الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ في أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ إحْسانًا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا﴾ قالَ: مَشَقَّةً عَلَيْها. (p-٣٢٣)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ: (وحَمْلُهُ وفَصْلُهُ) بِغَيْرِ ألِفٍ. وأخْرُجُ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُهَنِيِّ قالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنّا امْرَأةً مِن جُهَيْنَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ تَمامًا لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، فانْطَلَقَ زَوْجُها إلى عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ فَأمَرَ بِرَجْمِها، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَأتاهُ، فَقالَ: ما تَصْنَعُ؟ قالَ: ولَدَتْ تَمامًا لِسِتَّةِ أشْهُرٍ وهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قالَ عَلِيٌّ: أما سَمِعْتَ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ وقالَ: ﴿حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] [البَقَرَةِ: ٢٣٣] فَكَمْ تَجِدُهُ بَقِيَ إلّا سِتَّةُ أشْهُرٍ؟ فَقالَ عُثْمانُ: واللَّهِ ما فَطِنْتُ لِهَذا، عَلَيَّ بِالمَرْأةِ. فَوَجَدُوها قَدْ فُرِغَ مِنها، وكانَ مِن قَوْلِها لِأُخْتِها: يا أُخَيَّةُ لا تَحْزَنِي فَواللَّهِ ما كَشَفَ فَرْجِي أحَدٌ قَطُّ غَيْرَهُ. قالَ: فَشَبَّ الغُلامُ بَعْدُ فاعْتَرَفَ الرَّجُلُ بِهِ، وكانَ أشْبَهَ النّاسِ بِهِ. قالَ: فَرَأيْتُ الرَّجُلَ بَعْدُ يَتَساقَطُ عُضْوًا عُضْوًا عَلى فِراشِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ قَتادَةَ، عَنْ أبِي حَرْبِ بْنِ أبِي الأسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، قالَ: رُفِعَ إلى عُمَرَ امْرَأةٌ ولَدَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ فَسَألَ عَنْها أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ عَلِيٌّ: لا رَجْمَ عَلَيْها؛ ألا تَرى أنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ . (p-٣٢٤)وقالَ: ﴿وفِصالُهُ في عامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤] [لُقْمانَ: ١٤] وكانَ الحَمْلُ هَهُنا سِتَّةَ أشْهُرٍ. فَتَرَكَها عُمَرُ. قالَ: ثُمَّ بَلَغَنا أنَّها ولَدَتْ آخَرَ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ أخْبَرَهُ قالَ: إنِّي لَصاحِبُ المَرْأةِ الَّتِي أُتِيَ بِها عُمَرُ وضَعَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، فَأنْكَرَ النّاسُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِعُمَرَ: لِمَ تَظْلِمُ؟ قالَ: كَيْفَ؟ قُلْتُ: اقْرَأْ: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾، ﴿والوالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] [البَقَرَةِ: ٢٣٣] كَمِ الحَوْلُ؟ قالَ: سَنَةٌ. قُلْتُ: كَمِ السَّنَةُ؟ قالَ: اثْنا عَشَرَ شَهْرًا. قُلْتُ: فَأرْبَعَةٌ وعِشْرُونَ شَهْرًا حَوْلانِ كامِلانِ، ويُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنَ الحَمْلِ ما شاءَ ويُقَدِّمُ. قالَ: فاسْتَراحَ عُمَرُ إلى قَوْلِي. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ مَوْلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: رُفِعَتِ امْرَأةٌ إلى عُثْمانَ، ولَدَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، فَقالَ عُثْمانُ: إنَّها قَدْ رُفِعَتْ إلَيَّ امْرَأةٌ ما أُراها إلّا جاءَتْ بِشَرٍّ. فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إذا كَمَّلَتِ الرَّضاعَةَ كانَ الحَمْلُ سِتَّةَ أشْهُرٍ؟ وقَرَأ: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾، فَدَرَأ عُثْمانُ عَنْها. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، (p-٣٢٥)أنَّهُ كانَ يَقُولُ: إذا ولَدَتِ المَرْأةُ لِتِسْعَةِ أشْهُرٍ كَفاها مِنَ الرَّضاعِ أحَدٌ وعِشْرُونَ شَهْرًا، وإذا ولَدَتْ لِسَبْعَةِ أشْهُرٍ كَفاها مِنَ الرَّضاعِ ثَلاثَةٌ وعِشْرُونَ شَهْرًا، وإذا وضَعَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ فَحَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً﴾ وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: قُلْتُ لِمَسْرُوقٍ: مَتى يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِذُنُوبِهِ؟ قالَ: إذا بَلَغْتَ الأرْبَعِينَ فَخُذْ حِذْرَكَ. وأخْرُجُ ابْنُ الجَوْزِيِّ في كِتابِ ”الحَدائِقِ“ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ قالَ: «جاءَ جِبْرِيلُ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ أمَرَ الحافِظِينَ فَقالَ لَهُما ارْفُقا بِعَبْدِي في حَداثَتِهِ، فَإذا بَلَغَ الأرْبَعِينَ فاحْفَظا وحَقِّقا» . وأخْرَجَ أبُو الفَتْحِ الأزْدِيُّ مِن طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَن أتى عَلَيْهِ أرْبَعُونَ سَنَةً فَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إلى النّارِ» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قالَ: شَكا أبُو مَعْشَرٍ ابْنَهُ إلى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ فَقالَ طَلْحَةُ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الآيَةَ: ﴿رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ . (p-٣٢٦)الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ في أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: ﴿حَتّى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي﴾ الآيَةَ. فاسْتَجابَ اللَّهُ لَهُ فَأسْلَمَ والِداهُ جَمِيعًا وإخْوانُهُ ووَلَدُهُ كُلُّهُمْ، ونَزَلَتْ فِيهِ أيْضًا: ﴿فَأمّا مَن أعْطى واتَّقى﴾ [الليل: ٥] [اللَّيْلِ: ٥] إلى آخِرِ السُّورَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿وأصْلِحْ لِي في ذُرِّيَّتِي﴾ قالَ: اجْعَلْهم لِي صالِحِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَنِ الرُّوحِ الأمِينِ قالَ: يُؤْتى بِحَسَناتِ العَبْدِ وسَيِّئاتِهِ فَيُقْتَصُّ بَعْضُها مِن بَعْضٍ، فَإنْ بَقِيَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وسَّعَ اللَّهُ لَهُ بِها في الجَنَّةِ. قالَ: فَدَخَلْتُ عَلى يَزْدادَ فَحَدَّثَ مِثْلَ هَذا الحَدِيثِ، قُلْتُ: فَإنْ ذَهَبَتِ الحَسَنَةُ؟ قالَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهم أحْسَنَ ما عَمِلُوا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: دَعا أبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَقالَ لَهُ: إنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ أنْ تَحْفَظَها؛ إنَّ لِلَّهِ في اللَّيْلِ حَقًّا لا يَقْبَلُهُ بِالنَّهارِ، وحَقًّا بِالنَّهارِ (p-٣٢٧)لا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، إنَّهُ لَيْسَ لِأحَدٍ نافِلَةٌ حَتّى يُؤَدِّيَ الفَرِيضَةَ، إنَّهُ إنَّما ثَقُلَتْ مَوازِينُ مَن ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يَوْمَ القِيامَةِ بِاتِّباعِهِمُ الحَقَّ في الدُّنْيا وثِقَلِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وحُقَّ لِمِيزانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إلّا الحَقُّ أنْ يَثْقُلَ، وخَفَّتْ مَوازِينُ مَن خَفَّتْ مَوازِينُهُ يَوْمَ القِيامَةِ لِاتِّباعِهِمُ الباطِلَ في الدُّنْيا وخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وحُقَّ لِمِيزانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إلّا الباطِلُ أنْ يَخِفَّ، ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أهْلَ الجَنَّةِ بِأحْسَنِ أعْمالِهِمْ، فَيَقُولُ قائِلٌ: أيْنَ يَبْلُغُ عَمَلُكَ مِن عَمَلِ هَؤُلاءِ؟! وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ تَعالى تَجاوَزَ عَنْ أسْوَأِ أعْمالِهِمْ فَلَمْ يُبْدِهِ، وذَكَرَ أهْلَ النّارِ بِأسْوَأِ أعْمالِهِمْ حَتّى يَقُولَ القائِلُ: أنا خَيْرٌ عَمَلًا مِن هَؤُلاءِ. وذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى رَدَّ عَلَيْهِمْ أحْسَنَ أعْمالِهِمْ، ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ آيَةَ الشِّدَّةِ عِنْدَ آيَةِ الرَّخاءِ، وآيَةَ الرَّخاءِ عِنْدَ آيَةِ الشِّدَّةِ لِيَكُونَ المُؤْمِنُ راغِبًا راهِبًا؛ لِئَلّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إلى التَّهْلُكَةِ، ولا يَتَمَنّى عَلى اللَّهِ أُمْنِيَّةً يَتَمَنّى عَلى اللَّهِ فِيها غَيْرَ الحَقِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب