الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «حُرِّمَتِ الخَمْرُ ثَلاثَ مَرّاتٍ، قَدِمَ رَسُولُ (p-٤٥٤)اللَّهِ ﷺ وهم يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، ويَأْكُلُونَ المَيْسِرَ، فَسَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْهُما، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ [البَقَرَةِ: ٢١٩]، فَقالَ النّاسُ: ما حُرِّمَ عَلَيْنا، إنَّما قالَ: ﴿إثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩] وكانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، حَتّى كانَ يَوْمٌ مِنَ الأيّامِ، صَلّى رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرِينَ، أمَّ أصْحابَهُ في المَغْرِبِ، خَلَطَ في قِراءَتِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ أغْلَظَ مِنها: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] [النِّساءِ: ٤٣]، وكانَ النّاسُ يَشْرَبُونَ حَتّى يَأْتِيَ أحَدُهُمُ الصَّلاةَ وهو مُفِيقٌ، ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةٌ أغْلَظُ مِن ذَلِكَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ قالُوا: انْتَهَيْنا رَبَّنا، فَقالَ النّاسُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ناسٌ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ، وماتُوا عَلى فُرُشِهِمْ، كانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، ويَأْكُلُونَ المَيْسِرَ، وقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ رِجْسًا مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ كَما تَرَكْتُمْ») .
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «نَزَلَ في الخَمْرِ ثَلاثُ آياتٍ، فَأوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ، فَقِيلَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ (p-٤٥٥)فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنا نَنْتَفِعْ بِها كَما قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] فَقِيلَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لا نَشْرَبُها قُرْبَ الصَّلاةِ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (حُرِّمَتِ الخَمْرُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ في (ناسِخِهِ)، وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: فِيَّ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ طَعامًا فَدَعانا، فَأتاهُ ناسٌ، فَأكَلُوا وشَرِبُوا حَتّى انْتَشَوْا مِنَ الخَمْرِ، وذَلِكَ قَبْلَ أنْ تُحَرَّمَ الخَمْرُ، فَتَفاخَرُوا، فَقالَتِ الأنْصارُ: الأنْصارُ خَيْرٌ، وقالَتْ قُرَيْشٌ: قُرَيْشٌ خَيْرٌ، فَأهْوى رَجُلٌ بَلَحْيَيْ جَزُورٍ فَضَرَبَ عَلى أنْفِي فَفَزَرَهُ، فَكانَ سَعْدٌ مَفْزُورَ الأنْفِ، قالَ: فَأتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ ابْنِ شِهابٍ أنَّ سالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ، أنَّ أوَّلَ ما حُرِّمَتِ الخَمْرُ، أنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وقّاصٍ وأصْحابًا لَهُ شَرِبُوا، فاقْتَتَلُوا، (p-٤٥٦)فَكَسَرُوا أنْفَ سَعْدٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: «نَزَلَتْ فِيَّ ثَلاثُ آياتٍ مِن كِتابِ اللَّهِ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، نادَمْتُ رَجُلًا فَعارَضْتُهُ وعارَضَنِي، فَعَرْبَدْتُ عَلَيْهِ، فَشَجَجْتُهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ ونَزَلَتْ فِيَّ: ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ إحْسانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا﴾ [الأحقاف: ١٥] إلى آخِرِ الآيَةِ [الأحْقافِ: ١٥]، ونَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكم صَدَقَةً﴾ [المجادلة: ١٢] [المُجادَلَةِ: ١٢]، فَقَدَّمْتُ شَعِيرَةً، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنَّكَ لَزَهِيدٌ)، فَنَزَلَتِ الآيَةُ الأُخْرى: ﴿أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا﴾ [المجادلة: ١٣] الآيَةَ [المُجادَلَةَ»: ١٣] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ في قَبِيلَتَيْنِ مِن قَبائِلِ الأنْصارِ شَرِبُوا فَلَمّا أنْ ثَمِلَ القَوْمُ عَبَثَ بَعْضُهم بِبَعْضٍ، فَلَمّا أنْ صَحَوْا جَعَلَ يَرى الرَّجُلُ مِنهُمُ الأثَرَ بِوَجْهِهِ وبِرَأْسِهِ ولِحْيَتِهِ، فَيَقُولُ: صَنَعَ بِي هَذا أخِي فُلانٌ، وكانُوا إخْوَةً لَيْسَ في (p-٤٥٧)قُلُوبِهِمْ ضَغائِنُ، واللَّهِ لَوْ كانَ بِي رَؤُوفًا رَحِيمًا ما صَنَعَ بِي هَذا، حَتّى وقَعَتِ الضَّغائِنُ في قُلُوبِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَقالَ ناسٌ مِنَ المُتَكَلِّفِينَ: هي رِجْسٌ، وهي في بَطْنِ فُلانٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وفُلانٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: بَيْنَما نَحْنُ قُعُودٌ عَلى شَرابٍ لَنا، ونَحْنُ نَشْرَبُ الخَمْرَ حِلًّا، إذْ قُمْتُ حَتّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَجِئْتُ إلى أصْحابِي فَقَرَأْتُها عَلَيْهِمْ، قالَ: وبَعْضُ القَوْمِ شَرْبَتُهُ في يَدِهِ، قَدْ شَرِبَ بَعْضًا وبَقِيَ بَعْضٌ في الإناءِ، فَقالَ بِالإناءِ تَحْتَ شَفَتِهِ العُلْيا كَما يَفْعَلُ الحَجّامُ، ثُمَّ صَبُّوا ما في باطِيَتِهِمْ، فَقالُوا: انْتَهَيْنا رَبَّنا.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: (يا أهْلَ المَدِينَةِ، إنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ عَنِ الخَمْرِ تَعْرِيضًا، لا أدْرِي لَعَلَّهُ سَيَنْزِلُ فِيها أمْرٌ)، ثُمَّ قامَ فَقالَ: (يا أهْلَ المَدِينَةِ، إنَّ اللَّهَ قَدْ أنْزَلَ إلَيَّ تَحْرِيمَ الخَمْرِ، فَمَن كَتَبَ (p-٤٥٨)مِنكم هَذِهِ الآيَةَ، وعِنْدَهُ مِنها شَيْءٌ فَلا يَشْرَبْها») .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابِطٍ قالَ: زَعَمُوا أنَّ عُثْمانَ بْنَ مَظْعُونٍ حَرَّمَ الخَمْرَ في الجاهِلِيَّةِ، وقالَ: لا أشْرَبُ شَيْئًا يُذْهِبُ عَقْلِي، ويُضْحِكُ بِي مَن هو أدْنى مِنِّي، ويَحْمِلُنِي عَلى أنْ أُنْكِحَ كَرِيمَتِي مَن لا أُرِيدُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في سُورَةِ المائِدَةِ في الخَمْرِ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، وتَلا عَلَيْهِ الآيَةَ، فَقالَ: تَبًّا لَها، قَدْ كانَ بَصَرِي فِيها ثابِتًا.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ في البَقَرَةِ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾ [البقرة: ٢١٩] [البَقَرَةِ: ٢١٩]، شَرِبَها قَوْمٌ لِقَوْلِهِ: ( مَنافِعَ لِلنّاسِ ) وتَرَكَها قَوْمٌ لِقَوْلِهِ: ﴿إثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩] مِنهم عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ، حَتّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي في النِّساءِ: ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] [النِّساءِ: ٤٣]، فَتَرَكَها قَوْمٌ، وشَرِبَها قَوْمٌ، يَتْرُكُونَها بِالنَّهارِ حِينَ الصَّلاةِ، ويَشْرَبُونَها بِاللَّيْلِ، حَتّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي في المائِدَةِ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ، قالَ عُمَرُ: أقُرِنَتْ بِالمَيْسِرِ والأنْصابِ والأزْلامِ؟ بُعْدًا لَكِ وسُحْقًا، فَتَرَكَها النّاسُ، ووَقَعَ في صُدُورِ أُناسٍ مِنَ النّاسِ مِنها، فَجَعَلَ قَوْمٌ يُمَرُّ بِالرّاوِيَةِ مِنَ الخَمْرِ فَتُخْرَقُ، فَيَمُرُّ بِها أصْحابُها فَيَقُولُونَ: قَدْ كُنّا نُكْرِمُكِ عَنْ هَذا المَصْرَعِ، وقالُوا: ما حُرِّمَ عَلَيْنا شَيْءٌ أشَدُّ مِنَ الخَمْرِ، حَتّى جَعَلَ الرَّجُلُ (p-٤٥٩)يَلْقى صاحِبَهُ فَيَقُولُ: إنَّ في نَفْسِي شَيْئًا، فَيَقُولُ لَهُ صاحِبُهُ: لَعَلَّكَ تَذْكُرُ الخَمْرَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: إنَّ في نَفْسِي مِثْلَ ما في نَفْسِكَ، حَتّى ذَكَرَ ذَلِكَ قَوْمٌ واجْتَمَعُوا فِيهِ، فَقالُوا: كَيْفَ نَتَكَلَّمُ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ شاهِدٌ؟ وخافُوا أنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ، فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وقَدْ أعَدُّوا لَهُ حُجَّةً، فَقالُوا: أرَأيْتَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ومُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ، ألَيْسُوا في الجَنَّةِ؟ قالَ: (بَلى)، قالُوا: ألَيْسُوا قَدْ مَضَوْا وهم يَشْرَبُونَ الخَمْرَ؟ فَحُرِّمَ عَلَيْنا شَيْءٌ دَخَلُوا الجَنَّةَ وهم يَشْرَبُونَهُ؟ فَقالَ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ما قُلْتُمْ، فَإنْ شاءَ أجابَكُمْ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ قالُوا: انْتَهَيْنا، ونَزَلَ في الَّذِينَ ذَكَرُوا حَمْزَةَ وأصْحابَهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] [البَقَرَةِ: ٢١٩]، قالَ: المَيْسِرُ هو القِمارُ كُلُّهُ، ﴿قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾ [البقرة: ٢١٩] قالَ: فَذَمَّهُما ولَمْ يُحَرِّمْهُما، وهي لَهم حَلالٌ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ أنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ في شَأْنِ الخَمْرِ، وهي أشَدُّ مِنها، فَقالَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣]، فَكانَ السُّكْرُ مِنها حَرامًا، ثُمَّ أنْزَلَ الآيَةَ الَّتِي في المائِدَةِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَجاءَ تَحْرِيمُها في هَذِهِ الآيَةِ، قَلِيلِها وكَثِيرِها، ما أسْكَرَ مِنها وما لَمْ يُسْكِرْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: أوَّلُ ما نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ، قالَ بَعْضُ النّاسِ: نَشْرَبُها لِمَنافِعِها الَّتِي فِيها، وقالَ آخَرُونَ: لا خَيْرَ في شَيْءٍ فِيهِ إثْمٌ، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] الآيَةَ، فَقالَ بَعْضُ النّاسِ: نَشْرَبُها ونَجْلِسُ في بُيُوتِنا، وقالَ آخَرُونَ: لا خَيْرَ في شَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَنا وبَيْنَ الصَّلاةِ مَعَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ، ﴿فانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] فَنَهاهم فانْتَهَوْا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] قالَ: كانَ القَوْمُ يَشْرَبُونَها حَتّى إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ أمْسَكُوا عَنْها قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قالَ حِينَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (قَدْ تَقَرَّبَ اللَّهُ في تَحْرِيمِ الخَمْرِ)، ثُمَّ حَرَّمَها بَعْدَ ذَلِكَ في سُورَةِ المائِدَةِ، بَعْدَ غَزْوَةِ الأحْزابِ، وعَلِمَ أنَّها تُسَفِّهُ الأحْلامَ، وتُجْهِدُ الأمْوالَ، وتَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وعَنِ الصَّلاةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ قالَ: فانْتَهى القَوْمُ عَنِ الخَمْرِ، وأمْسَكُوا عَنْها، قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَمّا أُنْزِلَتْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(يا أيُّها النّاسُ، إنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الخَمْرَ، فَمَن كانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلا يَطْعَمْهُ، ولا تَبِيعُوها»)، فَلَبِثَ المُسْلِمُونَ زَمانًا يَجِدُونَ رِيحَها مِن (p-٤٦١)طُرُقِ المَدِينَةِ مِمّا أهْرَقُوا مِنها.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ الشُّرّابَ كانُوا يُضْرَبُونَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالأيْدِي، والنِّعالِ، والعِصِيِّ، حَتّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: لَوْ فَرَضْنا لَهم حَدًّا، فَتَوَخّى نَحْوَ ما كانُوا يُضْرَبُونَ في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكانَ أبُو بَكْرٍ يَجْلِدُهم أرْبَعِينَ حَتّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ كانَ عُمَرُ مِن بَعْدِهِ يَجْلِدُهم كَذَلِكَ أرْبَعِينَ، حَتّى أُتِيَ بِرَجُلٍ مِنَ المُهاجِرِينَ الأوَّلِينَ، وقَدْ شَرِبَ، فَأمَرَ بِهِ أنْ يُجْلَدَ، فَقالَ: لِمَ تَجْلِدُنِي؟ بَيْنِي وبَيْنَكَ كِتابُ اللَّهِ، قالَ: وفي أيِّ كِتابِ اللَّهِ تَجِدُ ألّا أجْلِدَكَ؟ قالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ في كِتابِهِ:﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ [المائِدَةِ: ٩٣]، فَأنا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ، ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا، شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَدْرًا، وأُحُدًا، والخَنْدَقَ، والمَشاهِدَ، فَقالَ عُمَرُ: ألا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ؟ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هَؤُلاءِ الآياتُ نَزَلَتْ عُذْرًا لِلْماضِينَ، وحُجَّةً عَلى الباقِينَ، عُذْرًا لِلْماضِينَ، لِأنَّهم لَقُوا اللَّهَ قَبْلَ أنْ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الخَمْرَ، وحُجَّةً عَلى الباقِينَ، لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصابُ والأزْلامُ﴾ حَتّى بَلَغَ الآيَةَ الأُخْرى، فَإنْ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا، ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا، فَإنَّ اللَّهَ نَهى أنْ يُشْرَبَ الخَمْرُ، فَقالَ عُمَرُ: فَماذا تَرَوْنَ؟ فَقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: نَرى أنَّهُ إذا شَرِبَ سَكِرَ، وإذا سَكِرَ هَذى، وإذا هَذى افْتَرى، وعَلى المُفْتَرِي ثَمانُونَ جَلْدَةً، فَأمَرَ عُمَرُ فَجُلِدَ ثَمانِينَ. (p-٤٦٢)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ، عَنْ أبِي طَلْحَةَ زَوْجِ أُمِّ أنَسٍ، قالَ: «لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هاتِفًا يَهْتِفُ: (ألا إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَلا تَبِيعُوها ولا تَبْتاعُوها، فَمَن كانَ عِنْدَهُ مِنهُ شَيْءٌ فَلْيُهْرِقْهُ)، قالَ أبُو طَلْحَةَ: يا غُلامُ حُلَّ عَزْلاءَ تِلْكَ المَزادَةِ، فَفَتَحَها فَأهْراقَها، وخَمْرُنا يَوْمَئِذٍ البُسْرُ والتَّمْرُ، فَأهْراقَ النّاسُ حَتّى انْتَبَعَتْ فِجاجُ المَدِينَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: كُنّا نَأْكُلُ مِن طَعامٍ لَنا ونَشْرَبُ عَلَيْهِ مِن هَذا الشَّرابِ، فَأتانا فُلانٌ مِن عِنْدِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنَّكم تَشْرَبُونَ الخَمْرَ، وقَدْ أُنْزِلَ فِيها؟ قُلْنا: ما تَقُولُ؟ قالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ السّاعَةَ، ومِن عِنْدِهِ أتَيْتُكُمْ، فَقُمْنا فَأكْفَيْنا ما كانَ في الإناءِ مِن شَيْءٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «كانَ عِنْدَ أبِي طَلْحَةَ مالٌ لِيَتِيمٍ فاشْتَرى بِهِ خَمْرًا، فَلَمّا حُرِّمَتِ الخَمْرُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: أجْعَلُهُ خَلًّا؟ فَقالَ: (لا، هَرِقْهُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ، أنَّ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فِيها الخَمْرَ نَزَلَتْ ولَيْسَ في المَدِينَةِ شَرابٌ يُشْرَبُ إلّا مِن تَمْرٍ.
وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، عَنْ أنَسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فَدَخَلْتُ عَلى ناسٍ مِن (p-٤٦٣)أصْحابِي وهي بَيْنَ أيْدِيهِمْ، فَضَرَبْتُها بِرِجْلِي، ثُمَّ قُلْتُ: انْطَلِقُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وشَرابُهم يَوْمَئِذٍ البُسْرُ والتَّمْرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ بَعْدَ ما أُنْزِلَتِ الَّتِي في البَقَرَةِ، وبَعْدَ الَّتِي في سُورَةِ النِّساءِ، فَلَمّا نَزَلَتِ الَّتِي في سُورَةِ المائِدَةِ تَرَكُوهُ.
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: «خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: (يا أيُّها النّاسُ، إنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ بِالخَمْرِ، فَمَن كانَ عِنْدَهُ مِنها شَيْءٌ فَلْيَبِعْ ولْيَنْتَفِعْ بِهِ)، فَلَمْ يَلْبَثْ إلّا يَسِيرًا، ثُمَّ قالَ: (إنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الخَمْرَ، فَمَن أدْرَكَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ وعِنْدَهُ مِنها شَيْءٌ فَلا يَبِعْ ولا يَشْرَبْ)، قالَ: فاسْتَقْبَلَ النّاسُ بِما كانَ عِنْدَهم مِنها فَسَفَكُوها في طُرُقِ المَدِينَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ بِعَيْنِها، قَلِيلِها وكَثِيرِها، والمُسْكِرُ مِن كُلِّ شَرابٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ وهْبِ بْنِ كَيْسانَ قالَ: قُلْتُ لِجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَتّى حُرِّمَتِ الخَمْرُ؟ قالَ: بَعْدَ أُحُدٍ، صَبَّحْنا الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ خَرَجْنا إلى القِتالِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ وما كانَ شَرابُ النّاسِ إلّا التَّمْرَ والزَّبِيبَ. (p-٤٦٤)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: «كانَ رَجُلٌ عِنْدَهُ مالُ أيْتامٍ، فَكانَ يَشْتَرِي لَهم ويَبِيعُ، فاشْتَرى خَمْرًا، فَجَعَلَهُ في خَوابِي، وإنَّ اللَّهَ أنْزَلَ تَحْرِيمَ الخَمْرِ، فَأتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ لَيْسَ لَهم مالٌ غَيْرُهُ، فَقالَ: (أهْرِقْهُ)، فَأهْراقَهُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ وما بِالمَدِينَةِ مِنها شَيْءٌ، وما خَمْرُهم يَوْمَئِذٍ إلّا الفَضِيخُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ وما لَنا بِالمَدِينَةِ خَمْرٌ إلّا الفَضِيخُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي في القُرْآنِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصابُ والأزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ هي في التَّوْراةِ: إنَّ اللَّهَ أنْزَلَ الحَقَّ لِيُذْهِبَ بِهِ الباطِلَ، ويُبْطِلَ بِهِ اللَّعِبَ، والزَّفْنَ، والمَزامِيرَ، والكِباراتِ، يَعْنِي البَرابِطَ، والزَّمّاراتِ، يَعْنِي الدُّفَّ والطَّنابِيرَ، (p-٤٦٥)والشِّعْرَ، والخَمْرَ مَرَّةً لِمَن طَعِمَها، وأقْسَمَ رَبِّي بِيَمِينِهِ، وعِزَّةِ حَيْلِهِ، لا يَشْرَبُها عَبْدٌ بَعْدَما حَرَّمْتُها عَلَيْهِ إلّا عَطَّشَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ، ولا يَدَعُها بَعْدَما حَرَّمْتُها إلّا سَقَيْتُهُ إيّاها مِن حَظِيرَةِ القُدْسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(حَرَّمَ اللَّهُ الخَمْرَ، وكُلَّ مُسْكِرٍ حَرامٌ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لَقَدْ أنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الخَمْرِ، وما بِالمَدِينَةِ زَبِيبَةٌ واحِدَةٌ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ الجارُودِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: «كانَ عِنْدَنا خَمْرٌ لِيَتِيمٍ، فَلَمّا نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي في المائِدَةِ سَألْنا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْنا: لِيَتِيمٍ، فَقالَ: (أهْرِيقُوها») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ وهي تُخَمَّرُ في الجِرارِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وما في أسْقِيَتِنا إلّا الزَّبِيبُ والتَّمْرُ، فَأكْفَأْناهُما. (p-٤٦٦)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «(مِنَ التَّمْرِ خَمْرٌ، ومِنَ العَسَلِ خَمْرٌ، ومِنَ الزَّبِيبِ خَمْرٌ، ومِنَ العِنَبِ خَمْرٌ، ومِنَ الحِنْطَةِ خَمْرٌ، وأنْهاكم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ») .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ، كَرِهَها قَوْمٌ لِقَوْلِهِ: ﴿فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩] وشَرِبَها قَوْمٌ لِقَوْلِهِ: ﴿ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾ [البقرة: ٢١٩] حَتّى نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] فَكانُوا يَدَعُونَها في حِينِ الصَّلاةِ ويَشْرَبُونَها في غَيْرِ حِينِ الصَّلاةِ، حَتّى نَزَلَتْ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ، فَقالَ عُمَرُ: ضَيْعَةٌ لَكِ، اليَوْمَ قُرِنْتِ بِالمَيْسِرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: نَزَلَتْ في الخَمْرِ أرْبَعُ آياتٍ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ، فَتَرَكُوها، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا﴾ [النحل: ٦٧] [النَّحْلِ: ٦٧]، فَشَرِبُوها، ثُمَّ نَزَلَتِ الآيَتانِ في المائِدَةِ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] الآيَةَ، فَلَمْ يَزالُوا بِذَلِكَ يَشْرَبُونَها حَتّى صَنَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعامًا، فَدَعا ناسًا فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فَقَرَأ: ﴿قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١] فَلَمْ يُفْهِمْها، فَأنْزَلَ اللَّهُ يُشَدِّدُ في الخَمْرِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] فَكانَتْ حَلالًا، (p-٤٦٧)يَشْرَبُونَها مِن صَلاةِ الغَداةِ حَتّى يَرْتَفِعَ النَّهارُ، فَيَقُومُونَ إلى صَلاةِ الظُّهْرِ، وهم مُصْحُونَ، ثُمَّ لا يَشْرَبُونَها حَتّى يُصَلُّوا العَتَمَةَ، ثُمَّ يَقُومُونَ إلى صَلاةِ الفَجْرِ وقَدْ صَحَوْا، فَلَمْ يَزالُوا بِذَلِكَ يَشْرَبُونَها، حَتّى صَنَعَ سَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ طَعامًا، فَدَعا ناسًا فِيهِمْ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ، فَشَوى لَهم رَأْسَ بَعِيرٍ، ثُمَّ دَعاهم عَلَيْهِ، فَلَمّا أكَلُوا، وشَرِبُوا مِنَ الخَمْرِ سَكِرُوا، وأخَذُوا في الحَدِيثِ، فَتَكَلَّمَ سَعْدٌ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ الأنْصارِيُّ، فَرَفَعَ لَحْيَّ البَعِيرِ، فَكَسَرَ أنْفَ سَعْدٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ نَسْخَ الخَمْرِ وتَحْرِيمَها: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ في سُورَةِ المائِدَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ الأحْزابِ، ولَيْسَ لِلْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ عَيْشٌ أعْجَبُ إلَيْهِمْ مِنها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ البَقَرَةِ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنَّ رَبَّكم يُقَدِّمُ في تَحْرِيمِ الخَمْرِ)، ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ النِّساءِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إنَّ رَبَّكم يُقَرِّبُ في تَحْرِيمِ الخَمْرِ)، ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ المائِدَةِ فَحُرِّمَتِ الخَمْرُ عِنْدَ ذَلِكَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، قالَ: «نَزَلَ أرْبَعُ آياتٍ في تَحْرِيمِ الخَمْرِ، أوَّلُهُنَّ الَّتِي في البَقَرَةِ، ثُمَّ نَزَلَتِ الثّانِيَةُ: ﴿ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا﴾ [النحل: ٦٧] ثُمَّ أُنْزِلَتِ الَّتِي في النِّساءِ، بَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بَعْضَ الصَّلَواتِ إذْ غَنّى سَكْرانُ خَلْفَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] الآيَةَ، فَشَرِبَها طائِفَةٌ مِنَ النّاسِ، وتَرَكَها طائِفَةٌ، ثُمَّ نَزَلَتِ الرّابِعَةُ الَّتِي في المائِدَةِ، فَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: انْتَهَيْنا يا رَبَّنا» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قالَ: «لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ أتاهُ النّاسُ، وقَدْ كانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، ويَأْكُلُونَ المَيْسِرَ، فَسَألُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾ [البقرة: ٢١٩] فَقالُوا: هَذا شَيْءٌ قَدْ جاءَ فِيهِ رُخْصَةٌ، نَأْكُلُ المَيْسِرَ، ونَشْرَبُ الخَمْرَ، ونَسْتَغْفِرُ مِن ذَلِكَ، حَتّى أتى رَجُلٌ صَلاةَ المَغْرِبَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ: ﴿قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١] ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] ﴿ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ﴾ [الكافرون: ٣] فَجَعَلَ لا يَجُوزُ ذَلِكَ، ولا يَدْرِي ما يَقْرَأُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] فَكانَ النّاسُ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ حَتّى يَجِيءَ وقْتُ الصَّلاةِ، فَيَدَعُونَ شُرْبَها، فَيَأْتُونَ الصَّلاةَ وهم يَعْلَمُونَ ما يَقُولُونَ، فَلَمْ يَزالُوا كَذَلِكَ حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصابُ والأزْلامُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَقالُوا: انْتَهَيْنا يا رَبِّ» .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ (p-٤٦٩)عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ مَشى الصَّحابَةُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ، وقالُوا: حُرِّمَتِ الخَمْرُ وجُعِلَتْ عَدْلًا لِلشِّرْكِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لا يَمُوتُ مُدْمِنُ خَمْرٍ إلّا لَقِيَ اللَّهَ كَعابِدِ وثَنٍ)، ثُمَّ قَرَأ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الخَمْرَ والمَيْسِرَ والكُوبَةَ والغُبَيْراءَ وكُلَّ مُسْكِرٍ حَرامٌ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الخَمْرَ والمَيْسِرَ والكُوبَةَ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ») .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وإنَّ بِالمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةُ أشْرِبَةٍ ما فِيها شَرابُ العِنَبِ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ عامَ الفَتْحِ: (p-٤٧٠)(إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، والأنْصابِ، والمَيْتَةِ، والخِنْزِيرِ)، فَقالَ بَعْضُ النّاسِ: كَيْفَ تَرى في شُحُومِ المَيْتَةِ يُدْهَنُ بِها السُّفُنُ والجُلُودُ، ويَسْتَصْبِحُ بِها النّاسُ؟ فَقالَ: (لا، هي حَرامٌ)، ثُمَّ قالَ عِنْدَ ذَلِكَ: (قاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ، إنَّ اللَّهَ لَمّا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَلُوهُ، فَباعُوهُ، وأكَلُوا ثَمَنَهُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قَدِمَ رَجُلٌ مِن دَوْسٍ عَلى النَّبِيِّ ﷺ بِراوِيَةٍ مِن خَمْرٍ، أهْداها لَهُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلْ عَلِمْتَ أنَّ اللَّهَ حَرَّمَها بَعْدَكَ؟) فَأقْبَلَ الدَّوْسِيُّ عَلى رَجُلٍ كانَ مَعَهُ، فَأمَرَهُ بِبَيْعِها، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلْ عَلِمْتَ أنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَها حَرَّمَ بَيْعَها، وأكْلَ ثَمَنِها؟) وأمَرَ بِالمَزادِ فَأُهْرِيقَتْ حَتّى لَمْ يَبْقَ فِيها قَطْرَةٌ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنْ تَمِيمٍ الدّارِيِّ، أنَّهُ كانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ كُلَّ عامٍ راوِيَةً مِن خَمْرٍ، فَلَمّا كانَ عامُ حُرِّمَتِ الخَمْرُ جاءَ بِراوِيَةٍ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيْها ضَحِكَ وقالَ: (هَلْ شَعُرْتَ أنَّها قَدْ حُرِّمَتْ؟) فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أفَلا نَبِيعُها فَنَنْتَفِعَ بِثَمَنِها؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ، انْطَلِقُوا إلى ما حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن شُحُومِ البَقَرِ، والغَنَمِ، فَأذابُوهُ إهالَةً، فَباعُوا مِنهُ ما يَأْكُلُونَ (p-٤٧١)والخَمْرُ حَرامٌ ثَمَنُها، حَرامٌ بَيْعُها») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وأبُو عَوانَةَ، والطَّحاوِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والدّارَقُطْنِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ عُمَرَ، أنَّهُ قامَ عَلى المِنبَرِ فَقالَ: أمّا بَعْدُ، فَإنَّ الخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُها يَوْمَ نَزَلَ، وهي مِن خَمْسَةٍ، مِنَ العِنَبِ، والتَّمْرِ، والبُرِّ، والشَّعِيرِ، والعَسَلِ، والخَمْرُ ما خامَرَ العَقْلَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُمَرَ قالَ: إنَّ هَذِهِ الأنْبِذَةَ تُنْبَذُ مِن خَمْسَةِ أشْياءَ، مِنَ التَّمْرِ، والزَّبِيبِ، والعَسَلِ، والبُرِّ، والشَّعِيرِ، فَما خَمَّرْتَهُ مِنها ثُمَّ عَتَّقْتَهُ فَهو خَمْرٌ.
وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ جابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(الزَّبِيبُ والتَّمْرُ هو الخَمْرُ»)، يَعْنِي: إذا انْتُبِذا جَمِيعًا. (p-٤٧٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والنَّحّاسُ في (ناسِخِهِ)، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ، عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ مِنَ الحِنْطَةِ خَمْرًا، ومِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا، ومِنَ الزَّبِيبِ خَمْرًا، ومِنَ التَّمْرِ خَمْرًا، ومِنَ العَسَلِ خَمْرًا، وأنا أنْهاكم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ مَرْيَمَ بِنْتِ طارِقٍ قالَتْ: «كُنْتُ في نِسْوَةٍ مِنَ المُهاجِراتِ حَجَجْنا، فَدَخَلْنا عَلى عائِشَةَ، فَجَعَلَ نِساءٌ يَسْألْنَها عَنِ الظُّرُوفِ، فَقالَتْ: إنَّكُنَّ لَتَذْكُرْنَ ظُرُوفًا ما كانَ كَثِيرٌ مِنها عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فاتَّقِينَ اللَّهَ، واجْتَنِبْنَ ما يُسْكِرُكُنَّ، فَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ)، وإنْ أسْكَرَها ماءُ حُبِّها فَلْتَجْتَنِبْهُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ، والنَّحّاسُ في (ناسِخِهِ)، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(الخَمْرُ مِن هاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ والعِنَبَةِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في (ذَمِّ المَلاهِي)، عَنِ الحَسَنِ قالَ: المَيْسِرُ، القِمارُ. (p-٤٧٣)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ نافِعٍ، أنَّ ابْنَ عُمَرَ كانَ يَقُولُ: المَيْسِرُ، القِمارُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: المَيْسِرُ كِعابُ فارِسَ، وقِداحُ العَرَبِ، وهو القِمارُ كُلُّهُ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: المَيْسِرُ القِمارُ كُلُّهُ، حَتّى الجَوْزُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيانُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(اجْتَنِبُوا هَذِهِ الكِعابَ المَوْسُومَةَ الَّتِي يُزْجَرُ بِها زَجْرًا، فَإنَّها مِنَ المَيْسِرِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إيّاكم وهَذِهِ الكِعابَ المَوْسُومَةَ الَّتِي تُزْجَرُ زَجْرًا، فَإنَّها مِنَ المَيْسِرِ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في (ذَمِّ المَلاهِي)، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إيّاكم وهاتَيْنِ الكَعْبَتَيْنِ المَوْسُومَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُزْجَرانِ زَجْرًا، فَإنَّهُما مَيْسِرُ العَجَمِ») . (p-٤٧٤)وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إيّاكم وهَذِهِ الكِعابَ المَوْسُومَةَ الَّتِي تُزْجَرُ زَجْرًا، فَإنَّها مَيْسِرُ العَجَمِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُلُّ القِمارِ مِنَ المَيْسِرِ، حَتّى لَعِبُ الصِّبْيانِ بِالجَوْزِ والكِعابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: النَّرْدُ والشِّطْرَنْجُ مِنَ المَيْسِرِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ الأعاجِمِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ القاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ النَّرْدِ، أهِيَ مِنَ المَيْسِرِ؟ قالَ: كُلُّ ما ألْهى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وعَنِ الصَّلاةِ فَهو مَيْسِرٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في (ذَمِّ المَلاهِي)، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنِ القاسِمِ، أنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ النَّرْدُ تَكْرَهُونَها، فَما بالُ الشِّطْرَنْجِ؟ قالَ: كُلُّ ما ألْهى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ فَهو مِنَ المَيْسِرِ. (p-٤٧٥)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في (ذَمِّ المَلاهِي)، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، مِن طَرِيقِ رَبِيعَةَ بْنِ كُلْثُومٍ، عَنْ أبِيهِ، قالَ: خَطَبَنا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقالَ: يا أهْلَ مَكَّةَ، بَلَغَنِي عَنْ رِجالٍ يَلْعَبُونَ بِلُعْبَةٍ يُقالُ لَها: النَّرْدَشِيرُ، وإنَّ اللَّهَ يَقُولُ في كِتابِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ وإنِّي أحْلِفُ بِاللَّهِ لا أُوتى بِأحَدٍ لَعِبَ بِها إلّا عاقَبْتُهُ في شَعْرِهِ وبَشَرِهِ، وأعْطَيْتُ سَلَبَهُ مَن أتانِي بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَقَدْ عَصى اللَّهَ ورَسُولَهُ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَطْمِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(مَثَلُ الَّذِي يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، مَثَلُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِالقَيْحِ، ودَمِ الخِنْزِيرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: اللّاعِبُ بِالنَّرْدِ قِمارًا كَآكِلِ لَحْمِ الخِنْزِيرِ، واللّاعِبُ بِها مِن غَيْرِ قِمارٍ كالمُدَّهِنِ بِوَدَكِ الخِنْزِيرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: اللّاعِبُ بِالنَّرْدِ قِمارًا مِنَ المَيْسِرِ، واللّاعِبُ بِها سِفاحًا كالصّابِغِ يَدَهُ في دَمِ الخِنْزِيرِ، والجالِسُ عِنْدَها كالجالِسِ عِنْدَ (p-٤٧٦)مَسالِخِهِ، وإنَّهُ يُؤْمَرُ بِالوُضُوءِ مِنها، والكَعْبَيْنِ، والشِّطْرَنْجِ سَواءً.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ قالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ فَقالَ: (قُلُوبٌ لاهِيَةٌ، وأيْدِي عامِلَةٌ، وألْسِنَةٌ لاغِيَةٌ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنِ الحَسَنِ قالَ: النَّرْدُ مَيْسِرُ العَجَمِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ مالِكِ بْنِ أنَسٍ قالَ: الشِّطْرَنْجُ مِنَ النَّرْدِ، بَلَغَنا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ ولِيَ مالَ يَتِيمٍ فَأحْرَقَها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ الشِّطْرَنْجِ فَقالَ: هي شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشِّطْرَنْجِ فَقالَ: تِلْكَ المَجُوسِيَّةُ، لا تَلْعَبُوا بِها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: رَأى رَجُلٌ مِن أهْلِ الشّامِ أنَّهُ يُغْفَرُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ في كُلِّ يَوْمٍ اثْنَتا عَشْرَةَ مَرَّةً إلّا أصْحابَ الشّاهِ يَعْنِي الشِّطْرَنْجَ. (p-٤٧٧)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: المَيْسِرُ القِمارُ، كانَ الرَّجُلُ في الجاهِلِيَّةِ يُقامِرُ عَلى أهْلِهِ ومالِهِ، فَيَقْعُدُ حَزِينًا سَلِيبًا، يَنْظُرُ إلى مالِهِ في يَدِ غَيْرِهِ، وكانَتْ تُورِثُ بَيْنَهُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ، فَنَهى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وتَقَدَّمَ فِيهِ، وأخْبَرَ أنَّما هو ﴿رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ مِن طَرِيقِ لَيْثٍ، عَنْ عَطاءٍ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، قالُوا: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمارٌ فَهو مِنَ المَيْسِرِ، حَتّى لَعِبُ الصِّبْيانِ بِالكِعابِ والجَوْزِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أنَّهُ رَأى غِلْمانًا يَتَقامَرُونَ في يَوْمِ عِيدٍ، فَقالَ: لا تَقامَرُوا، فَإنَّ القِمارَ مِنَ المَيْسِرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قالَ: ما كانَ مِن لَعِبٍ فِيهِ قِمارٌ، أوْ قِيامٌ، أوْ صِياحً، أوْ شَرٌّ، فَهو مِنَ المَيْسِرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(ثَلاثٌ مِنَ المَيْسِرِ: الصَّفِيرُ بِالحَمّامِ، والقِمارُ، والضَّرْبُ بِالكِعابِ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، (p-٤٧٨)«أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمامَةً فَقالَ: (شَيْطانٌ يَتْبَعُ شَيْطانَةً») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنِ الحَسَنِ قالَ: شَهِدْتُ عُثْمانَ وهو يَخْطُبُ، وهو يَأْمُرُ بِذَبْحِ الحَمامِ، وقَتْلِ الكِلابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ خالِدِ الحَذّاءِ، عَنْ رَجُلٍ يُقالُ لَهُ: أيُّوبُ، قالَ: كانَ مَلاعِبُ آلِ فِرْعَوْنَ الحَمامَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: مَن لَعِبَ بِالحَمامِ الطَّيّارَةِ لَمْ يَمُتْ حَتّى يَذُوقَ ألَمَ الفَقْرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قالَ: كانَ مِن مَيْسِرِ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشّاةِ والشّاتَيْنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ في المَيْسِرِ قالَ: كانُوا يَشْتَرُونَ الجَزُورَ، فَيَجْعَلُونَها أجْزاءً، ثُمَّ يَأْخُذُونَ القِداحَ فَيُلْقُونَها، ويُنادى: يا ياسِرَ الجَزُورِ، يا ياسِرَ الجَزُورِ، فَمَن خَرَجَ قَدَحُهُ أخَذَ جُزْءًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، ومَن لَمْ (p-٤٧٩)يَخْرُجْ قَدَحُهُ غَرِمَ، ولَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في (الأدَبِ المُفْرَدِ) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يُقالُ: أيْنَ أيْسارُ الجَزُورِ؟ فَيَجْتَمِعُ العَشَرَةُ فَيَشْتَرُونَ الجَزُورَ بِعَشَرَةِ فُصْلانٍ إلى الفِصالِ، فَيُجِيلُونَ السِّهامَ فَتَصِيرُ بِتِسْعَةٍ، حَتّى تَصِيرَ إلى واحِدٍ، ويَغْرَمُ الآخَرُونَ فَصِيلًا فَصِيلًا إلى الفِصالِ، فَهو المَيْسِرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الأنْصابُ حِجارَةٌ كانُوا يَذْبَحُونَ لَها، والأزْلامُ قِداحٌ كانُوا يَقْتَسِمُونَ بِها الأُمُورَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانَتْ لَهم حَصَياتٌ، إذا أرادَ أحَدُهم أنْ يَغْزُوَ أوْ يَجْلِسَ اسْتَقْسَمَ بِها.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿والأزْلامُ﴾ قالَ: هي كِعابُ فارِسَ الَّتِي يَقْتَمِرُونَ بِها، وسِهامُ العَرَبِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وهْرامٍ قالَ: سَألْتُ طاوُسًا عَنِ الأزْلامِ فَقالَ: كانُوا في الجاهِلِيَّةِ لَهم قِداحٌ يَضْرِبُونَ بِها، بِها قَدَحٌ مُعَلَّمٌ يَتَطَيَّرُونَ مِنهُ، فَإذا ضَرَبُوا بِها حِينَ يُرِيدُ أحَدُهُمُ الحاجَةَ فَخَرَجَ ذَلِكَ القَدَحُ لَمْ يَخْرُجْ لِحاجَتِهِ، فَإنْ خَرَجَ غَيْرُهُ خَرَجَ لِحاجَتِهِ، وكانَتِ المَرْأةُ إذا أرادَتْ حاجَةً لَها لَمْ تَضْرِبْ بِتِلْكَ القِداحِ، فَذَلِكَ قَوْلُ الشّاعِرِ: (p-٤٨٠)
؎إذا جَدَّدَتْ أُنْثى لِأمْرٍ خِمارَها أتَتْهُ ولَمْ تَضْرِبْ لَهُ بِالمَقاسِمِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ”رِجْسٌ“ قالَ: سُخْطٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿رِجْسٌ﴾ قالَ: إثْمٌ ﴿مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ﴾ يَعْنِي: مِن تَزْيِينِ الشَّيْطانِ، ﴿إنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ يَعْنِي: حِينَ شَجَّ الأنْصارِيُّ رَأْسَ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، ﴿ويَصُدَّكم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَهَذا وعِيدُ التَّحْرِيمِ، ﴿وأطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ يَعْنِي: في تَحْرِيمِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ والأنْصابِ والأزْلامِ، ﴿فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ يَعْنِي: أعْرَضْتُمْ عَنْ طاعَتِهِما، ﴿فاعْلَمُوا أنَّما عَلى رَسُولِنا﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ، ﴿البَلاغ المُبِين﴾ يَعْنِي: أنْ يُبَيِّنَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِأصْحابِنا الَّذِينَ ماتُوا وهم يَشْرَبُونَ الخَمْرَ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ (p-٤٨١)جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: «ماتَ ناسٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ وهم يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، فَلَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُها قالَ أُناسٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ: كَيْفَ بِأصْحابِنا الَّذِينَ ماتُوا وهم يَشْرَبُونَها؟ فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «بَيْنا أُدِيرُ الكَأْسَ عَلى أبِي طَلْحَةَ، وأبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرّاحِ، ومُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، وسُهَيْلِ بْنِ بَيْضاءَ، وأبِي دُجانَةَ، حَتّى مالَتْ رَؤُوسُهم مِن خَلِيطِ بُسْرٍ وتَمْرٍ، فَسَمِعْنا مُنادِيًا يُنادِي: ألا إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، قالَ: فَما دَخَلَ عَلَيْنا داخِلٌ ولا خَرَجَ مِنّا خارِجٌ حَتّى أهْرَقْنا الشَّرابَ، وكَسَرْنا القِلالَ، وتَوَضَّأ بَعْضُنا، واغْتَسَلَ بَعْضُنا، وأصَبْنا مِن طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ، ثُمَّ خَرَجْنا إلى المَسْجِدِ، وإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، فَما مَنزِلَةُ مَن ماتَ مِنّا وهو يَشْرَبُها؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ» . (p-٤٨٢)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: كُنْتُ ساقِيَ القَوْمِ في مَنزِلِ أبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فَنادى مُنادٍ، فَقالَ أبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فانْظُرْ، ما هَذا الصَّوْتُ، فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: هَذا مُنادٍ يُنادِي: ألا إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقالَ لِي: اذْهَبْ فَأهْرِقْها، قالَ: فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ قالَ: وكانَتْ خَمْرُهم يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، البُسْرَ، والتَّمْرَ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وهي في بُطُونِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ:﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ.
* * *
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: اصْطَبَحَ ناسٌ الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَداءَ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ قالَتِ اليَهُودُ: ألَيْسَ إخْوانُكُمُ الَّذِينَ ماتُوا كانُوا يَشْرَبُونَها؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾ الآيَةَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (قِيلَ لِي: أنْتَ مِنهُمْ») .
وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ في (الأفْرادِ)، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَن شَرِبَها مِن إخْوانِنا الَّذِينَ ماتُوا (p-٤٨٣)وهِيَ في بُطُونِهِمْ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ، يَعْنِي بِذَلِكَ رِجالًا مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ ماتُوا وهم يَشْرَبُونَ الخَمْرَ قَبْلَ أنْ تُحَرَّمَ الخَمْرُ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيها جُناحٌ قَبْلَ أنْ تُحَرَّمَ، فَلَمّا حُرِّمَتْ قالُوا: كَيْفَ تَكُونُ عَلَيْنا حَرامًا وقَدْ ماتَ إخْوانُنا، وهم يَشْرَبُونَها؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ حَرَجٌ فِيما كانُوا يَشْرَبُونَ قَبْلَ أنْ أُحَرِّمَها، إذْ كانُوا مُحْسِنِينَ مُتَّقِينَ، ﴿واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: نَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ في مَن كانَ يَشْرَبُها مِمَّنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ وأُحُدٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: لَمّا أنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الخَمْرِ في سُورَةِ المائِدَةِ بَعْدَ سُورَةِ الأحْزابِ قالَ في ذَلِكَ رِجالٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أُصِيبَ فُلانٌ يَوْمَ بَدْرٍ، وفُلانٌ يَوْمَ أُحُدٍ، وهم يَشْرَبُونَها، فَنَحْنُ نَشْهَدُ أنَّهم مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إذا ما اتَّقَوْا وآمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ يَقُولُ: شَرِبَها القَوْمُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وإحْسانٍ، وهي لَهم يَوْمَئِذٍ حَلالٌ، ثُمَّ حُرِّمَتْ بَعْدَهُمْ، فَلا جُناحَ عَلَيْهِمْ في ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾ قالَ: قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ لِإخْوانِنا الَّذِينَ مَضَوْا، كانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، ويَأْكُلُونَ المَيْسِرَ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ مِنَ الحَرامِ قَبْلَ أنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ، إذا ما اتَّقَوْا وأحْسَنُوا بَعْدَما حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، وهو قَوْلُهُ: ﴿فَمَن جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] [البَقَرَةِ: ٢٧٥] .
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ الآيَةَ، قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قِيلَ لِي: أنْتَ مِنهُمْ») .
وأخْرَجَ الدِّينَوَرِيُّ في (المُجالَسَةِ)، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ، في (الحِلْيَةِ)، عَنْ ثابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ مِن آلِ حاطِبٍ إلى عَلِيٍّ، فَقالَ: (p-٤٨٥)يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنِّي أرْجِعُ إلى المَدِينَةِ، وإنَّهم سائِلِيَّ عَنْ عُثْمانَ، فَماذا أقُولُ لَهُمْ؟ قالَ: (أخْبِرْهم أنَّ عُثْمانَ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ، ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا، ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا، واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ عَطاءِ بْنِ السّائِبِ، عَنْ مُحارِبِ بْنِ دِثارٍ، أنَّ ناسًا مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ شَرِبُوا الخَمْرَ بِالشّامِ، فَقالَ لَهم يَزِيدُ بْنُ أبِي سُفْيانَ: شَرِبْتُمُ الخَمْرَ؟ فَقالُوا: نَعَمْ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ حَتّى فَرَغُوا مِنَ الآيَةِ، فَكَتَبَ فِيهِمْ إلى عُمَرَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ: إنْ أتاكَ كِتابِي هَذا نَهارًا فَلا تَنْتَظِرْ بِهِمُ اللَّيْلَ، وإنْ أتاكَ لَيْلًا فَلا تَنْتَظِرْ بِهِمُ النَّهارَ، حَتّى تَبْعَثَ بِهِمْ إلَيَّ، لا يَفْتِنُوا عِبادَ اللَّهِ، فَبَعَثَ بِهِمْ إلى عُمَرَ، فَلَمّا قَدِمُوا عَلى عُمَرَ قالَ: شَرِبْتُمُ الخَمْرَ؟ قالُوا: نَعَمْ، فَتَلا عَلَيْهِمْ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، قالُوا: اقْرَإ الَّتِي بَعْدَها: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ قالَ: فَشاوَرَ فِيهِمُ النّاسَ، فَقالَ لَعَلِيٍّ: ما تَرى؟ قالَ: أرى أنَّهم شَرَعُوا في دِينِ اللَّهِ ما لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ، فَإنْ زَعَمُوا أنَّها حَلالٌ فاقْتُلْهُمْ، فَقَدْ أحَلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ، وإنْ زَعَمُوا أنَّها حَرامٌ فاجْلِدْهم ثَمانِينَ ثَمانِينَ، فَقْدِ افْتَرَوْا عَلى اللَّهِ الكَذِبَ، وقَدْ أخْبَرَنا اللَّهُ بِحَدِّ ما يَفْتَرِي بِهِ (p-٤٨٦)بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ، قالَ: فَجَلَدَهم ثَمانِينَ ثَمانِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الخَمْرَ، ولَعَنَ غارِسَها، ولَعَنَ شارِبَها، ولَعَنَ عاصِرَها، ولَعَنَ مُؤْوِيَها، ولَعَنَ مُدِيرَها، ولَعَنَ ساقِيَها، ولَعَنَ حامِلَها، ولَعَنَ آكِلَ ثَمَنِها، ولَعَنَ بائِعَها») .
وأخْرَجَ وكِيعٌ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ، إلّا أنْ يَتُوبَ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا ولَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ، وإنْ أُدْخِلَ الجَنَّةَ») .
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ فَسَألَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ شَرابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقالُ لَهُ: المَزْرُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أوَمُسْكِرٌ هُوَ؟)، قالَ: نَعَمْ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، إنَّ اللَّهَ عَهِدَ لِمَن يَشْرَبُ المُسْكِرَ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ)، قالُوا: (p-٤٨٧)يا رَسُولَ اللَّهِ، وما طِينَةُ الخَبالِ؟ قالَ: (عَرَقُ أهْلِ النّارِ) أوْ: (عُصارَةُ أهْلِ النّارِ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وإنْ شَرِبَها الثّانِيَةَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ شَرِبَها الثّالِثَةَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ شَرِبَها الرّابِعَةَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ، وكانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ)، قِيلَ: وما طِينَةُ الخَبالِ؟ قالَ: (صَدِيدُ أهْلِ النّارِ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ شَرْبَةً لَمْ تُقْبَلْ صَلاتُهُ أرْبَعِينَ صَباحًا، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ عادَ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ أرْبَعِينَ صَباحًا)، فَلا أدْرِي أفِي الثّالِثَةِ أوْ في الرّابِعَةِ قالَ: (فَإنْ عادَ كانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن رَدْغَةِ الخَبالِ يَوْمَ القِيامَةِ») . (p-٤٨٨)وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن تَرَكَ الصَّلاةَ سُكْرًا مَرَّةً واحِدَةً، فَكَأنَّما كانَتْ لَهُ الدُّنْيا وما عَلَيْها فَسُلِبَها، ومَن تَرَكَ الصَّلاةَ سُكْرًا أرْبَعَ مَرّاتٍ كانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ)، قِيلَ: وما طِينَةُ الخَبالِ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (عُصارَةُ أهْلِ النّارِ») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَعَنَ الخَمْرَ، وعاصِرَها، ومُعْتَصِرَها، وبائِعَها، ومُبْتاعَها، وحامِلَها، والمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وساقِيَها، وشارِبَها، وآكِلَ ثَمَنِها» .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الخَمْرَ، وعاصِرَها، ومُعْتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وبائِعَها، وساقِيَها، ومُسْقِيَها») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عُثْمانَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «(اجْتَنِبُوا أُمَّ الخَبائِثِ، فَإنَّهُ كانَ رَجُلٌ في مَن كانَ قَبْلَكم يَتَعَبَّدُ ويَعْتَزِلُ النِّساءَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأةٌ غاوِيَةٌ، فَأرْسَلَتْ إلَيْهِ خادِمَها، فَقالَتْ: إنّا نَدْعُوكَ لِشَهادَةٍ، (p-٤٨٩)فَدَخَلَ، فَطَفِقَتْ كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها بابًا أغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتّى أفْضى إلى امْرَأةٍ وضِيئَةٍ جالِسَةٍ، عِنْدَها غُلامٌ، وباطِيَةٌ فِيها خَمْرٌ، فَقالَتْ: أنا لَمْ أدْعُكَ لِشَهادَةٍ، ولَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقْتُلَ هَذا الغُلامَ، أوْ تَقَعَ عَلَيَّ، أوْ تَشْرَبَ كَأْسًا مِن هَذا الخَمْرِ، فَإنْ أبَيْتَ صِحْتُ، وفَضَحْتُكَ، فَلَمّا رَأى أنَّهُ لا بُدَّ مِن ذَلِكَ قالَ: اسْقِينِي كَأْسًا مِن هَذا الخَمْرِ، فَسَقَتْهُ كَأْسًا مِنَ الخَمْرِ، ثُمَّ قالَ: زِيدِينِي، فَلَمْ يَرِمْ حَتّى وقَعَ عَلَيْها، وقَتَلَ النَّفْسَ، فاجْتَنِبُوا الخَمْرَ، فَإنَّهُ - واللَّهِ - لا يَجْتَمِعُ الإيمانُ وإدْمانُ الخَمْرِ في صَدْرِ رَجُلٍ أبَدًا، لَيُوشِكَنَّ أحَدُهُما أنْ يُخْرِجَ صاحِبَهُ») .
وأخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزّاقِ في (المُصَنَّفِ) عَنْ عُثْمانَ مَوْقُوفًا.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(اجْتَنِبُوا الخَمْرَ، فَإنَّها مِفْتاحُ كُلِّ شَرٍّ») .
وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: «أوْصانِي خَلِيلِي أبُو القاسِمِ ﷺ: (ألّا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وإنْ قُطِّعْتَ أوْ حُرِّقْتَ، ولا (p-٤٩٠)تَتْرُكْ صَلاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَن تَرَكَها مُتَعَمِّدًا بَرِئَتْ مِنهُ الذِّمَّةُ، وألّا تَشْرَبَ الخَمْرَ فَإنَّها مِفْتاحُ كُلِّ شَرٍّ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى بَنى الفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، وحَظَرَهُ عَلى كُلِّ مُشْرِكٍ، وكُلِّ مُدْمِنِ الخَمْرِ سِكِّيرٍ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(ثَلاثَةٌ لا تُقْبَلُ لَهم صَلاةٌ، ولا يُرْفَعُ لَهم إلى السَّماءِ عَمَلٌ، العَبْدُ الآبِقُ مِن مَوالِيهِ حَتّى يَرْجِعَ فَيَضَعَ يَدَهُ في أيْدِيهِمْ، والمَرْأةُ السّاخِطُ عَلَيْها زَوْجُها حَتّى يَرْضى، والسَّكْرانُ حَتّى يَصْحُوَ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاقٌّ، ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ»)
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «نَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُقْعَدَ عَلى مائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْها الخَمْرُ» .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ (p-٤٩١)واليَوْمِ الآخِرِ، فَلا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمّامَ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ، فَلا يَدْخُلِ الحَمّامَ إلّا بِمِئْزَرٍ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ، فَلا يَجْلِسْ عَلى مائِدَةٍ يُدارُ عَلَيْها الخَمْرُ») .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في (التّارِيخِ)، والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أبِي صالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أبِيهِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (مَن لَقِيَ اللَّهَ وهو مُدْمِنُ خَمْرٍ لَقِيَهُ كَعابِدِ وثَنٍ») .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في (التّارِيخِ)، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ سُهَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، وقالَ البُخارِيُّ: ولا يَصِحُّ حَدِيثُ أبِي هُرَيْرَةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن ماتَ (p-٤٩٢)مُدْمِنَ خَمْرٍ لَقِيَ اللَّهَ وهو كَعابِدِ وثَنٍ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(مَن شَرِبَ شَرابًا يَذْهَبُ بِعَقْلِهِ فَقَدْ أتى بابًا مِن أبْوابِ الكَبائِرِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: لَأنْ أزْنِيَ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أسْكَرَ، ولَأنْ أسْرِقَ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أسْكَرَ، لِأنَّ السَّكْرانَ يَأْتِي عَلَيْهِ ساعَةٌ لا يَعْرِفُ فِيها رَبَّهُ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ، ومَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا لَمْ يَشْرَبْهُ في الآخِرَةِ، ومَن شَرِبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ لَمْ يَشْرَبْ بِها في الآخِرَةِ)، ثُمَّ قالَ: (لِباسُ أهْلِ الجَنَّةِ، وشَرابُ أهْلِ الجَنَّةِ، وآنِيَةُ أهْلِ الجَنَّةِ») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي مُوسى، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، مُدْمِنُ خَمْرٍ، وقاطِعُ الرَّحِمِ، ومُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ، ومَن ماتَ مُدْمِنَ الخَمْرِ سَقاهُ اللَّهُ مِن نَهْرِ الغُوطَةِ)، قِيلَ: وما نَهْرُ الغُوطَةِ؟ قالَ: (نَهْرٌ يَخْرُجُ مِن فُرُوجِ المُومِساتِ، يُؤْذِي أهْلَ النّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ») . (p-٤٩٣)وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ وناسًا جَلَسُوا بَعْدَ وفاةِ النَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرُوا أعْظَمَ الكَبائِرِ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهم فِيها عِلْمٌ، فَأرْسَلُونِي إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أسْألُهُ، فَأخْبَرَنِي أنَّ أعْظَمَ الكَبائِرِ شُرْبَ الخَمْرِ، فَأتَيْتُهم فَأخْبَرْتُهُمْ، فَأنْكَرُوا ذَلِكَ، ووَثَبُوا جَمِيعًا، حَتّى أتَوْهُ في دارِهِ، فَأخْبَرَهم أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (إنَّ مَلِكًا مِن مُلُوكِ بَنِي إسْرائِيلَ أخَذَ رَجُلًا فَخَيَّرَهُ بَيْنَ أنْ يَشْرَبَ الخَمْرَ، أوْ يَقْتُلَ نَفْسًا، أوْ يَزْنِيَ، أوْ يَأْكُلَ لَحْمَ خِنْزِيرٍ، أوْ يَقْتُلُوهُ، فاخْتارَ الخَمْرَ، وإنَّهُ لَمّا شَرِبَهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِن شَيْءٍ أرادُوهُ مِنهُ)، وأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (ما مِن أحَدٍ يَشْرَبُها فَتُقْبَلَ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، ولا يَمُوتُ وفي مَثانَتِهِ مِنهُ شَيْءٌ إلّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِها الجَنَّةُ، فَإنْ ماتَ في أرْبَعِينَ لَيْلَةً ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي مُسْلِمٍ الخَوْلانِيِّ، أنَّهُ حَجَّ فَدَخَلَ عَلى عائِشَةَ، فَجَعَلَتْ تَسْألُهُ عَنِ الشّامِ، وعَنْ بَرْدِها، فَجَعَلَ يُخْبِرُها، فَقالَتْ: كَيْفَ تَصْبِرُونَ عَلى بَرْدِها؟ قالَ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إنَّهم يَشْرَبُونَ شَرابًا لَهم يُقالُ لَهُ: الطِّلاءُ، قالَتْ: صَدَقَ اللَّهُ وبَلَّغَ حِبِّي ﷺ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «(إنَّ ناسًا مِن أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، يُسَمُّونَها بِغَيْرِ اسْمِها») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ) عَنْ أنَسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(بَعَثَنِي اللَّهُ رَحْمَةً وهُدًى لِلْعالَمِينَ، وبَعَثَنِي بِمَحْقِ المَعازِفِ، والمَزامِيرِ، وأمْرِ الجاهِلِيَّةِ) ثُمَّ (p-٤٩٤)قالَ: (مَن شَرِبَ خَمْرًا في الدُّنْيا سَقاهُ اللَّهُ كَما شَرِبَ مِنهُ مِن حَمِيمِ جَهَنَّمَ، مُعَذَّبٌ بَعْدُ، أوْ مَغْفُورٌ لَهُ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، في (ذَمِّ المَلاهِي)، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً وهُدًى لِلْعالَمِينَ، بَعَثَنِي لِأمْحَقَ المَعازِفَ، والمَزامِيرَ، وأمْرَ الجاهِلِيَّةِ والأوْثانَ، وحَلَفَ رَبِّي عَزَّ وجَلَّ بِعِزَّتِهِ لا يَشْرَبُ الخَمْرَ أحَدٌ في الدُّنْيا إلّا سَقاهُ اللَّهُ مِثْلَها مِنَ الحَمِيمِ يَوْمَ القِيامَةِ، مَغْفُورٌ لَهُ، أوْ مُعَذَّبٌ، ولا يَدَعُها أحَدٌ في الدُّنْيا إلّا سَقَيْتُهُ إيّاها في حَظِيرَةِ القُدْسِ حَتّى تَقْنَعَ نَفْسُهُ») .
وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ ثَوْبانَ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إذا حَلَفْتَ عَلى مَعْصِيَةٍ فَدَعْها، واقْذِفْ ضَغائِنَ الجاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ، وإيّاكَ وشُرْبَ الخَمْرِ، فَإنَّ اللَّهَ لَمْ يُقَدِّسْ شارِبَها») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ (ذَمِّ المَلاهِي)، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(يَكُونُ في أُمَّتِي خَسْفٌ، وقَذْفٌ، ومَسْخٌ)، قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَتى؟ قالَ: (إذا ظَهَرَتِ المَعازِفُ (p-٤٩٥)والقَيْناتُ، واسْتُحِلَّتِ الخَمْرُ») . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(يَكُونُ في أُمَّتِي قَذْفٌ ومَسْخٌ وخَسْفٌ)، قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ومَتى ذَلِكَ؟ قالَ: (إذا ظَهَرَتِ المَعازِفُ، وكَثُرَتِ القَيْناتُ، وشُرِبَتِ الخُمُورُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَكُونُ في أُمَّتِي خَسْفٌ ومَسْخٌ وقَذْفٌ)، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، وهم يَقُولُونَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ؟ قالَ: (إذا ظَهَرَتِ القَيْناتُ، وظَهَرَ الزِّنا، وشُرِبَ الخَمْرُ، ولُبِسَ الحَرِيرُ، كانَ ذا عِنْدَ ذا») .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إذا عَمِلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِها البَلاءُ)، قِيلَ: وما هي يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (إذا كانَ المَغْنَمُ دُوَلًا، والأمانَةُ مَغْنَمًا، والزَّكاةُ مَغْرَمًا، وأطاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وعَقَّ أُمَّهُ، وبَرَّ صَدِيقَهُ وجَفا أباهُ، وارْتَفَعَتِ الأصْواتُ في المَساجِدِ، وكانَ زَعِيمُ القَوْمِ أرْذَلَهُمْ، وأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخافَةَ شَرِّهِ، (p-٤٩٦)وشُرِبَتِ الخُمُورُ، ولُبِسَ الحَرِيرُ، واتَّخَذُوا القِيانَ والمَعازِفَ، ولَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أوَّلَها، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ ثَلاثًا: رِيحًا حَمْراءَ، وخَسْفًا، ومَسْخًا») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(تُمْسَخُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي قِرَدَةً، وطائِفَةٌ خَنازِيرَ، ويُخْسَفُ بِطائِفَةٍ، ويُرْسَلُ عَلى طائِفَةٍ الرِّيحُ العَقِيمُ، بِأنَّهم شَرِبُوا الخَمْرَ، ولَبِسُوا الحَرِيرَ، واتَّخَذُوا القِيانَ، وضَرَبُوا بِالدُّفُوفِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(لَيَكُونَنَّ في هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وقَذْفٌ ومَسْخٌ، وذَلِكَ إذا شَرِبُوا الخَمْرَ، واتَّخَذُوا القَيْناتِ، وضَرَبُوا بِالمَعازِفِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(يُمْسَخُ قَوْمٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ في آخِرِ الزَّمانِ قِرَدَةً وخَنازِيرَ)، قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ألَيْسَ يَشْهَدُونَ أنَّ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قالَ: (بَلى، ويَصُومُونَ، ويُصَلُّونَ، ويَحُجُّونَ)، قالَ: فَما بالُهُمْ؟ قالَ: (اتَّخَذُوا المَعازِفَ، والدُّفُوفَ، والقَيْناتِ، فَباتُوا عَلى شُرْبِهِمْ، ولَهْوِهِمْ، فَأصْبَحُوا قَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابِطٍ قالَ: (p-٤٩٧)قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(يَكُونُ في أُمَّتِي خَسْفٌ، وقَذْفٌ ومَسْخٌ)، قالُوا: مَتى ذَلِكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (إذا أظْهَرُوا المَعازِفَ، واسْتَحَلُّوا الخُمُورَ، ولُبِسَ الحَرِيرُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنِ الغازِي بْنِ رَبِيعَةَ، رَفَعَ الحَدِيثَ قالَ: «(لَيُمْسَخَنَّ قَوْمٌ وهم عَلى أرِيكَتِهِمْ قِرَدَةً وخَنازِيرَ، بِشُرْبِهِمُ الخَمْرَ، وضَرْبِهِمْ بِالبَرابِطِ والقِيانِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ صالِحِ بْنِ خالِدٍ، رَفَعَ ذَلِكَ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(لَيَسْتَحِلَّنَّ ناسٌ مِن أُمَّتِي الحَرِيرَ، والخَمْرَ، والمَعازِفَ، ولَيَأْتِيَنَّ اللَّهُ عَلى أهْلِ حاضِرَتِهِمْ بِجَبَلٍ عَظِيمٍ حَتّى يَنْبِذَهُ عَلَيْهِمْ، ويُمْسَخُ آخَرُونَ قِرَدَةً وخَنازِيرَ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(لَيَبِيتَنَّ رِجالٌ عَلى أكْلٍ وشُرْبٍ وعَزْفٍ، يُصْبِحُونَ عَلى أرائِكِهِمْ مَمْسُوخِينَ قِرَدَةً وخَنازِيرَ») .
وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ) وضَعَّفَهُ، عَنْ أبِي (p-٤٩٨)هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ لا تَنْقَضِي هَذِهِ الدُّنْيا حَتّى يَقَعَ بِهِمُ الخَسْفُ والمَسْخُ والقَذْفُ)، قالُوا: ومَتى ذاكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (إذا رَأيْتُمُ النِّساءَ رَكِبْنَ السُّرُوجَ، وكَثُرَتِ المَعازِفُ، وفَشَتْ شَهاداتُ الزُّورِ، وشُرِبَتِ الخَمْرُ لا يُسْتَخْفى بِهِ، وشَرِبَتِ المُصَلُّونَ في آنِيَةِ أهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، واسْتَغْنى النِّساءُ بِالنِّساءِ، والرِّجالُ بِالرِّجالِ، فَإذا رَأيْتُمْ ذَلِكَ فاسْتَدْفِرُوا، واسْتَعِدُّوا، واتَّقُوا القَذْفَ مِنَ السَّماءِ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إذا اسْتَعْمَلَتْ أُمَّتِي خَمْسًا فَعَلَيْهِمُ الدَّمارُ: إذا ظَهَرَ فِيهِمُ التَّلاعُنُ، ولُبِسَ الحَرِيرُ، واتَّخَذُوا القَيْناتِ، وشَرِبُوا الخَمْرَ، واكْتَفى الرِّجالُ بِالرِّجالِ، والنِّساءُ بِالنِّساءِ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي أُمامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(يَبِيتُ قَوْمٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ عَلى طُعْمٍ وشُرْبٍ، ولَهْوٍ ولَعِبٍ، فَيُصْبِحُوا وقَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ، ولَيُصِيبَنَّهم خَسْفٌ وقَذْفٌ حَتّى يُصْبِحَ النّاسُ فَيَقُولُونَ: قَدْ خُسِفَ اللَّيْلَةَ بِبَنِي فُلانٍ، وخُسِفَ اللَّيْلَةَ بِدارِ فُلانٍ، ولَيُرْسِلَنَّ عَلَيْهِمْ حاصِبًا مِنَ السَّماءِ، كَما أُرْسِلَتْ عَلى (p-٤٩٩)قَوْمِ لُوطٍ، عَلى قَبائِلَ فِيها، وعَلى دُورٍ، ولَيُرْسِلَنَّ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ الَّتِي أهْلَكَتْ عادًا، عَلى قَبائِلَ فِيها، وعَلى دُورٍ، بِشُرْبِهِمُ الخَمْرَ، ولُبْسِهِمُ الحَرِيرَ، واتِّخاذِهِمُ القَيْناتِ، وأكْلِهِمُ الرِّبا، وقَطِيعَتِهِمُ الرَّحِمَ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي مالِكٍ الأشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(لَيَشْرَبَنَّ ناسٌ مِن أُمَّتِي الخَمْرَ يُسَمُّونَها بِغَيْرِ اسْمِها، ويُضْرَبُ عَلى رُؤُوسِهِمُ المَعازِفُ، والمُغَنِّياتُ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ، ويَجْعَلُ مِنهُمُ القِرَدَةَ والخَنازِيرَ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ مُعاذٍ، وأبِي عُبَيْدَةَ، قالا: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ هَذا الأمْرَ بَدَأ رَحْمَةً ونُبُوَّةً، ثُمَّ يَكُونُ رَحْمَةً وخِلافَةً، ثُمَّ كائِنٌ مُلْكًا عَضُوضًا، ثُمَّ كائِنٌ عُتُوًّا وجَبْرِيَّةً وفَسادًا في الأرْضِ، يَسْتَحِلُّونَ الحَرِيرَ والخُمُورَ والفُرُوجَ، يُرْزَقُونَ عَلى ذَلِكَ ويُنْصَرُونَ، حَتّى يَلْقَوُا اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ») . (p-٥٠٠)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن حَبَسَ العِنَبَ أيّامَ قِطافِهِ حَتّى يَبِيعَهُ مِن يَهُودِيٍّ أوْ نَصْرانِيٍّ، أوْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أنَّهُ يُتَّخَذُ خَمْرًا، فَقَدْ تَقَدَّمَ في النّارِ عَلى بَصِيرَةٍ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّهُ كانَ يَكْرَهُ أنْ تُسْقى البَهائِمُ الخَمْرَ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ: أنَّها كانَتْ تَنْهى النِّساءَ أنْ يَمْتَشِطْنَ بِالخَمْرِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ)، قالَها ثَلاثًا، قالَ: (فَإنْ شَرِبَها الرّابِعَةَ فاقْتُلُوهُ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ سَألَهُ قالَ: إنَّ قَوْمِي يَصْنَعُونَ شَرابًا مِنَ الذُّرَةِ يُقالُ لَهُ: المَزْرُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أيُسْكِرُ؟) قالَ: نَعَمْ، قالَ: (فانْهَهم عَنْهُ)، قالَ: نَهَيْتُهم ولَمْ يَنْتَهُوا، قالَ: (فَمَن لَمْ يَنْتَهِ في الثّالِثَةِ مِنهم فاقْتُلْهُ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَكْحُولٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن شَرِبَ (p-٥٠١)الخَمْرَ فاضْرِبُوهُ)، ثُمَّ قالَ في الرّابِعَةِ: (مَن شَرِبَ الخَمْرَ فاقْتُلُوهُ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(إذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ، قالَها ثَلاثًا، فَإذا شَرِبُوا الرّابِعَةَ فاقْتُلُوهُمْ)، قالَ مَعْمَرٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ المُنْكَدِرِ، فَقالَ: قَدْ تُرِكَ القَتْلُ، قَدْ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِابْنِ النُّعَيْمانِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ الرّابِعَةَ أوْ أكْثَرَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إذا شَرِبُوا فاقْتُلُوهُمْ)، ثُمَّ قالَ: (إنَّ اللَّهَ قَدْ وضَعَ عَنْهُمُ القَتْلَ، فَإذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إذا شَرِبُوا فاجْلِدُوهُمْ)، ذَكَرَها أرْبَعَ مَرّاتٍ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ فَحُدُّوهُ، فَإنْ شَرِبَ الثّانِيَةَ فَحُدُّوهُ، فَإنْ شَرِبَ الثّالِثَةَ فَحُدُّوهُ، فَإنْ شَرِبَ الرّابِعَةَ فاقْتُلُوهُ)، قالَ: فَأُتِيَ بِابْنِ النُّعَيْمانِ قَدْ شَرِبَ، فَضُرِبَ بِالنِّعالِ والأيْدِي، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثّانِيَةَ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرّابِعَةَ فَحَدَّهُ، ووَضَعَ القَتْلَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَرَبَ رَجُلًا في الخَمْرِ أرْبَعَ مَرّاتٍ»، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ ضَرَبَ أبا مِحْجَنٍ الثَّقَفِيَّ في الخَمْرِ (p-٥٠٢)ثَمانِ مَرّاتٍ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي الرَّمْداءِ البَلَوِيِّ، «أنَّ رَجُلًا مِنهم شَرِبَ الخَمْرَ، فَأتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَضَرَبَهُ، ثُمَّ شَرِبَ الثّانِيَةَ، فَأتَوْا بِهِ فَضَرَبَهُ، فَما أدْرِي قالَ في الثّالِثَةِ أوِ الرّابِعَةِ: أمَرَ بِهِ فَجُعِلَ عَلى العِجْلِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاقٌّ ولا مَنّانٌ ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ»)، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَذَهَبْنا نَنْظُرُ في كِتابِ اللَّهِ، فَإذا هم فِيهِ، في العاقِّ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ﴾ [محمد: ٢٢] [مُحَمَّدٍ: ٢٢]، إلى آخِرِ الآيَةِ، وفي المَنّانِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكم بِالمَنِّ والأذى﴾ [البقرة: ٢٦٤] [البَقَرَةِ: ٢٦٤]، وفي الخَمْرِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنِ الدَّيْلَمِيِّ (p-٥٠٣)قالَ: وفَدْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَصْنَعُ طَعامًا وشَرابًا فَنُطْعِمُهُ بَنِي عَمِّنا، فَقالَ: (هَلْ يُسْكِرُ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، فَقالَ: (حَرامٌ)، فَلَمّا كانَ عِنْدَ تَوْدِيعِي إيّاهُ ذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقُلْتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّهم لَنْ يَصْبِرُوا عَنْهُ، قالَ: (فَمَن لَمْ يَصْبِرْ عَنْهُ فاضْرِبُوا عُنُقَهُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ أوْسٍ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ فاجْلِدُوهُ، فَإنْ عادَ فاجْلِدُوهُ، فَإنْ عادَ فاجْلِدُوهُ، فَإنْ عادَ فاقْتُلُوهُ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ، «أنَّ ناسًا مِن أهْلِ اليَمَنِ قَدِمُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأعْلَمَهُمُ الصَّلاةَ والسُّنَنَ والفَرائِضَ، ثُمَّ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لَنا شَرابًا نَصْنَعُهُ مِنَ التَّمْرِ والشَّعِيرِ، فَقالَ: (الغُبَيْراءُ؟) قالُوا: نَعَمْ، قالَ: (لا تَطْعَمُوهُ)، قالُوا: فَإنَّهم لا يَدَعُونَها، قالَ: (مَن لَمْ يَتْرُكْها فاضْرِبُوا عُنُقَهُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لا يُسْقَوْنَها في حَظِيرَةِ القُدْسِ») . (p-٥٠٤)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: مَن شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنهُ صَلاةً أرْبَعِينَ صَباحًا، فَإنْ ماتَ في الأرْبَعِينَ دَخَلَ النّارَ، ولَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إلَيْهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(يَلْقى اللَّهَ شارِبُ الخَمْرِ يَوْمَ القِيامَةِ وهو سَكْرانُ، فَيَقُولُ: ويْلَكَ ما شَرِبْتَ؟ فَيَقُولُ: الخَمْرُ، قالَ: أوَلَمْ أُحَرِّمْها عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلى، فَيُؤْمَرُ بِهِ إلى النّارِ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ (المُسْنَدِ)، عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ أُناسٌ مِن أُمَّتِي عَلى أشَرٍ، وبَطَرٍ، ولَعِبٍ، ولَهْوٍ، فَيُصْبِحُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ، بِاسْتِحْلالِهِمُ المَحارِمَ، واتِّخاذِهِمُ القَيْناتِ، وشُرْبِهِمُ الخَمْرَ، وبِأكْلِهِمُ الرِّبا، ولُبْسِهِمُ الحَرِيرَ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: إنَّهُ في الكِتابِ مَكْتُوبٌ: إنَّ خَطِيئَةَ الخَمْرِ تَعْلُو الخَطايا كَما تَعْلُو شَجَرَتُها الشَّجَرَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأجْدَعِ قالَ: شارِبُ الخَمْرِ كَعابِدِ الوَثَنِ، وشارِبُ الخَمْرِ كَعابِدِ اللّاتِ والعُزّى.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ قالَ: مَن شَرِبَ مُسْكِرًا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنهُ ما كانَتْ في مَثانَتِهِ مِنهُ قَطْرَةٌ، فَإنْ ماتَ مِنها كانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ (p-٥٠٥)الخَبالِ، وهي صَدِيدُ أهْلِ النّارِ وقَيْحُهم.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: مَن شَرِبَ مُسْكِرًا مِنَ الشَّرابِ فَهو رِجْسٌ، ورِجْسٌ صَلاتُهُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ شَرِبَ أيْضًا فَهو رِجْسٌ، ورِجْسٌ صِلاتُهُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ شَرِبَ أيْضًا فَهو رِجْسٌ ورِجْسٌ صَلاتُهُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ عادَ لَها قالَ: في الثّالِثَةِ، أوِ الرّابِعَةِ كانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ أبانَ، رَفَعَ الحَدِيثَ، قالَ: «(إنَّ الخَبائِثَ جُعِلَتْ في بَيْتٍ فَأُغْلِقَ عَلَيْها، وجُعِلَ مِفْتاحُها الخَمْرَ، فَمَن شَرِبَ الخَمْرَ وقَعَ بِالخَبائِثِ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: إنَّ الخَمْرَ مِفْتاحُ كُلِّ شَرٍّ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ صَباحًا كانَ كالمُشْرِكِ بِاللَّهِ حَتّى يُمْسِيَ، وكَذَلِكَ إنْ شَرِبَها لَيْلًا، كانَ كالمُشْرِكِ بِاللَّهِ حَتّى يُصْبِحَ، ومَن شَرِبَها حَتّى يَسْكَرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاةً أرْبَعِينَ صَباحًا، ومَن ماتَ وفي عُرُوقِهِ مِنها شَيْءٌ ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(حَلَفَ اللَّهُ بِعِزَّتِهِ وقُدْرَتِهِ: لا يَشْرَبُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ شَرْبَةً مِن خَمْرٍ إلّا سَقَيْتُهُ بِما انْتَهَكَ مِنها مِنَ (p-٥٠٦)الحَمِيمِ، مُعَذَّبٌ بَعْدُ، أوْ مَغْفُورٌ لَهُ، ولا يَتْرُكُها وهو عَلَيْها قادِرٌ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي إلّا سَقَيْتُهُ مِنها، فَأرْوَيْتُهُ في حَظِيرَةِ القُدْسِ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِي قالَ: يَجِيءُ يَوْمَ القِيامَةِ شارِبُ الخَمْرِ مُسْوَدًّا وجْهُهُ، مُزْرَقَّةً عَيْناهُ، مائِلًا شِقُّهُ، أوْ قالَ: شِدْقُهُ مُدَلَّيًا لِسانُهُ، يَسِيلُ لُعابُهُ عَلى صَدْرِهِ، يَقْذِرُهُ كُلُّ مَن يَراهُ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن شَرِبَ الخَمْرَ أتى عَطْشانَ يَوْمَ القِيامَةِ، ألا وكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وإيّاكم والغُبَيْراءَ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاةً أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإنْ عادَ كانَ مِثْلَ ذَلِكَ)، فَما أدْرِي في الثّالِثَةِ أمْ في الرّابِعَةِ قالَ: (فَإنْ عادَ كانَ حَتْمًا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ)، قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما طِينَةُ الخَبالِ؟ قالَ: (عُصارَةُ أهْلِ النّارِ») .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ خَلْدَةَ بِنْتِ طَلْقٍ قالَتْ: قالَ لَنا أبِي: «جَلَسْنا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجاءَ صُحارٌ فَسَألَهُ: ما تَرى في شَرابٍ (p-٥٠٧)نَصْنَعُهُ مِن ثَمارِنا؟ قالَ: (تَسْألُنِي عَنِ المُسْكِرِ، لا تَشْرَبْهُ ولا تُسْقِهِ أخاكَ، فَوالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، ما شَرِبَهُ رَجُلٌ قَطُّ ابْتِغاءَ لَذَّةِ سُكْرٍ، فَيَسْقِيَهُ اللَّهُ الخَمْرَ يَوْمَ القِيامَةِ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ، أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(مَن شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإنْ ماتَ ماتَ كافِرًا، وإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وإنْ عادَ كانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ)، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، وما طِينَةُ الخَبالِ؟ قالَ: (صَدِيدُ أهْلِ النّارِ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ في (الزُّهْدِ)، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: الرَّيْبُ مِنَ الكُفْرِ، والنَّوْحُ عَمَلُ الجاهِلِيَّةِ، والشِّعْرُ مِن أمْرِ إبْلِيسَ، والغُلُولُ جَمْرٌ مِن جَهَنَّمَ، والخَمْرُ جامِعُ كُلِّ إثْمٍ، والشَّبابُ شُعْبَةٌ مِنَ الجُنُونِ، والنِّساءُ حَبائِلُ الشَّيْطانِ، والكِبْرُ شَرٌّ مِنَ الشَّرِّ، وشَرُّ المَآكِلِ مالُ اليَتِيمِ، وشَرُّ المَكاسِبِ الرِّبا، والسَّعِيدُ مَن وُعِظَ بِغَيْرِهِ، والشَّقِيُّ مَن شَقِيَ في بَطْنِ أُمِّهِ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(لَمْ يَزَلْ جِبْرِيلُ يَنْهانِي عَنْ عِبادَةِ الأوْثانِ، وشُرْبِ الخَمْرِ، ومُلاحاةِ الرِّجالِ») . (p-٥٠٨)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(كانَ في أوَّلِ ما نَهانِي عَنْهُ رَبِّي وعَهِدَ إلَيَّ بَعْدَ عِبادَةِ الأوْثانِ وشُرْبِ الخَمْرِ، مُلاحاةُ الرِّجالِ») .
{"ayahs_start":90,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ","إِنَّمَا یُرِیدُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَن یُوقِعَ بَیۡنَكُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ فِی ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَیۡسِرِ وَیَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ","وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَٱحۡذَرُوا۟ۚ فَإِن تَوَلَّیۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلۡبَلَـٰغُ ٱلۡمُبِینُ","لَیۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحࣱ فِیمَا طَعِمُوۤا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحۡسَنُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق