الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنَّ يُونُسَ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ طاوُسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ ﴿إذْ أبَقَ إلى الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ قالَ: قِيلَ لِيُونُسَ: إنَّ قَوْمَكَ يَأْتِيهِمُ العَذابُ يَوْمَ كَذا وكَذا، فَلَمّا كانَ يَوْمُئِذٍ خَرَجَ يُونُسُ فَفَقَدَهُ قَوْمُهُ فَخَرَجُوا، وخَرَجُوا بِالصَّغِيرِ والكَبِيرِ والدَّوابِّ (p-٤٦٢)وكُلِّ شَيْءٍ، ثُمَّ عَزَلُوا الوالِدَةَ عَنْ ولَدِها والشّاةَ عَنْ ولَدِها، والنّاقَةَ والبَقَرَةَ عَنْ ولَدِها فَسَمِعَ لَهم عَجِيجًا فَأتاهُمُ العَذابُ حَتّى نَظَرُوا إلَيْهِ، ثُمَّ صُرِفَ عَنْهُمْ، فَلَمّا لَمْ يُصِبْهُمُ العَذابُ ذَهَبَ يُونُسُ مُغاضِبًا، فَرَكِبَ في البَحْرِ في سَفِينَةٍ مَعَ أُناسٍ حَتّى إذا كانُوا حَيْثُ شاءَ اللَّهُ رَكَدَتِ السَّفِينَةُ، فَلَمْ تَسِرْ، فَقالَ صاحِبُ السَّفِينَةِ: ما يَمْنَعُها أنْ تَسِيرَ إلّا أنَّ فِيكم رَجُلًا مَشْؤُومًا. قالَ: فاقْتَرَعُوا لِيُلْقُوا أحَدَهم فَخَرَجَتِ القُرْعَةُ عَلى يُونُسَ، فَقالُوا: ما كُنّا لِنَفْعَلَ بِكَ هَذا، ثُمَّ اقْتَرَعُوا أيْضًا فَخَرَجَتِ القُرْعَةُ عَلَيْهِ ثَلاثًا، فَرَمى بِنَفْسِهِ، فالتَقَمَهُ الحُوتُ. قالَ طاوُسٌ: بَلَغَنِي أنَّهُ لَمّا نَبَذَهُ الحُوتُ بِالعَراءِ وهو سَقِيمٌ نَبَتَتْ عَلَيْهِ شَجَرَةٌ مِن يَقْطِينٍ، واليَقْطِينُ الدُّبّاءُ، فَمَكَثَ حَتّى إذا رَجَعَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ يَبِسَتِ الشَّجَرَةُ، فَبَكى يُونُسُ حُزْنًا عَلَيْها، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: أتَبْكِي عَلى هَلاكِ شَجَرَةٍ ولا تَبْكِي عَلى هَلاكِ مِائَةِ ألْفٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: بَعَثَ اللَّهُ يُونُسَ إلى أهْلِ قَرْيَتِهِ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ ما جاءَهم بِهِ وامْتَنَعُوا مِنهُ، فَلَمّا فَعَلُوا ذَلِكَ أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي مُرْسِلٌ عَلَيْهِمُ العَذابَ في يَوْمِ كَذا وكَذا، فاخْرُجْ مِن بَيْنِ أظْهُرِهِمْ، فَأعْلَمَ قَوْمَهُ الَّذِي وعَدَ اللَّهُ مِن عَذابِهِ إيّاهُمْ، فَقالُوا: ارْمُقُوهُ فَإنْ هو خَرَجَ مِن بَيْنِ (p-٤٦٣)أظْهُرِكم فَهو اللَّهِ كائِنٌ ما وعَدَكُمْ، فَلَمّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدُوا العَذابَ في صَبِيحَتِها أدْلَجَ فَرَآهُ القَوْمُ، فَحَذِرُوا فَخَرَجُوا مِنَ القَرْيَةِ إلى بَرازٍ مِن أرْضِهِمْ، وفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ دابَّةٍ ووَلَدِها، ثُمَّ عَجُّوا إلى اللَّهِ، وأنابُوا واسْتَقالُوا فَأقالَهُمْ، وانْتَظَرَ يُونُسُ الخَبَرَ عَنِ القَرْيَةِ وأهْلِها، حَتّى مَرَّ بِهِ مارٌّ فَقالَ: ما فَعَلَ أهْلُ القَرْيَةِ؟ قالَ: فَعَلُوا أنَّ نَبِيَّهم لَمّا خَرَجَ مِن بَيْنِ أظْهُرِهِمْ، عَرَفُوا أنَّهُ قَدْ صَدَقَهم ما وعَدَهم مِنَ العَذابِ فَخَرَجُوا مِن قَرْيَتِهِمْ إلى بَرازٍ مِنَ الأرْضِ، ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذاتِ ولَدٍ ووَلَدِها، ثُمَّ عَجُّوا إلى اللَّهِ وتابُوا إلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنهُمْ، وأخَّرَ عَنْهُمُ العَذابَ، فَقالَ يُونُسُ عِنْدَ ذَلِكَ: لا أرْجِعُ إلَيْهِمْ كَذّابًا أبَدًا. ومَضى عَلى وجْهِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارِثِ قالَ: لَمّا خَرَجَ يُونُسُ مُغاضِبًا أتى السَّفِينَةَ. فَرَكِبَها فامْتَنَعَتْ أنْ تَجْرِيَ، فَقالَ أصْحابُ السَّفِينَةِ: ما هَذا إلّا لِحَدَثٍ أحْدَثْتُمُوهُ. فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: تَعالَوْا حَتّى نَقْتَرِعَ، فَمَن وقَعَتْ عَلَيْهِ القُرْعَةُ فَألْقُوهُ في الماءِ. فاقْتَرَعُوا، فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلى يُونُسَ، فَأعادُوا فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أعادُوا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ في الثّالِثَةِ، فَلَمّا رَأى يُونُسُ ذَلِكَ قالَ: أنا هو. فَخَرَجَ فَطَرَحَ نَفْسَهُ في الماءِ، فَإذا حُوتٌ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الماءِ قَدْرَ ثَلاثَةِ أذْرُعٍ فَذَهَبَ لِيَطْرَحَ نَفْسَهُ فاسْتَقْبَلَهُ الحُوتُ فَأهْوى إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ فَتَحَوَّلَ إلى (p-٤٦٤)الجانِبِ الآخَرِ، فَإذا الحُوتُ قَدِ اسْتَقْبَلَهُ، فَلَمّا رَأى يُونُسُ ذَلِكَ عَرَفَ أنَّهُ أمْرٌ مِنَ اللَّهِ، فَطَرَحَ نَفْسَهُ فَأخَذَهُ الحُوتُ قَبْلَ أنْ يَمُرَّ عَلى الماءِ، فَأوْحى اللَّهُ إلى الحُوتِ ألّا تَهْضِمَ لَهُ عَظْمًا، ولا تَأْكُلَ لَهُ لَحْمًا حَتّى آمُرَكَ بِأمْرِي، فَدارَ بِكَذا وكَذا، حَتّى ألْزَقَهُ بِالطِّينِ، فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الأرْضِ، فَذَلِكَ حِينَ نادى.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا ألْقى يُونُسُ نَفْسَهُ في البَحْرِ والتَقَمَهُ الحُوتُ، هَوى بِهِ حَتّى انْتَهى إلى مَفْجَرٍ مِنَ الأرْضِ -أوْ كَلِمَةٍ تُشْبِهُها- فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الأرْضِ، فَنادى في الظُّلُماتِ أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ. فَأقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَحُفُّ حَوْلَ العَرْشِ، فَقالَتِ المَلائِكَةُ: يا رَبَّنا إنّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا مِن بِلادٍ غَرِيبَةٍ. قالَ: وما تَدْرُونَ ما ذاكُمْ؟ قالُوا: لا يا رَبَّنا. قالَ: ذاكم عَبْدِي يُونُسُ. قالُوا: الَّذِي كُنّا لا نَزالُ نَرْفَعُ لَهُ عَمَلًا مُتَقَبَّلًا ودَعْوَةً مُجابَةً؟ قالَ: نَعَمْ، قالُوا: يا رَبَّنا ألا تَرْحَمُ ما كانَ يَصْنَعُ في الرَّخاءِ وتُنْجِيهِ عِنْدَ البَلاءِ، قالَ: بَلى. فَأمَرَ الحُوتَ فَلَفَظَهُ» .
(p-٤٦٥)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّهُ لَفَظَهُ حِينَ لَفَظَهُ في أصْلِ يَقْطِينَةٍ -وهِيَ الدُّبّاءُ- فَلَفَظَهُ وهو كَهَيْئَةِ الصَّبِيِّ، وكانَ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّها، وهَيَّأ اللَّهُ لَهُ أُرْوِيَّةً مِنَ الوَحْشِ، فَكانَتْ تَرُوحُ عَلَيْهِ بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَتَفْشَحُ رِجْلَيْها فَيَشْرَبُ مِن لَبَنِها حَتّى نَبَتَ لَحْمُهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ والبَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا أرادَ اللَّهُ حَبْسَ يُونُسَ في بَطْنِ الحُوتِ أوْحى اللَّهُ إلى الحُوتِ أنْ خُذْهُ، ولا تَخْدِشْ لَهُ لَحْمًا، ولا تَكْسِرْ لَهُ عَظْمًا، فَأخَذَهُ ثُمَّ هَوى بِهِ إلى مَسْكَنِهِ في البَحْرِ، فَلَمّا انْتَهى بِهِ إلى أسْفَلِ البَحْرِ سَمِعَ يُونُسُ حِسًّا، فَقالَ في نَفْسِهِ: ما هَذا؟ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ وهو في بَطْنِ الحُوتِ: أنَّ هَذا تَسْبِيحُ دَوابِّ الأرْضِ. فَسَبَّحَ وهو في بَطْنِ الحُوتِ، فَسَمِعَتِ المَلائِكَةُ تَسْبِيحَهُ فَقالُوا: رَبَّنا إنّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأرْضِ غُرْبَةٍ. قالَ: ذاكَ عَبْدِي يُونُسُ؛ عَصانِي فَحَبَسْتُهُ في بَطْنِ الحُوتِ في البَحْرِ. قالُوا: العَبْدُ الصّالِحُ الَّذِي كانَ يَصْعَدُ إلَيْكَ مِنهُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ عَمَلٌ صالِحٌ؟ قالَ: نَعَمْ، فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَأمَرَ الحُوتَ (p-٤٦٦)فَقَذَفَهُ في السّاحِلِ كَما قالَ تَعالى: ﴿وهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات»: ١٤٥] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“ وأحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنَّ يُونُسَ كانَ وعَدَ قَوْمَهُ العَذابَ، وأخْبَرَهم أنَّهُ يَأْتِيهِمْ إلى ثَلاثَةِ أيّامٍ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ والِدَةٍ ووَلَدِها، ثُمَّ خَرَجُوا فَجَأرُوا إلى اللَّهِ واسْتَغْفَرُوهُ، فَكَفَّ اللَّهُ عَنْهُمُ العَذابَ، وغَدا يُونُسُ يَنْتَظِرُ العَذابَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وكانَ مَن كَذَبَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُتِلَ، فانْطَلَقَ مُغاضِبًا حَتّى أتى قَوْمًا في سَفِينَةٍ فَحَمَلُوهُ وعَرَفُوهُ، فَلَمّا دَخَلَ السَّفِينَةَ رَكَدَتْ والسُّفُنُ تَسِيرُ يَمِينًا وشِمالًا، فَقالَ: ما بالُ سَفِينَتِكُمْ؟ قالُوا: ما نَدْرِي. قالَ: ولَكِنِّي أدْرِي، إنَّ فِيها عَبْدًا أبَقَ مِن رَبِّهِ، وإنَّها واللَّهِ لا تَسِيرُ حَتّى تُلْقُوهُ. قالُوا: أمّا أنْتَ يا نَبِيَّ اللَّهِ فَواللَّهِ لا نُلْقِيكَ، فَقالَ لَهم يُونُسُ: اقْتَرِعُوا فَمَن قُرِعَ، فَلْيَقَعْ فاقْتَرَعُوا فَقَرَعَهم يُونُسُ ثَلاثَ مَرّاتٍ فَوَقَعَ وقَدْ وُكِّلَ بِهِ الحُوتُ، فَلَمّا وقَعَ ابْتَلَعَهُ فَأهْوى بِهِ إلى قَرارِ الأرْضِ، فَسَمِعَ يُونُسُ تَسْبِيحَ الحَصى، فَنادى في الظُّلُماتِ أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ. قالَ: ظُلْمَةِ بَطْنِ الحُوتِ، وظُلْمَةِ البَحْرِ، وظُلْمَةِ اللَّيْلِ، قالَ: فَنُبِذَ بِالعَراءِ وهو سَقِيمٌ، قالَ: كَهَيْئَةِ الفَرْخِ المَمْعُوطِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ، وأنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ فَكانَ يَسْتَظِلُّ بِها ويُصِيبُ مِنها، فَيَبِسَتْ فَبَكى عَلَيْها حِينَ يَبِسَتْ (p-٤٦٧)فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: أتَبْكِي عَلى شَجَرَةٍ أنْ يَبِسَتْ ولا تَبْكِي عَلى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ، أرَدْتَ أنْ تُهْلِكَهم. فَخَرَجَ فَإذا هو بِغُلامٍ يَرْعى غَنَمًا، فَقالَ: مِمَّنْ أنْتَ يا غُلامُ؟ قالَ: مِن قَوْمِ يُونُسَ. قالَ: فَإذا رَجَعْتَ إلَيْهِمْ فَأقْرِئْهُمُ السَّلامَ وأخْبِرْهم أنَّكَ لَقِيتَ يُونُسَ. فَقالَ لَهُ الغُلامُ: إنْ تَكُنْ يُونُسَ فَقَدْ تَعْلَمُ أنَّهُ مَن كَذَبَ ولَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُتِلَ. فَمَن يَشْهَدُ لِي؟ قالَ: يَشْهَدُ لَكَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وهَذِهِ البُقْعَةُ، فَقالَ الغُلامُ لِيُونُسَ: مُرْهُما. فَقالَ لَهُما يُونُسُ: إذا جاءَكُما هَذا الغُلامُ فاشْهَدا لَهُ، قالَتا: نَعَمْ، فَرَجَعَ الغُلامُ إلى قَوْمِهِ، وكانَ لَهُ إخْوَةٌ فَكانَ في مَنَعَةٍ، فَأتى المَلِكَ فَقالَ: إنِّي لَقِيتُ يُونُسَ وهو يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ. فَأمَرَ بِهِ المَلِكُ أنْ يُقْتَلَ قالُوا: إنَّ لَهُ بَيِّنَةً. فَأرْسَلَ مَعَهُ فانْتَهَوْا إلى الشَّجَرَةِ والبُقْعَةِ، فَقالَ لَهُما الغُلامُ: نَشَدْتُكُما بِاللَّهِ هَلْ أشْهَدَكُما يُونُسُ؟ قالَتا: نَعَمْ، فَرَجَعَ القَوْمُ مَذْعُورِينَ يَقُولُونَ: تَشْهَدُ لَكَ الشَّجَرَةُ والأرْضُ! فَأتَوُا المَلِكَ فَحَدَّثُوهُ بِما رَأوْا، فَتَناوَلَ المَلِكُ يَدَ الغُلامِ فَأجْلَسَهُ في مَجْلِسِهِ، وقالَ: أنْتَ أحَقُّ بِهَذا المَكانِ مِنِّي. فَأقامَ لَهم أمْرَهم ذَلِكَ الغُلامُ أرْبَعِينَ سَنَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: إنَّ يُونُسَ بْنَ مَتّى كانَ عَبْدًا صالِحًا، وكانَ في خُلُقِهِ ضِيقٌ، فَلَمّا حُمِّلَتْ عَلَيْهِ أثْقالُ النُّبُوَّةِ، ولَها أثْقالٌ لا يَحْمِلُها إلّا قَلِيلٌ، تَفَسَّخَ تَحْتَها تَفَسُّخَ الرُّبَعِ تَحْتَ الحِمْلِ فَقَذَفَها مِن (p-٤٦٨)يَدِهِ وخَرَجَ هارِبًا مِنها، يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: ﴿فاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥] [الأحْقافِ: ٣٥ ]، ﴿ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ﴾ [القلم: ٤٨] [القَلَمِ: ٤٨ ] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَساهَمَ﴾ قالَ: فَأقْرَعَ، ﴿فَكانَ مِنَ المُدْحَضِينَ﴾ قالَ: المَقْرُوعِينَ.
وأخْرَجَ آدَمُ، وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَساهَمَ فَكانَ مِنَ المُدْحَضِينَ﴾ قالَ: مِنَ المَسْهُومِينَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ قَتادَةَ: ﴿فَساهَمَ فَكانَ مِنَ المُدْحَضِينَ﴾ قالَ: احْتُبِسَتِ السَّفِينَةُ فَعَلِمَ القَوْمُ أنَّها احْتُبِسَتْ مِن حَدَثٍ أحْدَثُوهُ، فَتَساهَمُوا فَقُرِعَ يُونُسُ فَرَمى بِنَفْسِهِ، ﴿فالتَقَمَهُ الحُوتُ وهو مُلِيمٌ﴾ أيْ: مُسِيءٌ فِيما صَنَعَ، ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: كانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ في الرَّخاءِ فَنَجا، وكانَ يُقالُ في الحِكْمَةِ: إنَّ العَمَلَ الصّالِحَ يَرْفَعُ صاحِبَهُ إذا عَثَرَ، وإذا ما صُرِعَ، وجَدَ مُتَّكَأً: ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ . يَقُولُ: لَصارَتْ لَهُ قَبْرًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ.
(p-٤٦٩)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أنَّهُ جَلَسَ هو وطاوُسٌ ونَحْوُهُما مِن أهْلِ ذَلِكَ الزَّمانِ، فَذَكَرُوا: أيُّ أمْرِ اللَّهِ أسْرَعُ؟ فَقالَ بَعْضُهم: قَوْلُ اللَّهِ ﴿كَلَمْحِ البَصَرِ﴾ [النحل: ٧٧] [النَّحْلِ: ٧٧ ] وقالَ بَعْضُهُمُ: السَّرِيرُ حِينَ أُتِيَ بِهِ سُلَيْمانُ، فَقالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ: أسْرَعُ أمْرِ اللَّهِ أنَّ يُونُسَ عَلى حافَّةِ السَّفِينَةِ، إذْ أوْحى اللَّهُ إلى نُونٍ في نِيلِ مِصْرَ، فَما خَرَّ مِن حافَّتِها إلّا في جَوْفِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: التَقَمَهُ حُوتٌ يُقالُ لَهُ: نَجْمٌ، فَجَرى بِهِ في بَحْرِ الرُّومِ، ثُمَّ النِّيلِ، ثُمَّ في بَحْرِ فارِسَ، ثُمَّ في دِجْلَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وهُوَ مُلِيمٌ﴾ قالَ: مُسِيءٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ، والطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وهُوَ مُلِيمٌ﴾ . قالَ: المُلِيمُ: المُسِيءُ والمُذْنِبُ. قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ أُمَيَّةَ بْنَ أبِي الصَّلْتِ وهو يَقُولُ:
؎مِنَ الآفاتِ لَيْسَ لَها بِأهْلٍ ولَكِنَّ المُسِيءَ هو المُلِيمُ
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وهُوَ مُلِيمٌ﴾ قالَ: (p-٤٧٠)مُذْنِبٌ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: لَوْلا أنَّهُ خَلا لَهُ عَمَلٌ صالِحٌ، ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ . قالَ: وفي الحِكْمَةِ: إنَّ العَمَلَ الصّالِحَ يَرْفَعُ صاحِبَهُ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: مِنَ المُصَلِّينَ قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ في بَطْنِ الحُوتِ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: ما كانَتْ إلّا صَلاةً أحْدَثَها في بَطْنِ الحُوتِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِقَتادَةَ فَقالَ: لا، إنَّما كانَ يَعْمَلُ في الرَّخاءِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ وأحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: مِنَ المُصَلِّينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ (p-٤٧١)قالَ: العابِدِينَ اللَّهَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي الحَسَنِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: لَوْلا أنَّهُ كانَ لَهُ سَلَفٌ مِن عِبادَةٍ وتَسْبِيحٍ تَدارَكَهُ اللَّهُ بِهِ حِينَ أصابَهُ ما أصابَهُ، فَغَمَّهُ في بَطْنِ الحُوتِ أرْبَعِينَ مِن بَيْنِ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، ثُمَّ أخْرَجَهُ وتابَ عَلَيْهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: تَعَلَّمْ واللَّهِ أنَّ التَّضَرُّعَ في الرَّخاءِ اسْتِعْدادٌ لِنُزُولِ البَلاءِ، ويَجِدُ صاحِبُهُ مُتَّكَأً إذا نَزَلَ بِهِ، وإنَّ سالِفَ السَّيِّئَةِ تَلْحَقُ صاحِبَها وإنْ قَدُمَتْ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الضَّحّاكِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: اذْكُرُوا اللَّهَ في الرَّخاءِ يَذْكُرْكم في الشِّدَّةِ؛ فَإنَّ يُونُسَ كانَ عَبْدًا صالِحًا ذاكِرًا لِلَّهِ، فَلَمّا وقَعَ في بَطْنِ الحُوتِ قالَ اللَّهُ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ وإنَّ فِرْعَوْنَ كانَ عَبْدًا طاغِيًا ناسِيًا لِذِكْرِ اللَّهِ، فَلَمّا أدْرَكَهُ الغَرَقُ قالَ: ﴿آمَنتُ أنَّهُ لا إلَهَ إلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرائِيلَ وأنا مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠] فَقِيلَ لَهُ: ﴿آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٩١] [يُونُسَ: ٩٠، ٩١ ] .
(p-٤٧٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ . قالَ: كانَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ في الرَّخاءِ، فَلَمّا حَصَلَ في بَطْنِ الحُوتِ ظَنَّ أنَّهُ المَوْتُ، فَحَرَّكَ رِجْلَيْهِ فَإذا هي تَتَحَرَّكُ فَسَجَدَ وقالَ: يا رَبِّ اتَّخَذْتُ لَكَ مَسْجِدًا في مَوْضِعٍ لَمْ يَسْجُدْ فِيهِ أحَدٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ ”الزُّهْدِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: التَقَمَهُ الحُوتُ ضُحًى ولَفَظَهُ عَشِيَّةً ما باتَ في بَطْنِهِ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: مَكَثَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ أرْبَعِينَ يَوْمًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: بَقِيَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ أرْبَعِينَ يَوْمًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي مالِكٍ قالَ: لَبِثَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ أرْبَعِينَ يَوْمًا.
(p-٤٧٣)وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَبِثَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ سَبْعَةَ أيّامٍ، فَطافَ بِهِ البِحارَ كُلَّها ثُمَّ نَبَذَهُ عَلى شاطِئِ دِجْلَةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: التَقَمَهُ حُوتٌ يُقالُ لَهُ: نَجْمٌ. وإنَّهُ لَبِثَ ثَلاثًا في جَوْفِهِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: كانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ في الرَّخاءِ فَنَجا ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ﴾ . قالَ: لَصارَ لَهُ بَطْنُ الحُوتِ قَبْرًا، ﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ قالَ: إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿فَنَبَذْناهُ بِالعَراءِ﴾ قالَ: بِأرْضٍ لَيْسَ فِيها شَجَرٌ ولا نَباتٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَنَبَذْناهُ بِالعَراءِ﴾ قالَ: شَطِّ دِجْلَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَنَبَذْناهُ بِالعَراءِ﴾ قالَ: ألْقَيْناهُ بِالسّاحِلِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قالَ: انْطَلَقَ يُونُسُ مُغْضَبًا فَرَكِبَ مَعَ قَوْمٍ في سَفِينَةٍ، فَوَقَفَتِ السَّفِينَةُ لَمْ تَسِرْ، فَساهَمَهم فَتَدَلّى في البَحْرِ، فَجاءَ الحُوتُ يُبَصْبِصُ بِذَنَبِهِ، فَنُودِيَ الحُوتُ: إنّا لَمْ نَجْعَلْ يُونُسَ لَكَ رِزْقًا، إنَّما جَعَلْناكَ لَهُ حِرْزًا ومَسْجِدًا.
(p-٤٧٤)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: لَمّا ذَهَبَ مُغاضِبًا فَكانَ في بَطْنِ الحُوتِ، قالَ مِن بَطْنِ الحُوتِ: إلَهِي، مِنَ البُيُوتِ أخْرَجْتَنِي، ومِن رُؤُوسِ الجِبالِ أنْزَلْتَنِي، وفي البِلادِ سَيَّرْتَنِي، وفي البَحْرِ قَذَفْتَنِي، وفي بَطْنِ الحُوتِ سَجَنْتَنِي، فَما تَعْرِفُ مِنِّي عَمَلًا صالِحًا تُرَوِّحُ بِهِ عَنِّي، قالَتِ المَلائِكَةُ: رَبَّنا صَوْتٌ مَعْرُوفٌ مِن مَكانِ غُرْبَةٍ. فَقالَ لَهُمُ الرَّبُّ: ذاكَ عَبْدِي يُونُسُ. قالَ اللَّهُ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ يَعْنِي: مِنَ الدَّعّائِينَ المُصَلِّينَ، ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ وكانَ في بَطْنِ الحُوتِ أرْبَعِينَ يَوْمًا فَنَبَذَهُ اللَّهُ بِالعَراءِ وهو سَقِيمٌ، وأنْبَتَ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ -قالَ: واليَقْطِينُ الدُّبّاءُ- فاسْتَظَلَّ بِظِلِّها، وأكَلَ مِن قَرْعِها، وشَرِبَ مِن أصْلِها ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعالى أيْبَسَها، وذَهَبَ ما كانَ فِيها، فَحَزِنَ يُونُسُ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: حَزِنْتَ عَلى شَجَرَةٍ أنْبَتُّها ثُمَّ أيْبَسْتُها ولَمْ تَحْزَنْ عَلى قَوْمِكَ حِينَ جاءَهُمُ العَذابُ، فَصُرِفَ عَنْهم ثُمَّ ذَهَبْتَ مُغاضِبًا.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قالَ: كانَ يُونُسُ يَدْعُو قَوْمَهُ فَيَأْبَوْنَ عَلَيْهِ فَإذا خَلا عَنْهم دَعا اللَّهَ لَهم بِالخَيْرِ، وقَدْ بَعَثُوا عَلَيْهِ عَيْنًا، فَلَمّا أعْيَوْهُ دَعا اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَأتاهم عَيْنُهم فَقالَ: ما كُنْتُمْ صانِعِينَ فاصْنَعُوا فَقَدْ أتاكُمُ العَذابُ، فَقَدْ دَعا عَلَيْكم. فانْطَلَقَ ولا يَشُكُّ أنَّهُ سَيَأْتِيهِمُ العَذابُ، فَخَرَجُوا قَدْ ولَّهُوا البَهائِمَ عَنْ أوْلادِها، فَخَرَجُوا تائِبِينَ (p-٤٧٥)يَعِجُّونَ فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ، وجاءَ يُونُسُ يَنْظُرُ بِأيِّ شَيْءٍ أهْلَكَها، فَإذا الأرْضُ مُسْوَدَّةٌ مِنهُمْ؛ يَدِبُّونَ وذَلِكَ حِينَ ذَهَبَ مُغاضِبًا، فَرَكِبَ مَعَ قَوْمٍ في سَفِينَةٍ، فَجَعَلَتِ السَّفِينَةُ لا تَنْفُذُ ولا تَرْجِعُ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ما ذا إلّا لِذَنْبِ بَعْضِكُمْ؟ فاقْتَرِعُوا أيُّكم نُلْقِيهِ في الماءِ ونُخْلِي وجْهَنا. قالَ: فاقْتَرَعُوا، فَبَقِيَ سَهْمُ يُونُسَ في الشَّمالِ، فَقالُوا: لا نَفْتَدِي مِن شَيْءٍ أصابَنا اللَّيْلَةَ بِنَبِيِّ اللَّهِ. فَأعادُوا القَرْعَ فَبَقِيَ سَهْمُ يُونُسَ في الشَّمالِ، فَقالُوا: لا نَفْتَدِي مِن شَيْءٍ أصابَنا بِنَبِيِّ اللَّهِ. فَقالَ يُونُسُ: ما يُرادُ غَيْرِي، فانْبِذُونِي ولا تَنْكُسُونِي عَلى رَأْسِي، ولَكِنْ صُبُّونِي عَلى رِجْلِي صَبًّا. فَفَعَلُوا وجاءَ الحُوتُ شاحِبًا فاهُ، فالتَقَمَهُ فاتَّبَعَهُ حُوتٌ أكْبَرُ مِن ذَلِكَ الحُوتِ لِيَلْتَقِمَهُما، فَسَبَقَهُ فَكانَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ حَتّى رَقَّ العَظْمُ وذَهَبَ اللَّحْمُ والبَشَرُ والشَّعَرُ، وكانَ سَقِيمًا فَدَعا بِما دَعا بِهِ فَنُبِذَ بِالعَراءِ وهو سَقِيمٌ، فَأنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ، فَكانَ فِيها غِذاؤُهُ حَتّى اشْتَدَّ العَظْمُ، ونَبَتَ اللَّحْمُ والشَّعَرُ والبَشَرُ، فَعادَ كَما كانَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْها فَيَبِسَتْ، فَبَكى عَلَيْها، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا يُونُسُ أتَبْكِي عَلى شَجَرَةٍ (p-٤٧٧)جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فِيها غِذاءً، ولا تَبْكِي عَلى قَوْمِكَ أنْ يَهْلِكُوا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا بَعَثَ اللَّهُ يُونُسَ إلى قَوْمِهِ يَدْعُوهم إلى اللَّهِ وعِبادَتِهِ وأنْ يَتْرُكُوا ما هم فِيهِ، أتاهم فَدَعاهم فَأبَوْا عَلَيْهِ فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ فَقالَ: رَبِّ إنَّ قَوْمِي قَدْ أبَوْا عَلَيَّ وكَذَّبُونِي. فَقالَ: ارْجِعْ إلَيْهِمْ، فَإنْ هم آمَنُوا وصَدَّقُوكَ وإلّا فَأخْبِرْهم أنَّ العَذابَ مُصَبِّحُهم غَدْوَةً، فَأتاهم فَدَعاهم فَأبَوْا عَلَيْهِ، قالَ: فَإنَّ العَذابَ مُصَبِّحُكم غَدْوَةً، ثُمَّ تَوَلّى عَنْهُمْ، فَقالَ القَوْمُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: واللَّهِ ما جَرَّبْنا عَلَيْهِ مِن كَذِبٍ مُنْذُ كانَ فِينا، فانْظُرُوا صاحِبَكم فَإنْ باتَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ ولَمْ يَخْرُجْ مِن قَرْيَتِكُمْ، فاعْلَمُوا أنَّ ما قالَ باطِلٌ، وإنْ هو خَرَجَ مِن قَرْيَتِكم ولَمْ يَبِتْ فِيها فاعْلَمُوا أنَّ العَذابَ مُصَبِّحُكم حَتّى إذا كانَ في جَوْفِ اللَّيْلِ أخَذَ مِخْلاةً فَجَعَلَ فِيها طَعامًا لَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَمّا رَأوْهُ فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ والِدَةٍ ووَلَدِها مِن بَهِيمَةٍ أوْ إنْسانٍ، ثُمَّ عَجُّوا إلى اللَّهِ مُؤْمِنِينَ بِهِ ومُصَدِّقِينَ بِيُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ وبِما جاءَ بِهِ، فَلَمّا رَأى اللَّهُ ذَلِكَ مِنهم بَعْدَ ما كانَ قَدْ غَشِيَهُمُ العَذابُ كَما يُغْشى القَبْرُ بِالثَّوْبِ، كَشَفَهُ عَنْهُمْ، ومَكَثَ يَنْظُرُ ما أصابَهم مِنَ العَذابِ، فَلَمّا أصْبَحَ رَأى القَوْمَ يَخْرُجُونَ لَمْ يُصِبْهم شَيْءٌ مِنَ العَذابِ، فَقالَ: واللَّهِ لا آتِيهِمْ وقَدْ جَرَّبُوا عَلَيَّ كَذِبَةً. فَخَرَجَ فَذَهَبَ مُغاضِبًا لِرَبِّهِ، فَوَجَدَ قَوْمًا يَرْكَبُونَ في سَفِينَةٍ فَرَكِبَ مَعَهُمْ، فَلَمّا لَجَّجَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ (p-٤٧٧)تَكَفَّتْ ووَقَفَتْ، فَقالَ القَوْمُ: إنَّ فِيكم لَرَجُلًا عَظِيمَ الذَّنْبِ، فاسْتَهِمُوا لا تَغْرَقُوا جَمِيعًا. فاسْتَهَمَ القَوْمُ فَسَهَمَهم يُونُسُ فَقالَ القَوْمُ: لا نُلْقِي فِيهِ نَبِيَّ اللَّهِ، اخْتَلَطَتْ سِهامُكم فَأعِيدُوها. فاسْتَهَمُوا فَسَهَمَهم يُونُسُ فَقالَ القَوْمُ: لا نُلْقِي فِيهِ نَبِيَّ اللَّهِ اخْتَلَطَتْ سِهامُكُمُ، اسْتَهِمُوا الثّالِثَةَ فاسْتَهَمُوا فَسَهَمَهم يُونُسُ فَلَمّا رَأى يُونُسُ ذَلِكَ قالَ لِلْقَوْمِ: فَألْقُونِي لا تَغْرَقُوا جَمِيعًا. فَألْقَوْهُ فَوَكَلَ اللَّهُ بِهِ حُوتًا فالتَقَمَهُ، لا يَكْسِرُ لَهُ عَظْمًا، ولا يَأْكُلُ لَهُ لَحْمًا، فَهَبَطَ بِهِ الحُوتُ إلى أسْفَلِ البَحْرِ، فَلَمّا جَنَّهُ اللَّيْلُ نادى في ظُّلُماتٍ ثَلاثٍ، ظُلْمَةِ بَطْنِ الحُوتِ، وظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وظُلْمَةِ البَحْرِ: ﴿أنْ لا إلَهَ إلا أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧] [الأنْبِياءِ: ٨٧ ] فَأوْحى اللَّهُ إلى الحُوتِ: أنْ ألْقِيَهُ في البَرِّ، فارْتَفَعَ بِهِ الحُوتُ، فَألْقاهُ في البَرِّ لا شَعَرَ لَهُ، ولا جِلْدَ ولا ظُفْرَ، فَلَمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ آذاهُ حَرُّها فَدَعا اللَّهَ فَأنْبَتَ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ، وهي الدُّبّاءُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا أُلْقِيَ يُونُسُ في بَطْنِ الحُوتِ جَرى بِهِ الحُوتُ في البُحُورِ كُلِّها سَبْعَةَ أيّامٍ، ثُمَّ انْتَهى بِهِ إلى شَطِّ دِجْلَةَ، فَقَذَفَهُ عَلى شَطِّ دِجْلَةَ، فَأنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴿شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: مِن نَباتِ البَرِّيَّةِ فَأرْسَلَهُ ﴿إلى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: يَزِيدُونَ سَبْعِينَ ألْفًا، وقَدْ كانَ أظَلَّهُمُ العَذابُ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذاتِ رَحِمٍ (p-٤٧٨)ورَحِمِها مِنَ النّاسِ والبَهائِمِ ثُمَّ عَجُّوا إلى اللَّهِ، فَصَرَفَ عَنْهُمُ العَذابَ ومَطَرَتِ السَّماءُ دَمًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وأحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ وهْبٍ قالَ: أمَرَ الحُوتَ أنْ لا يَضُرَّهُ ولا يَكْلِمَهُ، قالَ اللَّهُ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ قالَ: مِنَ العابِدِينَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَذُكِرَ بِعِبادَتِهِ، فَلَمّا خَرَجَ مِنَ البَحْرِ نامَ نَوْمَةً فَأنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ، وهي الدُّبّاءُ، فَأظَلَّتْهُ فَبَلَغَتْ في نَوْمِهِ فَرَآها قَدْ أظَلَّتْهُ، ورَأى خُضْرَتَها فَأعْجَبَتْهُ، ثُمَّ نامَ نَوْمَةً فاسْتَيْقَظَ، فَإذا هي قَدْ يَبِسَتْ فَجَعَلَ يَحْزَنُ عَلَيْها، فَقِيلَ: أنْتَ الَّذِي لَمَّ تَخْلُقْ ولَمْ تَسْقِ ولَمْ تُنْبِتْ تَحْزَنُ عَلَيْها، وأنا الَّذِي خَلَقْتُ مِائَةَ ألْفٍ مِنَ النّاسِ أوْ يَزِيدُونَ ثُمَّ رَحِمْتُهم فَشَقَّ عَلَيْكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ ابْنِ قُسَيْطٍ أنَّهُ سَمِعَ أبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: طُرِحَ بِالعَراءِ، فَأنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَقْطِينَةً فَقُلْنا: يا أبا هُرَيْرَةَ وما اليَقْطِينَةُ؟ قالَ: شَجَرَةُ الدُّبّاءِ، هَيَّأ اللَّهُ لَهُ أُرْوِيَّةً وحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ –أوْ هَشاشِ الأرْضِ- فَتَفْشَحُ عَلَيْهِ، فَتَرْوِيهِ مِن لَبَنِها كُلَّ عَشِيَّةٍ وبُكُرَةٍ حَتّى نَبَتَ. وقالَ (p-٤٧٩)ابْنُ أبِي الصَّلْتِ قَبْلَ الإسْلامِ في ذَلِكَ بَيْتًا مِن شِعْرٍ:
؎فَأنْبَتَ يَقْطِينًا عَلَيْهِ بِرَحْمَةٍ ∗∗∗ مِنَ اللَّهِ لَوْلا اللَّهُ أُلْفِيَ ضاحِيا
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: القَرْعُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: القَرْعُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: كُنّا نُحَدَّثُ أنَّها الدُّبّاءُ هَذا القَرْعُ الَّذِي رَأيْتُمْ، أنْبَتَها اللَّهُ عَلَيْهِ يَأْكُلُ مِنها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: القَرْعُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في (p-٤٨٠)قَوْلِهِ: ﴿شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالا: هي الدُّبّاءُ.
وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: كُلُوا اليَقْطِينَ فَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أنَّ شَجَرَةً أخَفُّ مِنها لَأنْبَتَها عَلى يُونُسَ، وإذا اتَّخَذَ أحَدُكم مَرَقًا فَلْيُكْثِرْ فِيهِ مِنَ الدُّبّاءِ؛ فَإنَّهُ يَزِيدُ في الدِّماغِ وفي العَقْلِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: أنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ، وكانَ لا يَتَناوَلُ مِنها ورَقَةً فَيَأْخُذَها إلّا أرْوَتْهُ لَبَنًا، أوْ قالَ: يَشْرَبُ مِنها ما شاءَ حَتّى نَبَتَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وأنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: غَيْرُ ذاتِ أصْلٍ مِنَ الدُّبّاءِ أوْ غَيْرِهِ مِن شَجَرَةٍ لَيْسَ لَها ساقٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وأنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: الخِيارُ والقِثّاءُ والبِطِّيخُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ﴾ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ ثُمَّ يَمُوتُ مِن عامِهِ.
(p-٤٨١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما بالُ البِطِّيخِ مِنَ القَرْعِ؟ هو كُلُّ شَيْءٍ يَذْهَبُ عَلى وجْهِ الأرْضِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كُلُّ شَجَرَةٍ لا ساقَ لَها فَهي مِنَ اليَقْطِينِ، والَّذِي يَكُونُ عَلى وجْهِ الأرْضِ مِنَ البِطِّيخِ والقِثّاءِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ اليَقْطِينِ؛ أهُوَ القَرْعُ؟ قالَ: لا، ولَكِنَّها شَجَرَةٌ سَمّاها اللَّهُ اليَقْطِينَ أظَلَّتْهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأرْسَلْناهُ﴾ قالَ: قَبْلَ أنْ يَلْتَقِمَهُ الحُوتُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ وقَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وأرْسَلْناهُ﴾ قالا: بَعَثَهُ اللَّهُ قَبْلَ أنْ يُصِيبَهُ ما أصابَهُ، أُرْسِلَ إلى أهْلِ نَيْنَوى مِن أرْضِ المَوْصِلِ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما كانَتْ رِسالَةُ يُونُسَ بَعْدَ ما نَبَذَهُ الحُوتُ، ثُمَّ تَلا ! (p-٤٨٢)﴿فَنَبَذْناهُ بِالعَراءِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وأرْسَلْناهُ إلى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وأرْسَلْناهُ إلى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: يَزِيدُونَ عِشْرِينَ ألْفًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: يَزِيدُونَ ثَلاثِينَ ألْفًا.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ ”العُقُوباتِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: يَزِيدُونَ بِضْعَةً وثَلاثِينَ ألْفًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: كانُوا مِائَةَ ألْفٍ وبِضْعَةً وأرْبَعِينَ ألْفًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: يَزِيدُونَ سَبْعِينَ ألْفًا.
(p-٤٨٣)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ نَوْفٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ قالَ: كانَتْ زِيادَتُهم سَبْعِينَ ألْفًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهم إلى حِينٍ﴾ قالَ: المَوْتِ.
{"ayahs_start":139,"ayahs":["وَإِنَّ یُونُسَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِذۡ أَبَقَ إِلَى ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ","فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُدۡحَضِینَ","فَٱلۡتَقَمَهُ ٱلۡحُوتُ وَهُوَ مُلِیمࣱ","فَلَوۡلَاۤ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِینَ","لَلَبِثَ فِی بَطۡنِهِۦۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ","۞ فَنَبَذۡنَـٰهُ بِٱلۡعَرَاۤءِ وَهُوَ سَقِیمࣱ","وَأَنۢبَتۡنَا عَلَیۡهِ شَجَرَةࣰ مِّن یَقۡطِینࣲ","وَأَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ مِا۟ئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ یَزِیدُونَ","فَـَٔامَنُوا۟ فَمَتَّعۡنَـٰهُمۡ إِلَىٰ حِینࣲ"],"ayah":"فَٱلۡتَقَمَهُ ٱلۡحُوتُ وَهُوَ مُلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق