الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ هو القادِرُ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: يَعْنِي مِن أُمَرائِكم، ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ يَعْنِي سِفْلَتَكم، ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ . يَعْنِي بِالشِّيَعِ: الأهْواءَ المُخْتَلِفَةَ، ﴿ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قالَ: يُسَلِّطُ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ بِالقَتْلِ والعَذابِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: أئِمَّةَ السُّوءِ ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: خَدَمَ السُّوءِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: مِن قِبَلِ أُمَرائِكم وأشْرافِكم ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: مِن قِبَلِ سِفْلَتِكم وعَبِيدِكم. (p-٧٣)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي مالِكٍ: ﴿عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: القَذْفَ، ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: الخَسْفَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: الصَّيْحَةَ والحِجارَةَ والرِّيحَ ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: الرَّجْفَةَ والخَسْفَ، وهُما عَذابُ أهْلِ التَّكْذِيبِ ﴿ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قالَ: عَذابَ أهْلِ الإقْرارِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ: الحِجارَةَ ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: الخَسْفَ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ قالَ: الِاخْتِلافُ والأهْواءُ المُفْتَرِقَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: عَذابُ هَذِهِ الأُمَّةِ أهْلِ الإقْرارِ بِالسَّيْفِ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ وعَذابُ أهْلِ التَّكْذِيبِ الصَّيْحَةُ والزَّلْزَلَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبُخارِيُّ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ في الفِتَنِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ،، وابْنُ حِبّانَ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الأسْماءِ والصِّفاتِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ (p-٧٤)قالَ: هَذا أهْوَنُ أوْ أيْسَرُ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكم أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أعُوذُ بِاللَّهِ مِن ذَلِكَ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ قالَ: هَذا أيْسَرُ، ولَوِ اسْتَعاذَهُ لَأعاذَهُ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ في الفِتَنِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في هَذِهِ الآيَةِ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكم أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: أما إنَّها كائِنَةٌ ولَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُها بَعْدُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ مِن طَرِيقِ أبِي العالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ هو القادِرُ﴾ الآيَةَ، قالَ: هُنَّ أرْبَعٌ وكُلُّهُنَّ عَذابٌ، وكُلُّهُنَّ (p-٧٥)واقِعٌ لا مَحالَةَ، فَمَضَتِ اثْنَتانِ بَعْدَ وفاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخَمْسٍ وعِشْرِينَ سَنَةً، فَأُلْبِسُوا شِيَعًا، وذاقَ بَعْضُهم بَأْسَ بَعْضٍ، وبَقِيَتِ اثْنَتانِ واقِعَتانِ لا مَحالَةَ الخَسْفُ والرَّجْمُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿قُلْ هو القادِرُ﴾ قامَ النَّبِيُّ ﷺ فَتَوَضَّأ ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ لا تُرْسِلْ عَلى أُمَّتِي عَذابًا مِن فَوْقِهِمْ ولا مِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ ولا تَلْبِسْهم شِيَعًا، ولا تُذِقْ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ. فَأتاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أجارَ أُمَّتَكَ أنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ عَذابًا مِن فَوْقِهِمْ أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «دَعَوْتُ رَبِّي أنْ يَرْفَعَ عَنْ أُمَّتِي أرْبَعًا، فَرَفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ وأبى أنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ، دَعَوْتُ رَبِّي أنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّماءِ، والغَرَقَ مِنَ الأرْضِ، وألّا يَلْبِسَهم شِيَعًا، وألّا يُذِيقَ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ، فَرَفَعَ عَنْهُمُ الرَّجْمَ والغَرَقَ، وأبى أنْ يَرْفَعَ القَتْلَ والهَرْجَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أقْبَلَ ذاتَ يَوْمٍ مِنَ العالِيَةِ، حَتّى إذا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وصَلَّيْنا مَعَهُ (p-٧٦)ودَعا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَيْنا فَقالَ: سَألْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالغَرَقِ فَأعْطانِيها وسَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمَنَعَنِيها» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيانَ قالَ: «خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: تَحَدَّثُونَ أنِّي مِن آخِرِكم وفاةً ؟ قُلْنا: أجَلْ، قالَ: فَإنِّي مِن أوَّلِكم وفاةً، وتَتْبَعُونِي أفْنادًا، يُهْلِكُ بَعْضُكم بَعْضًا ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ حَتّى بَلَغَ ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام»: ٦٧] . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ والبَزّارُ، وابْنُ حِبّانَ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ واللَّفْظُ لَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ ثَوْبانَ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ رَبِّي زَوى لِيَ الأرْضَ حَتّى رَأيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وأعْطانِي الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ، وإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زَوى لِي مِنها، وإنِّي سَألْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ألّا يُهْلَكُها بِسَنَةٍ عامَّةٍ فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلَيْها عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُذِيقَ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيها، وقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي إذا (p-٧٧)قَضَيْتُ قَضاءً لَمْ يُرَدَّ، إنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ ألّا أُهْلِكَها بِسَنَةٍ عامَّةٍ، ولا أُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهم بِعامَّةٍ، ولَوِ اجْتَمَعَ مَن بَيْنَ أقْطارِها حَتّى يَكُونَ بَعْضُهم هو يُهْلِكُ بَعْضًا، وبَعْضُهم هو يَسْبِي بَعْضًا، وإنِّي لا أخافُ عَلى أُمَّتِي إلّا الأئِمَّةَ المُضِلِّينَ، ولَنْ تَقُومَ السّاعَةُ حَتّى تَلْحَقَ قَبائِلُ مِن أُمَّتِي بِالمُشْرِكِينَ، وحَتّى تَعْبُدَ قَبائِلُ مِن أُمَّتِي الأوْثانَ، وإذا وُضِعَ السَّيْفُ في أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْها إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وإنَّهُ قالَ كُلَّ ما يُوجَدُ في مِائَةٍ سَنَةٍ، وسَيَخْرُجُ في أُمَّتِي كَذّابُونَ ثَلاثُونَ، كُلُّهم يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وأنا خاتَمُ الأنْبِياءِ، لا نَبِيَّ بَعْدِي، ولَنْ تَزالَ في أُمَّتِي طائِفَةٌ يُقاتِلُونَ عَلى الحَقِّ ظاهِرِينَ لا يَضُرُّهم مَن خَذَلَهم حَتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللَّهِ، قالَ: وزَعَمَ أنَّهُ لا يَنْزِعُ رَجُلٌ مِن أهْلِ الجَنَّةِ شَيْئًا مِن ثَمَرِها إلّا أخْلَفَ اللَّهُ مَكانَها مِثْلَها، وإنَّهُ قالَ: لَيْسَ دِينارٌ يُنْفِقُهُ رَجُلٌ بِأعْظَمَ أجْرًا مِن دِينارٍ يُنْفِقُهُ عَلى عِيالِهِ، ثُمَّ دِينارٌ يُنْفِقُهُ عَلى فَرَسِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ دِينارٌ يُنْفِقُهُ عَلى أصْحابِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ، قالَ: وزَعَمَ أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ عَظَّمَ شَأْنَ المَسْألَةِ، وأنَّهُ إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ جاءَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَحْمِلُونَ أوْثانَهم عَلى ظُهُورِهِمْ، فَيَسْألُهم رَبُّهم ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنا، لَمْ تُرْسِلْ إلَيْنا رَسُولًا ولَمْ يَأْتِنا أمْرٌ، فَيَقُولُ: أرَأيْتُمْ إنْ أمَرْتُكم بِأمْرٍ تُطِيعُونِي فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَأْخُذُ مَواثِيقَهم عَلى ذَلِكَ فَيَأْمُرُهم أنْ يَعْمِدُوا لِجَهَنَّمَ فَيَدْخُلُونَها، فَيَنْطَلِقُونَ حَتّى إذا جاءُوها رَأوْا لَها تَغَيُّظًا وزَفِيرًا فَهابُوا فَرَجَعُوا إلى رَبِّهِمْ فَقالُوا: رَبَّنا فَرِقْنا مِنها، فَيَقُولُ: ألَمْ تُعْطُونِي مَواثِيقَكم لَتُطِيعُنَّ ؟ اعْمَدُوا إلَيْها فادْخُلُوا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتّى إذا رَأوْها فَرِقُوا فَرَجَعُوا، فَيَقُولُ: ادْخُلُوها داخِرِينَ، قالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: لَوْ دَخَلُوها أوَّلَ مَرَّةٍ كانَتْ (p-٧٨)عَلَيْهِمْ بَرْدًا وسَلامًا» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، «عَنْ جابِرِ بْنِ عَتِيكٍ قالَ: جاءَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو في بَنِي مُعاوِيَةَ، وهي قَرْيَةٌ مِن قُرى الأنْصارِ فَقالَ لِي: هَلْ تَدْرِي أيْنَ صَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن مَسْجِدِكم هَذا ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وأشَرْتُ لَهُ إلى ناحِيَةٍ مِنهُ فَقالَ: هَلْ تَدْرِي ما الثَّلاثُ الَّتِي دَعا بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقالَ: أخْبِرْنِي بِهِنَّ، قُلْتُ: دَعا ألّا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ، ولا يُهْلِكَهم بِالسِّنِينَ فَأُعْطِيَها، ودَعا بِألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمُنِعَها، قالَ: صَدَقْتَ لا يَزالُ الهَرْجُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي بَصْرَةَ الغِفارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «سَألْتُ رَبِّي أرْبَعًا فَأعْطانِي ثَلاثًا ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُ اللَّهَ ألّا يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلى ضَلالَةٍ فَأعْطانِيها، وسَألْتُ اللَّهَ ألّا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَأعْطانِيها، وسَألْتُ اللَّهَ ألّا يُهْلِكَهم بِالسِّنِينَ كَما أهْلَكَ الأُمَمَ فَأعْطانِيها، وسَألْتُ اللَّهَ ألّا يَلْبِسَهم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيها» . (p-٧٩)وأخْرَجَ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، «عَنْ أنَسٍ قالَ: رَأيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ صَلّى سُبْحَةَ الضُّحى ثَمانِ رَكَعاتٍ، فَلَمّا انْصَرَفَ قالَ: إنِّي صَلَّيْتُ صَلاةَ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، سَألْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا يَبْتَلِيَ أُمَّتِي بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ، وسَألْتُهُ ألّا يُظْهِرَ عَلَيْها عَدُوَّهم فَفَعَلَ، وسَألْتُهُ ألّا يَلْبِسَهم شِيَعًا فَأبى عَلَيَّ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ قالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إلى حَرَّةِ بَنِي مُعاوِيَةَ، واتَّبَعْتُ أثَرَهُ، حَتّى ظَهَرَ عَلَيْها، فَصَلّى الضُّحى ثَمانِ رَكَعاتٍ، فَأطالَ فِيهِنَّ، ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ فَقالَ: إنِّي سَألْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً؛ سَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلى أُمَّتِي عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَأعْطانِي، وسَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَهم بِغَرَقٍ فَأعْطانِي، وسَألْتُهُ ألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمَنَعَنِي» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَألْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُ رَبِّي ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ، وسَألْتُ رَبِّي ألّا يُسَلِّطَ عَلى أُمَّتِي عَدُوًّا لَها فَفَعَلَ، وسَألْتُ رَبِّي ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بَعْضَها بِبَعْضٍ فَمَنَعَنِيها» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «صَلَّيْتُ صَلاةً رَغَبًا ورَهَبًا، ودَعَوْتُ دُعاءً رَغَبًا ورَهَبًا، حَتّى فَرَجَ لِي عَنِ الجَنَّةِ، فَرَأيْتُ عَناقِيدَها، (p-٨٠)فَهَوَيْتُ أنْ أتَناوَلَ مِنها شَيْئًا فَخُوِّفْتُ بِالنّارِ، فَسَألْتُ رَبِّي ثَلاثًا، فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ وكَفَّ عَنِّي الثّالِثَةَ، سَألْتُهُ ألّا يُظْهِرَ عَلى أُمَّتِي عَدُوَّها فَفَعَلَ، وسَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَها بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ، وسَألْتُهُ ألّا يَلْبِسَها شِيَعًا، ولا يُذِيقَ بَعْضَها بَأْسَ بَعْضٍ فَكَفَّها عَنِّي» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادٍ قالَ: «فَقَدَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ أوْ سَعْدُ بْنُ مُعاذٍ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَهُ قائِمًا يُصَلِّي في الحَرَّةِ فَأتاهُ فَتَنَحْنَحَ، فَلَمّا انْصَرَفَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، رَأيْتُكَ صَلَّيْتَ صَلاةً لَمْ تُصَلِّ مِثْلَها ! قالَ: صَلَّيْتُ صَلاةَ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، سَألْتُ رَبِّي فِيها ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي جُوعًا فَفَعَلَ، ثُمَّ قَرَأ﴿ولَقَدْ أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٠] الآيَةَ [الأعْرافِ: ١٣٠]، وسَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَفَعَلَ ثُمَّ قَرَأ ”هو الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينَ الحَقِّ“ إلى آخِرِ الآيَةِ [التَّوْبَةِ: ٣٣، الفَتْحِ: ٢٨] وسَألْتُهُ ألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمَنَعَنِي ثُمَّ قَرَأ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ ثُمَّ قالَ: لا يَزالُ هَذا الدِّينُ ظاهِرًا عَلى مَن ناوَأهم» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، «عَنْ خَبّابِ بْنِ الأرَتِّ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ قالَ: راقَبَ خَبّابٌ النَّبِيَّ ﷺ وهو يُصَلِّي حَتّى إذا كانَ في الصُّبْحِ قالَ لَهُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، لَقَدْ رَأيْتُكَ تُصَلِّي هَذِهِ اللَّيْلَةَ صَلاةً ما رَأيْتُكَ تُصَلِّي مِثْلَها ! قالَ: أجَلْ، إنَّها صَلاةُ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، سَألْتُ رَبِّي فِيها ثَلاثَ خِصالٍ، (p-٨١)فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَنا بِما أهْلَكَ بِهِ الأُمَمَ قَبْلَكم فَأعْطانِي وسَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلَيْنا عَدُوًّا مِن غَيْرِنا فَأعْطانِي، وسَألْتُهُ ألّا يَلْبِسَنا شِيَعًا فَمَنَعَنِي» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طَرِيقِ نافِعِ بْنِ خالِدٍ الخُزاعِيِّ، عَنْ أبِيهِ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلّى صَلاةً خَفِيفَةً تامَّةَ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ فَقالَ: قَدْ كانَتْ صَلاةَ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، فَسَألْتُ اللَّهَ فِيها ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ وبَقِيَ واحِدَةٌ، سَألْتُ اللَّهَ ألّا يُصِيبَكم بِعَذابٍ أصابَ بِهِ مَن قَبْلَكم فَأعْطانِيها، وسَألْتُ اللَّهَ ألّا يُسَلِّطَ عَلَيْكم عَدُوًّا يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَكم فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يَلْبِسَكم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيها» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ خالِدٍ الخُزاعِيِّ وكانَ مِن أصْحابِ الشَّجَرَةِ قالَ: «صَلّى بِنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ صَلاةً فَأخَفَّ، وجَلَسَ فَأطالَ الجُلُوسَ، فَلَمّا انْصَرَفَ قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ أطَلْتَ الجُلُوسَ في صَلاتِكَ ! قالَ: إنَّها صَلاةُ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، سَألْتُ اللَّهَ فِيها ثَلاثَ خِصالٍ فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا يُسْحِتَكم بِعَذابٍ أصابَ مَن كانَ قَبْلَكم فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلى بَيْضَتِكم عَدُوًّا فَيَجْتاحُها فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يَلْبِسَكم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيها» . (p-٨٢)وأخْرَجَ نُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ في كِتابِ الفِتَنِ، عَنْ ضِرارِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ قالَ: أرْبَعُ فِتَنٍ، تَأْتِي فِتْنَتُهُ الأُولى يُسْتَحَلُّ فِيها الدِّماءُ، والثّانِيَةُ يُسْتَحَلُّ فِيها الدِّماءُ والأمْوالُ، والثّالِثَةُ يُسْتَحَلُّ فِيها الدِّماءُ والأمْوالُ والفُرُوجُ، والرّابِعَةُ عَمْياءُ مُظْلِمَةٌ تَمُورُ مَوْرَ البَحْرِ، تَنْتَشِرُ حَتّى لا يَبْقى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلّا دَخَلَتْهُ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ يَرْفَعُهُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ اللَّهَ زَوى لِيَ الأرْضَ حَتّى رَأيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ ما زَوى لِي مِنها، وإنِّي أُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ، وإنِّي سَألْتُ رَبِّي ألّا يُهْلِكَ قَوْمِي بِسَنَةٍ عامَّةٍ، وألّا يَلْبِسَهم شِيَعًا ولا يُذِيقَ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ إنِّي إذا قَضَيْتُ قَضاءً فَإنَّهُ لا يُرَدُّ، وإنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ ألّا أُهْلِكَهم بِسَنَةٍ عامَّةٍ، ولا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن سِواهم فَيُهْلِكُوهم، حَتّى يَكُونَ بَعْضُهم يُهْلِكُ بَعْضًا، وبَعْضُهم يَقْتُلُ بَعْضًا، وبَعْضُهم يَسْبِي بَعْضًا، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: إنِّي أخافُ [١٥٤و] عَلى أُمَّتِي الأئِمَّةَ المُضِلِّينَ، فَإذا وُضِعَ السَّيْفُ في أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهم إلى يَوْمِ القِيامَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ واللَّفْظُ لَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: «صَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلاةً فَأطالَ قِيامَها ورُكُوعَها وسُجُودَها، فَلَمّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أطَلْتَ اليَوْمَ (p-٨٣)الصَّلاةَ ! فَقالَ إنَّها صَلاةُ رَغْبَةٍ ورَهْبَةٍ، إنِّي سَألْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأعْطانِي اثْنَتَيْنِ ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُ رَبِّي ألّا يُسَلِّطَ عَلى أُمَّتِي عَدُوًّا مِن سِواهم فَيُهْلِكَهم عامَّةً فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ سَنَةً فَتُهْلِكَهم عامَّةً فَأعْطانِيها - ولَفْظُ أحْمَدَ، وابْنِ ماجَهْ وسَألْتُهُ ألّا يُهْلِكَهم غَرَقًا فَأعْطانِيها - وسَألْتُهُ ألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمَنَعَنِيها» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «سَألْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أرْبَعَ خِصالٍ فَأعْطانِي ثَلاثًا ومَنَعَنِي واحِدَةً، سَألْتُهُ ألّا تَكْفُرَ أُمَّتِي واحِدَةً فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يُعَذِّبَهم بِما عَذَّبَ بِهِ الأُمَمَ مِن قَبْلِهِمْ فَأعْطانِيها، وسَألْتُهُ ألّا يَجْعَلَ بَأْسَهم بَيْنَهم فَمَنَعَنِيها» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا﴾ قامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَوَضَّأ فَسَألَ رَبَّهُ ألّا يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ عَذابًا مِن فَوْقِهِمْ أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ، ولا يَلْبِسَ أُمَّتَهُ شِيَعًا، ويُذِيقَ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ كَما أذاقَ بَنِي إسْرائِيلَ، فَهَبَطَ إلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ إنَّكَ سَألْتَ رَبَّكَ أرْبَعًا، فَأعْطاكَ اثْنَتَيْنِ ومَنَعَكَ اثْنَتَيْنِ، لَنْ يَأْتِيَهم عَذابٌ مِن فَوْقِهِمْ ولا مِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ يَسْتَأْصِلُهم، فَإنَّهُما عَذابانِ لِكُلِّ أُمَّةٍ اسْتَجْمَعَتْ عَلى تَكْذِيبِ (p-٨٤)نَبِيِّها، ورَدِّ كِتابِ رَبِّها، ولَكِنَّهم يَلْبِسُهم شِيَعًا، ويُذِيقُ بَعْضَهم بَأْسَ بَعْضٍ، وهَذانِ عَذابانِ لِأهْلِ الإقْرارِ بِالكُتُبِ والتَّصْدِيقِ بِالأنْبِياءِ، ولَكِنْ يُعَذَّبُونَ بِذُنُوبِهِمْ، وأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ ﴿فَإمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإنّا مِنهم مُنْتَقِمُونَ﴾ [الزخرف: ٤١] . يَقُولُ: مِن أُمَّتِكَ، ﴿أوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وعَدْناهُمْ﴾ [الزخرف: ٤٢] مِنَ العَذابِ وأنْتَ حَيٌّ ﴿فَإنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ﴾ [الزخرف: ٤٢] [الزُّخْرُفِ: ٤١، ٤٢]، فَقامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فَراجَعَ رَبَّهُ فَقالَ: أيُّ مُصِيبَةٍ أشَدُّ مِن أنْ أرى أُمَّتِي يُعَذِّبُ بَعْضُها بَعْضًا. وأوْحى إلَيْهِ ﴿الم﴾ [العنكبوت: ١] ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا﴾ [العنكبوت: ٢] الآيَتَيْنِ [العَنْكَبُوتِ: ١، ٢] . فَأعْلَمَهُ أنَّ أُمَّتَهُ لَمْ تُخَصَّ دُونَ الأُمَمِ بِالفِتَنِ، وأنَّها سَتُبْتَلى كَما ابْتُلِيَتِ الأُمَمُ، ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿قُلْ رَبِّ إمّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٣] ﴿رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي في القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [المؤمنون: ٩٤] [المُؤْمِنُونَ: ٩٣، ٩٤] فَتَعَوَّذَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأعاذَهُ اللَّهُ، لَمْ يَرَ مِن أُمَّتِهِ إلّا الجَماعَةَ والأُلْفَةَ والطّاعَةَ، ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةً حَذَّرَ فِيها أصْحابَهُ الفِتْنَةَ، فَأخْبَرَهُ أنَّهُ إنَّما يُخَصُّ بِها ناسٌ مِنهم دُونَ ناسٍ، فَقالَ: ﴿واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكم خاصَّةً واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ [الأنفال: ٢٥] [الأنْفالِ: ٢٥] فَخَصَّ بِها أقْوامًا مِن أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ بَعْدَهُ، وعَصَمَ بِها أقْوامًا» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا﴾ الآيَةَ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكم رِقابَ بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ. فَقالُوا: ونَحْنُ نَشْهَدُ (p-٨٥)أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ؟! قالَ: نَعَمْ، فَقالَ بَعْضُ النّاسِ: لا يَكُونُ هَذا أبَدًا. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهم يَفْقَهُونَ﴾ ﴿وكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وهو الحَقُّ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿وسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام»: ٦٧] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿عَذابًا مِن فَوْقِكم أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ قالَ: هَذا لِلْمُشْرِكِينَ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قالَ: هَذا لِلْمُسْلِمِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ قانِعٍ في مُعْجَمِهِ، عَنِ ابْنِ إسْحاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ قالَ: قَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ عَلى أبِيهِ ﴿وكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وهو الحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكم بِوَكِيلٍ﴾ فَقالَ: أما واللَّهِ يا بُنَيَّ لَوْ كُنْتَ إذْ ذاكَ ونَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِمَكَّةَ فَهِمْتَ مِنها إذْ ذاكَ ما فَهِمْتُ اليَوْمَ، لَقَدْ كُنْتُ إذْ ذاكَ أسْلَمْتُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ﴾ يَقُولُ: كَذَّبَتْ قُرَيْشٌ بِالقُرْآنِ ﴿وهُوَ الحَقُّ﴾ وأمّا الوَكِيلُ: فالحَفِيظُ. وأمّا ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ فَكانَ نَبَأُ القُرْآنِ اسْتَقَرَّ يَوْمَ بَدْرٍ بِما كانَ يَعِدُهم مِنَ العَذابِ. وأخْرَجَ النَّحّاسُ في ناسِخِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لَسْتُ عَلَيْكم بِوَكِيلٍ﴾ . (p-٨٦)قالَ: نَسَخَ هَذِهِ آيَةُ السَّيْفِ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] [التَّوْبَةِ: ٥] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ يَقُولُ: حَقِيقَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قَرَأ ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ قالَ: حُبِسَتْ عُقُوبَتُها، حَتّى عُمِلَ ذَنْبُها أُرْسِلَتْ عُقُوبَتُها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ يَقُولُ: فِعْلٌ وحَقِيقَةٌ ما كانَ مِنهُ في الدُّنْيا وما كانَ مِنهُ في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ قالَ: لِكُلِّ نَبَأٍ حَقِيقَةٌ، أمّا في الدُّنْيا فَسَوْفَ تَرَوْنَهُ، وأمّا في الآخِرَةِ فَسَوْفَ يَبْدُو لَكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب