الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ الآيَةَ.
(p-٥٦٤)أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والعَدَنِيُّ، وابْنُ مَنِيعٍ، والحُمَيْدِيُّ في (مَسانِيدِهِمْ)، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وأبُو يَعْلى، والكَجِّيُّ في ”سُنَنِهِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والدّارَقُطْنِيُّ في (الأفْرادِ)، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ)، والضِّياءُ في (المُخْتارَةِ)، عَنْ قَيْسٍ قالَ: «قامَ أبُو بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ، وقالَ: يا أيُّها النّاسُ، إنَّكم تَقْرَأُونَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ وإنَّكم تَضَعُونَها عَلى غَيْرِ مَوْضِعِها، وإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إنَّ النّاسَ إذا رَأوُا المُنْكَرَ ولَمْ يُغَيِّرُوهُ أوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ») .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ قالَ: صَعِدَ أبُو بَكْرٍ مِنبَرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: أيُّها النّاسُ، إنَّكم لَتَتْلُونَ آيَةً مِن كِتابِ اللَّهِ وتَعُدُّونَها رُخْصَةً، واللَّهِ ما أنْزَلَ اللَّهُ في كِتابِهِ أشَدَّ مِنها: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ واللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، (p-٥٦٥)ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أوْ لَيَعُمَّنَّكُمُ اللَّهُ مِنهُ بِعِقابٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ جَرِيرٍ البَجَلِيِّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «(ما مِن قَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ رَجُلٌ يَعْمَلُ بِالمَعاصِي، هم أمْنَعُ مِنهُ وأعَزُّ، ثُمَّ لا يُغَيِّرُونَ عَلَيْهِ، إلّا أوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنهُ بِعِقابٍ») .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَغَوِيُّ في (مُعْجَمِهِ)، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ «أبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبانِيِّ قالَ: أتَيْتُ أبا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ في هَذِهِ الآيَةِ؟ قالَ: أيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ: أما واللَّهِ لَقَدْ سَألْتَ عَنْها خَبِيرًا، سَألْتُ عَنْها رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ، وتَناهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتّى إذا رَأيْتَ شُحًّا مُطاعًا، وهَوًى مُتَّبَعًا، ودُنْيا مُؤْثَرَةً، وإعْجابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخاصَّةِ نَفْسِكَ، ودَعْ عَنْكَ أمْرَ العَوامِّ، فَإنَّ مِن ورائِكم أيّامُ الصَّبْرِ، الصّابِرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القابِضِ عَلى الجَمْرِ، لِلْعامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ») . (p-٥٦٦)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنْ أبِي عامِرٍ الأشْعَرِيِّ أنَّهُ كانَ فِيهِمْ شَيْءٌ فاحْتَبَسَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أتاهُ، فَقالَ: (ما حَبَسَكَ؟) قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَرَأْتُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ: فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (أيْنَ ذَهَبْتُمْ؟ إنَّما هي: لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ مِنَ الكُفّارِ إذا اهْتَدَيْتُمْ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سَألَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَقالَ: أيُّها النّاسُ، إنَّهُ لَيْسَ بِزَمانِها، فَإنَّها اليَوْمَ مَقْبُولَةٌ، ولَكِنَّهُ قَدْ أوْشَكَ أنْ يَأْتِيَ زَمانٌ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ فَيُصْنَعُ بِكم كَذا وكَذا، أوْ قالَ: فَلا يُقْبَلُ مِنكم فَحِينَئِذٍ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ الآيَةَ، قالَ: مُرُوا بِالمَعْرُوفِ وانْهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، ما لَمْ يَكُنْ مِن دُونِ ذَلِكَ السَّوْطُ والسَّيْفُ، فَإذا كانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (p-٥٦٧)فَعَلَيْكم أنْفُسَكم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ في (الفِتَنِ)، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: كانُوا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَوَقَعَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَعْضُ ما يَكُونُ بَيْنَ النّاسِ، حَتّى قامَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما إلى صاحِبِهِ، فَقالَ رَجُلٌ مِن جُلَساءِ عَبْدِ اللَّهِ: ألا أقُومُ فَآمُرُهُما بِالمَعْرُوفِ وأنْهاهُما عَنِ المُنْكَرِ؟ فَقالَ آخَرُ إلى جَنْبِهِ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَسَمِعَها ابْنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: مَهْ، لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ، إنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ حَيْثُ أُنْزِلَ، ومِنهُ آيٌ قَدْ مَضى تَأْوِيلُهُنَّ قَبْلَ أنْ يَنْزِلْنَ، ومِنهُ ما وقَعَ تَأْوِيلُهُنَّ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ومِنهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِسِنِينَ، ومِنهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ بَعْدَ اليَوْمِ، ومِنهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ عِنْدَ السّاعَةِ، ما ذُكِرَ مِن أمْرِ السّاعَةِ، ومِنهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ عِنْدَ الحِسابِ، ما ذُكِرَ مِن أمْرِ الحِسابِ والجَنَّةِ والنّارِ، فَما دامَتْ قُلُوبُكم واحِدَةً، وأهْواؤُكم واحِدَةً، ولَمْ تُلْبَسُوا شِيَعًا، ولَمْ يَذُقْ بَعْضُكم بَأْسَ بَعْضٍ، فَمُرُوا وانْهَوْا، فَإذا اخْتَلَفَتِ القُلُوبُ والأهْواءُ، وأُلْبِسْتُمْ شِيَعًا، وذاقَ بَعْضُكم بِأْسَ بَعْضٍ، فامْرُؤٌ ونَفْسُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ. (p-٥٦٨)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ قِيلَ لَهُ: لَوْ جَلَسْتَ في هَذِهِ الأيّامِ فَلَمْ تَأْمُرْ ولَمْ تَنْهَ، فَإنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَقالَ: إنَّها لَيْسَتْ لِي ولا لِأصْحابِي، لِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: (ألا فَلْيُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ)، فَكُنّا نَحْنُ الشُّهُودَ وأنْتُمُ الغُيَّبَ، ولَكِنَّ هَذِهِ الآيَةَ لِأقْوامٍ يَجِيئُونَ مِن بَعْدِنا، إنْ قالُوا لَمْ يُقْبَلْ مِنهم» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ قَتادَةَ، عَنْ رَجُلٍ قالَ: كُنْتُ في خِلافَةِ عُثْمانَ بِالمَدِينَةِ في حَلْقَةٍ فِيهِمْ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ فَإذا فِيهِمْ شَيْخٌ حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَرَأ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَقالَ: إنَّما تَأْوِيلُها في آخِرِ الزَّمانِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، مِن طَرِيقِ قَتادَةَ، عَنْ أبِي مازِنٍ قالَ: انْطَلَقْتُ عَلى عَهْدِ عُثْمانَ إلى المَدِينَةِ، فَإذا قَوْمٌ جُلُوسٌ، فَقَرَأ أحَدُهم: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَقالَ: أكْثَرُهم: لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ اليَوْمَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قالَ: كُنْتُ في حَلْقَةٍ فِيها أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ وإنِّي لَأصْغَرُ القَوْمِ، فَتَذاكَرُوا الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ فَقُلْتُ: ألَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ ؟ فَأقْبَلُوا عَلَيَّ بِلِسانٍ واحِدٍ فَقالُوا: تَنْزِعُ آيَةً (p-٥٦٩)مِنَ القُرْآنِ لا تَعْرِفُها ولا تَدْرِي ما تَأْوِيلُها، حَتّى تَمَنَّيْتُ أنِّي لَمْ أكُنْ تَكَلَّمْتُ، ثُمَّ أقْبَلُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَلَمّا حَضَرَ قِيامُهم قالُوا: إنَّكَ غُلامٌ حَدَثُ السِّنِّ، وإنَّكَ نَزَعْتَ آيَةً لا تَدْرِي ما هِيَ، وعَسى أنْ تُدْرِكَ ذَلِكَ الزَّمانَ، إذا رَأيْتَ شُحًّا مُطاعًا، وهَوًى مُتَّبَعًا، وإعْجابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، لا يَضُرُّكَ مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، أنَّهُ قالَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ: (يا مُعاذُ، مُرُوا بِالمَعْرُوفِ، وتَناهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، فَإذا رَأيْتُمْ شُحًّا مُطاعًا، وهَوًى مُتَّبَعًا، وإعْجابَ كُلِّ امْرِئٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكم أنْفُسَكُمْ، لا يَضُرُّكم ضَلالَةُ غَيْرِكُمْ، فَهو مِن ورائِكم أيّامُ صَبْرٍ، المُتَمَسِّكُ فِيها بِدِينِهِ مِثْلُ القابِضِ عَلى الجَمْرِ، فَلِلْعامِلِ مِنهم يَوْمَئِذٍ مِثْلُ عَمَلِ أحَدِكُمُ اليَوْمَ كَأجْرِ خَمْسِينَ مِنكُمْ)، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، خَمْسِينَ مِنهُمْ؟ قالَ: (بَلْ خَمْسِينَ مِنكم أنْتُمْ») .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «ذَكَرْتُ هَذِهِ الآيَةَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فَقالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: (لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُها، لا يَجِيءُ تَأْوِيلُها حَتّى يَهْبِطَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ») . (p-٥٧٠)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «(ما تَرَكَ قَوْمٌ الجِهادَ في سَبِيلِ اللَّهِ إلّا ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بَذُلٍّ، ولا أقَرَّ قَوْمٌ المُنْكَرَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ إلّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ»)، وما بَيْنَكم وبَيْنَ أنْ يَعُمَّكُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ مِن عِنْدِهِ، إلّا أنْ تَأوَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ عَلى غَيْرِ أمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، ولا نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قالَ: «خَطَبَ أبُو بَكْرٍ النّاسَ فَكانَ في خُطْبَتِهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يا أيُّها النّاسُ، لا تَتَّكِلُوا عَلى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ إنَّ الدّاعِرَ لَيَكُونُ في الحَيِّ فَلا يَمْنَعُوهُ، فَيَعُمُّهُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فَقالَ: يا لَها مِن سَعَةٍ ما أوْسَعَها، ويا لَها مِن ثِقَةٍ ما أوْثَقَها.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عُثْمانَ الشَّحّامِ أبِي سَلَمَةَ قالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِن أهْلِ البَصْرَةِ، وكانَ لَهُ فَضْلٌ وسِنٌّ، قالَ: بَلَغَنِي أنَّ داوُدَ سَألَ رَبَّهُ قالَ: يا رَبِّ، كَيْفَ لِي أنْ أمْشِيَ لَكَ في الأرْضِ، وأعْمَلَ لَكَ فِيها بِنُصْحٍ؟ قالَ: يا داوُدَ، تُحِبُّ مَن (p-٥٧١)أحَبَّنِي مِن أحْمَرَ وأبْيَضَ، ولا تَزالُ شَفَتاكَ رَطْبَتَيْنِ مِن ذِكْرِي، واجْتَنِبْ فِراشَ المُغِيبِ، قالَ: أيْ رَبِّ، فَكَيْفَ أنْ يُحِبَّنِي أهْلُ الدُّنْيا، البَرُّ والفاجِرُ؟ قالَ: يا داوُدَ، تُصانِعُ أهْلَ الدُّنْيا لِدُنْياهُمْ، وتُحِبُّ أهْلَ الآخِرَةِ لِآخِرَتِهِمْ، وتَجْتانُّ إلَيْكَ دِينَكَ بَيْنِي وبَيْنَكَ، فَإنَّكَ إذا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَلا يَضُرُّكَ مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ جاءَهُ رَجُلٌ فَقالَ: يا أبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَفَرٌ سِتَّةٌ كُلُّهم قَرَأ القُرْآنَ، وكُلُّهم مُجْتَهِدٌ، لا يَأْلُو، وهم في ذَلِكَ يَشْهَدُ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ بِالشِّرْكِ، فَقالَ: لَعَلَّكَ تَرى أنِّي آمُرُكَ أنْ تَذْهَبَ إلَيْهِمْ تُقاتِلُهُمْ، عِظْهم وانْهَهُمْ، فَإنْ عَصَوْكَ فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ حَتّى خَتَمَ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ صَفْوانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أنَّهُ أتاهُ رَجُلٌ مِن أصْحابِ الأهْواءِ، فَذَكَرَ لَهُ بَعْضَ أمْرِهِ، فَقالَ لَهُ صَفْوانُ: ألا أدُلُّكَ عَلى خاصَّةِ اللَّهِ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ بِها أوْلِياءَهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ يَقُولُ: أطِيعُوا أمْرِي (p-٥٧٢)واحْفَظُوا وصِيَّتِي.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ يَقُولُ: إذا ما أطاعَنِي العَبْدُ فِيما أمَرْتُهُ مِنَ الحَلالِ والحَرامِ، فَلا يَضُرُّهُ مَن ضَلَّ بَعْدَهُ إذا عَمِلَ بِما أمَرْتُهُ بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ ما لَمْ يَكُنْ سَيْفٌ أوْ سَوْطٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، أنَّ رَجُلًا سَألَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ الآيَةَ، فَقالَ: إنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الآيَةَ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ، إذا هابَ الواعِظُ، وأنْكَرَ المَوْعُوظُ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، لا يَضُرُّكَ حِينَئِذٍ مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عُمَرَ مَوْلى غُفْرَةَ قالَ: إنَّما أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لِأنَّ الرَّجُلَ كانَ يُسْلِمُ ويَكْفُرُ أبُوهُ، ويُسْلِمُ الرَّجُلُ ويَكْفُرُ أخُوهُ، فَلَمّا دَخَلَ قُلُوبَهم حَلاوَةُ الإيمانِ دَعَوْا آباءَهم وإخْوانَهُمْ، فَقالُوا: حَسْبُنا ما وجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقالَ: نَزَلَتْ في أهْلِ الكِتابِ، يَقُولُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ﴾ مِن أهْلِ الكِتابِ ﴿إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ في قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ: إذا أمَرْتُمْ بِالمَعْرُوفِ ونَهَيْتُمْ عَنِ المُنْكَرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ: إذا أمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ ونَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ لا يَضُرُّكَ مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾ فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ بِها، والحَمْدُ لِلَّهِ عَلَيْها، ما كانَ مُؤْمِنٌ فِيما مَضى، ولا مُؤْمِنٌ فِيما بَقِيَ، إلّا وإلى جانِبِهِ مُنافِقٌ يَكْرَهُ عَمَلَهُ. (p-٥٧٤)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنْ أنَسٍ قالَ: «قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَتى يُتْرَكُ الأمْرُ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ؟ قالَ: (إذا ظَهَرَ فِيكم ما ظَهَرَ في بَنِي إسْرائِيلَ قَبْلَكُمْ)، قالُوا: وما ذاكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (إذا ظَهَرَ الإدْهانُ في خِيارِكُمْ، والفاحِشَةُ في كِبارِكُمْ، وتَحَوَّلَ المُلْكُ في صِغارِكُمْ، والفِقْهُ - وفي لَفْظٍ: والعِلْمُ - في رُذّالِكُمْ») .
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا یَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَیۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق