الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى قَوْمِي أدْعُوهم إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ، وأعْرِضُ عَلَيْهِمْ شَعائِرَ الإسْلامِ، فَأتَيْتُهُمْ، فَبَيْنَما نَحْنُ كَذَلِكَ إذْ جاءُوا بِقَصْعَةِ دَمٍ، واجْتَمَعُوا عَلَيْها يَأْكُلُونَها، قالُوا: هَلُمَّ يا صُدَيُّ فَكُلْ، قُلْتُ: ويْحَكُمْ، إنَّما أتَيْتُكم مِن عِنْدِ مَن يُحَرِّمُ هَذا عَلَيْكُمْ، لِما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، قالُوا: وما ذاكَ؟ قالَ: فَتَلَوْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ والدَّمُ ولَحْمُ الخِنْزِيرِ﴾ الآيَةَ» .
(p-١٧٥)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في (المُصَنَّفِ) عَنْ قَتادَةَ قالَ: إذا أكَلَ لَحْمَ الخِنْزِيرِ عُرِضَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، فَإنْ تابَ وإلّا قُتِلَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ قالَ: ما أُهِلَّ لِلطَّواغِيتِ بِهِ، ﴿والمُنْخَنِقَةُ﴾ قالَ: الَّتِي تُخْنَقُ فَتَمُوتُ: ﴿والمَوْقُوذَةُ﴾ قالَ الَّتِي تُضْرَبُ بِالخَشَبَةِ فَتَمُوتُ، ﴿والمُتَرَدِّيَةُ﴾ قالَ: الَّتِي تَتَرَدّى مِنَ الجَبَلِ فَتَمُوتُ، ﴿والنَّطِيحَةُ﴾ قالَ: الشّاةُ الَّتِي تَنْطَحُ الشّاةَ، ﴿وما أكَلَ السَّبُعُ﴾ يَقُولُ: ما أخَذَ السَّبُعُ، ﴿إلا ما ذَكَّيْتُمْ﴾ يَقُولُ: ما ذَبَحْتُمْ مِن ذَلِكَ وبِهِ رُوحٌ فَكُلُوهُ، ﴿وما ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ﴾ قالَ: النُّصُبُ، أنْصابٌ كانُوا يَذْبَحُونَ ويُهِلُّونَ عَلَيْها، ﴿وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾ قالَ: هي القِداحُ، كانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِها في الأُمُورِ، ﴿ذَلِكم فِسْقٌ﴾ يَعْنِي: مَن أكَلَ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ فَهو فِسْقٌ.
وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في (مَسائِلِهِ) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والمُنْخَنِقَةُ﴾ قالَ: كانَتِ العَرَبُ تَخْنُقُ الشّاةَ، فَإذا ماتَتْ أكَلُوا لَحْمَها، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ امْرَأ القَيْسِ وهو يَقُولُ:
؎يَغِطُّ غَطِيطَ البَكْرِ شُدَّ خِناقُهُ لِيَقْتُلَنِي والمَرْءُ لَيْسَ بِقَتّالِ
(p-١٧٦)قالَ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿والمَوْقُوذَةُ﴾ قالَ: الَّتِي تُضْرَبُ بِالخَشَبَةِ حَتّى تَمُوتَ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ الشّاعِرَ يَقُولُ:
؎يَلْوِينَنِي دَيْنَ النَّهارِ وأقْتَضِي ∗∗∗ دَيْنِي إذا وقَذَ النُّعاسُ الرُّقَّدا
قالَ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿والأنْصابُ﴾ [المائدة: ٩٠] قالَ: الأنْصابُ الحِجارَةُ الَّتِي كانَتِ العَرَبُ تَعْبُدُها مِن دُونِ اللَّهِ وتَذْبَحُ لَها، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ نابِغَةَ بَنِي ذُبْيانَ وهو يَقُولُ:
؎فَلا لَعَمْرُ الَّذِي مَسَحْتَ كَعْبَتَهُ ∗∗∗ وما هُرِيقَ عَلى الأنْصابِ مِن جَسَدِ
قالَ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾ قالَ: الأزْلامُ، القِداحُ، كانُوا يَسْتَقْسِمُونَ الأُمُورَ بِها، مَكْتُوبٌ عَلى أحَدِهِما: أمَرَنِي رَبِّي، وعَلى الآخَرِ نَهانِي رَبِّي، فَإذا أرادُوا أمْرًا أتَوْا بَيْتَ أصْنامِهِمْ، ثُمَّ غَطَّوْا عَلى القِداحِ بِثَوْبٍ، فَأيُّهُما خَرَجَ عَمِلُوا بِهِ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ الحُطَيْئَةَ وهو يَقُولُ:
؎لا يَزْجُرُ الطَّيْرَ إنْ مَرَّتْ بِهِ سُنُحًا ∗∗∗ ولا يُفاضُ عَلى قِدْحٍ بِأزْلامِ
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أرْمِي بِالمِعْراضِ الصَّيْدَ فَأُصِيبُ، فَقالَ: (إذا رَمَيْتَ بِالمِعْراضِ فَخَزَقَ (p-١٧٧)فَكُلْهُ، وإنْ أصابَهُ بِعَرْضِهِ فَإنَّما هو وقِيذٌ فَلا تَأْكُلْهُ») .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرّادَّةُ الَّتِي تَتَرَدّى في البِئْرِ، والمُتَرَدِّيَةُ الَّتِي تَتَرَدّى مِنَ الجَبَلِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أبِي مَيْسَرَةَ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: (والمَنطُوحَةُ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ: (وأكِيلُ السَّبُعِ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: إذا أدْرَكْتَ ذَكاةَ المَوْقُوذَةِ والمُتَرَدِّيَةِ والنَّطِيحَةِ وهي تُحَرِّكُ يَدًا أوْ رِجْلًا فَكُلْها.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(لا تَأْكُلِ الشَّرِيطَةَ فَإنَّها ذَبِيحَةُ الشَّيْطانِ»)، قالَ ابْنُ المُبارَكِ: هي أنْ تُخْرِجَ الرُّوحَ مِنهُ بِشَرْطٍ مِن غَيْرِ قَطْعِ حُلْقُومٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ﴾ قالَ: كانَتْ حِجارَةً حَوْلَ الكَعْبَةِ، يَذْبَحُ عَلَيْها أهْلُ (p-١٧٨)الجاهِلِيَّةِ، ويُبَدِّلُونَها إذا شاءُوا بِحِجارَةٍ أعْجَبَ إلَيْهِمْ مِنها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾ قالَ: سِهامُ العَرَبِ، وكِعابُ فارِسَ، الَّتِي يَتَقامَرُونَ بِها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: (الأزْلامُ) القِداحُ، يَضْرِبُونَ بِها لِكُلِّ سَفَرٍ وغَزْوٍ وتِجارَةٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾ قالَ: القِداحُ، كانُوا إذا أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا في سَفَرٍ جَعَلُوا قِداحًا لِلْخُرُوجِ، ولِلْجُلُوسِ، فَإنْ وقَعَ الخُرُوجُ خَرَجُوا، وإنْ وقَعَ الجُلُوسُ جَلَسُوا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾ قالَ: حَصًى بِيضٌ كانُوا يَضْرِبُونَ بِها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: كانُوا إذا أرادُوا أمْرًا أوْ سَفَرًا يَعْمِدُونَ إلى قِداحٍ ثَلاثَةٍ، عَلى واحِدٍ مِنها مَكْتُوبٌ: اؤْمُرْنِي، وعَلى الآخَرِ: انْهَنِي، ويَتْرُكُونَ الآخَرَ مُحَلَّلًا بَيْنَهُما لَيْسَ عَلَيْهِ (p-١٧٩)شَيْءٌ، ثُمَّ يُجِيلُونَها، فَإنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ: اؤْمُرْنِي، مَضَوْا لِأمْرِهِمْ، وإنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ: انْهَنِي، كَفُّوا، وإنْ خَرَجَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، أعادُوها.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(لَنْ يَلِجَ الدَّرَجاتِ العُلى مَن تَكَهَّنَ، أوِ اسْتَقْسَمَ، أوْ رَجَعَ مِن سَفَرٍ تَطَيُّرًا») .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾ قالَ: يَئِسُوا أنْ تَرْجِعُوا إلى دِينِهِمْ أبَدًا.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾ يَقُولُ: يَئِسَ أهْلُ مَكَّةَ أنْ تَرْجِعُوا إلى دِينِهِمْ عِبادَةِ الأوْثانِ أبَدًا، ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ﴾ في اتِّباعِ مُحَمَّدٍ، ﴿واخْشَوْنِ﴾ في عِبادَةِ الأوْثانِ وتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ، فَلَمّا كانَ واقِفًا بِعَرَفاتٍ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وهو رافِعٌ يَدَهُ، والمُسْلِمُونَ يَدْعُونَ اللَّهَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ يَقُولُ: حَلالُكم وحَرامُكُمْ، فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ هَذا حَلالٌ وحَرامٌ، ﴿وأتْمَمْتُ عَلَيْكم نِعْمَتِي﴾ قالَ: مِنَّتِي فَلَمْ يَحُجَّ مَعَكم مُشْرِكٌ، ﴿ورَضِيتُ﴾ يَقُولُ: واخْتَرْتُ ﴿لَكُمُ (p-١٨٠)الإسْلامَ دِينًا﴾، مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إحْدى وثَمانِينَ يَوْمًا، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إلَيْهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾ ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: هَذا حِينَ فَعَلْتُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَخْشَوْهم واخْشَوْنِ﴾ قالَ: فَلا تَخْشَوْهم أنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكم.
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، عَنْ جابِرٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(إنَّ الشَّيْطانَ قَدْ يَئِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وأبِي سَعِيدٍ قالا: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ الشَّيْطانَ قَدْ أيِسَ أنْ يُعْبَدُ بِأرْضِكم هَذِهِ، ولَكِنَّهُ راضٍ مِنكم بِما تَحْقِرُونَ») .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ الشَّيْطانَ قَدْ يَئِسَ أنْ تُعْبَدَ الأصْنامُ بِأرْضِ العَرَبِ، ولَكِنْ سَيَرْضى مِنكم بِدُونِ ذَلِكَ، بِالمُحَقَّراتِ، وهي المُوبِقاتُ يَوْمَ القِيامَةِ، فاتَّقُوا المَظالِمَ ما اسْتَطَعْتُمْ») .
* * *
(p-١٨١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ والمُؤْمِنِينَ أنَّهُ قَدْ أكْمَلَ لَهُمُ الإيمانَ فَلا يَحْتاجُونَ إلى زِيادَةٍ أبَدًا، وقَدْ أتَمَّهُ فَلا يَنْقُصُ أبَدًا، وقَدْ رَضِيَهُ فَلا يَسْخَطُهُ أبَدًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: أخْلَصَ اللَّهُ لَهم دِينَهُمْ، ونَفى المُشْرِكِينَ عَنِ البَيْتِ، قالَ: وبَلَغَنا أنَّها أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، ووافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ جُمُعَةٍ، حِينَ نَفى اللَّهُ المُشْرِكِينَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ، وأخْلَصَ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَّهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ والمُسْلِمُونَ يَحُجُّونَ جَمِيعًا، فَلَمّا نَزَلَتْ (بَراءَةٌ) فَنُفِيَ المُشْرِكُونَ عَنِ البَيْتِ الحَرامِ، وحَجَّ المُسْلِمُونَ لا يُشارِكُهم في البَيْتِ الحَرامِ أحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَكانَ ذَلِكَ مِن تَمامِ النِّعْمَةِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكم وأتْمَمْتُ عَلَيْكم نِعْمَتِي﴾ (p-١٨٢)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: تَمامُ الحَجِّ، ونَفْيُ المُشْرِكِينَ عَنِ البَيْتِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو واقِفٌ بِعَرَفاتٍ، وقَدْ أطافَ بِهِ النّاسُ، وتَهَدَّمَتْ مَنارُ الجاهِلِيَّةِ ومَناسِكُهُمْ، واضْمَحَلَّ الشِّرْكُ، ولَمْ يَطُفْ بِالبَيْتِ عُرْيانٌ، ولَمْ يَحُجَّ مَعَهُ في ذَلِكَ العامِ مُشْرِكٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ [المائدة»: ٣] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: «نَزَلَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ هَذِهِ الآيَةُ وهو بِعَرَفَةَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: وكانَ إذا أعْجَبَتْهُ آياتٌ جَعَلَهُنَّ صَدْرَ السُّورَةِ، قالَ: وكانَ جِبْرِيلُ يَعْلَمُ كَيْفَ يَنْسُكُ» .
وأخْرَجَ الحُمَيْدِيُّ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ طارِقِ بْنِ شِهابٍ قالَ: قالَتِ اليَهُودُ لِعُمَرَ: إنَّكم تَقْرَءُونَ آيَةً في كِتابِكُمْ، لَوْ عَلَيْنا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاتَّخَذْنا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا، قالَ: وأيُّ آيَةٍ؟ قالُوا: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكم وأتْمَمْتُ عَلَيْكم نِعْمَتِي﴾
قالَ عُمَرُ: واللَّهِ إنِّي (p-١٨٣)لَأعْلَمُ اليَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، والسّاعَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيها، نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ في يَوْمِ جُمُعَةٍ.
وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهُوَيْهِ في (مُسْنَدِهِ)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: كانُوا عِنْدَ عُمَرَ، فَذَكَرُوا هَذِهِ الآيَةَ، فَقالَ رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتابِ: لَوْ عَلِمْنا أيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، لاتَّخَذْناهُ عِيدًا، فَقالَ عُمَرُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ لَنا عِيدًا، واليَوْمَ الثّانِيَ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، واليَوْمُ الثّانِي يَوْمُ النَّحْرِ، فَأكْمَلَ لَنا الأمْرَ، فَعَلِمْنا أنَّ الأمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ في انْتِقاصٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَنْتَرَةَ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ وذَلِكَ يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَرِ، بَكى عُمَرُ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (ما يُبْكِيكَ؟) قالَ: أبْكانِي أنّا كُنّا في زِيادَةٍ مِن دِينِنا، فَأمّا إذْ كَمُلَ، فَإنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ شَيْءٌ قَطُّ إلّا نَقَصَ، فَقالَ: (صَدَقْتَ») .
(p-١٨٤)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قالَ: قالَ كَعْبٌ: لَوْ أنَّ غَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآيَةُ، لَنَظَرُوا اليَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ عَلَيْهِمْ فاتَّخَذُوهُ عِيدًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، فَقالَ عُمَرُ: أيُّ آيَةٍ يا كَعْبُ؟ فَقالَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ فَقالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْتُ اليَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ، والمَكانَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ، في يَوْمِ جُمُعَةٍ، ويَوْمَ عَرَفَةَ، وكِلاهُما بِحَمْدِ اللَّهِ لَنا عِيدٌ.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في (الدَّلائِلِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ فَقالَ يَهُودِيٌّ: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَيْنا، لاتَّخَذْنا يَوْمَها عِيدًا، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَإنَّها نَزَلَتْ في يَوْمِ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: في يَوْمِ جُمُعَةٍ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِيسى بْنِ حارِثَةَ الأنْصارِيِّ قالَ: كُنّا جُلُوسًا في الدِّيوانِ، فَقالَ لَنا نَصْرانِيٌّ: يا أهْلَ الإسْلامِ، لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكم آيَةٌ لَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيْنا لاتَّخَذْنا ذَلِكَ اليَوْمَ وتِلْكَ السّاعَةَ عِيدًا ما بَقِيَ مِنّا اثْنانِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ فَلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ مِنّا، فَلَقِيتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، (p-١٨٥)فَقالَ: ألا رَدَدْتُمْ عَلَيْهِ؟ فَقالَ: قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: أُنْزِلَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ وهو واقِفٌ عَلى الجَبَلِ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَلا يَزالُ ذَلِكَ اليَوْمُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ ما بَقِيَ مِنهم أحَدٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ داوُدَ قالَ: قُلْتُ لِعامِرٍ الشَّعْبِيِّ: إنَّ اليَهُودَ تَقُولُ: كَيْفَ لَمْ تَحْفَظِ العَرَبُ هَذا اليَوْمَ الَّذِي أكْمَلَ اللَّهُ لَها دِينَها فِيهِ؟ فَقالَ عامِرٌ: أوَما حَفِظْتَهُ؟ قُلْتُ لَهُ: فَأيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ قالَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، أنْزَلَ اللَّهُ في يَوْمِ عَرَفَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو قائِمٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ، أنَّهُ سَمِعَ مُعاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيانَ عَلى المِنبَرِ يَنْزِعُ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ حَتّى خَتَمَها، فَقالَ: نَزَلَتْ في يَوْمِ عَرَفَةَ، في يَوْمِ جُمُعَةٍ.
وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ سَمُرَةَ قالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهو واقِفٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ» .
(p-١٨٦)وأخْرَجَ البَزّارُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو بِعَرَفَةَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: لَيْسَ بِيَوْمٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ النّاسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الدَّلائِلِ) بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: وُلِدَ نَبِيُّكم يَوْمَ الإثْنَيْنِ، ونُبِّئَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وخَرَجَ مِن مَكَّةَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، ودَخَلَ المَدِينَةَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وفَتَحَ مَكَّةَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وأُنْزِلَتْ سُورَةُ (المائِدَةِ) يَوْمَ الإثْنَيْنِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ وتُوُفِّيَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والخَطِيبُ، وابْنُ عَساكِرَ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: لَمّا نَصَّبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، فَنادى لَهُ بِالوِلايَةِ، هَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ .
(p-١٨٧)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والخَطِيبُ، وابْنُ عَساكِرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ، وهو يَوْمَ ثَمانِيَ عَشْرَةَ مِن ذِي الحِجَّةِ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ [المائدة»: ٣] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾ قالَ: هَذا نَزَلَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَها حَلالٌ ولا حَرامٌ، ورَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَماتَ، فَقالَتْ أسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ: «حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ الحَجَّةَ، فَبَيْنَما نَحْنُ نَسِيرُ إذْ تَجَلّى لَهُ جِبْرِيلُ عَلى الرّاحِلَةِ، فَلَمْ تُطِقِ الرّاحِلَةُ مِن ثِقَلِ ما عَلَيْها مِنَ القُرْآنِ فَبَرَكَتْ، فَأتَيْتُهُ فَسَجَّيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا كانَ عَلَيَّ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قالَ: مَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إحْدى وثَمانِينَ لَيْلَةً، قَوْلُهُ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكُمْ﴾
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ .
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّهُ يَمْثُلُ لِأهْلِ كُلِّ دِينٍ دِينُهم يَوْمَ القِيامَةِ، فَأمّا الإيمانُ فَيُبَشِّرُ أصْحابَهُ وأهْلَهُ، ويَعِدُهم في الخَيْرِ، حَتّى يَجِيءَ الإسْلامُ، فَيَقُولُ: رَبِّ، أنْتَ السَّلامُ وأنا الإسْلامُ، فَيَقُولُ: إيّاكَ اليَوْمَ أقْبَلُ، (p-١٨٨)وبِكَ اليَوْمَ أجْزِي.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيِّ قالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ قالَ: كُنْتُ في مَجْلِسِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، فَقالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ مِنَ القَوْمِ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَنْعَتُ الإسْلامَ؟ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ الإسْلامَ بَدَأ جَذَعًا، ثُمَّ ثَنِيًّا، ثُمَّ رَباعِيًّا، ثُمَّ سَدِيسًا، ثُمَّ بازِلًا»)، قالَ عُمَرُ: فَما بَعْدَ البُزُولِ إلّا النُّقْصانُ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ يَعْنِي إلى ما حَرَّمَ مِمّا سَمّى في صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ، ﴿فِي مَخْمَصَةٍ﴾ يَعْنِي مَجاعَةً، ﴿غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإثْمٍ﴾ يَقُولُ: غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِإثْمٍ.
وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في (مَسائِلِهِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فِي مَخْمَصَةٍ﴾ قالَ: في مَجاعَةٍ وجَهْدٍ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ (p-١٨٩)العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ الأعْشى وهو يَقُولُ:
؎تَبِيتُونَ في المَشْتى مِلاءً بُطُونُكم وجاراتُكم غَرْثى يَبِتْنَ خَمائِصا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإثْمٍ﴾ قالَ: في مَجاعَةٍ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِإثْمٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: رَخَّصَ لِلْمُضْطَرِّ إذا كانَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لَإثْمٍ أنْ يَأْكُلَهُ مِن جَهْدٍ، فَمَن بَغى، أوْ عَدا، أوْ خَرَجَ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أنْ يَأْكُلَهُ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي واقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أنَّهم قالُوا: «يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا بِأرْضٍ تُصِيبُنا بِها المَخْمَصَةُ، فَمَتى تَحِلُّ لَنا المَيْتَةُ؟ قالَ: (إذا لَمْ تَصْطَبِحُوا، ولَمْ تَغْتَبِقُوا، ولَمْ تَحْتَفِئُوا بَقْلًا، فَشَأْنَكم بِها») . (p-١٩٠)وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأبُو داوُدَ، عَنِ الفُجَيْعِ العامِرِيِّ، أنَّهُ قالَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، ما يَحِلُّ لَنا مِنَ المَيْتَةِ؟ فَقالَ: (ما طَعامُكُمْ؟) قُلْنا: نَغْتَبِقُ، ونَصْطَبِحُ، قالَ عُقْبَةُ: قَدَحٌ غُدْوَةً، وقَدَحٌ عَشِيَّةً، قالَ: (ذاكَ، وأبِي الجُوعُ)، وأحَلَّ لَهُمُ المَيْتَةَ عَلى هَذِهِ الحالِ» .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(إذا رَوَيْتَ أهْلَكَ مِنَ اللَّبَنِ غَبُوقًا، فاجْتَنِبْ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ مِن مَيْتَةٍ») .
{"ayah":"حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُوا۟ بِٱلۡأَزۡلَـٰمِۚ ذَ ٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡیَوۡمَ یَىِٕسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِفࣲ لِّإِثۡمࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق