الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ حَفْصِ بْنِ أبِي العاصِي قالَ: «كُنّا نَتَغَدّى مَعَ عُمَرَ (p-٣٣٠)فَقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: قالَ اللَّهُ في كِتابِهِ: ﴿ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلى النّارِ أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ عُمَرَ رَأى في يَدِ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ دِرْهَمًا فَقالَ: ما هَذا الدِّرْهَمُ؟ قالَ: أُرِيدُ أنْ أشْتَرِيَ بِهِ لَحْمًا لِأهْلِي. قَرِمُوا إلَيْهِ. فَقالَ: أفَكُلَّما اشْتَهَيْتُمْ شَيْئًا اشْتَرَيْتُمُوهُ؟! أيْنَ تَذْهَبُ عَنْكم هَذِهِ الآيَةَ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ . وأخْرَجَ أحْمَدُ، في ”الزُّهْدِ“ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ بَعْضِ أصْحابِهِ قالَ: مَرَّ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا لَحْمًا عَلى عُمَرَ فَقالَ: ما هَذا يا جابِرُ؟ قالَ: هَذا لَحْمٌ اشْتَرَيْتُهُ اشْتَهَيْتُهُ. قالَ: وكُلَّما اشْتَهَيْتَ شَيْئًا اشْتَرَيْتَهُ؟ أما تَخْشى أنْ تَكُونَ مِن أهْلٍ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا﴾ . وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“ عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أنَّ عُمَرَ كانَ يَقُولُ: واللَّهِ ما نَعْيا بِلَذّاتِ العَيْشِ أنْ نَأْمُرَ بِصِغارِ المِعْزى فَتُسْمَطَ لَنا، ونَأْمُرَ (p-٣٣١)بِلُبابِ الحِنْطَةِ فَتُخْبَزَ لَنا، ونَأْمُرَ بِالزَّبِيبِ فَيُنْبَذَ لَنا في الأسْعانِ حَتّى إذا صارَ مِثْلَ عَيْنِ اليَعْقُوبِ أكَلْنا هَذا وشَرِبْنا هَذا، ولَكِنّا نُرِيدُ أنْ نَسْتَبْقِيَ طَيِّباتِنا لِأنّا سَمِعْنا اللَّهَ يَقُولُ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى قالَ: قَدِمَ عَلى عُمَرَ ناسٌ مِنَ العِراقِ فَرَأى كَأنَّهم يَأْكُلُونَ تَعْذِيرًا، فَقالَ: يا أهْلَ العِراقِ لَوْ شِئْتُ أنْ يُدَهْمَقَ لِي كَما يُدَهْمَقُ لَكم لَفَعَلْتُ، ولَكِنّا نَسْتَبْقِي مِن دُنْيانا نَجِدُهُ في آخِرَتِنا، أما سَمِعْتُمُ اللَّهَ يَقُولُ لِقَوْمٍ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ قالَ: تَعْلَمُونَ أنَّ أقْوامًا يَشْتَرِطُونَ حَسَناتِهِمْ في الدُّنْيا، اسْتَبْقى رَجُلٌ طَيِّباتِهِ إنِ اسْتَطاعَ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ. قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ كانَ يَقُولُ: لَوْ شِئْتُ لَكُنْتُ أطْيَبَكم طَعامًا وألْيَنَكم لِباسًا (p-٣٣٢)ولَكِنِّي أسْتَبْقِي طَيِّباتِي. وذُكِرَ لَنا أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ لَمّا قَدِمَ الشّامَ صُنِعَ لَهُ طَعامٌ لَمْ يَرَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قالَ: هَذا لَنا؟! فَما لِفُقَراءَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ ماتُوا وهم لا يُشْبِعُونَ مِن خُبْزِ الشَّعِيرِ؟ فَقالَ خالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: لَهُمُ الجَنَّةُ. فاغْرَوْرَقَتْ عَيْنا عُمَرَ فَقالَ: لَئِنْ كانَ حَظُّنا مِن هَذا الحُطامِ وذَهَبُوا بِالجَنَّةِ لَقَدْ بايَنُونا بَوْنًا بَعِيدًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي مِجْلَزٍ قالَ: لَيَطْلُبَنَّ ناسٌ حَسَناتٍ عَمِلُوها فَيُقالُ لَهم: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: أُتِيَ عُمَرُ بِشَرْبَةِ عَسَلٍ فَقالَ: واللَّهِ لا أتَحَمَّلُ فَضْلَها، اسْقُوها فُلانًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِن طَرِيقِ وهْبِ بْنِ كَيْسانَ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: رَآنِي عُمَرُ، وأنا مُعَلِّقٌ لَحْمًا فَقالَ: يا جابِرُ، ما هَذا؟ قُلْتُ: لَحْمٌ اشْتَرَيْتُهُ بِدِرْهَمٍ لِنِسْوَةٍ عِنْدِي قَرِمْنَ إلَيْهِ. فَقالَ أما يَشْتَهِي أحَدُكم شَيْئًا إلّا صَنَعَهُ! أما يَجِدُ أحَدُكم أنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ لِجارِهِ وابْنِ عَمِّهِ؟ أيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا﴾ قالَ: فَما انْفَلَتُّ مِنهُ حَتّى كِدْتُ ألّا أنْفَلِتَ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قالَ: كانَ حَفْصٌ يُكْثِرُ غِشْيانَ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ وكانَ إذا قَرَّبَ طَعامَهُ اتَّقاهُ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: ما لَكَ (p-٣٣٣)ولِطَعامِنا؟ فَقالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إنَّ أهْلِي يَصْنَعُونَ لِي طَعامًا هو ألْيَنُ مِن طَعامِكَ فَأخْتارُ طَعامَهم عَلى طَعامِكَ. فَقالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أما تَرانِي لَوْ شِئْتُ أمَرْتُ بِشاةٍ فَتِيَّةٍ سَمِينَةٍ فَأُلْقِيَ عَنْها شَعَرُها ثُمَّ أمَرْتُ بِدَقِيقٍ فَنُخِلَ في خِرْقَةٍ فَجُعِلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا وأمَرْتُ بِصاعٍ مِن زَبِيبٍ فَجُعِلَ في سَمْنٍ حَتّى يَكُونَ كَدَمِ الغَزالِ. فَقالَ حَفْصٌ: إنِّي أراكَ تَعْرِفُ لَيِّنَ الطَّعامِ. فَقالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أما والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا كَراهِيَةُ أنْ يُنْقَصَ مِن حَسَناتِي يَوْمَ القِيامَةِ لَشارَكْتُكم في لَيِّنِ طَعامِكم. وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ، وابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ، في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“ عَنِ الحَسَنِ قالَ: قَدِمَ وفْدُ أهْلِ البَصْرَةِ عَلى عُمَرَ مَعَ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ فَكانَ لَهُ في كُلِّ يَوْمٍ خُبْزٌ يُلَتُّ فَرُبَّما وافَقْناها مَأْدُومَةً بِزَيْتٍ، ورُبَّما وافَقْناها مَأْدُومَةً بِسَمْنٍ ورُبَّما وافَقْناها مَأْدُومَةً بِلَبَنٍ ورُبَّما وافَقْناها القَدائِدَ اليابِسَةَ قَدْ دُقَّتْ ثُمَّ أُغْلِيَ بِها ورُبَّما وافَقْناها اللَّحْمَ الغَرِيضَ وهو قَلِيلٌ. قالَ: وقالَ لَنا عُمَرُ: إنِّي واللَّهِ لَقَدْ أرى تَعْذِيرَكم وكَراهِيَتَكم طَعامِي أما واللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَكُنْتُ أطْيَبَكم طَعامًا وأرَقَّكم عَيْشًا، أما واللَّهِ ما أجْهَلُ عَنْ كَراكِرَ (p-٣٣٤)وأسْنِمَةٍ، وعَنْ صَلْيٍ وصِنابٍ وسَلائِقَ، ولَكِنِّي وجَدْتُ اللَّهَ عَيَّرَ قَوْمًا بِأمْرٍ فَعَلُوهُ فَقالَ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ ثَوْبانَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا سافَرَ كانَ آخِرَ عَهْدِهِ بِإنْسانٍ مِن أهْلِهِ فاطِمَةُ، وأوَّلَ مَن يَدْخُلُ عَلَيْهِ إذا قَدِمَ فاطِمَةُ، فَقَدِمَ مِن غَزاةٍ لَهُ فَأتاها، فَإذا بِمِسْحٍ عَلى بابِها، ورَأى عَلى الحَسَنِ والحُسَيْنِ قُلْبَيْنِ مِن فِضَّةٍ، فَرَجَعَ ولَمْ يَدْخُلْ عَلَيْها، فَلَمّا رَأتْ ذَلِكَ فاطِمَةُ ظَنَّتْ أنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مِن أجْلِ ما رَأى، فَهَتَكَتِ السِّتْرَ ونَزَعَتِ القُلْبَيْنِ مِنَ الصَّبِيَّيْنِ فَقَطَعَتْهُما، فَبَكى الصِّبْيانِ فَقَسَمَتْهُ بَيْنَهُما، فانْطَلَقا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهُما يَبْكِيانِ فَأخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنهُما فَقالَ: يا ثَوْبانُ اذْهَبْ بِهَذا إلى بَنِي فُلانٍ - أهْلِ بَيْتٍ بِالمَدِينَةِ - واشْتَرِ لِفاطِمَةَ قِلادَةً مِن عَصَبٍ وسِوارَيْنِ (p-٣٣٥)مِن عاجٍ فَإنَّ هَؤُلاءِ أهْلُ بَيْتِي، ولا أُحِبُّ أنْ يَأْكُلُوا طَيِّباتِهِمْ في حَياتِهِمُ الدُّنْيا» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب