الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ﴾ الآياتِ
. أخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، (p-٦٧٨)والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ قَتادَةَ بْنِ النُّعْمانِ قالَ: «كانَ أهْلُ بَيْتٍ مِنّا يُقالُ لَهم: بَنُو أُبَيْرِقٍ: بِشْرٌ وبُشَيْرٌ ومُبَشِّرٌ، وكانَ بُشَيْرٌ رَجُلًا مُنافِقًا يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ يَنْحَلُهُ بَعْضَ العَرَبِ، ثُمَّ يَقُولُ: قالَ فُلانٌ كَذا وكَذا، قالَ فُلانٌ كَذا وكَذا، وإذا سَمِعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ الشِّعْرَ قالُوا: واللَّهِ ما يَقُولُ هَذا الشِّعْرَ إلّا هَذا الخَبِيثُ. فَقالَ:
؎أوَكُلَّما قالَ الرِّجالُ قَصِيدَةً أضِمُوا فَقالُوا ابْنُ الأُبَيْرِقِ قالَها
وكانُوا أهْلَ بَيْتِ حاجَّةٍ وفاقَةٍ في الجاهِلِيَّةِ والإسْلامِ، وكانَ النّاسُ إنَّما طَعامُهم بِالمَدِينَةِ التَّمْرُ والشَّعِيرُ، وكانَ الرَّجُلُ إذا كانَ لَهُ يَسارٌ فَقَدِمَتْ ضافِطَةٌ مِنَ الشّامِ مِنَ الدَّرْمَكِ ابْتاعَ الرَّجُلُ مِنها فَخَصَّ بِها نَفْسَهُ، وأمّا العِيالُ فَإنَّما طَعامُهُمُ الشَّعِيرُ، فَقَدِمَتْ ضافِطَةٌ مِنَ الشّامِ فابْتاعَ عَمِّي رَفاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ فَجَعَلَهُ في مَشْرُبَةٍ لَهُ، وفي المَشْرُبَةِ سِلاحٌ لَهُ؛ دِرْعانِ وسَيْفاهُما وما يُصْلِحُهُما، فَعَدا عَدِيٌّ مِن تَحْتِ اللَّيْلِ، فَنَقَبَ المَشْرُبَةَ وأخَذَ الطَّعامَ والسِّلاحَ، فَلَمّا أصْبَحَ أتانِي عَمِّي رَفاعَةُ فَقالَ: يا ابْنَ أخِي، تَعْلَمُ أنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنا في لَيْلَتِنا هَذِهِ، فَنُقِبَتْ مَشْرُبَتُنا، فَذُهِبَ بِطَعامِنا وسِلاحِنا. قالَ: (p-٦٧٩)فَتَجَسَّسْنا في الدّارِ وسَألْنا، فَقِيلَ لَنا: قَدْ رَأيْنا بَنِي أُبَيْرِقٍ قَدِ اسْتَوْقَدُوا في هَذِهِ اللَّيْلَةِ، ولا نَرى فِيما نَرى إلّا عَلى بَعْضِ طَعامِكُمْ، قالَ: وقَدْ كانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ قالُوا: ونَحْنُ نَسْألُ في الدّارِ: واللَّهِ ما نَرى صاحِبَكم إلّا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ رَجُلًا مِنّا لَهُ صَلاحٌ وإسْلامٌ، فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ ثُمَّ أتى بَنِي أُبَيْرِقٍ وقالَ: أنا أسْرِقُ؟ فَواللَّهِ لِيُخالِطَنَّكم هَذا السَّيْفُ أوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ، قالُوا: إلَيْكَ عَنّا أيُّها الرَّجُلُ، فَواللَّهِ ما أنْتَ بِصاحِبِها. فَسَألْنا في الدّارِ حَتّى لَمْ نَشُكَّ أنَّهم أصْحابُها، فَقالَ لِي عَمِّي: يا ابْنَ أخِي، لَوْ أتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. قالَ قَتادَةُ: فَأتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أهْلَ بَيْتٍ مِنّا أهَّلَ جَفاءٍ، عَمَدُوا إلى عَمِّي رَفاعَةَ بْنِ زَيْدٍ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ وأخَذُوا سِلاحَهُ وطَعامَهُ فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنا سِلاحَنا، فَأمّا الطَّعامُ فَلا حاجَةَ لَنا فِيهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَأنْظُرُ في ذَلِكَ» فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أتَوْا رَجُلًا مِنهم يُقالُ لَهُ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ في ذَلِكَ، واجْتَمَعَ إلَيْهِ ناسٌ مِن أهْلِ الدّارِ، فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ قَتادَةَ بْنَ النُّعْمانِ وعَمَّهُ عَمَدُوا إلى أهْلِ بَيْتٍ مِنّا أهْلِ إسْلامٍ وصَلاحٍ يَرْمُونَهم بِالسَّرِقَةِ مِن غَيْرِ بَيِّنَةٍ ولا ثَبَتٍ، قالَ قَتادَةُ: فَأتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَكَلَّمْتُهُ، فَقالَ: «عَمَدْتَ إلى أهْلِ بَيْتِ ذُكِرَ مِنهم إسْلامٌ وصَلاحٌ، تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ مِن غَيْرِ بَيِّنَةٍ ولا ثَبَتٍ» قالَ قَتادَةُ: فَرَجَعْتُ ولَوَدِدْتُ أنِّي خَرَجْتُ مِن بَعْضِ مالِي ولَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في ذَلِكَ، فَأتانِي عَمِّي رَفاعَةُ فَقالَ: يا ابْنَ أخِي، ما صَنَعْتَ؟ فَأخْبَرْتُهُ بِما قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: اللَّهُ المُسْتَعانُ. فَلَمْ نَلْبَثْ أنْ نَزَلَ القُرْآنُ: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا﴾ بَنِي أُبَيْرِقٍ، (p-٦٨٠)﴿واسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ أيْ مِمّا قُلْتَ لِقَتادَةَ، ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أنْفُسَهُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ أيْ: أنَّهم لَوِ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ لَغَفَرَ لَهم ﴿ومَن يَكْسِبْ إثْمًا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا﴾ قَوْلَهم لِلَبِيدٍ، ﴿ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ ورَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنهم أنْ يُضِلُّوكَ﴾ يَعْنِي أُسَيْرَ بْنَ عُرْوَةَ وأصْحابَهُ. إلى قَوْلِهِ: ﴿فَسَيُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ١٠]، فَلَمّا نَزَلَ القُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالسِّلاحِ فَرَدَّهُ إلى رِفاعَةَ، قالَ قَتادَةُ: فَلَمّا أتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلاحِ - وكانَ شَيْخًا قَدْ عَسا في الجاهِلِيَّةِ وكُنْتُ أرى إسْلامَهُ مَدْخُولًا، فَلَمّا أتَيْتُهُ بِالسِّلاحِ قالَ: يا ابْنَ أخِي، هو في سَبِيلِ اللَّهِ. فَعَرَفْتُ أنَّ إسْلامَهُ كانَ صَحِيحًا، فَلَمّا نَزَلَ القُرْآنُ لَحِقَ بُشَيْرٌ بِالمُشْرِكِينَ فَنَزَلَ عَلى سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ومَن يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى﴾ [النساء: ١١٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿ضَلالا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١١٦] فَلَمّا نَزَلَ عَلى سُلافَةَ رَماها حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ بِأبْياتٍ مِن شِعْرٍ، فَأخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلى رَأْسِها ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْ بِهِ في الأبْطَحِ ثُمَّ قالَتْ: أهْدَيْتَ لِي شَعْرَ حَسّانَ! ما كُنْتَ تَأْتِينِي بِخَيْرٍ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قالَ: «عَدا بُشَيْرُ بْنُ الحارِثِ عَلى عِلِّيَّةِ (p-٦٨١)رَفاعَةَ بْنِ زَيْدٍ عَمِّ قَتادَةَ بْنِ النُّعْمانِ الظَّفَرِيِّ، فَنَقَبَها مِن ظَهْرِها، وأخَذَ طَعامًا لَهُ ودِرْعَيْنِ بِأداتِهِما، فَأتى قَتادَةُ بْنُ النُّعْمانِ النَّبِيَّ ﷺ فَأخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَدَعا بُشَيْرًا فَسَألَهُ، فَأنْكَرَ، ورَمى بِذَلِكَ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ، رَجُلًا مِن أهْلِ الدّارِ ذا حَسَبٍ ونَسَبٍ، فَنَزَلَ القُرْآنُ بِتَكْذِيبِ بُشَيْرٍ وبَراءَةِ لَبِيدِ بْنِ سَهْلٍ؛ قَوْلُهُ: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ يَعْنِي بُشَيْرَ بْنَ أُبَيَرِقٍ، ﴿ومَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أوْ إثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ يَعْنِي لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ حِينَ رَماهُ بَنُو أُبَيْرِقٍ بِالسَّرِقَةِ. فَلَمّا نَزَلَ القُرْآنُ في بُشَيْرٍ، وعُثِرَ عَلَيْهِ هَرَبَ إلى مَكَّةَ مُرْتَدًّا كافِرًا، فَنَزَلَ عَلى سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الشَّهِيدِ، فَجَعَلَ يَقَعُ في النَّبِيِّ ﷺ وفي المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَ القُرْآنُ فِيهِ وهَجاهُ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ حَتّى رَجَعَ، وكانَ ذَلِكَ في شَهْرِ رَبِيعٍ سَنَةَ أرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قالَ: «كانَ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ رَجُلًا مِنطِيقًا ظَرِيفًا بَلِيغًا حُلْوًا، فَسَمِعَ بِما قالَ قَتادَةُ بْنُ النُّعْمانِ في بَنِي أُبَيْرِقٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ حِينَ اتَّهَمَهم بِنَقْبِ عِلِّيَّةِ عَمِّهِ وأخْذِ طَعامِهِ والدِّرْعَيْنِ، فَأتى أُسَيْرٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في جَماعَةٍ جَمَعَهم مِن قَوْمِهِ فَقالَ: إنَّ قَتادَةَ وعَمَّهُ عَمَدُوا إلى أهْلِ بَيْتٍ مِنّا أهْلِ حَسَبٍ ونَسَبٍ وصَلاحٍ يُؤَنِّبُونَهم بِالقَبِيحِ ويَقُولُونَ لَهم ما لا يَنْبَغِي، بِغَيْرِ ثَبَتٍ ولا بَيِّنَةٍ. فَوَضَعَ لَهم عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما شاءَ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَتادَةُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُكَلِّمَهُ، (p-٦٨٢)فَجَبَهَهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَبْهًا شَدِيدًا مُنْكَرًا، وقالَ: «بِئْسَما صَنَعْتَ وبِئْسَما مَشَيْتَ فِيهِ» فَقامَ قَتادَةُ وهو يَقُولُ: لَوَدِدْتُ أنِّي خَرَجْتُ مِن أهْلِي ومالِي، وأنِّي لَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في شَيْءٍ مِن أمْرِهِمْ، وما أنا بِعائِدٍ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلى نَبِيِّهِ في شَأْنِهِمْ: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أنْفُسَهُمْ﴾ يَعْنِي أُسَيْرَ بْنَ عُرْوَةَ وأصْحابَهُ، ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ خَوّانًا أثِيمًا﴾ [النساء»: ١٠٧] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٤] فِيما بَيْنَ ذَلِكَ في طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ ودِرْعِهِ مِن حَدِيدٍ الَّتِي سَرَقَ، وقالَ أصْحابُهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اعْذِرْهُ في النّاسِ بِلِسانِكَ، ورَمَوْا بِالدِّرْعِ رَجُلًا مِن يَهُودَ بَرِيئًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ قالَ: «ذُكِرَ لَنا أنَّ هَذِهِ الآياتِ أُنْزِلَتْ في شَأْنِ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، وفِيما هَمَّ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ مِن عُذْرِهِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، ووَعَظَ نَبِيَّهُ ﷺ وحَذَّرَهُ أنْ يَكُونَ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا، وكانَ طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ، ثُمَّ أحَدَ بَنِي ظَفَرٍ، سَرَقَ (p-٦٨٣)دِرْعًا لِعَمِّهِ كانَتْ ودِيعَةً عِنْدَهُمْ، ثُمَّ قَذَفَها عَلى يَهُودِيٍّ كانَ يَغْشاهم يُقالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ. فَجاءَ اليَهُودِيُّ إلى النَّبِيِّ ﷺ يَهْتِفُ، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ قَوْمُهُ بَنُو ظَفَرٍ جاءُوا إلى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ لِيَعْذِرُوا صاحِبَهُمْ، وكانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ قَدْ هَمَّ بِعُذْرِهِ حَتّى أنْزِلَ اللَّهُ في شَأْنِهِ ما أنْزَلَ فَقالَ: ﴿ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أنْفُسَهُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ وكانَ طُعْمَةُ قَذَفَ بِها بَرِيئًا، فَلَمّا بَيَّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ نافَقَ ولَحِقَ بِالمُشْرِكِينَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في شَأْنِهِ: ﴿ومَن يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ١١٥] الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «إنَّ نَفَرًا مِنَ الأنْصارِ غَزَوْا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في بَعْضِ غَزَواتِهِ، فَسُرِقَتْ دِرْعٌ لِأحَدِهِمْ، فَأظَنَّ بِها رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ فَأتى صاحِبُ الدِّرْعِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنَّ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ سَرَقَ دِرْعِي، فَلَمّا رَأى السّارِقُ ذَلِكَ عَمَدَ إلَيْها فَألْقاها في بَيْتِ رَجُلٍ بَرِيءٍ، وقالَ لِنَفَرٍ مِن عَشِيرَتِهِ: إنِّي غَيَّبْتُ الدِّرْعَ وألْقَيْتُها في بَيْتِ فُلانٍ، وسَتُوجَدُ عِنْدَهُ. فانْطَلَقُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّ صاحَبَنا بَرِيءٌ، وإنَّ سارِقَ الدِّرْعِ فُلانٌ، وقَدْ أحَطْنا بِذَلِكَ عِلْمًا، فَأعْذِرْ صاحِبَنا عَلى رُؤُوسِ النّاسِ، وجادِلْ عَنْهُ؛ فَإنَّهُ إلّا يَعْصِمْهُ اللَّهُ بِكَ يَهْلَكْ. فَقامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبَرَّأهُ وعَذَرَهُ عَلى رُؤُوسِ النّاسِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ﴾ يَقُولُ: بِما أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ.
(p-٦٨٤)إلى قَوْلِهِ: ﴿خَوّانًا أثِيمًا﴾ ثُمَّ قالَ لِلَّذِينِ أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيْلًا»:
{"ayahs_start":105,"ayahs":["إِنَّاۤ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَاۤ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَاۤىِٕنِینَ خَصِیمࣰا","وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","وَلَا تُجَـٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِینَ یَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِیمࣰا","یَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا یَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ یُبَیِّتُونَ مَا لَا یَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطًا","هَـٰۤأَنتُمۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ جَـٰدَلۡتُمۡ عَنۡهُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فَمَن یُجَـٰدِلُ ٱللَّهَ عَنۡهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَم مَّن یَكُونُ عَلَیۡهِمۡ وَكِیلࣰا","وَمَن یَعۡمَلۡ سُوۤءًا أَوۡ یَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ یَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ یَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","وَمَن یَكۡسِبۡ إِثۡمࣰا فَإِنَّمَا یَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا","وَمَن یَكۡسِبۡ خَطِیۤـَٔةً أَوۡ إِثۡمࣰا ثُمَّ یَرۡمِ بِهِۦ بَرِیۤـࣰٔا فَقَدِ ٱحۡتَمَلَ بُهۡتَـٰنࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا","وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ أَن یُضِلُّوكَ وَمَا یُضِلُّونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا یَضُرُّونَكَ مِن شَیۡءࣲۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكَ عَظِیمࣰا"],"ayah":"إِنَّاۤ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَاۤ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَاۤىِٕنِینَ خَصِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق