الباحث القرآني
(p-٤٥٥)سُورَةُ الفَتْحِ.
مَدَنِيَّةٌ
أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ بِالمَدِينَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ومَرْوانَ قالا: نَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ في شَأْنِ الحُدَيْبِيَةِ مِن أوَّلِها إلى آخِرِها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ في الشَّمائِلِ والنَّسائِيُّ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عامَ الفَتْحِ في مَسِيرِهِ سُورَةَ الفَتْحِ عَلى راحِلَتِهِ فَرَجَّعَ فِيها» .
(p-٤٥٦)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في المُصَنَّفِ عَنْ أبِي بُرْدَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ في الصُّبْحِ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح»: ١] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾
أخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: «كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ فَسَألْتُهُ عَنْ شَيْءٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَقُلْتُ لِنَفْسِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا ابْنَ الخَطّابِ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثَلاثَ مَرّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْكَ فَحَرَّكْتُ بِعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمامَ النّاسِ وخَشِيتُ أنْ يَنْزِلَ فِيَّ القُرْآنُ فَما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صارِخًا يَصْرُخُ بِي فَرَجَعْتُ وأنا أظُنُّ أنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الدُّنْيا وما فِيها ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا﴾ ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ [الفتح»: ٢] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ وأبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ، (p-٤٥٧)والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جارِيَةَ الأنْصارِيِّ قالَ: «شَهِدْنا الحُدَيْبِيَةَ فَلَمّا انْصَرَفْنا عَنْها حَتّى بَلَغْنا كُراعَ الغَمِيمِ إذا النّاسُ يُوجِفُونَ الأباعِرَ فَقالَ النّاسُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ما لِلنّاسِ؟ فَقالُوا: أُوحِيَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَخَرَجْنا مَعَ النّاسِ نُوجِفُ فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى راحِلَتِهِ عَلى كُراعِ الغَمِيمِ فاجْتَمَعَ النّاسُ عَلَيْهِ فَقَرَأ عَلَيْهِمْ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ فَقالَ رَجُلٌ: أيْ رَسُولَ اللَّهِ: وفَتْحٌ هُوَ؟ قالَ: إي والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّهُ لَفَتْحٌ. فَقُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلى أهْلِ الحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهم فِيها أحَدٌ إلّا مَن شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ فَقَسَمَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَمانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وكانَ الجَيْشُ ألْفًا وخَمْسَمِائَةٍ مِنهم ثَلاثُمِائَةِ فارِسٍ فَأعْطى الفارِسَ سَهْمَيْنِ وأعْطى الرّاجِلَ سَهْمًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ والبُخارِيُّ في تارِيخِهِ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «أقْبَلْنا مِنَ الحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَبَيْنا نَحْنُ نَسِيرُ إذْ أتاهُ الوَحْيُ وكانَ إذا أتاهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ فَسُرِّيَ عَنْهُ وبِهِ مِنَ السُّرُورِ ما شاءَ اللَّهُ (p-٤٥٨)فَأخْبَرَنا أنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح»: ١] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: الحُدَيْبِيَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: فَتْحُ خَيْبَرَ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ البَراءِ قالَ: «تَعُدُّونَ أنْتُمُ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وقَدْ كانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، ونَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، والحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْناها فَلَمْ نَتْرُكْ فِيها قَطْرَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأتاها فَجَلَسَ عَلى شَفِيرِها ثُمَّ دَعا بِإناءٍ مِن ماءٍ فَتَوَضَّأ ثُمَّ تَمَضْمَضَ ودَعا ثُمَّ صَبَّهُ فِيها فَتَرَكْناها غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إنَّها أصْدَرَتْنا ما شِئْنا نَحْنُ ورِكابَنا» .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ عُرْوَةَ قالَ: «أقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ راجِعًا (p-٤٥٩)فَقالَ رِجالٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: واللَّهِ ما هَذا بِفَتْحٍ لَقَدْ صُدِدْنا عَنِ البَيْتِ وصُدَّ هَدْيُنا وعَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالحُدَيْبِيَةِ ورَدَّ رَجُلَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ خَرَجا فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَوْلُ رِجالٍ مِن أصْحابِهِ: إنَّ هَذا لَيْسَ بِفَتْحٍ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بِئْسَ الكَلامُ، هَذا أعْظَمُ الفَتْحِ لَقَدْ رَضِيَ المُشْرِكُونَ أنْ يَدْفَعُوكم بِالرّاحِ عَنْ بِلادِهِمْ ويَسْألُونَكُمُ القَضِيَّةَ ويَرْغَبُونَ إلَيْكم في الإيابِ، وقَدْ كَرِهُوا مِنكم ما رَأوْا وقَدْ أظْفَرَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ورَدَّكم سالِمِينَ غانِمِينَ مَأْجُورِينَ فَهَذا أعْظَمُ الفَتْحِ، أنَسِيتُمْ يَوْمَ أُحُدٍ إذْ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ عَلى أحَدٍ وأنا أدْعُوكم في أُخْراكُمْ؟ أنَسِيتُمْ يَوْمَ الأحْزابِ إذْ جاءُوكم مِن فَوْقِكم ومِن أسْفَلَ مِنكم وإذْ زاغَتِ الأبْصارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظَّنُونا؟ قالَ المُسْلِمُونَ: صَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ هو أعْظَمُ الفُتُوحِ واللَّهِ يا نَبِيَّ اللَّهِ ما فَكَّرْنا فِيما فَكَّرْتَ فِيهِ ولَأنْتَ أعْلَمُ بِاللَّهِ وبِالأُمُورِ مِنّا، فَأنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الفَتْحِ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في الدْلائِلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: (p-٤٦٠)نَزَلَتْ في الحُدَيْبِيَةِ، وأصابَ في تِلْكَ الغَزْوَةِ ما لَمْ يُصِبْ في غَزْوَةٍ أصابَ أنْ بُويِعَ بَيْعَةَ الرِّضْوانِ وفَتْحَ الحُدَيْبِيَةِ وغُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، وبايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوانِ وأُطْعِمُوا نَخِيلَ خَيْبَرَ، وبَلَغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ وظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ وفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِتَصْدِيقِ كِتابِ اللَّهِ وظُهُورِ أهْلِ الكِتابِ عَلى المَجُوسِ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ المِسْوَرِ ومَرْوانَ في قِصَّةِ الحُدَيْبِيَةِ قالا: «ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ راجِعًا فَلَمّا كانَ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الفَتْحِ مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فَلَمّا أمِنَ النّاسُ وتَفاوَضُوا لَمْ يُكَلَّمْ أحَدٌ بِالإسْلامِ إلّا دَخَلَ فِيهِ فَلَقَدْ دَخَلَ في تِلْكَ السِّنِينَ في الإسْلامِ أكْثَرُ مِمّا كانَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وكانَ صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا عَظِيمًا» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: إنّا قَضَيْنا لَكَ قَضاءً بَيِّنًا نَزَلَتْ عامَ الحُدَيْبِيَةِ المَنحْرُ الَّذِي بِالحُدَيْبِيَةِ وحَلْقُهُ رَأْسُهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ (p-٤٦١)قالَ: قَضَيْنا لَكَ قَضاءً مُبَيَّنًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عامِرٍ الشَّعْبِيِّ «أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: أفْتَحٌ هَذا؟ قالَ: وأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: نَعَمْ عَظِيمٌ قالَ: وكانَ فَصْلُ ما بَيْنَ الهِجْرَتَيْنِ فَتْحَ الحُدَيْبِيَةِ فَقالَ: ﴿لا يَسْتَوِي مِنكم مَن أنْفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وقاتَلَ﴾ [الحديد»: ١٠] .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: فَتْحُ مَكَّةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ أبِي خالِدٍ الواسِطِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: «صَلّى بِنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الفَجْرَ ذاتَ يَوْمٍ بِغَلَسٍ، وكانَ مِمّا يُغَلِّسُ ويُسْفِرُ ويَقُولُ: ما بَيْنَ هَذَيْنِ وقْتٌ لِكَيْلا يَخْتَلِفَ المُؤْمِنُونَ. فَصَلّى بِنا ذاتَ يَوْمٍ بِغَلَسٍ، فَلَمّا قَضى الصَّلاةَ التَفَتَ إلَيْنا كَأنَّ وجْهَهُ ورَقَةُ مُصْحَفٍ فَقالَ: أفِيكم مَن رَأى اللَّيْلَةَ شَيْئًا؟ قُلْنا: لا يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: لَكِنِّي رَأيْتُ مَلِكَيْنِ أتَيانِي اللَّيْلَةَ فَأخَذا بِضَبْعَيَّ فانْطَلَقا بِي إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَمَرَرْتُ بِمَلَكٍ وأمامَهُ آدَمِيٌّ وبِيَدِهِ صَخْرَةٌ فَيَضْرِبُ بِهامَةِ الآدَمِيِّ فَيَقَعُ دِماغُهُ جانِبًا وتَقَعُ الصَّخْرَةُ (p-٤٦٢)جانِبًا، قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا لِي: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِمَلَكٍ وأمامَهُ آدَمِيٌّ وبِيَدِ المَلَكِ كَلُّوبٌ مِن حَدِيدٍ فَيَضَعُهُ في شِدْقِهِ الأيْمَنِ فَيَشُقُّهُ حَتّى يَنْتَهِيَ إلى أُذُنِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ في الأيْسَرِ فَيَلْتَئِمُ الأيْمَنُ قالَ: قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِنَهَرٍ مِن دَمٍ يَمُورُ كَمَوْرِ المِرْجَلِ عَلى فِيهِ قَوْمٌ عُراةٌ عَلى حافَّةِ النَّهَرِ مَلائِكَةٌ بِأيْدِيهِمْ مِدْرَتانِ كُلَّما طَلَعَ طالِعٌ قَذَفُوهُ بِمِدْرَةٍ فَيَقَعُ في فِيهِ ويَسِيلُ إلى أسْفَلِ ذَلِكَ النَّهَرِ قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِبَيْتٍ أسْفَلُهُ أضْيَقُ مِن أعْلاهُ فِيهِ قَوْمٌ عُراةٌ تُوقَدُ مِن تَحْتِهِمُ النّارُ أمْسَكْتُ عَلى أنْفِي مِن نَتْنِ ما أجِدُ مِن رِيحِهِمْ قُلْتُ: مَن هَؤُلاءِ؟ قالا لِي: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِتَلٍّ أسْوَدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مُخَبَّلُونَ تُنْفَخُ النّارُ في أدْبارِهِمْ فَتَخْرُجُ مِن أفْواهِهِمْ ومَناخِرِهِمْ وآذانِهِمْ وأعْيُنِهِمْ قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا لِي: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِنارٍ مُطْبَقَةٍ مُوَكَّلٌ بِها مَلَكٌ لا يَخْرُجُ مِنها شَيْءٌ إلّا اتَّبَعَهُ حَتّى يُعِيدَهُ فِيها قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا لِي: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِرَوْضَةٍ وإذا فِيها شَيْخٌ جَمِيلٌ لا أجْمَلَ مِنهُ وإذا حَوْلَهُ الوِلْدانُ، وإذا شَجَرَةٌ ورَقُها كَآذانِ الفِيَلَةِ، فَصَعِدْتُ ما شاءَ اللَّهُ مِن تِلْكَ الشَّجَرَةِ، وإذا أنا بِمَنازِلَ لا (p-٤٦٣)أحْسَنَ مِنها مِن زُمُرُّدَةٍ جَوْفاءَ وزَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ، وياقُوتَةٍ حَمْراءَ، قُلْتُ: ما هَذا؟ قالا: امْضِهِ، فَمَضَيْتُ فَإذا أنا بِنَهَرٍ عَلَيْهِ جِسْرانِ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ عَلى حافَّتَيِ النَّهَرِ مَنازِلُ لا مَنازِلَ أحْسَنُ مِنها مِن دُرَّةٍ جَوْفاءَ وزَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ وياقُوتَةٍ حَمْراءَ وفِيهِ قَدَحانِ وأبارِيقُ تَطَّرِدُ قَلْتُ: ما هَذا؟ قالا لِي: انْزِلْ فَنَزَلْتُ فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى إناءٍ مِنها فَغَرَفْتُ ثُمَّ شَرِبْتُ فَإذا أحْلى مِن عَسَلٍ وأشَدُّ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ وألْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، فَقالا لِي: أمّا صاحِبُ الصَّخْرَةِ الَّذِي رَأيْتَ يَضْرِبُ بِها هامَةَ الآدَمِيِّ فَيَقَعُ دِماغُهُ جانِبًا وتَقَعُ الصَّخْرَةُ في جانِبٍ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ كانُوا يَنامُونَ عَنْ صَلاةِ العِشاءِ الآخِرَةِ ويُصَلُّونَ الصَّلاةَ لِغَيْرِ مَواقِيتِها يُضْرَبُونَ بِها حَتّى يَصِيرُوا إلى النّارِ.
وأمّا صاحِبُ الكَلُّوبِ الَّذِي رَأيْتَ مَلَكًا مُوكَّلًا بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِن حَدِيدٍ يَشُقُّ شِدْقَهُ الأيْمَنَ حَتّى يَنْتَهِيَ إلى أُذُنِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ في الأيْسَرِ فَيَلْتَئِمُ الأيْمَنُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ كانُوا يَمْشُونَ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ بِالنَّمِيمَةِ فَيُفْسِدُونَ بَيْنَهم فَهم يُعَذَّبُونَ بِها حَتّى يَصِيرُوا إلى النّارِ.
وأمّا مَلائِكَةٌ بِأيْدِيهِمْ مِدْرَتانِ مِنَ النّارِ كُلَّما طَلَعَ (p-٤٦٤)طالِعٌ قَذَفُوهُ بِمِدْرَةٍ فَتَقَعُ في فِيهِ فَيَنْتَقِلُ إلى أسْفَلِ ذَلِكَ النَّهَرِ فَأُولَئِكَ أكَلَةُ الرِّبا يُعَذَّبُونَ حَتّى يَصِيرُوا إلى النّارِ.
وأمّا البَيْتُ الَّذِي رَأيْتَ أسْفَلَهُ أضْيَقَ مِن أعْلاهُ فِيهِ قَوْمٌ عُراةٌ تَتَوَقَّدُ مِن تَحْتِهِمُ النّارُ أمْسَكْتَ عَلى أنْفِكَ مِن نَتْنِ ما وجَدْتَ مِن رِيحِهِمْ فَأُولَئِكَ الزُّناةُ وذَلِكَ نَتْنُ فُرُوجِهِمْ يُعَذَّبُونَ حَتّى يَصِيرُوا إلى النّارِ.
وأمّا التَّلُّ الأسْوَدُ الَّذِي رَأيْتَ عَلَيْهِ قَوْمًا مُخَبَّلِينَ تُنْفَخُ النّارُ في أدْبارِهِمْ فَتَخْرُجُ مِن أفْواهِهِمْ ومَناخِرِهِمْ وأعْيُنِهِمْ وآذانِهِمْ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ الفاعِلُ والمَفْعُولُ بِهِ فَهم يُعَذَّبُونَ حَتّى يَصِيرُوا إلى النّارِ.
وأمّا النّارُ المُطْبَقَةُ الَّتِي رَأيْتَ مَلَكًا مُوَكَّلًا بِها كُلَّما خَرَجَ مِنها شَيْءٌ اتَّبَعَهُ حَتّى يُعِيدَهُ فِيها فَتِلْكَ جَهَنَّمُ تُفَرِّقُ بَيْنَ أهْلِ الجَنَّةِ وأهْلِ النّارِ.
وأمّا الرَّوْضَةُ الَّتِي رَأيْتَها فَتِلْكَ جَنَّةُ المَأْوى.
وأمّا الشَّيْخُ الَّذِي رَأيْتَ ومَن حَوْلَهُ مِنَ الوِلْدانِ فَهو إبْراهِيمُ وهم بَنُوهُ.
وأمّا الشَّجَرَةُ الَّتِي رَأيْتَ فَطَلَعْتَ إلَيْها فِيها مَنازِلُ لا مَنازِلَ أحْسَنُ مِنها مِن زُمُرُّدَةٍ جَوْفاءَ وزَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ وياقُوتَةٍ حَمْراءَ فَتِلْكَ مَنازِلُ أهْلِ عِلِّيِّينَ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ وحُسْنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
وأمّا النَّهَرُ فَهو نَهَرُكَ الَّذِي أعْطاكَ اللَّهُ: الكَوْثَرُ وهَذِهِ مَنازِلُكَ وأهْلُ بَيْتِكَ، قالَ: فَنُودِيتُ مِن فَوْقِي: يا مُحَمَّدُ يا مُحَمَّدُ سَلْ تُعْطَهُ، فارْتَعَدَتْ فَرائِصِي ورَجَفَ فُؤادِي واضْطَرَبَ كُلُّ عُضْوٍ مِنِّي ولَمْ أسْتَطِعْ أنْ أُجِيبَ شَيْئًا، فَأخَذَ أحَدُ المَلَكَيْنِ يَدَهُ اليُمْنى فَوَضَعَها في يَدِي (p-٤٦٥)وأخَذَ الآخَرُ يَدَهُ اليُمْنى فَوَضَعَها بَيْنَ كَتِفَيَّ فَسَكَنَ ذَلِكَ مِنِّي ثَمَّ نُودِيتُ مِن فَوْقِي: يا مُحَمَّدُ سَلْ تُعْطَهُ، قالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ أنْ تُثْبِتَ شَفاعَتِي وأنْ تُلْحِقَ بِي أهْلَ بَيْتِي، وأنْ ألْقاكَ ولا ذَنْبَ لِي، قالَ: ثُمَّ ولّى بِي، ونَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] إلى قَوْلِهِ: ﴿مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ٢]، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَكَما أُعْطِيتُ هَذِهِ كَذَلِكَ أعْطانِيها إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى» .
وأخْرَجَ السَّلَفِيُّ في الطُّيُورِيّاتِ مِن طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هارُونَ قالَ: سَمِعْتُ المَسْعُودِيَّ يَقُولُ: بَلَغَنِي أنَّ مَن قَرَأ أوَّلَ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ في التَّطَوُّعِ حُفِظَ ذَلِكَ العامَ،
{"ayah":"إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحࣰا مُّبِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











