صَداقَ المُسْلِماتِ اللّاتِي جِئْنَ مِن قِبَلِهِمْ» .
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ، فَكَتَبَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ صالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلى أنْ يَرُدَّ عَلى قُرَيْشٍ مَن جاءَ، فَلَمّا هاجَرَ النِّساءُ أبى اللَّهُ أنْ يُرْدَدْنَ إلى المُشْرِكِينَ، إذا هُنَّ امْتُحِنَّ بِمِحْنَةِ الإسْلامِ فَعُرِفُوا أنَّهُنَّ إنَّما جِئْنَ رَغْبَةً فِيهِ، وأمَرَ بِرَدِّ صَدُقاتِهِنَّ إلَيْهِمْ إذا حُبِسْنَ عَنْهُمْ، وأنَّهم يَرُدُّوا عَلى المُسْلِمِينَ صَداقَ مَن حَبَسُوا عَنْهم مِن نِسائِهِمْ، ثُمَّ قالَ: ﴿ذَلِكم حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ فَأمْسَكَ (p-٤١٦)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النِّساءَ ورَدَّ الرِّجالَ، ولَوْلا الَّذِي حَكَمَ اللَّهُ بِهِ مِن هَذا الحُكْمِ رَدَّ النِّساءَ كَما رَدَّ الرِّجالَ، ولَوْلا الهُدْنَةُ والعَهْدُ أمْسَكَ النِّساءَ ولَمْ يَرُدَّ لَهُنَّ صَداقًا» .
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ قالَ: سَلُوهُنَّ ما جاءَ بِهِنَّ؟ فَإنْ كانَ جاءَ بِهِنَّ غَضَبٌ عَلى أزْواجِهِنَّ أوْ غَيْرَةٌ أوْ سَخَطٌ ولَمْ يُؤْمِنَّ فَأرْجِعُوهُنَّ إلى أزْواجِهِنَّ، وإنْ كُنَّ مُؤْمِناتٍ بِاللَّهِ فَأمْسِكُوهُنَّ، وآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مِن صَدُقاتِهِنَّ، وانْكِحُوهُنَّ إنْ شِئْتُمْ، وأصْدِقُوهُنَّ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ قالَ: أمَرَ أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ بِطَلاقِ نِسائِهِمُ الكَوافِرِ بِمَكَّةَ؛ قَعَدْنَ مَعَ الكُفّارِ، ﴿واسْألُوا ما أنْفَقْتُمْ ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا﴾ قالَ: ما ذَهَبَ مِن أزْواجِ أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ إلى الكُفّارِ فَلْيُعْطِهِمُ الكُفّارُ صَدُقاتِهِنَّ ولْيُمْسِكُوهُنَّ، وما ذَهَبَ مِن أزْواجِ الكُفّارِ إلى أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ كَمِثْلِ ذَلِكَ، هَذا في صُلْحٍ كانَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وبَيْنَ مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ﴾ الَّذِينَ لَيْسَ بَيْنَكم وبَيْنَهم عَهْدٌ، ﴿فَعاقَبْتُمْ﴾ أصَبْتُمْ مَغْنَمًا مِن قُرَيْشٍ أوْ غَيْرِهِمْ، ﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أزْواجُهم مِثْلَ ما أنْفَقُوا﴾ صَدُقاتِهِنَّ عِوَضًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: خَرَجَتِ امْرَأةٌ مُهاجِرَةً إلى المَدِينَةِ، فَقِيلَ لَها: ما أخْرَجَكِ؟ بُغْضٌ لِزَوْجِكِ أمْ أرَدْتِ اللَّهَ ورَسُولَهُ؟ قالَتْ: بَلِ اللَّهُ (p-٤١٧)ورَسُولُهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ﴾ فَإنْ تَزَوَّجَها رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلْتَرُدَّ إلى زَوْجِها الأوَّلِ ما أنْفَقَ عَلَيْها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ قالَ: هَذا حُكْمٌ حَكَمَهُ اللَّهُ بَيْنَ أهْلِ الهُدى وأهْلِ الضَّلالَةِ، ﴿فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ قالَ: كانَتْ مِحْنَتُهُنَّ أنْ يَحْلِفْنَ بِاللَّهِ ما أخَرَجَهُنَّ نُشُوزٌ، ولا خَرَجْنَ إلّا حُبًّا لِلْإسْلامِ وحِرْصًا عَلَيْهِ، فَإذا فَعَلْنَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنهُنَّ، وفي قَوْلِهِ: ﴿واسْألُوا ما أنْفَقْتُمْ ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا﴾ قالَ: كُنَّ إذا فَرَرْنَ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ إلى الكُفّارِ الَّذِينَ بَيْنَهم وبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ عَهْدٌ فَتَزَوَّجْنَ بَعَثُوا بِمُهُورِهِنَّ إلى أزْواجِهِنَّ مِنَ المُسْلِمِينَ، وإذا فَرَرْنَ مِنَ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنَهم وبَيْنَ نَبِيِّ اللَّهِﷺ عَهْدٌ فَنَكَحُوهُنَّ بَعَثُوا بِمُهُورِهِنَّ إلى أزْواجِهِنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَكانَ هَذا بَيْنَ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ وبَيْنَ أصْحابِ العَهْدِ مِنَ الكُفّارِ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ﴾ يَقُولُ: إلى كُفّارِ قُرَيْشٍ، لَيْسَ بَيْنَهم وبَيْنَ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ عَهْدٌ يَأْخُذُونَهم بِهِ ﴿فَعاقَبْتُمْ﴾ وهي الغَنِيمَةُ إذا غَنِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ نُسِخَ هَذا الحُكْمُ وهَذا العَهْدُ في (بَراءَةَ) فَنُبِذَ إلى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ قالَ: كانَ امْتِحانُهُنَّ أنْ يَشْهَدْنَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، فَإذا عَلِمُوا أنَّ ذَلِكَ حَقٌّ مِنهُنَّ لَمْ يَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ، وأُعْطِيَ بَعْلُها في الكُفّارِ الَّذِينَ عَقَدَ لَهم (p-٤١٨)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَداقَهُ الَّذِي أصْدَقَها، وأحَلَّهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ إذا آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، ونَهى المُؤْمِنِينَ أنْ يَدْعُوا المُهاجِراتِ مِن أجْلِ نِسائِهِمْ في الكُفّارِ، وكانَتْ مِحْنَةُ النِّساءِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أمْرَ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ فَقالَ: «قُلْ لَهُنَّ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بايَعَكُنَّ عَلى ألّا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا» وكانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ - الَّتِي شَقَّتْ بَطْنَ حَمْزَةَ - مُتَنَكِّرَةً في النِّساءِ، فَقالَتْ: إنِّي إنْ أتَكَلَّمْ يَعْرَفْنِي، وإنْ عَرَفَنِي قَتَلَنِي، وإنَّما تَنَكَّرَتْ فَرَقًا مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَسَكَتَ النِّسْوَةُ الَّتِي مَعَ هِنْدٍ، وأبَيْنَ أنْ يَتَكَلَّمْنَ، فَقالَتْ هِنْدٌ وهي مُتَنَكِّرَةٌ: كَيْفَ يَقْبَلُ مِنَ النِّساءِ شَيْئًا لَمْ يَقْبَلْهُ مِنَ الرِّجالِ؟ فَنَظَرَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وقالَ لِعُمَرَ: «قُلْ لَهُنَّ: ولا يَسْرِقْنَ» قالَتْ هِنْدٌ: واللَّهِ إنِّي لَأُصِيبُ مِن أبِي سُفْيانَ الهَنَةَ ما أدْرِي أيُحِلُّهُنَّ أمْ لا؟ قالَ أبُو سُفْيانَ: ما أصَبْتِ مِن شَيْءٍ مَضى أوْ قَدْ بَقِيَ فَهو لَكِ حَلالٌ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ – وعَرَفَها، فَدَعاها فَأتَتْهُ، فَأخَذَتْ بِيَدِهِ فَعاذَتْ بِهِ، فَقالَ: «أنْتِ هِنْدٌ»؟ فَقالَتْ: عَفا اللَّهُ عَمّا سَلَفَ، فَصَرَفَ عَنْها رَسُولُ اللَّهِ، ﷺ .
وفِي قَوْلِهِ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ﴾ الآيَةَ، يَعْنِي إنْ لَحِقَتِ امْرَأةُ رَجُلٍ مِنَ المُهاجِرِينَ بِالكُفّارِ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُعْطى مِنَ الغَنِيمَةِ مِثْلَ ما أنْفَقَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: «بَلَغَنا أنَّ «المُمْتَحَنَةَ» أُنْزِلَتْ في المُدَّةِ الَّتِي مادَّ فِيها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُفّارَ قُرَيْشٍ، مِن أجْلِ العَهْدِ الَّذِي كانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ كُفّارِ قُرَيْشٍ في المُدَّةِ، فَكانَ يَرُدُّ عَلى كُفّارِ قُرَيْشٍ ما أنْفَقُوا عَلى نِسائِهِمُ اللّاتِي يُسْلِمْنَ ويُهاجِرْنَ وبُعُولَتُهُنَّ كُفّارٌ، ولَوْ كانُوا حَرْبًا لَيْسَتْ بَيْنَ (p-٤١٩)رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَهم مُدَّةُ عَهْدٍ لَمْ يَرُدُّوا إلَيْهِمْ شَيْئًا مِمّا أنْفَقُوا، وقَدْ حَكَمَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلى أهْلِ المُدَّةِ مِنَ الكُفّارِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الحُكْمِ، قالَ اللَّهُ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ واسْألُوا ما أنْفَقْتُمْ ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا ذَلِكم حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكم واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فَطَلَّقَ المُؤْمِنُونَ حِينَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ كُلَّ امْرَأةٍ كافِرَةٍ كانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنهُمْ، فَطَلَّقَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ امْرَأتَهُ بِنْتَ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ مِن بَنِي مَخْزُومٍ، فَتَزَوَّجَها مُعاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيانَ، وبِنْتَ جَرْوَلٍ مِن خُزاعَةَ، فَتَزَوَّجَها جَهْمُ بْنُ حُذَيْفَةَ العَدَوِيُّ،، وجُعِلَ ذَلِكَ حُكْمًا حُكِمَ بِهِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ في مُدَّةِ العُهَدِ الَّتِي كانَتْ بَيْنَهُمْ، فَأقَرَّ المُؤْمِنُونَ بِحُكْمِ اللَّهِ، فَأدَّوْا ما أُمِرُوا بِهِ مِن نَفَقاتِ المُشْرِكِينَ الَّتِي أنْفَقُوا عَلى نِسائِهِمْ، وأبى المُشْرِكُونَ أنْ يُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ فِيما فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِن أداءِ نَفَقاتِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أزْواجُهم مِثْلَ ما أنْفَقُوا واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ فَإذا ذَهَبَتْ - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ - امْرَأةٌ مِن أزْواجِ المُؤْمِنِينَ إلى المُشْرِكِينَ رَدَّ المُؤْمِنُونَ إلى زَوْجِها النَّفَقَةَ الَّتِي أنْفَقَ عَلَيْها مِنَ العَقِبِ الَّذِي بِأيْدِيهِمُ الَّذِي أُمِرُوا أنْ يَرُدُّوهُ إلى المُشْرِكِينَ مِن نَفَقاتِهِمُ الَّتِي أنْفَقُوا عَلى أزْواجِهِنَّ اللّاتِي آمَنَّ وهاجَرْنَ، ثُمَّ رَدُّوا إلى المُشْرِكِينَ فَضْلًا إنْ كانَ لَهم» .
(p-٤٢٠)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ قالَ: الرَّجُلُ تَلْحَقُ امْرَأتُهُ بِدارِ الحَرْبِ فَلا يَعْتَدُّ بِها مِن نِسائِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عامِرٍ الشَّعْبِيِّ قالَ: كانَتْ زَيْنَبُ امْرَأةُ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الَّذِينَ قالُوا لَهُ: ﴿واسْألُوا ما أنْفَقْتُمْ ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ﴾ إنِ امْرَأةٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ أتَتِ المُسْلِمِينَ فَعَوِّضُوا زَوْجَها، وإنِ امْرَأةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ أتَتِ المُشْرِكِينَ فَعَوِّضُوا زَوْجَها، وإنِ امْرَأةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ذَهَبَتْ إلى مَن لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ ﴿فَعاقَبْتُمْ﴾ فَأصَبْتُمْ غَنِيمَةً، فَعَوِّضُوا زَوْجَها مِثْلَ ما أنْفَقَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قالَ: إذا ذَهَبَتِ المَرْأةُ إلى المُشْرِكِينَ أعْطُوا زَوْجَها مِثْلَ مَهْرِها، وإذا ذَهَبَتْ إلى قَوْمٍ لَيْسَ بَيْنَهُما وبَيْنَهم عَهْدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، ﴿فَعاقَبْتُمْ﴾ فَأصَبْتُمْ غَنِيمَةً ﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أزْواجُهم مِثْلَ ما أنْفَقُوا﴾ يَقُولُ: آتُوا زَوْجَها مِنَ الغَنِيمَةِ مِثْلَ مَهْرِها.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «خَرَجَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقالَ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ ألَسْنا عَلى حَقٍّ وهم عَلى باطِلٍ؟ قالَ: «بَلى» قالَ: (p-٤٢١)فَما لَنا مَن أسْلَمَ مِنهم رُدَّ إلَيْهِمْ، ومَنِ اتَّبَعَهم مِنّا نَرُدُّهُ إلَيْهِمْ؟ قالَ: «أمّا مَن أسْلَمَ مِنهم فَعَرَفَ اللَّهُ مِنهُ الصِّدْقَ أنْجاهُ، ومَن رَجَعَ مِنّا سَلَّمَ اللَّهُ مِنهُ» قالَ: ونَزَلَتْ سُورَةُ «المُمْتَحَنَةِ» بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحِ، وكانَ مَن أسْلَمَ مِن نِسائِهِمْ، فَسُئِلَتْ: ما أخْرَجَكِ؟ فَإنْ كانَتْ خَرَجَتْ فِرارًا مِن زَوْجِها ورَغْبَةً عَنْهُ رُدَّتْ، وإنْ كانَتْ خَرَجَتْ رَغْبَةً في الإسْلامِ أُمْسِكَتْ، ورُدَّ عَلى زَوْجِها مِثْلَ ما أنْفَقَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي حَبِيبٍ أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّهُ «نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ الآيَةَ، في امْرَأةِ أبِي حَسّانَ بْنِ الدَّحْداحَةِ، وهي أُمَيْمَةُ بِنْتُ بِشْرٍ، امْرَأةٌ مِن بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وأنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ تَزَوَّجَها حِينَ فَرَّتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ قالَ: «كانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ أهْلِ مَكَّةَ عَهْدٌ شُرِطَ في أنْ يُرَدَّ النِّساءُ، فَجاءَتِ امْرَأةٌ تُسَمّى سَعِيدَةَ، وكانَتْ تَحْتَ صَيْفِيِّ بْنِ الرّاهِبِ، وهو مُشْرِكٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ، وطَلَبُوا رَدَّها، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وهم بِالحُدَيْبِيَةِ لَمّا جاءَ النِّساءُ، أمَرَهُ أنْ يَرُدَّ الصَّداقَ إلى أزْواجِهِنَّ، وحَكَمَ عَلى المُشْرِكِينَ مِثْلَ ذَلِكَ إذا جاءَتْهُمُ امْرَأةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ أنْ يَرُدُّوا الصَّداقَ إلى زَوْجِها، فَأمّا المُؤْمِنُونَ فَأقَرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ، وأمّا (p-٤٢٢)المُشْرِكُونَ فَأبَوْا أنْ يُقِرُّوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿مِثْلَ ما أنْفَقُوا﴾ فَأمَرَ المُؤْمِنِينَ إذا ذَهَبَتِ امْرَأةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ولَها زَوْجٌ مِنَ المُسْلِمِينَ أنْ يَرُدَّ إلَيْهِ المُسْلِمُونَ صَداقَ امْرَأتِهِ كَما أُمِرُوا أنْ يَرُدُّوا عَلى المُشْرِكِينَ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ﴾ الآيَةَ، قالَ: «كانَ قَوْمٌ بَيْنَهم وبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ – عَهْدٌ، وكانَتِ المَرْأةُ إذا جاءَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ – امْتَحَنُوها، ثُمَّ يَرُدُّونَ عَلى زَوْجِها ما أنْفَقَ عَلَيْها، وإنْ لَحِقَتِ امْرَأةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ بِالمُشْرِكِينَ فَغَنِمَ المُسْلِمُونَ رَدُّوا عَلى صاحِبِها ما أنْفَقَ عَلَيْها» .
قالَ الشَّعْبِيُّ: ما رَضِيَ المُشْرِكُونَ بِشَيْءٍ ما رَضُوا بِهَذِهِ الآيَةِ، وقالُوا: هَذا النَّصَفُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي أُسامَةَ، والبَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في «الكَبِيرِ»، وابْنُ مَرْدُويَهْ، بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ ولَفْظُ ابْنِ المُنْذِرِ أنَّهُ كانَ سُئِلَ: كَيْفَ كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَمْتَحِنُ النِّساءَ؟ قالَ: كانَتِ المَرْأةُ إذا جاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ حَلَّفَها عُمَرُ بِاللَّهِ؛ ما خَرَجْتِ رَغْبَةً بِأرْضٍ عَنْ أرْضٍ، وبِاللَّهِ ما خَرَجْتٍ مِن بُغْضِ زَوْجٍ، وبِاللَّهِ ما خَرَجْتِ التِماسَ دُنْيا، وبِاللَّهِ ما خَرَجْتِ إلّا حُبًّا لِلَّهِ ورَسُولِهِ» .
(p-٤٢٣)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: يُقالُ لَها: ما جاءَ بِكِ عِشْقُ رَجُلٍ مِنّا، ولا فِرارٌ مِن زَوْجِكِ، ما جاءَ بِكِ إلّا حُبُّ اللَّهِ ورَسُولِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَنِيعٍ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، وتَأخَّرَتِ امْرَأتُهُ في المُشْرِكِينَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وأبُو نُعَيْمٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأخْنَسِ، أنَّهُ لَمّا أسْلَمَ أسْلَمَ مَعَهُ جَمِيعُ أهْلِهِ إلّا امْرَأةٌ واحِدَةٌ أبَتْ أنْ تُسْلِمَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ فَقِيلَ لَهُ: قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ آيَةً؛ فَرَّقَ بَيْنَها وبَيْنَ زَوْجِها إلّا أنْ تُسْلِمَ، فَضَرَبَ لَها أجَلَ سَنَةٍ، فَلَمّا مَضَتِ السُّنَّةُ إلّا يَوْمٌ جَلَسَتْ تَنْظُرُ الشَّمْسَ حَتّى إذا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ أسْلَمَتْ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ طَلْحَةَ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ طَلَّقْتُ امْرَأتِي أرْوى بِنْتَ رَبِيعَةَ، وطَلَّقَ عُمَرُ قُرَيْبَةَ بِنْتَ أبِي أُمَيَّةَ، وأُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ جَرْوَلٍ الخُزاعِيَّةَ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في المَرْأةِ مِنَ المُسْلِمِينَ تَلْحَقُ بِالمُشْرِكِينَ فَتَكْفُرُ، فَلا يُمْسِكُ زَوْجُها بِعِصْمَتِها، قَدْ بَرِئَ مِنها.
(p-٤٢٤)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ فاتَكم شَيْءٌ مِن أزْواجِكم إلى الكُفّارِ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في أُمِّ الحَكَمِ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ، ارْتَدَّتْ، فَتَزَوَّجَها رَجُلٌ ثَقَفِيٌّ، ولَمْ تَرْتَدَّ امْرَأةٌ مِن قُرَيْشٍ غَيْرُها، فَأسْلَمَتْ مَعَ ثَقِيفٍ حِينَ أسْلَمُوا.
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ»، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ الآيَةَ، قالَ: سَألْتُ عَطاءً عَنْ هَذِهِ الآيَةِ؛ يُعْمَلُ بِها؟ قالَ: لا.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا جَاۤءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ مُهَـٰجِرَ ٰتࣲ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَـٰتࣲ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلࣱّ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ یَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّاۤ أَنفَقُوا۟ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ وَلَا تُمۡسِكُوا۟ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ وَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقۡتُمۡ وَلۡیَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقُوا۟ۚ ذَ ٰلِكُمۡ حُكۡمُ ٱللَّهِ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡۖ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ","وَإِن فَاتَكُمۡ شَیۡءࣱ مِّنۡ أَزۡوَ ٰجِكُمۡ إِلَى ٱلۡكُفَّارِ فَعَاقَبۡتُمۡ فَـَٔاتُوا۟ ٱلَّذِینَ ذَهَبَتۡ أَزۡوَ ٰجُهُم مِّثۡلَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِیۤ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا جَاۤءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ مُهَـٰجِرَ ٰتࣲ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَـٰتࣲ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلࣱّ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ یَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّاۤ أَنفَقُوا۟ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ وَلَا تُمۡسِكُوا۟ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ وَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقۡتُمۡ وَلۡیَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقُوا۟ۚ ذَ ٰلِكُمۡ حُكۡمُ ٱللَّهِ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡۖ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق