الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَحِقَ ناسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ رَجُلًا مَعَهُ غُنَيْمَةٌ لَهُ، فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وأخَذُوا غُنَيْمَتَهُ فَنَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ (p-٦١٢)إلى قَوْلِهِ: ﴿عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ قالَ: تِلْكَ الغُنَيْمَةُ. قالَ: قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ﴿السَّلامَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِن بَنِي سُلَيْمٍ بِنَفَرٍ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ وهو يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقالُوا: ما سَلَّمَ عَلَيْنا إلّا لِيَتَعَوَّذَ مِنّا فَعَمَدُوا لَهُ فَقَتَلُوهُ وأتَوْا بِغَنَمِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَنَزَلَتِ الآيَةُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والخَرائِطِيُّ في ”مَكارِمِ الأخْلاقِ“، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، كِلاهُما في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي حَدْرَدٍ الأسْلَمِيِّ قالَ: «بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى إضَمٍ، فَخَرَجْتُ في نَفَرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فِيهِمْ أبُو قَتادَةَ (p-٦١٣)الحارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ ومُحَلِّمُ بْنُ جَثّامَةَ بْنِ قَيْسٍ اللَّيْثِيُّ، فَخَرَجْنا حَتّى إذا كُنّا بِبَطْنِ إضَمٍ مَرَّ بِنا عامِرُ بْنُ الأضْبَطِ الأشْجَعِيُّ عَلى قَعُودٍ لَهُ، مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ ووَطْبٌ مِن لَبَنٍ، فَلَمّا مَرَّ بِنا سِلْمُ عَلَيْنا بِتَحِيَّةِ الإسْلامِ فَأمْسَكَنا عَنْهُ، وحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثّامَةَ لِشَيْءٍ كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ فَقَتَلَهُ وأخَذَ بِعِيرَهُ ومَتاعَهُ، فَلَمّا قَدِمْنا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأخْبَرْناهُ الخَبَرَ نَزَلَ فِينا القُرْآنُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَغَوِيُّ في ”مُعْجَمِهِ“ مِن طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أبِي حَدْرَدٍ الأسْلَمِيِّ عَنْ أبِيهِ نَحْوَهُ، وفِيهِ: فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ««أقَتَلْتَهُ بَعْدَما قالَ: آمَنتُ بِاللَّهِ»؟» فَنَزَلَ القُرْآنُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُحَلِّمَ بْنَ جَثّامَةَ (p-٦١٤)مَبْعَثًا فَلَقِيَهم عامِرُ بْنُ الأضْبَطِ، فَحَيّاهم بِتَحِيَّةِ الإسْلامِ، وكانَتْ بَيْنَهم إحْنَةٌ في الجاهِلِيَّةِ، فَرَماهُ مُحَلِّمٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَجاءَ الخَبَرُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجاءَ مُحَلِّمٌ في بُرْدَيْنِ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَقالَ: «لا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ» فَقامَ وهو يَتَلَقّى دُمُوعَهُ بِبُرْدَيْهِ، فَما مَضَتْ بِهِ ساعَةٌ حَتّى ماتَ ودَفَنُوهُ، فَلَفَظَتْهُ الأرْضُ، فَجاءُوا النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقالَ: «إنَّ الأرْضَ تَقَبَّلَ مَن هو شَرٌّ مِن صاحِبِكُمْ، ولَكِنَّ اللَّهَ أرادَ أنْ يَعِظَكُمْ» ثُمَّ طَرَحُوهُ في جَبَلٍ وألْقَوْا عَلَيْهِ الحِجارَةَ، فَنَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ البَزّارُ، والدّارَقُطْنِيُّ في ”الأفْرادِ“، والطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً فِيها المِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ، فَلَمّا أتَوُا القَوْمَ وجَدُوهم قَدْ تَفَرَّقُوا، وبَقِيَ رَجُلٌ لَهُ مالٌ كَثِيرٌ لَمْ يَبْرَحْ. فَقالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. فَأهْوى إلَيْهِ المِقْدادُ فَقَتَلَهُ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ: أقَتَلْتَ رَجُلًا شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهِ لَأذْكُرَنَّ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَلَمّا قَدِمُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ رَجُلًا شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَقَتَلَهُ المِقْدادُ، فَقالَ: «ادْعُوا لِيَ المِقْدادَ» . فَقالَ: «يا مِقْدادُ، أقَتَلْتَ رَجُلًا يَقُولُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ؟ فَكَيْفَ لَكَ بِلا إلَهَ إلّا اللَّهُ غَدًا» فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِن قَبْلُ﴾ قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْمِقْدادِ: «كانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إيمانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفّارٍ فَأظْهَرَ إيمانَهُ فَقَتَلْتَهُ، (p-٦١٥)وكَذَلِكَ كُنْتَ تُخْفِي إيمانَكَ بِمَكَّةَ قَبْلُ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ جابِرٍ قالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ﴾ في مِرْداسٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالإسْلامِ، ويُؤْمِنُ بِاللَّهِ والرَّسُولِ، ويَكُونُ في قَوْمِهِ فَإذا جاءَتْ سَرِيَّةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أخْبَرَ بِها حَيَّهُ - يَعْنِي قَوْمَهُ - وأقامَ الرَّجُلُ لا يَخافُ المُؤْمِنِينَ؛ مِن أجْلِ أنَّهُ عَلى دِينِهِمْ، حَتّى يَلْقاهم فَيُلْقِي إلَيْهِمُ السَّلامَ، فَيَقُولُونَ: لَسْتَ مُؤْمِنًا وقَدْ ألْقى السَّلامَ فَيَقْتُلُونَهُ، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ إلى: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي: تَقْتُلُونَهُ إرادَةَ أنْ يَحِلَّ لَكم مالُهُ الَّذِي وجَدْتُمْ مَعَهُ، وذَلِكَ عَرَضُ الحَياةِ الدُّنْيا، فَإنَّ عِنْدِي مَغانِمَ كَثِيرَةً والتَمِسُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ، وهو رَجُلٌ اسْمُهُ مِرْداسٌ، خَلّى قَوْمَهُ هارِبِينَ مِن خَيْلٍ بَعَثَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْها رَجُلٌ مِن بَنِي لَيْثٍ اسْمُهُ قُلَيْبٌ، ولَمْ يُجامِعْهُمْ، وإذا فِيهِمْ مِرْداسٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ، فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأهْلِهِ بِدِيَتِهِ، ورَدَّ إلَيْهِمْ مالَهُ، ونَهى المُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ (p-٦١٦)قالَ: هَذا الحَدِيثُ في شَأْنِ مِرْداسٍ، رَجُلٍ مِن غَطَفانَ، ذُكِرَ لَنا «أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غالِبٌ اللَّيْثِيُّ إلى أهْلِ فَدَكَ، وبِهِ ناسٌ مِن غَطَفانَ، وكانَ مِرْداسٌ مِنهُمْ، فَفَرَّ أصْحابُهُ فَقالَ مِرْداسٌ: إنِّي مُؤْمِنٌ وغَيْرُ مُتَّبِعِكُمْ، فَصَبَّحَتْهُ الخَيْلُ غُدْوَةً، فَلَمّا لَقُوهُ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِرْداسٌ، فَتَلْقاهُ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَتَلُوهُ، وأخَذُوا ما كانَ مَعَهُ مِن مَتاعٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في شَأْنِهِ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ لِأنَّ تَحِيَّةَ المُسْلِمِينَ السَّلامُ، بِها يَتَعارَفُونَ، وبِها يُحَيِّي بَعْضُهم بَعْضًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً عَلَيْها أُسامَةُ بْنُ زَيْدٍ إلى بَنِي ضَمْرَةَ، فَلَقُوا رَجُلًا مِنهم يُدْعى مِرْداسَ بْنَ نَهِيكٍ مَعَهُ غُنَيْمَةٌ لَهُ وجَمَلٌ أحْمَرُ، فَلَمّا رَآهم أوى إلى كَهْفِ جَبَلٍ، واتَّبَعَهُ أُسامَةُ، فَلَمّا بَلَغَ مِرْداسٌ الكَهْفَ وضَعَ فِيهِ غَنَمَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ إلَيْهِمْ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ أُسامَةُ فَقَتَلَهُ مِن أجْلِ جَمَلِهِ وغُنَيْمَتِهِ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا بَعَثَ أُسامَةَ أحَبَّ أنْ يُثْنى عَلَيْهِ خَيْرًا، ويَسْألَ عَنْهُ أصْحابَهُ، فَلَمّا رَجَعُوا لَمْ يَسْألْهم عَنْهُ، فَجَعَلَ القَوْمُ يُحَدِّثُونَ النَّبِيَّ ﷺ ويَقُولُونَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأيْتَ أُسامَةَ ولَقِيَهُ رَجُلٌ فَقالَ الرَّجُلُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ! وهو مُعْرِضٌ عَنْهُمْ، فَلَمّا أكْثَرُوا عَلَيْهِ رَفَعَ رَأْسَهُ إلى أُسامَةَ فَقالَ: (p-٦١٧)«كَيْفَ أنْتَ ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ»؟ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما قالَها مُتَعَوِّذًا تَعَوَّذَ بِها، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ فَنَظَرْتَ إلَيْهِ»؟ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما قَلْبُهُ بِضْعَةٌ مِن جَسَدِهِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ خَبَرَ هَذا، وأخْبَرَ أنَّما قَتَلَهُ مِن أجْلِ جَمَلِهِ وغَنَمِهِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ فَلَّما بَلَغَ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ يَقُولُ: تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَحَلَفَ أُسامَةُ أنْ لا يُقاتِلَ رَجُلًا يَقُولُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. بَعْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وما لَقِيَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ الحَسَنِ، «أنَّ ناسًا مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَهَبُوا يَتَطَرَّقُونَ، فَلَقُوا أُناسًا مِنَ العَدُوِّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهم فَشَدَّ رَجُلٌ مِنهم فَتَبِعَهُ رَجُلٌ يُرِيدُ مَتاعَهُ، فَلَمّا غَشِيَهُ بِالسِّنانِ قالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، إنِّي مُسْلِمٌ، فَأوْجَرَهُ السِّنانَ فَقَتَلَهُ وأخَذَ مُتَيِّعَهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْقاتِلِ: «أقَتَلْتَهُ بَعْدَ ما قالَ: إنِّي مُسْلِمٌ»؟ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما قالَها مُتَعَوِّذًا، قالَ: «أفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ»! قالَ: لِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: «لِتَعْلَمَ أصادِقٌ هو أوْ كاذِبٌ» قالَ: وكُنْتُ عالِمَ ذَلِكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «إنَّما كانَ يُعَبِّرُ عَنْهُ لِسانُهُ، إنَّما كانَ يُعَبِّرُ عَنْهُ لِسانُهُ» قالَ: فَما لَبِثَ القاتِلُ أنْ ماتَ، فَحَفَرَ لَهُ أصْحابُهُ، (p-٦١٨)فَأصْبَحَ وقَدْ وضَعَتْهُ الأرْضُ، ثُمَّ عادُوا فَحَفَرُوا لَهُ، فَأصْبَحَ وقَدْ وضَعَتْهُ الأرْضُ إلى جَنْبِ قَبْرِهِ، قالَ الحَسَنُ: فَلا أدْرِي كَمْ قالَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمْ دَفَنّاهُ. مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثَةً، كُلُّ ذَلِكَ لا تَقْبَلُهُ الأرْضُ، فَلَمّا رَأيْنا الأرْضَ لا تَقْبَلُهُ أخَذْنا بِرِجْلَيْهِ فَألْقَيْناهُ في بَعْضِ تِلْكَ الشِّعابِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ أهْلَ الإسْلامِ. إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ الحَسَنُ: أما واللَّهِ ما ذاكَ ألّا تَكُونَ الأرْضُ تُجَنُّ مَن هو شَرٌّ مِنهُ، ولَكِنْ وعَظَ اللَّهُ القَوْمَ أنْ لا يَعُودُوا» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾
قالَ: «بَلَغَنِي أنَّ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ أغارَ عَلى رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَقالَ لَهُ المُشْرِكُ: إنِّي مُسْلِمٌ، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَقَتَلَهُ المُسْلِمُ بَعْدَ أنْ قالَها، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ لِلَّذِي قَتَلَهُ: «أقَتَلْتَهُ وقَدْ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ»؟ فَقالَ وهو يَعْتَذِرُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّما قالَها مُتَعَوِّذًا ولَيْسَ كَذَلِكَ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَهَلّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ»؟ ثُمَّ ماتَ قاتِلُ الرَّجُلِ فَقُبِرَ، فَلَفَظَتْهُ الأرْضُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَأمَرَهم أنْ يَقْبُرُوهُ، ثُمَّ لَفَظَتْهُ حَتّى فَعِلَ ذَلِكَ بِهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّ الأرْضَ أبَتْ أنْ تَقْبَلَهُ، فَألْقُوهُ في غارٍ مِنَ الغِيرانِ» قالَ مَعْمَرٌ: وقالَ بَعْضُهم: «إنَّ الأرْضَ تَقْبَلُ مَن هو شَرٌّ مِنهُ، ولَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ لَكم عِبْرَةً»» .
(p-٦١٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ أبِي الضُّحى، عَنْ مَسْرُوقٍ، أنَّ قَوْمًا مِنَ المُسْلِمِينَ لَقُوا رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ ومَعَهُ غُنَيْمَةٌ لَهُ، فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، إنِّي مُؤْمِنٌ، فَظَنُّوا أنَّهُ يَتَعَوَّذُ بِذَلِكَ فَقَتَلُوهُ وأخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ تِلْكَ الغَنِيمَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «خَرَجَ المِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ في سَرِيَّةٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَمَرُّوا بِرَجُلٍ في غُنَيْمَةٍ لَهُ فَقالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَتَلَهُ ابْنُ الأسْوَدِ، فَلَمّا قَدِمُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ قالَ: الغُنَيْمَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: نَزَلَ ذَلِكَ في رَجُلٍ قَتَلَهُ أبُو الدَّرْداءِ. فَذَكَرَ مِن قِصَّةِ أبِي الدَّرْداءِ نَحْوَ القِصَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ، ونَزَلَ القُرْآنُ: ﴿وما كانَ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً﴾ [النساء: ٩٢] فَقَرَأ حَتّى بَلَغَ إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ قالَ: راعِي غَنَمٍ لَقِيَهُ نَفَرٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَقَتَلُوهُ وأخَذُوا ما مَعَهُ، ولَمْ يَقْبَلُوا مِنهُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، إنِّي مُؤْمِنٌ.
(p-٦٢٠)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ قالَ: حَرَّمَ اللَّهُ عَلى المُؤْمِنِينَ أنْ يَقُولُوا لِمَن شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ لَسْتَ مُؤْمِنًا. كَما حَرَّمَ عَلَيْهِمُ المَيْتَةَ، فَهو آمِنٌ عَلى مالِهِ ودَمِهِ، فَلا تَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي رَجاءٍ، والحَسَنِ، أنَّهُما كانا يَقْرَآنِ: (ولا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السِّلْمَ) بِكَسْرِ السِّينِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، وأبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، أنَّهُما كانا يَقْرَآنِ: ﴿لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِن قَبْلُ﴾ قالَ: تَسْتَخْفُونَ بِإيمانِكم كَما اسْتَخْفى هَذا الرّاعِي بِإيمانِهِ، وفي لَفْظٍ: تَكْتُمُونَ إيمانَكم مِنَ المُشْرِكِينَ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ فَأظْهَرَ الإسْلامَ فَأعْلَنْتُمْ إيمانَكُمْ، ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ قالَ: وعِيدٌ مِنَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِن قَبْلُ﴾ قالَ: (p-٦٢١)كُنْتُمْ كَفّارًا حَتّى مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكم بِالإسْلامِ وهُداكم لَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِن قَبْلُ﴾ قالَ: لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ النُّعْمانِ بْنِ سالِمٍ، أنَّهُ كانَ يَقُولُ: نَزَلَتْ في رَجُلٍ مِن هُذَيْلٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمٍ أنَّهُ قَرَأ: ”فَتَبَيَّنُوا“ بِالياءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، عَنْ أُسامَةَ قالَ: «بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنا الحُرَقاتِ مِن جُهَيْنَةَ، فَأدْرَكْتُ رَجُلًا فَقالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ، فَوَقَعَ في نَفْسِي مِن ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. وقَتَلَتْهُ»! قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما قالَها فَرَقًا مِنَ السِّلاحِ. قالَ: «أفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتّى تَعْلَمَ قالَها أمْ لا»؟ فَما زالَ يُكَرِّرُها عَلَيَّ حَتّى تَمَنَّيْتُ أنِّي أسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقانَ قالَ: حَدَّثَنا الحَضْرَمِيُّ، رَجُلٌ مِن أهْلِ (p-٦٢٢)اليَمامَةِ قالَ: «بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أُسامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلى جَيْشٍ. قالَ أُسامَةُ: فَأتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ فَقُلْتُ: فَلَمّا انْهَزَمَ القَوْمُ أدْرَكْتُ رَجُلًا فَأهْوَيْتُ إلَيْهِ بِالرُّمْحِ فَقالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. فَتَغَيَّرَ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقالَ: «ويْحَكَ يا أُسامَةُ! فَكَيْفَ لَكَ بِلا إلَهَ إلّا اللَّهُ؟ ويْحَكَ يا أُسامَةُ! فَكَيْفَ لَكَ بِلا إلَهَ إلّا اللَّهُ»؟ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُها عَلَيَّ حَتّى لَوَدِدْتُ أنِّي انْسَلَخْتُ مِن كُلِّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ واسْتَقْبَلْتُ الإسْلامَ يَوْمَئِذٍ جَدِيدًا، فَلا واللَّهِ لا أُقاتِلُ أحَدًا قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. بَعْدَ ما سَمِعْتُ مِن رَسُولِ اللَّهِ» ﷺ .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ إبْراهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبِيهِ قالَ: قالَ أُسامَةُ بْنُ زَيْدٍ: لا أُقاتِلُ رَجُلًا يَقُولُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ أبَدًا، فَقالَ سَعْدُ بْنُ مالِكٍ: وأنا - واللَّهِ - لا أُقاتِلُ رَجُلًا يَقُولُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ أبَدًا. فَقالَ لَهُما رَجُلٌ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩] فَقالا: قَدْ قاتَلْنا حَتّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وكانَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مالِكٍ اللَّيْثِيِّ قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً فَغارَتْ عَلى قَوْمٍ فَشَذَّ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَأتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ شاهِرًا سَيْفَهُ، فَقالَ الشّاذُّ مِنَ القَوْمِ: إنِّي مُسْلِمٌ. فَلَمْ يَنْظُرْ فِيما قالَ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَنَمى الحَدِيثُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (p-٦٢٣)فَقالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، فَبَلَغَ القاتِلَ، فَبَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ إذْ قالَ القاتِلُ: واللَّهِ ما قالَ الَّذِي قالَ إلّا تَعَوُّذًا مِنَ القَتْلِ. فَأعْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْهُ وعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النّاسِ، وأخَذَ في خُطْبَتِهِ، ثُمَّ قالَ أيْضًا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما قالَ الَّذِي قالَ إلّا تَعَوُّذًا مِنَ القَتْلِ، فَأعْرَضَ عَنْهُ وعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النّاسِ، وأخَذَ في خُطْبَتِهِ، ثُمَّ لَمْ يَصْبِرْ فَقالَ الثّالِثَةَ: واللَّهِ يا رَسُولَ اللَّهِ، ما قالَ الَّذِي قالَ إلّا تَعَوُّذًا مِنَ القَتْلِ. فَأقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تُعْرَفُ المَساءَةُ في وجْهِهِ فَقالَ: «إنَّ اللَّهَ أبى عَلَيَّ لِمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا» ثَلاثَ مِرارٍ» .
وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنِ المِقْدادِ بْنِ الأسْوَدِ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أرَأيْتَ إنِ اخْتَلَفْتُ أنا ورَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ بِضَرْبَتَيْنِ، فَقَطَعَ يَدِي، فَلَمّا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، أضْرِبُهُ أمْ أدَعُهُ؟ قالَ: «بَلْ دَعْهُ» قُلْتُ: قَطَعَ يَدَيْ! قالَ: «إنْ ضَرَبْتَهُ بَعْدَ أنْ قالَها فَهو مِثْلُكَ قَبْلَ أنْ تَقْتُلَهُ، وأنْتَ مِثْلُهُ قَبْلَ أنْ يَقُولَها»» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ جُنْدَبٍ البَجَلِيِّ قالَ: «إنِّي لَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ جاءَهُ بَشِيرٌ مِن سَرِيَّتِهِ، فَأخْبَرَهُ بِالنَّصْرِ الَّذِي نَصَرَ اللَّهُ سَرِيَّتَهُ، وبِفَتْحِ اللَّهِ الَّذِي فَتَحَ (p-٦٢٤)لَهُمْ، وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَما نَحْنُ نَطْلُبُ القَوْمَ وقَدْ هَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعالى، إذْ لَحِقْتُ رَجُلًا بِالسَّيْفِ، فَلَمّا حَسَّ أنَّ السَّيْفَ مُواقِعُهُ وهو يَسْعى ويَقُولُ: إنِّي مُسْلِمٌ، إنِّي مُسْلِمٌ، قالَ: «فَقَتَلْتَهُ»؟ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما تَعَوَّذَ، فَقالَ: «فَهَلّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ فَنَظَرْتَ أصادِقٌ هو أمْ كاذِبٌ»؟ فَقالَ: لَوْ شَقَقْتُ عَنْ قَلْبِهِ ما كانَ عِلْمِي؟ هَلْ قَلْبُهُ إلّا مُضْغَةٌ مِن لَحْمٍ؟ قالَ: «لا ما في قَلْبِهِ تَعْلَمُ، ولا لِسانَهُ صَدَّقْتَ» قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، قالَ: «لا أسْتَغْفِرُ لَكَ» فَماتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَدَفَنُوهُ، فَأصْبَحَ عَلى وجْهِ الأرْضِ، ثُمَّ دَفَنُوهُ فَأصْبَحَ عَلى وجْهِ الأرْضِ، ثَلاثَ مَرّاتٍ، فَلَمّا رَأوْا ذَلِكَ اسْتَحْيَوْا وخَزُوا مِمّا لَقِيَ، فاحْتَمَلُوهُ فَألْقَوْهُ في شِعْبٍ مِن تِلْكَ الشِّعابِ» .
وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في المَعْرِفَةِ عَنْ جَزْءِ بْنِ الحِدْرِجانِ قالَ: «وفَدَ أخِي قُدادُ بْنُ الحِدْرِجانِ بْنِ مالِكٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ اليَمَنِ بِإيمانِهِ وإيمانِ مَن أعْطى الطّاعَةَ مِن أهْلِ بَيْتِهِ، فَخَرَجَ مُهاجِرًا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَقِيَهُ في بَعْضِ الطَّرِيقِ سَرِيَّةُ النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ قُدادٌ: أنا مُؤْمِنٌ. فَلَمْ يَقْبَلُوهُ وقَتَلُوهُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، فَبَلَغَنا ذَلِكَ فَخَرَجْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرْتُهُ، وطَلَبْتُ ثَأْرِي، فَنَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ الآيَةَ. فَأعْطانِي النَّبِيُّ ﷺ دِيَةَ أخِي» .
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَتَبَیَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنۡ أَلۡقَىٰۤ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَـٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنࣰا تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِیرَةࣱۚ كَذَ ٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ فَتَبَیَّنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











