الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ قالَ: مُشْرِكِي العَرَبِ، يَقُولُ: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى يَقُولُوا: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهم فَشُدُّوا الوَثاقَ﴾ قالَ: لا تَأْسِرُوهم ولا تُفادُوهم حَتّى تُثْخِنُوهم (p-٣٥١)بِالسَّيْفِ.
وأخْرَجَ النَّحّاسُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالَ: فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ والمُؤْمِنِينَ بِالخِيارِ في الأُسارى؛ إنْ شاءُوا قَتَلُوهُمْ، وإنْ شاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ، وإنْ شاءُوا فادَوْهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالَ: هَذا مَنسُوخٌ نَسَخَتْها: ﴿فَإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] [التَّوْبَةِ: ٥] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالَ: فَرَخَّصَ لَهم أنْ يُمَنُّوا عَلى مَن شاءُوا مِنهُمْ، فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بَعْدُ في ”بَراءَةَ“ فَقالَ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالَ: كانَ المُسْلِمُونَ إذا لَقُوا المُشْرِكِينَ قاتَلُوهُمْ، فَإذا أسَرُوا مِنهم أسِيرًا فَلَيْسَ لَهم إلّا أنْ يُفادُوهُ أوْ يَمُنُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ بَعْدُ: ﴿فَإمّا تَثْقَفَنَّهم في الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَن خَلْفَهُمْ﴾ [الأنفال: ٥٧] . [الأنْفالِ: ٥٧]
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، في ”المُصَنَّفِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ (p-٣٥٢)الضَّحّاكِ ومُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالا: نَسَخَتْها: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ فادى رَجُلَيْنِ مِن أصْحابِهِ بِرَجُلَيْنِ مِنَ المُشْرِكِينَ أُسِرُوا» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أشْعَثَ قالَ: سَألْتُ الحَسَنَ وعَطاءً عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ قالَ أحَدُهُما: يَمُنُّ عَلَيْهِ أوْ يُفادِي. وقالَ الآخَرُ: يَصْنَعُ كَما صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمُنُّ عَلَيْهِ أوْ يُفادِي.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: أُتِيَ الحَجّاجُ بِأُسارى، فَدَفَعَ إلى ابْنِ عُمَرَ رَجُلًا يَقْتُلُهُ، فَقالَ ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ بِهَذا أُمِرْنا، إنَّما قالَ اللَّهُ: ﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهم فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ نافِعٍ أنَّ ابْنَ عُمَرَ أعْتَقَ ولَدَ زِنْيَةٍ وقالَ: قَدْ أمَرَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ أنْ نَمُنَّ عَلى مَن هو شَرٌّ مِنهُ، قالَ اللَّهُ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ .
(p-٣٥٣)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، في ”المُصَنَّفِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ لَيْثٍ قالَ: «قُلْتُ لِمُجاهِدٍ: بَلَغَنِي أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ قالَ: لا يَحِلُّ قَتْلُ الأُسارى؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ فَقالَ مُجاهِدٌ: لا تَعْبَأْ بِهَذا شَيْئًا أدْرَكْتُ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وكُلُّهم يُنْكِرُ هَذا ويَقُولُ: هَذِهِ مَنسُوخَةٌ إنَّما كانَتْ في الهُدْنَةِ الَّتِي كانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ، فَأمّا اليَوْمَ فَلا، يَقُولُ اللَّهُ ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] ويَقُولُ: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ فَإنْ كانُوا مِن مُشْرِكِي العَرَبِ لَمْ يُقْبَلْ مِنهم شَيْءٌ إلّا الإسْلامُ فَإنْ لَمْ يُسْلِمُوا فالقَتْلُ وأمّا مَن سِواهم فَإنَّهم إذا أُسِرُوا فالمُسْلِمُونَ فِيهِمْ بِالخِيارِ إنْ شاءُوا قَتَلُوهم وإنْ شاءُوا اسْتَحْيُوهم وإنْ شاءُوا فادَوْهم إذا لَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ دِينِهِمْ، فَإنْ أظْهَرُوا الإسْلامَ لَمْ يُفادَوْا ونَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ الصَّغِيرِ والمَرْأةِ والشَّيْخِ الفانِي» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: نَسَخَتْ: ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [النساء: ٨٩] [النِّساءِ: ٨٩] ما كانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِن فِداءٍ أوْ مَنٍّ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، في ”المُصَنَّفِ“، عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ كانَ يَكْرَهُ قَتْلَ أهْلِ الشِّرْكِ (p-٣٥٤)صَبْرًا، ويَتْلُو ﴿فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ ثُمَّ نَسَخَتْها: ﴿فَخُذُوهم واقْتُلُوهم حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [النساء: ٨٩] ونَزَلَتْ - زَعَمُوا - في العَرَبِ خاصَّةً «وقَتَلَ النَّبِيُّ ﷺ عُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ أيُّوبَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهى عَنْ قَتْلِ الوُصَفاءِ والعُسَفاءِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ الضَّحّاكِ بْنِ مُزاحِمٍ قالَ: «نَهى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّساءِ والوِلْدانِ إلّا مَن عَدا مِنهم بِالسَّيْفِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَرِيَّةً فَطَلَبُوا رَجُلًا فَصَعِدَ شَجَرَةً فَأحْرَقُوها بِالنّارِ فَلَمّا قَدِمُوا عَلى النَّبِيِّ ﷺ أخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَتَغَيَّرَ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لِأُعَذِّبَ بِعَذابِ اللَّهِ إنَّما بُعِثْتُ بِضَرْبِ الرِّقابِ وشَدِّ الوَثاقِ» .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ .
(p-٣٥٥)أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ قالَ: حَتّى لا يَكُونَ شِرْكٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ قالَ: حَتّى يُعْبَدَ اللَّهُ ولا يُشْرَكَ بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها. قالَ: الحَرْبُ، مَن كانَ يُقاتِلُهم سَمّاها حَرْبًا.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ قالَ: حَتّى يَخْرُجَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُسْلِمَ كُلُّ يَهُودِيٍّ ونَصْرانِيٍّ وصاحِبِ مِلَّةٍ وتَأْمَنَ الشّاةُ مِنَ الذِّئْبِ ولا تَقْرِضَ فَأْرَةٌ جِرابًا وتَذْهَبَ العَداوَةُ مِنَ الأشْياءِ كُلِّها ذَلِكَ ظُهُورُ الإسْلامِ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ويَنْعَمَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ حَتّى تَقْطُرَ رِجْلُهُ دَمًا إذا وضَعَها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ (p-٣٥٦)النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «يُوشِكَ مَن عاشَ مِنكم أنْ يَلْقى عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ إمامًا مَهْدِيًّا وحَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ويَقْتُلُ الخِنْزِيرَ وتُوضَعُ الجِزْيَةُ وتَضَعُ الحَرْبُ أوْزارَها» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ قالَ: خُرُوجُ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، والبَغَوِيُّ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ قالَ: «بَيْنَما أنا جالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ جاءَهُ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الخَيْلَ قَدْ سُيِّبَتْ ووُضِعَ السِّلاحُ، وزَعَمَ أقْوامٌ أنْ لا قِتالَ وأنْ قَدْ وضَعَتِ الحَرْبُ أوْزارَها. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَذَبُوا فالآنَ جاءَ القِتالُ ولا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ لا يَضُرُّهم مَن خالَفَهُمْ، يُزِيغُ اللَّهُ قُلُوبَ قَوْمٍ لِيَرْزُقَهم مِنهُمْ، ويُقاتِلُونَ حَتّى تَقُومَ السّاعَةُ، ولا تَزالُ الخَيْلُ مَعْقُودًا في نَواصِيها الخَيْرُ حَتّى تَقُومَ السّاعَةُ، ولا تَضَعُ الحَرْبُ أوْزارَها حَتّى يَخْرُجَ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ قالَ: «فُتِحَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتْحٌ (p-٣٥٧)فَقَلَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَوْمَ ألْقى الإسْلامُ بِجِرانِهِ ووَضَعَتِ الحَرْبُ أوْزارَها، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ دُونَ أنْ تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها خِلالًا سِتًّا؛ أوَّلُهُنَّ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ ثُمَّ فِئَتانِ مِن أُمَّتِي دَعْواهُما واحِدَةٌ يَقْتُلُ بَعْضُهم بَعْضًا ويَفِيضُ المالُ حَتّى يُعْطى الرَّجُلُ المِائَةَ دِينارٍ فَيَتَسَخَّطُ ومَوْتٌ يَكُونُ كَقُعاصِ الغَنَمِ وغُلامٌ مِن بَنِي الأصْفَرِ يَنْبُتُ في اليَوْمِ كَنَباتِ الشَّهْرِ وفي الشَّهْرِ كَنَباتِ السَّنَةِ فَيَرْغَبُ فِيهِ قَوْمُهُ فَيُمَلِّكُونَهُ يَقُولُونَ: نَرْجُو أنْ يُرَدَّ بِكَ عَلَيْنا مُلْكُنا. فَيَجْمَعُ جَمْعًا عَظِيمًا ثُمَّ يَسِيرُ حَتّى يَكُونَ فِيما بَيْنَ العَرِيشِ وأنْطاكِيَةَ وأمِيرُكم يَوْمَئِذٍ نِعْمَ الأمِيرُ - فَيَقُولُ لِأصْحابِهِ: ما تَرَوْنَ؟ فَيَقُولُونَ: نُقاتِلُهم حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وبَيْنَهم. فَيَقُولُ: لا أرى ذَلِكَ نُحْرِزُ ذَرارِيَّنا وعِيالَنا ونُخَلِّي بَيْنَهم وبَيْنَ الأرْضِ ثُمَّ نَغْزُوهم وقَدْ أحْرَزْنا ذَرارِيَّنا. فَيَسِيرُونَ فَيُخَلُّونَ بَيْنَهم وبَيْنَ أرْضِهِمْ حَتّى يَأْتُوا مَدِينَتِي هَذِهِ فَيَسْتَهْدُونَ أهْلَ الإسْلامِ فَيَهْدُونَهم ثُمَّ يَقُولُ: لا يَنْتَدِبَنَّ مَعِي إلّا مَن يَهَبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ حَتّى نَلْقاهم فَنُقاتِلَهم حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وبَيْنَهم. فَيَنْتَدِبُ مَعَهُ سَبْعُونَ ألْفًا ويَزِيدُونَ (p-٣٥٨)عَلى ذَلِكَ فَيَقُولُ: حَسْبِي سَبْعُونَ ألْفًا لا تَحْمِلُهُمُ الأرْضُ وفِيهِمْ عَيْنٌ لِعَدُوِّهِمْ. فَيَأْتِيهِمْ فَيُخْبِرُهم بِالَّذِي كانَ فَيَسِيرُونَ إلَيْهِمْ حَتّى إذا التَقَوْا سَألُوا أنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهم وبَيْنَ مَن كانَ بَيْنَهم وبَيْنَهُ نَسَبٌ فَيَدْعُونَهم فَيَقُولُونَ: ما تَرَوْنَ فِيما يَقُولُونَ؟ فَيَقُولُ: ما أنْتُمْ بِأحَقَّ بِقِتالِهِمْ ولا أبْعَدَ مِنهم فَيَقُولُ: فَعِنْدَكم فاكْسِرُوا أغْمادَكم. فَيَسُلُّ اللَّهُ سَيْفَهُ عَلَيْهِمْ فَيُقْتَلُ مِنهُمُ الثُّلْثانِ ويَقَرُّ في السُّفُنِ الثُّلُثُ وصاحِبُهم فِيهِمْ حَتّى إذا تَراءَتْ لَهم جِبالُهم بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا فَرَدَّتْهم إلى مَراسِيهِمْ مِنَ الشّامِ فَأُخِذُوا فَذُبِحُوا عِنْدَ أرْجُلِ سُفُنِهِمْ عِنْدَ السّاحِلِ فَيَوْمَئِذٍ تَضَعُ الحَرْبُ أوْزارَها» .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ . الآياتِ
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ قالَ: إي واللَّهِ بِجُنُودِهِ الكَثِيرَةِ كُلُّ خَلْقِهِ لَهُ جُنْدٌ فَلَوْ سَلَّطَ أضْعَفَ خَلْقِهِ لَكانَ لَهُ جُنْدًا.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ (p-٣٥٩)قالَ: لَأرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَلَكًا فَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ. وفي قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في مَن قُتِلَ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمٍ أنَّهُ قَرَأ: (والَّذِينَ قاتَلُوا) بِالألِفِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ الآيَةَ. قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في يَوْمِ أُحُدٍ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الشِّعْبِ، وقَدْ فَشَتْ فِيهِمُ الجِراحاتُ والقَتْلُ وقَدْ نادى المُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ: اعْلُ هُبَلُ: ونادى المُسْلِمُونَ: اللَّهُ أعْلى وأجَلُّ. فَنادى المُشْرِكُونَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وإنَّ الحَرْبَ سِجالٌ لَنا عُزّى ولا عُزّى لَكم. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُولُوا: اللَّهُ مَوْلانا ولا مَوْلى لَكُمْ، إنَّ القَتْلى مُخْتَلِفَةٌ أمّا قَتْلانا فَأحْياءٌ يُرْزَقُونَ وأمّا قَتْلاكم فَفي النّارِ يُعَذَّبُونَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿ويُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾ قالَ: يَهْدِي أهْلَها إلى بُيُوتِهِمْ ومَساكِنِهِمْ وحَيْثُ قَسَمَ اللَّهُ لَهم مِنها لا يُخْطِئُونَ، كَأنَّهم ساكِنُوها مُنْذُ خُلِقُوا لا يَسْتَدِلُّونَ عَلَيْها أحَدًا.
(p-٣٦٠)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿عَرَّفَها لَهُمْ﴾ قالَ: عَرَّفَهم مَنازِلَهم فِيها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾ قالَ: بَلَغَنا أنَّ المَلَكَ الَّذِي كانَ وكِّلَ بِحِفْظِ عَمَلِهِ في الدُّنْيا يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ في الجَنَّةِ ويَتْبَعُهُ ابْنُ آدَمَ حَتّى يَأْتِيَ أقْصى مَنزِلٍ هو لَهُ فَيُعَرِّفُهُ كُلَّ شَيْءٍ أعْطاهُ اللَّهُ في الجَنَّةِ فَإذا انْتَهى إلى أقْصى مَنزِلِهِ في الجَنَّةِ دَخَلَ إلى مَنزِلِهِ وأزْواجِهِ وانْصَرَفَ المَلَكَ عَنْهُ.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ","وَیُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ"],"ayah":"فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











