الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ﴾ الآيَةَ، قالَ: نَفْسٌ ورُوحٌ بَيْنَهُما مِثْلُ شُعاعِ الشَّمْسِ، فَيَتَوَفّى اللَّهُ النَّفْسَ في مَنامِهِ، ويَدَعُ الرُّوحَ في وجَوْفِهِ يَتَقَلَّبُ ويَعِيشُ، فَإنْ بَدا لِلَّهِ أنْ يَقْبِضَهُ قَبَضَ الرُّوحَ فَماتَ، وإنْ أخَّرَ أجَلَهُ رَدَّ النَّفْسَ إلى مَكانِها مِن جَوْفِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“ وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظْمَةِ“ وابْنُ مَرْدُويَهْ والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ﴾ الآيَةَ. قالَ: تَلْتَقِي أرْواحُ الأحْياءِ وأرْواحُ الأمْواتِ في المَنامِ، فَيَتَساءَلُونَ بَيْنَهم ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُمْسِكُ اللَّهُ أرْواحَ الأمْواتِ، ويُرْسِلُ أرْواحَ الأحْياءِ إلى أجْسادِها، ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ لا يَغْلَطُ (p-٦٦٥)بِشَيْءٍ مِنها، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها﴾ الآيَةَ. قالَ: كُلُّ نَفْسٍ لَها سَبَبٌ تَجْرِي فِيهِ، فَإذا قَضى عَلَيْها المَوْتَ نامَتْ حَتّى يَنْقَطِعَ السَّبَبُ، ﴿والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها﴾ تُتْرَكُ. وأخْرَجَ جُوَيْبِرٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: سَبَبٌ مَمْدُودٌ ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فَأرْواحُ المَوْتى وأرْواحُ الأحْياءِ إلى ذَلِكَ السَّبَبِ، فَتَعْلَقُ النَّفْسُ المَيِّتَةُ بِالنَّفْسِ الحَيَّةِ، فَإذا أُذِنَ لِهَذِهِ الحَيَّةِ بِالِانْصِرافِ إلى جَسَدِها لِتَسْتَكْمِلَ رِزْقَها، أُمْسِكَتِ النَّفْسُ المَيِّتَةُ وأُرْسِلَتِ الأُخْرى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ فَرْقَدٍ قالَ: ما مِن لَيْلَةٍ مِن لَيالِي الدُّنْيا إلّا والرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى يَقْبِضُ الأرْواحَ كُلَّها مُؤْمِنَها وكافِرَها، فَيَسْألُ كُلَّ نَفْسٍ ما عَمِلَ صاحِبُها مِنَ النَّهارِ، وهو أعْلَمُ، ثُمَّ يَدْعُو مَلَكَ المَوْتِ فَيَقُولُ: اقْبِضْ هَذا واقْبِضْ هَذا. مَن قَضى عَلَيْهِ المَوْتَ، ﴿ويُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عامِرٍ، أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ قالَ: العَجَبُ مِن رُؤْيا الرَّجُلِ؛ إنَّهُ يَبِيتُ فَيَرى الشَّيْءَ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ عَلى (p-٦٦٦)بالٍ فَتَكُونُ رُؤْياهُ كَأخْذٍ بِاليَدِ ويَرى الرَّجُلُ الرُّؤْيا فَلا تَكُونُ رُؤْياهُ شَيْئًا! فَقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: أفَلا أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ يَقُولُ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْها المَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ فاللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ كُلَّها؛ فَما رَأتْ وهي عِنْدَهُ في السَّماءِ فَهي الرُّؤْيا الصّادِقَةُ، وما رَأتْ إذا أُرْسِلَتْ إلى جَسَدِها تَلَقَّتْها الشَّياطِينُ في الهَواءِ فَكَذَبَتْها وأخْبَرَتْها بِالأباطِيلِ فَكَذَبَتْ فِيها، فَعَجِبَ عُمَرُ مِن قَوْلِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي أيُّوبَ، «أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ كانَ نازِلًا في بَيْتِهِ، حِينَ أرادَ أنْ يَرْقُدَ قالَ كَلامًا لَمْ نَفْهَمْهُ قالَ: فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: اللَّهُمَّ أنْتَ تَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها، فَتُمْسِكُ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْها المَوْتُ، وتُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ مُسَمًّى أنْتَ خَلَقْتَنِي وأنْتَ تَتَوَفّانِي، فَإنْ أنْتَ تَوَفَّيْتَنِي فاغْفِرْ لِي، وإنْ أنْتَ أخَّرْتَنِي فاحْفَظْنِي» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا (p-٦٦٧)أوى أحَدُكم إلى فِراشِهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِداخِلَةِ إزارِهِ؛ فَإنَّهُ لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وضَعْتُ جَنْبِي وبِاسْمِكَ أرْفَعُهُ إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بِما تَحْفَظُ بِهِ عِبادَكَ الصّالِحِينَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في سَفَرِهِ الَّذِي نامُوا فِيهِ حَتّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قالَ: إنَّكم كُنْتُمْ أمْواتًا فَرَدَّ اللَّهُ إلَيْكم أرْواحَكم» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ عَنْ أبِي قَتادَةَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لَهم لَيْلَةَ الوادِي: إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أرْواحَكم حِينَ شاءَ، ورَدَّها عَلَيْكم حِينَ شاءَ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ «عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سَفَرٍ فَقالَ: مَن يَكْلَؤُنا اللَّيْلَةَ؟ فَقُلْتُ: أنا، فَنامَ ونامَ النّاسُ، ونِمْتُ فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ إلّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أيُّها النّاسُ إنَّ هَذِهِ الأرْواحَ عارِيَّةٌ (p-٦٦٨)فِي أجْسادِ العِبادِ فَيَقْبِضُها إذا شاءَ ويُرْسِلُها إذا شاءَ» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: «كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى آذاهُ حَرُّ الشَّمْسِ فَأقامَ الصَّلاةَ ثُمَّ صَلّى بِهِمْ، ثُمَّ قالَ: إذا رَقَدَ أحَدُكم فَغَلَبَتْهُ عَيْناهُ فَلْيَفْعَلْ هَكَذا، فَإنَّ اللَّهَ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب