الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ اليَهُودَ قالُوا: إنَّ أبْناءَنا قَدْ تُوُفُّوا، وهم لَنا قُرْبَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، ويَسْتَشْفِعُونَ لَنا ويُزَكُّونَنا. فَقالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَتِ اليَهُودُ يُقَدِّمُونَ صِبْيانَهم يُصَلُّونَ بِهِمْ ويُقَرِّبُونَ قُرْبانَهُمْ، ويَزْعُمُونَ أنَّهم لا خَطايا لَهم ولا ذُنُوبَ، وكَذَبُوا، قالَ اللَّهُ: إنِّي لا أُطَهِّرُ ذا ذَنْبٍ بِآخَرَ لا ذَنْبَ لَهُ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ قالَ: يَعْنِي يَهُودَ؛ كانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيانَهم أمامَهم في الصَّلاةِ، فَيَؤُمُّونَهُمْ؛ يَزْعُمُونَ أنَّهم لا ذُنُوبَ لَهم. قالَ: (p-٤٧٧)فَتِلْكَ التَّزْكِيَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ، كانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيانَهم يَقُولُونَ: لَيْسَتْ لَهم ذُنُوبٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كانَ أهْلُ الكِتابِ يُقَدِّمُونَ الغِلْمانَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ يُصَلُّونَ بِهِمْ، يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهم ذُنُوبٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ قالَ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى؛ قالُوا: نَحْنُ أبْناءُ اللَّهِ وأحِبّاؤُهُ، وقالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلّا مَن كانَ هُودًا أوْ نَصارى. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ، قالُوا: إنّا نُعَلِّمُ أبْناءَنا التَّوْراةَ صِغارًا فَلا تَكُونُ لَهم ذُنُوبٌ، وذُنُوبُنا مِثْلُ ذُنُوبِ أبْنائِنا، ما عَمِلْنا بِالنَّهارِ كُفِّرَ عَنّا بِاللَّيْلِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَغْدُو بِدِينِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ وما (p-٤٧٨)مَعَهُ مِنهُ شَيْءٌ يَلْقى الرَّجُلَ لَيْسَ يَمْلِكُ لَهُ نَفْعًا ولا ضَرًّا فَيَقُولُ: واللَّهِ إنَّكَ لَذَيْتَ وذَيْتَ، ولَعَلَّهُ أنْ يَرْجِعَ ولَمْ يَحْلَ مِن حاجَتِهِ بِشَيْءٍ، وقَدْ أسْخَطَ اللَّهَ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلا﴾ قالَ: الفَتِيلُ: ما خَرَجَ مِن بَيْنِ الأُصْبُعَيْنِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الفَتِيلُ، هم أنْ تَدْلُكَ بَيْنَ أُصْبُعَيْكَ، فَما خَرَجَ مِنهُما فَهو ذَلِكَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: النَّقِيرُ: النُّقْرَةُ تَكُونُ في النَّواةِ الَّتِي تَنْبُتُ مِنها النَّخْلَةُ، والفَتِيلُ: الَّذِي يَكُونُ عَلى شِقِّ النَّواةِ، والقِطْمِيرُ: القِشْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلى النَّواةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الفَتِيلُ: الَّذِي في (p-٤٧٩)الشِّقِّ الَّذِي في بَطْنِ النَّواةِ. وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”الوَقْفِ والِابْتِداءِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلا﴾ قالَ: لا يُنْقَصُونَ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ مِثْلَ الفَتِيلِ، هو الَّذِي يَكُونُ في شِقِّ النَّواةِ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ نابِغَةَ بَنِي ذُبْيانَ يَقُولُ: ؎يَجْمَعُ الجَيْشَ ذا الأُلُوفِ ويَغْزُو ثُمَّ لا يَرْزَأُ الأعادِي فَتِيلا وقالَ الأوَّلُ أيْضًا: ؎أعاذِلُ بَعْضَ لَوْمِكِ لا تُلِحِّي ∗∗∗ فَإنَّ اللَّوْمَ لا يُغْنِي فَتِيلا وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: النَّقِيرُ: الَّذِي يَكُونُ في وسَطِ النَّواةِ في ظَهْرِها، والفَتِيلُ: الَّذِي يَكُونُ في جَوْفِ النَّواةِ، ويَقُولُونَ: ما يُدْلَكُ فَيَخْرُجُ مِن وسَخِها، والقِطْمِيرُ: لِفافَةُ النَّواةِ، أوْ سَحاةُ البَيْضَةِ، أوْ سَحاةُ القَصَبَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطِيَّةَ الجَدَلِيِّ: هي ثَلاثٌ في النَّواةِ: القِطْمِيرُ؛ وهي قِشْرَةُ النَّواةِ، والنَّقِيرُ الَّذِي رَأيْتَ في وسَطِها، والفَتِيلُ الَّذِي (p-٤٨٠)رَأيْتَ في وسَطِها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: قالَتْ يَهُودُ: لَيْسَ لَنا ذُنُوبٌ إلّا كَذُنُوبِ أوْلادِنا يَوْمَ يُولَدُونَ، فَإنْ كانَتْ لَهم ذُنُوبٌ فَإنَّ لَنا ذُنُوبًا، فَإنَّما نَحْنُ مِثْلُهُمْ، قالَ اللَّهُ: ﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وكَفى بِهِ إثْمًا مُبِينًا﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب