الباحث القرآني

(p-٥٠٠)سُورَةُ ص مَكِّيَّةٌ أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”ص“ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا مَرِضَ أبُو طالِبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِن قُرَيْشٍ فِيهِمْ أبُو جَهْلٍ فَقالُوا: إنَّ ابْنَ أخِيكَ يَشْتُمُ آلِهَتَنا ويَفْعَلُ ويَفْعَلُ، ويَقُولُ ويَقُولُ، فَلَوْ بَعَثْتَ إلَيْهِ فَنَهَيْتَهُ فَبَعَثَ إلَيْهِ، فَجاءَ النَّبِيُّ ﷺ، فَدَخَلَ البَيْتَ وبَيْنَهم وبَيْنَ أبِي طالِبٍ قَدْرُ مَجْلِسِ رَجُلٍ فَخَشِيَ أبُو جَهْلٍ إنْ جَلَسَ إلى أبِي طالِبٍ أنْ يَكُونَ أرَقَّ عَلَيْهِ فَوَثَبَ فَجَلَسَ في ذَلِكَ المَجْلِسِ، فَلَمْ يَجِدْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَجْلِسًا قُرْبَ عَمِّهِ، فَجَلَسَ عِنْدَ البابِ، فَقالَ لَهُ أبُو طالِبٍ: أيِ ابْنِ أخِي، ما بالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ؟ يَزْعُمُونَ أنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهم وتَقُولُ وتَقُولُ، قالَ: وأكْثَرُوا عَلَيْهِ مِنَ القَوْلِ. وتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا عَمِّ إنِّي أُرِيدُهم عَلى كَلِمَةٍ واحِدَةٍ يَقُولُونَها تَدِينُ لَهم بِها العَرَبُ (p-٥٠١)وتُؤَدِّي إلَيْهِمْ بِها العَجَمُ الجِزْيَةَ. فَفَزِعُوا لِكَلِمَتِهِ ولِقَوْلِهِ، فَقالَ القَوْمُ: كَلِمَةً واحِدَةً؟ نَعَمْ وأبِيكَ عَشْرًا. قالُوا: فَما هِيَ؟ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. فَقامُوا فَزِعِينَ يَنْفُضُونَ ثِيابَهم وهم يَقُولُونَ: أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا، إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عُجابٌ، فَنَزَلَ فِيهِمْ: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وشِقاقٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ﴾ [ص»: ٨] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ، «أنَّ ناسًا مِن قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِيهِمْ: أبُو جَهْلِ بْنُ هِشامٍ، والعاصُ بْنُ وائِلٍ، والأسْوَدُ بْنُ المُطَّلِبِ، والأسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ في نَفَرٍ مِن مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنا إلى أبِي طالِبٍ فَنُكَلِّمَهُ فِيهِ، فَلْيُنْصِفْنا مِنهُ، فَيَأْمُرَهُ فَلْيَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنا ونَدَعَهُ وإلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُ، فَإنّا نَخافُ أنْ يَمُوتَ هَذا الشَّيْخُ فَيَكُونَ مِنّا شَيْءٌ، فَتُعَيِّرُنا العَرَبُ؛ يَقُولُونَ: تَرَكُوهُ حَتّى إذا ماتَ عَمُّهُ تَناوَلُوهُ، فَبَعَثُوا رَجُلًا مِنهم يُسَمّى المُطَّلِبَ فاسْتَأْذَنَ لَهم عَلى أبِي طالِبٍ فَقالَ: هَؤُلاءِ مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ وسَرَواتُهم يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ. قالَ: أدْخِلْهُمْ، فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا: يا أبا طالِبٍ، أنْتَ كَبِيرُنا وسَيِّدُنا، فَأنْصِفْنا مِنِ ابْنِ أخِيكَ فَمُرْهُ فَلْيَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنا، ونَدَعَهُ وإلَهَهُ، فَبَعَثَ إلَيْهِ أبُو طالِبٍ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قالَ: يا ابْنَ أخِي (p-٥٠٣)هَؤُلاءِ مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ وسَرَواتُهم قَدْ سَألُوكَ النَّصَفَ، أنْ تَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِهِمْ ويَدَعُوكَ وإلَهَكَ. فَقالَ: أيْ عَمِّ، أوَلا أدْعُوهم إلى ما هو خَيْرٌ لَهم مِنها؟ قالَ: وإلامَ تَدْعُوهُمْ؟ قالَ: أدْعُوهم إلى أنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلِمَةٍ تَدِينُ لَهم بِها العَرَبُ، ويَمْلِكُونَ بِها العَجَمَ. فَقالَ أبُو جَهْلٍ مِن بَيْنِ القَوْمِ: ما هي وأبِيكَ لَنُعْطِيَنَّكَها وعَشَرَ أمْثالِها؟ قالَ: تَقُولُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَنَفَرُوا وقالُوا: سَلْنا غَيْرَ هَذِهِ. قالَ: لَوْ جِئْتُمُونِي بِالشَّمْسِ حَتّى تَضَعُوها في يَدِي ما سَألْتُكم غَيْرَها. فَغَضِبُوا وقامُوا مِن عِنْدِهِ غِضابًا. وقالُوا: واللَّهِ لَنَشْتُمَنَّكَ وإلَهَكَ الَّذِي يَأْمُرُكَ بِهَذا. ﴿وانْطَلَقَ المَلأُ مِنهم أنِ امْشُوا﴾ [ص: ٦] إلى قَوْلِهِ: ﴿اخْتِلاقٌ﴾ [ص»: ٧] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي صالِحٍ قالَ: سُئِلَ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وابْنُ عَبّاسٍ عَنْ: ﴿ص﴾ فَقالا: ما نَدْرِي ما هو. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: (صاد) قالَ: حادِثِ القُرْآنَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: صادِ والقُرْآنِ، بِخَفْضِ الدّالِ، وكانَ يَجْعَلُها مِنَ المُصاداةِ، يَقُولُ: عارِضِ القُرْآنَ. قالَ عَبْدُ الوَهّابِ: (p-٥٠٣)يَقُولُ: اعْرِضْهُ عَلى عَمَلِكَ فانْظُرْ أيْنَ عَمَلُكَ مِنَ القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿ص﴾ قالَ: يَقُولُ: إنِّي أنا اللَّهُ الصّادِقُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿ص﴾ قالَ: صَدَقَ اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ﴿ص﴾ مُحَمَّدٌ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في مَجالِسِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ قالَ: ذِي الشَّرَفِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي حَصِينٍ عَنْ سَعِيدٍ: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ قالَ: ذِي الشَّرَفِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“ عَنْ قَتادَةَ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ﴾ قالَ: هَهُنا وقَعَ القَسَمُ، ﴿فِي عِزَّةٍ وشِقاقٍ﴾ قالَ: في حَمِيَّةٍ وفِراقٍ. (p-٥٠٤)وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وشِقاقٍ﴾ قالَ: مُعازِّينَ، ﴿وشِقاقٍ﴾ قالَ: عاصِينَ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ هَذا بِحِينِ فِرارٍ. وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ التَّمِيمِيِّ قالَ: سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ بِحِينِ تَزْوٍ ولا فِرارٍ. وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ بِحِينِ فِرارٍ. قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ الأعْشى وهو يَقُولُ: ؎تَذَكَّرْتُ لَيْلى لاتَ حِينَ تَذَكُّرٍ وقَدْ بِنْتُ مِنها والمَناصُ بَعِيدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: نادَوُا النِّداءَ حِينَ لا يَنْفَعُهم وأنْشَدَ: (p-٥٠٥) ؎تَذَكَّرْتُ لَيْلى لاتَ حِينَ تَذَكُّرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ أبِي ظَبْيانَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ هَذا حِينَ زَوالٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لاتَ حِينَ فِرارٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ . قالَ: لَيْسَ بِحِينِ مُغاثٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ . قالَ: لَيْسَ بِحِينِ جَزَعٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: ولَيْسَ حِينَ نِداءٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: نادَوْا بِالتَّوْحِيدِ والعِتابِ حِينَ مَضَتِ الدُّنْيا (p-٥٠٦)عَنْهم فاسْتَناصُوا التَّوْبَةَ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيا عَنْهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ . قالَ: نادى القَوْمُ عَلى غَيْرِ حِينِ نِداءٍ، وأرادُوا التَّوْبَةَ حِينَ عايَنُوا عَذابَ اللَّهِ، فَلَمْ يَنْفَعْهم ولَمْ يُقْبَلْ مِنهم. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ حِينَ انْقِلابٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: إذا أرادَ السُّرْيانِيُّ أنْ يَقُولَ: ولَيْسَ. يَقُولُ: ولاتَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب