الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾ قالَ: مِنَ الأرْضِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ: ﴿ولَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ يَقُولُ: في قُصُورٍ مُحَصَّنَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في: ﴿بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ قالَ: المُجَصَّصَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ قالَ: هي قُصُورٌ بِيضٌ في سَماءِ الدُّنْيا مَبْنِيَّةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ: ﴿فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ قالَ: قُصُورٌ في السَّماءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سُفْيانَ في الآيَةِ قالَ: يَرَوْنَ أنَّ (p-٥٤١)هَذِهِ البُرُوجَ في السَّماءِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كانَ قَبْلَ أنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ ﷺ امْرَأةٌ، وكانَ لَها أجِيرٌ، فَوَلَدَتِ المَرْأةُ، فَقالَتْ لِأجِيرِها: انْطَلِقْ فاقْتَبِسْ لِي نارًا. فانْطَلَقَ الأجِيرُ فَإذا هو بِرَجُلَيْنِ قائِمَيْنِ عَلى البابِ، فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: وما ولَدَتْ؟ فَقالَ: ولَدَتْ جارِيَةً، فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: لا تَمُوتُ هَذِهِ الجارِيَةُ حَتّى تَزْنِيَ بِمِائَةٍ، ويَتَزَوَّجَها الأجِيرُ، ويَكُونُ مَوْتُها بِعَنْكَبُوتٍ، فَقالَ الأجِيرُ: أما واللَّهِ لَأُكَذِّبَنَّ حَدِيثَكُما، فَرَمى بِما في يَدِهِ، وأخَذَ السِّكِّينَ فَشَحَذَها وقالَ: ألا تَرانِي أتَزَوَّجُها بَعْدَما تَزْنِي بِمِائَةٍ. فَفَرى كَبِدَها ورَمى بِالسِّكِّينِ، وظَنَّ أنَّهُ قَدْ قَتَلَها، فَصاحَتِ الصَّبِيَّةُ، فَقامَتْ أُمُّها فَرَأتْ بَطْنَها قَدْ شُقَّ فَخاطَتْهُ وداوَتْهُ حَتّى بَرِئَتْ، ورَكِبَ الأجِيرُ رَأْسَهُ، فَلَبِثَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَلْبَثَ، وأصابَ الأجِيرُ مالًا، فَأرادَ أنْ يَطَّلِعَ أرْضَهُ فَيَنْظُرَ مَن ماتَ مِنهم ومَن بَقِيَ، فَأقْبَلَ حَتّى نَزَلَ عَلى عَجُوزٍ، وقالَ لِلْعَجُوزِ: ابْغِي لِي أحْسَنَ امْرَأةٍ في البَلَدِ أُصِيبُ مِنها وأُعْطِيها. فانْطَلَقَتِ العَجُوزُ إلى تِلْكَ المَرْأةِ وهي أحْسَنُ جارِيَةٍ في البَلَدِ فَدَعَتْها إلى الرَّجُلِ وقالَتْ: تُصِيبِينَ مِنهُ مَعْرُوفًا. فَأبَتْ عَلَيْها وقالَتْ: إنَّهُ قَدْ كانَ ذاكَ مِنِّي فِيما مَضى، فَأمّا اليَوْمَ فَقَدْ بَدا لِي ألّا أفْعَلَ، فَرَجَعَتْ إلى الرَّجُلِ فَأخْبَرَتْهُ، فَقالَ: فاخْطُبِيها عَلَيَّ، فَخَطَبَها وتَزَوَّجَها فَأُعْجِبَ بِها، فَلَمّا أنِسَ إلَيْها حَدَّثَها حَدِيثَهُ، فَقالَتْ: واللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ صادِقًا لَقَدْ حَدَّثَتْنِي أُمِّي حَدِيثَكَ، وإنِّي لَتِلْكَ الجارِيَةُ، قالَ: أنْتِ؟! قالَتْ: أنا، قالَ: (p-٥٤٢)واللَّهِ لَئِنْ كُنْتِ أنْتِ إنَّ بِكِ لَعَلامَةً لا تَخْفى، فَكَشَفَ بَطْنَها فَإذا هو بِأثَرِ السِّكِّينِ. فَقالَ: صَدَقَنِي واللَّهِ الرَّجُلانِ، واللَّهِ لَقَدْ زَنَيْتِ بِمِائَةٍ، وإنِّي أنا الأجِيرُ وقَدْ تَزَوَّجْتُكِ، ولَتَكُونَنَّ الثّالِثَةُ، ولَيَكُونَنَّ مَوْتُكِ بِعَنْكَبُوتٍ، فَقالَتْ: واللَّهِ لَقَدْ كانَ ذاكَ مِنِّي، ولَكِنْ لا أدْرِي مِائَةً أوْ أقَلَّ أوْ أكْثَرَ، فَقالَ: واللَّهِ ما نَقَصَ واحِدًا، ولا زادَ واحِدًا. ثُمَّ انْطَلَقَ إلى ناحِيَةِ القَرْيَةِ، فَبَنى فِيهِ؛ مَخافَةَ العَنْكَبُوتِ، فَلَبِثَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَلْبَثَ، حَتّى إذا جاءَ الأجَلُ ذَهَبَ يَنْظُرُ، فَإذا هو بِعَنْكَبُوتٍ في سَقْفِ البَيْتِ وهي إلى جانِبِهِ. فَقالَ: واللَّهِ إنِّي لَأرى العَنْكَبُوتَ في سَقْفِ البَيْتِ. فَقالَتْ: هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُونَ أنَّها تَقْتُلُنِي، واللَّهِ لَأقْتُلَنَّها قَبْلَ أنْ تَقْتُلَنِي. فَقامَ الرَّجُلُ فَزاوَلَها وألْقاها، فَقالَتْ: واللَّهِ لا يَقْتُلُها أحَدٌ غَيْرِي، فَوَضَعَتْ أُصْبُعَها عَلَيْها فَشَدَخَتْها، فَطارَ السُّمُّ حَتّى وقَعَ بَيْنَ الظُّفْرِ واللَّحْمِ، فاسْوَدَّتْ رِجْلُها فَماتَتْ، وأنْزَلَ اللَّهُ عَلى نَبِيِّهِ حِينَ بُعِثَ: ﴿أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ ولَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ يَقُولُ: نِعْمَةٌ ﴿وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ﴾ قالَ: مُصِيبَةٌ ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ قالَ: النِّعَمُ والمَصائِبُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِكَ﴾ قالَ: هَذِهِ (p-٥٤٣)فِي السَّرّاءِ والضَّرّاءِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: هَذِهِ في الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ الآيَةَ، قالَ: إنَّ هَذِهِ الآياتِ نَزَلَتْ في شَأْنِ الحَرْبِ، ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ قالَ: النَّصْرُ والهَزِيمَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ يَقُولُ: الحَسَنَةُ والسَّيِّئَةُ مِن عِنْدِ اللَّهِ، أمّا الحَسَنَةُ فَأنْعَمَ بِها عَلَيْكَ، وأمّا السَّيِّئَةُ فابْتَلاكَ بِها، وفي قَوْلِهِ: ﴿ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ قالَ: ما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وما أصابَ مِنَ الغَنِيمَةِ والفَتْحِ، ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ﴾ قالَ: ما أصابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ أنْ شُجَّ في وجْهِهِ وكُسِرَتْ رُباعِيَتُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: ما تُرِيدُونَ مِنَ القَدَرِ؟ ما تَكْفِيكُمُ الآيَةُ الَّتِي في سُورَةِ ”النِّساءِ“: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: هَذا يَوْمَ أُحُدٍ، يَقُولُ: ما كانَتْ مِن (p-٥٤٤)نَكْبَةٍ فَبِذَنْبِكَ، وأنا قَدَّرْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي صالِحٍ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: بِذَنْبِكَ، وأنا قَدَّرْتُها عَلَيْكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: عُقُوبَةً بِذَنْبِكَ يا ابْنَ آدَمَ. قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كانَ يَقُولُ: ««لا يُصِيبُ رَجُلًا خَدَشُ عُودٍ، ولا عَثْرَةُ قَدَمٍ، ولا اخْتِلاجُ عِرْقٍ إلّا بِذَنْبٍ، وما يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أكْثَرُ»» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: بِذَنْبِكَ، كَما قالَ لِأهْلِ أُحُدٍ: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أنّى هَذا قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٥] بِذُنُوبِكم. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: هي في قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: (ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ وأنا كَتَبْتُها عَلَيْكَ) . (p-٥٤٥)وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ، أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ كانَ يَقْرَأُ: (وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ وأنا كَتَبْتُها عَلَيْكَ) . قالَ مُجاهِدٌ: وكَذَلِكَ في قِراءَةِ أُبَيٍّ، وابْنِ مَسْعُودٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب