الباحث القرآني

(p-٨٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ ونَحْوِ هَذا في القُرْآنِ. قالَ: أمَرَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ بِالجَماعَةِ، ونَهاهم عَنِ الِاخْتِلافِ والفُرْقَةِ، وأخْبَرَهم أنَما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَهم بِالمِراءِ والخُصُوماتِ في دِينِ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ قالَ: نَهاهُ اللَّهُ أنْ يَجْلِسَ مَعَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِ اللَّهِ يُكَذِّبُونَ بِها، فَإنْ نَسِيَ فَلا يَقْعُدُ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ قالَ: يَسْتَهْزِئُونَ بِها، نُهِيَ مُحَمَّدٌ ﷺ أنْ يَقْعُدَ مَعَهم إلّا أنْ يَنْسى، فَإذا ذَكَرَ فَلْيَقُمْ، وذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [الأنعام»: ٦٨] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي مالِكٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ قالَ: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِآياتِنا يَعْنِي المُشْرِكِينَ ! (p-٨٨)﴿وإمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى﴾ بَعْدَما تَذَكَّرَ، قالَ: إنْ نَسِيتَ فَذَكَرْتَ فَلا تَجْلِسْ مَعَهم ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ قالَ: ما عَلَيْكَ أنْ يَخُوضُوا في آياتِ اللَّهِ إذا فَعَلْتَ ذَلِكَ ﴿ولَكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ ذَكِّرُوهم ذَلِكَ وأخْبِرُوهم أنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْكم، فَيَتَّقُونَ مَساءَتُكم، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ﴾ [النساء: ١٤٠] الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ إذا جالَسُوا المُؤْمِنِينَ وقَعُوا في النَّبِيِّ ﷺ والقُرْآنِ، فَسَبُّوهُ واسْتَهْزَءُوا بِهِ، فَأمَرَهُمُ اللَّهُ ألّا يَقْعُدُوا مَعَهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ قالَ: كانَ يُرى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في أهْلِ الأهْواءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قالَ: لا تُجالِسُوا أهْلَ الخُصُوماتِ، فَإنَّهُمُ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: إنَّ أصْحابَ الأهْواءِ مِنَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، «عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: كانَ (p-٨٩)المُشْرِكُونَ يَجْلِسُونَ إلى النَّبِيِّ ﷺ يُحِبُّونَ أنْ يَسْمَعُوا مِنهُ، فَإذا سَمِعُوا اسْتَهْزَءُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ الآيَةَ، قالَ: فَجَعَلُوا إذا اسْتَهْزَءُوا قامَ، فَحَذِرُوا وقالُوا: لا تَسْتَهْزِئُوا فَيَقُومَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ أنْ يَخُوضُوا فَيَقُومَ، ونَزَلَ: ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ أنْ تَقْعُدَ مَعَهم، ولَكِنْ لا تَقْعُدْ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ قَوْلُهُ بِالمَدِينَةِ: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ﴾ [النساء: ١٤٠] إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّكم إذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٠] [النِّساءِ: ١٤٠] نَسَخَ قَوْلَهُ: ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وأبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ في الإبانَةِ، «عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ، نُهِيَ أنْ يَقْعُدَ مَعَهم إذا سَمِعَهم يَقُولُونَ في القُرْآنِ غَيْرَ الحَقِّ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي وائِلٍ قالَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنَ الكَذِبِ لِيُضْحِكَ بِها جُلَساءَهُ فَيَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِإبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ فَقالَ: صَدَقَ أوَلَيْسَ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُقاتِلٍ قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ إذا سَمِعُوا القُرْآنَ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ خاضُوا واسْتَهْزَءُوا فَقالَ المُسْلِمُونَ: لا يَصْلُحُ لَنا مُجالَسَتُهم، نَخافُ أنْ نَخْرُجَ حِينَ نَسْمَعُ قَوْلَهم، ونُجالِسَهم فَلا نَعِيبَ عَلَيْهِمْ ! (p-٩٠)فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ الآيَةَ، قالَ: نَسَخَتْها هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي في سُورَةِ النِّساءِ: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها﴾ [النساء: ١٤٠] الآيَةَ، ثُمَّ أنْزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] [التَّوْبَةِ: ٥] . وأخْرَجَ النَّحّاسُ في ناسِخِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ قالَ: هَذِهِ مَكِّيَّةٌ نُسِخَتْ بِالمَدِينَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها﴾ [النساء: ١٤٠] الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ إنْ قَعَدُوا ولَكِنْ لا تَقْعُدْ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا هاجَرَ المُسْلِمُونَ إلى المَدِينَةِ جَعَلَ المُنافِقُونَ يُجالِسُونَهم، فَإذا سَمِعُوا القُرْآنَ خاضُوا واسْتَهْزَءُوا كَفِعْلِ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: لا حَرَجَ عَلَيْنا قَدْ رَخَّصَ اللَّهُ لَنا في مُجالَسَتِهِمْ، وما عَلَيْنا مِن خَوْضِهِمْ. فَنَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ قالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بِقَوْمٍ (p-٩١)قَعَدُوا عَلى شَرابٍ ومَعَهم رَجُلٌ صائِمٌ، فَضَرَبَهُ وقالَ: ﴿فَلا تَقْعُدُوا مَعَهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [النساء: ١٤٠] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب