الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مالِكٍ الأشْجَعِيِّ قالَ: «انْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ وأنا مَعَهُ، حَتّى (p-٣١٧)دَخَلْنا عَلى كَنِيسَةِ اليَهُودِ يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ، فَكَرِهُوا دُخُولَنا عَلَيْهِمْ، فَقالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يا مَعْشَرَ اليَهُودِ أرُونِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنكم يَشْهَدُونَ ألّا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَحُطُّ اللَّهُ عَنْ كُلِّ يَهُودِيٍّ تَحْتَ أدِيمِ السَّماءِ الغَضَبَ الَّذِي عَلَيْهِ. فَسَكَتُوا فَما أجابَهُ مِنهم أحَدٌ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ ثُمَّ ثَلَّثَ فَلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فَقالَ: أبَيْتُمْ فَواللَّهِ لَأنا الحاشِرُ وأنا العاقِبُ وأنا المُقَفِّي، آمَنتُمْ أوْ كَذَّبْتُمْ. ثُمَّ انْصَرَفَ وأنا مَعَهُ حَتّى كِدْنا أنْ نَخْرُجَ فَإذا رَجُلٌ مِن خَلْفِهِ، فَقالَ: كَما أنْتَ يا مُحَمَّدُ. فَأقْبَلَ فَقالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُونِي فِيكم يا مَعْشَرَ اليَهُودِ؟ فَقالُوا: واللَّهِ ما نَعْلَمُ فِينا رَجُلًا أعْلَمَ بِكِتابِ اللَّهِ ولا أفْقَهَ مِنكَ، ولا مِن أبِيكَ، ولا مِن جَدِّكَ. قالَ: فَإنِّي أشْهَدُ بِاللَّهِ أنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي تَجِدُونَهُ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ. قالُوا: كَذَبْتَ. ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِ وقالُوا شَرًّا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَذَبْتُمْ لَنْ يُقْبَلَ مِنكم قَوْلُكم. فَخَرَجْنا ونَحْنُ ثَلاثَةٌ؛ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأنا، وابْنُ سَلامٍ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ وكَفَرْتُمْ بِهِ وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ واسْتَكْبَرْتُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ [الأحقاف»: ١٠] . (p-٣١٨)وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: «ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِأحَدٍ يَمْشِي عَلى وجْهِ الأرْضِ إنَّهُ مِن أهْلِ الجَنَّةِ إلّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ [الأحقاف»: ١٠] . وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قالَ: نَزَلَتْ فِيَّ آياتٌ مِن كِتابِ اللَّهِ؛ نَزَلَتْ فِيَّ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ واسْتَكْبَرْتُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ ونَزَلَ فِيَّ: ﴿قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وبَيْنَكم ومَن عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتابِ﴾ [الرعد: ٤٣] . [الرَّعْدِ: ٤٣] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ﴾ قالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ والضَّحّاكِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ وقَتادَةَ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ، مِثْلَهُ عَنْ جابِرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، (p-٣١٩)وعَطاءٍ وعِكْرِمَةَ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ﴾ . قالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ. وقالَ الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِمَكَّةَ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ بِالمَدِينَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: نَزَلَتْ ﴿حم﴾ [الأحقاف: ١] وعَبْدُ اللَّهِ بِالمَدِينَةِ مُسْلِمٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: كانُوا يَرَوْنَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ قالَ: والسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ والآيَةُ مَدَنِيَّةٌ. قالَ: وكانَتِ الآيَةُ تَنْزِلُ فَيُؤْمَرُ النَّبِيُّ ﷺ أنْ يَضَعَها بَيْنَ آيَتَيْ كَذا وكَذا في سُورَةِ كَذا وإنَّ هَذِهِ مِنهُنَّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ قالَ: لَيْسَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، هَذِهِ الآيَةُ مَكِّيَّةٌ، يَقُولُ: مَن آمَنَ مِن بَنِي إسْرائِيلَ فَهو كَمَن آمَنَ بِالنَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: ما نَزَلْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ شَيْءٌ مِنَ (p-٣٢٠)القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ في قَوْلِهِ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ قالَ: واللَّهِ ما نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، ما نَزَلَتْ إلّا بِمَكَّةَ وإنَّما كانَ إسْلامُ ابْنِ سَلامٍ بِالمَدِينَةِ، وإنَّما كانَتْ خُصُومَةً خاصَمَ بِها مُحَمَّدٌ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَمّا أرادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ الإسْلامَ دَخَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أرْسَلَكَ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ، وأنَّ اليَهُودَ يَجِدُونَكَ عِنْدَهم في التَّوْراةِ مَنعُوتًا. ثُمَّ قالَ لَهُ: أرْسِلْ إلى نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ فَسَلْهم عَنِّي وعَنْ والِدِي فَإنَّهم سَيُخْبِرُونَكَ وإنِّي سَأخْرُجُ عَلَيْهِمْ فَأشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَعَلَّهم يُسْلِمُونَ. فَأرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى النَّفَرِ فَدَعاهم وخَبَّأهُ في بَيْتِهِ فَقالَ لَهم: ما عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فِيكُمْ، وما كانَ والِدُهُ؟ قالُوا: سَيِّدُنا، وابْنُ سَيِّدِنا، وعالِمُنا وابْنُ عالِمِنا. قالَ: أرَأيْتُمْ إنْ أسْلَمَ أتُسْلِمُونَ؟ قالُوا: إنَّهُ لا يُسْلِمُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وإنَّهم لَيَعْلَمُونَ مِنكَ مِثْلَ ما أعْلَمُ. فَخَرَجُوا مِن عِنْدِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» . (p-٣٢١)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ جُنْدَبٍ قالَ: جاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ حَتّى أخَذَ بِعِضادَتَيِ البابَ ثُمَّ قالَ: أنْشُدُكم بِاللَّهِ، أيْ قَوْمِ أتَعْلَمُونَ أنِّي الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ الآيَةَ قالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «جاءَ مَيْمُونُ بْنُ يامِينَ إلى النَّبِيِّ ﷺ وكانَ رَأْسَ اليَهُودِ بِالمَدِينَةِ قَدْ أسْلَمَ وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْ إلَيْهِمْ فاجْعَلْ بَيْنَكَ وبَيْنَهم حَكَمًا مِن أنْفُسِهِمْ فَإنَّهم سَيَرْضَوْنِي. فَبَعَثَ إلَيْهِمْ وأدْخَلَهُ الدّاخِلُ فَأتَوْهُ فَخاطَبُوهُ مَلِيًّا فَقالَ لَهُمُ: اخْتارُوا رَجُلًا مِن أنْفُسِكم أفْضَلَكم في أنْفُسِكم يَكُونُ حَكَمًا بَيْنِي وبَيْنَكم. قالُوا: فَإنّا قَدْ رَضِيَنا بِمَيْمُونِ بْنِ يامِينَ. فَأخْرَجَهُ إلَيْهِمْ فَقالَ لَهم مَيْمُونٌ: أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وأنَّهُ عَلى الحَقِّ. فَأبَوْا أنْ يُصَدِّقُوهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ في قَوْلِهِ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ قالَ: مُوسى مِثْلُ مُحَمَّدٍ والتَّوْراةُ مِثْلُ القُرْآنِ فَآمَنَ هَذا بِكِتابِهِ ونَبِيِّهِ وكَفَرْتُمْ أنْتُمْ يا أهْلَ مَكَّةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب